الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الهندسة والفنون

 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل    دخولدخول        الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت I_icon_mini_login  

 

 الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دكتورة.م انوار صفار
Admin
دكتورة.م انوار صفار


تاريخ التسجيل : 04/04/2010
البلد /المدينة : bahrain

بطاقة الشخصية
المجلة:

الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت   الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت Empty3/4/2012, 15:15


يقول الله تعالى في سورة العنكبوت (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ويخبرنا العلم الحديث أن الوهن هنا لم يقصد به وهن المادة المكونة لبيت العنكبوت (الشبكة العنكبوتية) ولكنه وهن الصلات الاجتماعية والتفكك الأسري لبيت العنكبوت، حيث سيطرة الأنثى على الذكر .
ومن الحقائق المتعلقة بهذا الأمر أن العلم قد أثبت بالقياس أن خيط العنكبوت أقوى من مثيله من الصلب بثلاث مرات، وأقوى من خيط الحرير وأكثر مرونة، وهذا الخيط يحمل أوزاناً أكبر منه بعشرات المرات، فيكون نسيج العنكبوت بالنسبة لاحتياجاته وافياً بالغرض وزيادة وهو بالنسبة إليه قلعة آمنة، وهذا من نتائج تصنيف العلم الحديث للمواد؛ إذ يضع نسيج العنكبوت ضمن مجموعة البوليمرات أو اللدائن الطبيعية، وقد ذكر القرآن بعض المواد مثل المعادن كالحديد والذهب والفضة والنحاس، وكذلك الفخاريات كالصخر والجبال والصلصال والطين وغيرها، بالإضافة إلى مجموعة اللدائن ومن ضمنها خيط العنكبوت وبيوت النحل وغيرها.
وينسج العنكبوت بيته لأغراض عديدة، فبعضها ينسجه بغرض حماية الذرية في أكياس مصنوعة من خيوط حريرية، حيث تقوم بنسج غرف الحضانة لذريتها، وغرف الرقاد في فصل الشتاء، وغرف للزواج، وغرف للوليمة التي تكون عادة إما ذبابة أو حشرة أخرى. وقد قام فريق من العلماء بمراقبة أنواع من العناكب فوجدوا أن لها قدرات فائقة في العمليات الإنشائية عند تشييد بيوتها من لحظة اختيار الموقع إلى عملية تحديد الزوايا القوائم إلى تجهيز دعائم البيت.
والعناكب فصائل وأجناس وأنواع مختلفة؛ وذلك لاختلافها في الشكل والسلوك والعادات ويترافق مع هذا كله اختلافات في بيئة المعيشة والظروف الحياتية، ومن أشهر أنواع العناكب: الأرامل السوداء، والعناكب الذئبية، وعناكب الماء، والعناكب الجارية، والعناكب الوثابة .
الحقيقة الثانية هي أن العلم كشف مؤخراً أن أنثى العنكبوت هي التي تنسج البيت وليس الذكر. وهي حقيقة بيولوجية لم تكن معلومة أيام نزول القرآن. وإذا ما لاحظنا الآية الكريمة: (اتخذت بيتاً) وتاء التأنيث الساكنة دلالة على الأنثوية أي هي المسؤولة عن اتخاذ البيت وإدارة شؤونه .
الحقيقة الثالثة هي أن الضعف والوهن هنا له دلالة اجتماعية وليست مادية، ثم إن الآية قد ختمت بالقول (لو كانوا يعلمون) أي أنهم لا يعلمون هذا، وسيعلمونه مستقبلاً بعد تقدم العلم التطبيقي والتجريبي .
والواقع أن هناك سراً بيولوجياً كشف عنه العلم، فحقيقة أن بيت العنكبوت هو أبعد البيوت عن وصفه بالأمان والسكينة والطمأنينة؛ فالأنثى تقتل ذكرها بعد التلقيح وتأكله، والأبناء يأكلون بعضهم بعد الخروج من البيض، ولهذا يعمد الذكر إلى الفرار بجلده بعد أن يلقح أنثاه، ولا يحاول أن يضع قدمه في بيتها، وتغزل أنثى العنكبوت بيتها ليكون فخاً وكميناً ومقتلاً لكل حشرة تفكر أن تقترب منه، أو تدخله زائراً كانت أم سائلاً فإنها تقتل وتلتهم، وهذا هو سر هذه المذبحة، والوهن كلمة عربية تعبر عن غاية الجهد والمشقة والمعاناة، وهذا شأن من يلجأ لغير الله ليتخذ منه معيناً ونصيراً .
وإذا أردنا جمع بعض الحقائق البيولوجية عن العناكب وخواص مواد نسائجها فلن نعجز: ومن كتاب (كيف تتعرف على العناكب) (How to know the Spiders) لمؤلفه (كاستون) المتخصص ببيولوجيا العناكب نقتبس الحقائق الآتية :
هناك عدة عوائل للعناكب، كل عائلة تقسم إلى أنواع عديدة، وكل منها يختص بخصائص تختلف عن الأخرى من حيث الشكل والصفات وأسلوب المعيشة وشكل بيوتها وغيرها من المواصفات، فهناك الشكل المثلثي والرباعي والدائري والمتعدد الأضلاع وغير المنتظم، بالإضافة إلى اختلاف عدد الزوايا والاستدارات للخيط المتكون من مادة السلك اللدائنية الشبيهة بمادة الحرير .
للعناكب خيط سلكي ساحب يقوم العنكبوت بتثبيته بمسند بين مسافة وأخرى بشكل يجعله ثابتاً من جهة، ومرناً قابلاً للاستطالة من جهة أخرى، وتسمى الشبكة التي ينسجها العنكبوت بالنسيج العنكبوتي، وهناك اختلاف في الشبكات من حيث الشكل، وأكثرها شيوعاً الشبكات الصفائحية والشبكات القمعية والشبكات المستديرة بالإضافة إلى الشبكات غير المنتظمة والتي تأخذ أشكالاً مختلفة منها القبة مثلاً وغير ذلك.
إذا أمعنا النظر بأحد أنواع بيوت العنكبوت -ولنأخذ مثلاً عائلة (آرانيدا) ذات الشبكة الدائرية- فسنقف أمام مهندس معماري وإنشائي من الطراز الفريد. فبالإضافة إلى تناظر الشكل للشبكة بالمحاور الاعتيادية، وكذلك بالاتجاهات القطرية والشعاعية، فهناك الأسلوب العجيب لربط هذه الشبكة بالمساند، أو ما يسمى بعلم البيولوجيا بخط الأساس الخارجي وخط الأساس الداخلي، وهناك خط الأساس العلوي الذي يسمى بالجسر، ثم تأتي منطقة الأساس، فالخطوط الشعاعية القطرية والخطوط المتعامدة عليها والمسماة بالمنطقة الحلزونية، ثم تأتي منطقة الإمساك، وأخيراً منطقة القبة، والتي تكثر فيها الخيوط وتتداخل بشكل هندسي رائع يشبه إلى حد كبير شبكة العناصر المحددة المثلثية المعروفة لدى المهندسين. فكثرة الخطوط في هذه المنطقة التي يتركز فيها الحمل والتي يحصل فيها هطول عال جداً تعني من وجهة النظر الهندسية، إكثار التسليح بشكل مكثف في المنطقة الأضعف، والتي تؤدي إلى مقاومة عزوم الانحناء والليّ، وكذلك قوى القص المتولدة في الشبكة عموماً وهذه المنطقة بالذات .
إذا اسخدمنا زجاجة مكبرة لرؤية النسيج السلكي نلاحظ أن هذه الخيوط بواقع الحال تحوي على عقد ضمنية لكل مسافة ينسجها العنكبوت، وهذه العقد الصغيرة ضمن الخيط السلكي تعني تقويته ومقاومته للإجهادات المختلفة. وكذلك نلاحظ أن منطقة تقاطع الأعمدة الشعاعية مع الجسور الحلزونية الرابطة تكون في بدايتها ذات عمق أكبر من وسط فضاء الخيط أو الجسر الحلزوني، وهذا بالضبط ما يعرف هندسياً بمنطقة الإجهاد الأعلى للقص، وكذلك العزم السالب الأعلى الذي يكثف فيه التسليح من جهة، ويكبر المقطع من جهة أخرى.
إن الإنسان ليعجب عند متابعته موضوع العناكب وحياتها كيف أن هذا المهندس المعماري والمدني المبدع يختار بيته وينسج خيوطه بزوايا وأشكال ومسافات دقيقة، وبالاتجاهات القطبية والمحيطية، وبعدد ليس فيه زيادة أو نقصان. فمن علَّمه كل هذا العلم الذي يحتاج إلى حسابات وعلوم دقيقة ومعقدة لو طلب من الإنسان صنعها، بينما هذه الحشرة الصغيرة التي لا يتجاوز حجمها مليمترات قليلة تقوم بالتخطيط والإنشاء والتنفيذ وحدها ؟!
¨ لقد عرف حتى الآن أكثر من (90) عائلة من عوائل العنكبوت، وكل عائلة منها لها أصناف متعددة، منها ما يصل إلى (34000) صنف، وأقل فصيل لعائلة يصل إلى (40) صنفاً، والأكثر شهرة وانتشاراً (25) عائلة منها، معدل الأصناف فيها هو (3872) صنف.
¨ تضع العناكب بيوضها بشكل كتلة هلامية أو كيس هلامي يحتوي ما معدله (800) بيضة، تتأرجح هذه الكتلة بملامسة بيئة مائية.
¨ حساسية العناكب للاهتزازات الميكانيكية والموجات الصوتية عالية جداً وغريبة في نفس الوقت عن بقية الحشرات، فقد ثبت علمياً وبشكل جازم بالمراقبة السلوكية والدراسة التشريحية أن هذاه الحشرات تمتلك حساً مرهفاً لجميع الاهتزازات أو الموجات والنفحات الصوتية التي تحصل في شباكها عند دخول الفريسة أو أي حشرة أخرى إليها، فهي –أي العناكب- تتأثر بالاهتزازات الميكانيكية ذات الذبذبات التي تترواح بين (20-45000) هرتز، وتبعاً للرنين الميكانيكي الذي يحصل في التركيبة القيثارية للبيت العنكبوتي يكون رد فعل العنكبوت، فعلى سبيل المثال وجد أنه عند الاهتزازات التي تتراوح بين (400-700) هرتز يهجم العنكبوت على الفريسة مباشرة، أما إذا زادت عن (1000) هرتز فإن العنكبوت يركن في زاوية البيت، حتى إذا بلغت المديات أقصاها فر هارباً تاركاً بيته، وهكذا حسب النغمة التي تعطيها الهزة الحاصلة في الشبكة بسبب دخول جسم ما إليها. وهذا الاختلاف الواسع للاهتزازات متأت من اختلاف أوزان الفرائس التي تقع في الشباك، من صغار الحشرات ذات الأوزان الخفيفة جداً إلى كبارها، فكل نوع وكل حجم يعطي اهتزازاً مختلفاً عن الآخر. أما الأصوات والنغمات الخارجية فتتأثر بها العناكب بشكل كبير، بحسب قوة الصوت وقربه أو بعده عن البيت العنكبوتي، كما هو حال تأثيرات مكبرات الصوت أو قرع الطبول وغيرها. والخلاصة أن رد فعل العنكبوت يختلف باختلاف مصدر الصوت وقوته ونوعه .
¨ المادة التي تصنع العناكب منها شباكها هي مادة حريرية سلكية ضمن تصنيف المواد الليفية الطبيعية والتي تدخل ضمن تصنيف المواد اللدائنية أو البوليميرية، والتي تقسم مصادرها –أي الألياف الطبيعية- إلى: نباتية ذات قواعد سليلوزية مثل القطن والكتان والخشب وجوتة الخيش وغيرها، وحيوانية ذات قواعد بروتينية كالصوف والوبر والشعر والريش وغيرها، ومعدنية مثل الإسبست. وتعرف الألياف عموماً بأنها المواد الشبيهة بالشعر والمستخرجة من المصادر الثلاثة أعلاه، والتي تحول إلى ألياف غير نسيجية كالورق واللباد أو بعد تحويلها إلى غزل نسيجي، كما وتعرف على أنها تكتل للخلايا ذات القطر القليل جداً والمهمل مقارنة بالطول الكبير. ورغم كثرتها في الطبيعة إلا أن القليل منها يمكن الاستفادة منه صناعياً. ومن خصائصها الطول والمرونة العالية والامتصاص ومقاومة القشط، وأكثرها يمتاز بالنحافة والمطاطية وبالقوة نسبياً، كما وأن لها –عدا النوع المعدني- خاصية الانجذاب والتعامل الكبير مع الماء بحالتيه الغازية والسائلة مما يؤدي إلى انتفاخها على أن هذه الخاصية تفقد في الوسط المشبع بالماء. بالإضافة إلى أنها مواد غير لدنة حرارياً أي أنها لا تترقق بالحرارة، ولا تتقلص ولا تتمدد، ولا تصبح هشة عند الحرارة المنخفضة، كما وأنها تقاوم الحرارة الجافة عند وصولها إلى درجات الحرارة التي تتحلل عندها، بالإضافة إلى أنها تصفر بالشمس والرطوبة العالية فتفقد قوتها خصوصاَ عند الأجواء ذات الأرقام المتطرفة، كما وأنها تتأثر بالتحلل المايكروبي بكل أشكاله بسبب البكتريا التي تعيش على الأوكسجين فقط، مما يؤدي إلى تحلله وتعفنها وتفسخها .
بعد هذه المقدمة العلمية نعود إلى كتاب الله لنجد الحقائق الآتية:


الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت Spiders-web-300x300


مقدمة العلمية نعود إلى كتاب الله لنجد الحقائق الآتية:
سورة العنكبوت رقمها (29) .
عدد آيات السورة المباركة (61).
آية ورود كلمة (العنكبوت) رقمها (41) وقد تكررت فيها هذه الكلمة مرتان.
عدد كلمات السورة (982) كلمة.
تسلسل كلمتي (العنكبوت) التي جاءت في الآية (41) هما (587) و(594) على التوالي.
إذا تدبرنا هذه النتائج نحصل منها على خصائص العنكبوت:
الآية (41) تعطينا الحد الأدنى لأصناف عوائل العنكبوت الذي أثبت علمياً والله أعلم.
2. إذا جمعنا الرقمين (29)+(41) يكون ناتجها(70) وضربناه بالتسلسل الرقمي للكلمتين (587) و(594) يعطينا الأرقام (41090) و(41580) على التوالي، وهي أرقام الحد الأعلى لتصنيفات عوائل العنكبوت التسعين .
3. هنالك علاقات كثيرة وتقارب بين هذه الأرقام وبين تردد الاهتزازات التي يستجيب لها العنكبوت وبين حياته ونسب بيته، ولكن هذه العلاقات تحتاج لدراسة وافية لنخرج بنتائج دقيقة وموثوقة .
هذه الحقائق هي من بعض الثوابت القرآنية الشاملة التي تشمل ربط أمور عديدة وعلوم كثيرة بالمثل القرآني الذي يضربه لنا الخالق جل وعلا، مقرباً لأذهاننا المسألة الاجتماعية التي يعالجها النص القرآني. فالقرآن العظيم يشير بإشارات معينة تجمع أكثر من علم واحد بل عدة علوم لحالة اجتماعية أو خلقية أو عرف اجتماعي. وهنا أود أن أبين أن التزاوج بين العلوم النظرية أو التطبيقية أو بينهما معاً هو أيضاً من العلوم الحديثة التي عرفت في العصر الحديث بصيغ أكثر نضجاً مما كانت عليه من قبل وخصوصاً بعد تطور ثورة المعلومات الحاسوبية والاتصالات، وكما هو الحال في علم التحكم الذاتي (السيبرناتيك) وعلم (الباراسايكولوجي).
وقد ظهرت نظريات معتمدة على تزواج العلوم المختلفة كنظرية التناغم البيولوجي للإنسان في حين أن القرآن الكريم قد سبق بذلك بأكثر من (1400) عام؛ ذلك أنك ترى الآية الواحدة تزاوج بين عدة علوم بدقة وروعة، صحيح أن الفلاسفة القدماء كانوا موسوعيين إلا أن علومهم كانت فلسفية عامة وليست تطبيقية أو نظرية رياضية خاصة -إلا ما ندر- وإذا صح ذلك لحالات فإن تلك الحالات تعطي نظريات تصح هنا وتخطئ هناك، ثم تدرجت العلوم وتخصصت مع مرور الزمن حتى وصلنا لعصر العلوم النظرية والتطبيقية والتقنيات المتقدمة، ووصلت دقة النتائج بحيث إنها أصبحت حقائق لا يمكن تجاهلها أو دحضها في حقول كثيرة من العلوم على الرغم من قناعتنا بأنك قد تصل إلى الحقيقة العلمية من طرق عدة، وإن هذه النظرية أو تلك قد تكون إحدى هذه الطرق، وأخيراً بدأ العالم يعود إلى تزاوج العلوم المتراكمة والمعلومات المتزايدة للوصول إلى حقائق أكبر وأكبر.
ثم ألا ترون إلى أن الشكل الهندسي الرائع لبيت العنكبوت وبيوت النحل وخلاياها وما فيها من فن معماري غريب ومتطور، حتى إنها أصبحت الآن تقلد على نطاق واسع في الهندسة المعمارية والإنشائية للبيوت والمجمعات السياحية والمنشآت الأخرى، فهناك تقنيات إنشائية لما يعرف بالخرسانة المسبقة الصب أو الجاهزة وعلى شكل بيوت أسطوانية أو سداسية أو ثمانية لوحدات بنائية متكاملة بالإمكان إدخالها وإخراجها بالكامل في طوابق بنايات صممت خصيصاً لهذا الغرض، وكأنها بيت أو خلية للنحل، والألطف من ذلك التجارب التي تتم على استخدام المواد الجديدة من الخشب والمطاط و(الفايبركلاس) وغيرها من أنواع المواد البنائية، والتي هي بالفعل من ضمن المواد التي يستخدمها النحل نفسه أو العنكبوت في بناء ونسج بيوتهما (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (النحل :68). يقول سيد قطب -في تفسير هذه الآية المباركة-: (والنحل تعمل بإلهام من الفطرة التي أودعها إياها الخالق، فهو لون من الوحي تعمل بمقتضاه. وهي تعمل بدقة عجيبة يعجز عن مثلها العقل المفكر سواء في بناء خلاياها، أو في تقسيم العمل بينها، أو في طريقة إفرازها للعسل المصفى . وهي تتخذ بيوتها حسب فطرتها في الجبال والشجر وما يعرشون أي ما يرفعون من الكروم وغيرها، وقد ذلل الله لها سبل الحياة بما أودع في فطرتها وفي طبيعة الكون حولها من توافق).
ونرى اليوم أن التفتح الذهني للبشر وصل إلى درجة عالية بحيث أصبحوا يتناغمون مع ما حولهم من آيات الله ومخلوقاته من حشرات وحيوانات ونبات وجماد، وحتى مع ما كان يعتقد أنه يؤذي وضار أو مقزز الشكل، كالعنكبوت –مثلاً- بدأ يُقَلَّدُ ويُستفاد من مواد نسيجه الخيطي الذي يفرزه كمواد مقاومة للرصاص (ألبسة ضد الطلقات النارية)، ومن إفرازاته وبرازه كأدوية وعلاجات ومواد صيدلانية بل وحتى في سمومه، بالإضافة إلى الشكل الهندسي العجيب لنسيج بيته إذ ثبت علمياً أن الأشكال المتعددة الأضلاع والمتناظرة كالسداسية والثمانية والشعاعية تعتبر من أقوى الأشكال الهندسية وأقوى المنشآت تحمُّلاً للأثقال والأحمال بجميع حالاتها واتجاهاتها، وما استخدام السقوف الشبكية الجاسئة كانت -كالخرسانة أو الحديد أو الألمنيوم أو الخشب أو البلاستيك- أم المرنة -مثل الحبال والسلاسل والكوابل- إلا نقلاً وتقليداً واستنباطاً لأشكال موجودة حولنا ومنها، وعلى رأسها نسيج العنكبوت .
فهذه المسألة إذا أردنا أن ننظر إليها نظرة هندسية متكاملة من عدة أوجه، فإنها تتلخص في النقاط الآتية:
المنظار المعماري : إذ يشكل بيت العنكبوت شكلاً معمارياً جميلاً؛ لذلك أصبح يقلَّد على نطاق واسع في بنايات عديدة في كل أنحاء العالم تحاكي شبكة العنكبوت.
المنظار الإنشائي : إذ إن المتانة والقوة والمرونة هي الصفات التي تتمتع بها الشبكة العنكبوتية من الناحية الإنشائية، فهي تمثل الأسلوب الشعاعي لمعالجة الإجهادات والانفعالات مما جعلها بديلاً للأسلوب المتبع في تسليح السقوف وخزانات المياه والمنشآت الأخرى وهي الآن تبحث وتدرس وتوضع لها القوانين في كل العالم وعلى نطاق واسع.
منظار هندسة المواد: إن المادة البوليميرية أو اللدائنية لنسيج العنكبوت لها من الخصائص القريبة جداً من النسيج الحريري وأسلاكه، والذي يعتبر من أقوى الأسلاك بالإضافة إلى مرونتها وخفة وزنها وقابليتي اللصق والعزل العاليتين وخصائص أخرى عديدة طور الدراسة والبحث.
منظار أنظمة الخدمات: ويقصد بالخدمات الأنظمة الضوئية والصوتية الكهربائية والتكييف والحريق والمياه والهاتف والحاسبات وغيرها، إذ استخدمت تقنية العنكبوت في هذه الشبكات في منشآت عديدة واثبتت كفاءة توزيعية عالية مع جمالية فائقة، ويكفي أن نقول إن صفة الشبكة العنكبوتية تطلق على عدة شبكات خدمية في العالم وعلى رأسها شبكة الإنترنت، وأيضاً الشبكات الاقتصادية الدولية، وهذه الصفة تعطي انطباعا للتعقيد في الأداء والوظيفة وهي الصعوبة البالغة التي توصل إلى دقة وتنوع كبيرين لتؤدي أفضل إنجاز.
إن المساحات والفضاءات الواسعة التي يشكلها الهيكل العنكبوتي بالنسبة لحجمه الصغير ومقارنة ذلك في الاستخدامات البشرية من ناحية، وكيفية عمل نظام المساند لهكذا فضاءات، وطبيعة المادة المستخدمة عنكبوتياً من ناحية ثانية، يحتم علينا التفكير في أمرين أساسيين: أولهما ما يسمى باللاخطية الهندسية للشبكة العنكبوتية وما يحتم عليه من استخدام أسلوب الإزاحات الكبيرة للتحليل، وما هو موجود أيضاً في أنظمة إنشائية معروفة مثل السقوف المعلقة فضائياً، وكذلك الجملونات الفضائية الكبيرة. وثانيهما نظام المساند التي تستطيع تحمل هكذا فضاءات وأوزان، وما يتبعها من إجهادات كبيرة، كما أن تركيز خيوط العنكبوت الإنشائية في الوسط أكثر من الخارج يعطي فكرة مقاومة الهطول التي يتبعها المهندسون في تصاميمهم الإنشائية .
إن المادة المستخدمة في هذه الشبكة قد تتطلب استخدام مواد غير متجانسة؛ مما يتطلب الدخول في موضوع (لا خطية المادة) وهذا يعني الدخول في تعقيدات تحليلية وتصميمية كثيرة، وقد نستطيع أن نستخدم مواد أخرى بديلة، وربما استخدام المادة الأصلية، وهي عصائر وإفرازات العنكبوت نفسه والله أعلم .
وستثبت قوابل الأيام ومعها بحوث وأعمال باحثين كثيرين أن لهذا الأمر أسراراً وأسراراً قد تفضي بنا إلى ثورة في عالم الهندسة المعمارية والإنشائية وغيرها.
ترى هل الخصوصية التي أعطيت في القرآن الكريم لهذه الحشرات كالنحل والنمل والعنكبوت والبعوض وغيرها -حتى إن سوراً كاملة سميت بأسماء بعضها- جاء اعتباطاً أو من باب الصدفة غير المحسوبة؟ حاشا لله، بل إنها جاءت لتثير انتباهنا وحواسنا إلى كل ما يمكن الانتفاع به والحذر منه في نفس الوقت لهذه الأنماط الكائنة في حياتها وأعمالها وبيوتها وتصرفاتها وعلاقاتها بالكون والإنسان، وما يمكن الاستفادة منه من غذاء ودواء وملبس ومسكن وطريقة حياة، يستطيع الإنسان أن يحوله لصالحه، فالإنسان منذ ولادته حتى مماته وفي جميع العصور يحاكي ما حوله ويقلد ما يعتقده مناسباً له حتى في عصرنا هائل التقدم، وإن هذه الأمثلة التي ضربها الله تعالى لنا جاءت لتصب في هذا المغزى العظيم: مغزى التدبر والتعلم والفائدة والاستنباط والاقتباس لصالح الأمة والمجتمع والإنسان والبشرية بكل ما يهمها في أمور دينها ودنياها وآخرتها، والله أعلم والحمد لله رب العالمين.
الدكتور المهندس فائق العبيدي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eng-art.yoo7.com
عثمان محمد
نائب المديرة
نائب المديرة
عثمان محمد


الجدي
تاريخ التسجيل : 22/12/2011
العمر : 42
البلد /المدينة : فلسطين

بطاقة الشخصية
المجلة: 0

الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت   الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت Empty3/4/2012, 16:36

موضوع ممتع جدا , رائع بالفعل , مع الشكر لما قدمتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الهندسة الإنشائية لبيت العنكبوت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الهندسة في بيت العنكبوت
» سورة العنكبوت
» سد هوفر , من العجائب الإنشائية
»  تصاميم المساجد لتقليل التكلفة الإنشائية
» مراجع ضرورية لمهندسي التنفيذ والأعمال الإنشائية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الهندسة والفنون :: الآسلامي :: --الأسلامي-
انتقل الى: