السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الساري الهندي
تحظى الأزياء التقليدية الهندية بمكانة خاصة في عالم الموضة نظرا لألوانها وتطريزاتها الغنية، فضلا عن خصوصيتها الثقافية. وما يحسب لهذا الزي ويزيد من شعبيته في آسيا أنه من الممكن ارتداؤه بأشكال مختلفة، ويمكن أن يكشف أسلوب ارتدائه ولونه ونوع القماش المصنوع منه على مكانة المرأة الاجتماعية وعمرها ومهنتها والإقليم الذي تنتمي إليه وديانتها أيضا. ورغم أنه زي تقليدي، إلا أن المرأة الهندية العصرية أيضا تحرص على ارتدائه، خصوصا في الأفراح، بل وارتدته حتى بعض نجمات هوليوود، مع العلم أن استعماله ينتشر في أنحاء أخرى من شبه القارة الهندية، مثل بنجلاديش ونيبال وباكستان وسريلانكا.
ويعد الساري، إلى جانب سلوار كاميز، واحداً من أجمل وأكثر أنماط الأزياء النسائية أناقة في العالم وانتشارا في الهند بالذات. وساهم مناخ شبه القارة الهندية الذي يتميز بوجه عام بالدفء والرطوبة على تزايد شعبيته، لأنه ملائم لهذا المناخ. ورغم انتشار آخر صيحات الموضة الغربية، إلا أنه لم يتزحزح عن مكانته، سواء في المناسبات العادية أو مناسبات الأفراح. فبساطة طياته وسهولة لفه حول الجسم، إلى جانب كونه رداءً واسعاً غير مخيط، يناسب نساء من مختلف الأحجام. بل تعتبر هذه واحدة من عجائب هذا الزي، الذي يكشف جمال ونحافة المرأة الرشيقة، وفي الوقت ذاته يخفي الوزن الزائد للمرأة البدينة. ويسود اعتقاد لدى البعض بأن المرأة الهندية بوجه عام تبدو أكثر رشاقة عند ارتدائها له
وعموما يتم ارتداؤه مع تنورة تحتية طويلة وبلوزة لتغطية الجزء الأعلى من الجسم. ويجري لف الساري حول الجسم من إحدى طرفيه، أما الطرف الآخر الحر فيتم طيه على أحد الكتفين، ويعرف باسم «بالو». والملاحظ أن مرونة لفه على الجسم، بفضل طول قماشه المؤلف ما بين ست وتسع ياردات، الأمر الذي يسمح باستخدامه في صور متعددة، شجعت العديد من مصممي الأزياء على استغلاله في خوض تجارب جديدة في تصميم الملابس، ولا يزالون قادرين حتى الآن على التوصل لأساليب جديدة لطيه ولفه، وإن كان العديد منهم تعرضوا لانتقادات شديدة لإضفائهم إثارة حسية عليه، مع أن شكله التقليدي في حد ذاته لا يحتاج إلى المزيد من الفتنة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن عملية طيه مهمة، لأن الرخيص منه قد يبدو رائعا في حال طيه بشكل ملائم ومحسوب، بينما قد يفقد الغالي جماله إذا جاء طيه دون المستوى
يُصنع الساري من أقمشة مختلفة مثل القطن والحرير والشيفون وغيرها. وتتراوح أسعاره ما بين بضعة دولارات بالنسبة للأشكال البسيطة منه، وما يتجاوز عدة آلاف من الدولارات للأشكال ذات الطابع الحصري. كما يتوافر في أشكال بسيطة تخلو تماماً من الزخارف، وأخرى مصنوعة من حرير ميسوري ذات حاشية مزخرفة، وأشكال من الساري مطبوعة وأخرى مطرزة. وداخل المناطق الريفية الهندية، لا يزال الساري الملبس اليومي للنساء، أما في المناطق الحضرية، فبدأ ارتداؤه يقتصر على المناسبات الرسمية والحفلات، وبالذات في حفلات الزواج، بحيث لا يكتمل جهاز أي عروس بدون توافر مجموعة فريدة منه. والسبب يعود إلى شمولية طابعه، حيث يمكن للجدة والحفيدة ارتداؤه، ويبقى في الحالتين محتفظاً بجاذبيته
ومهما وصلت إليه الأزياء الأخرى من أناقة وجمال، إلا أنه من غير الوارد أن يأتي يوماً تتخلى فيه المرأة الهندية عن الساري. فهناك ما يتراوح بين 10 و15 شكلا مختلفاً على الأقل للساري بمختلف أنحاء الهند. على سبيل المثال، يبلغ طول الساري المميز للتاميل ثمانية أمتار. وبعد لف الساري حول الخصر، يتم وضع الثنيات بطول الساق اليسرى، أما باقي الساري فيتم رفعه على الكتف الأيسر، ويتم طيه مرة أخرى حول الخصر، ثم دس الطرف في الجانب الأيسر
أما الشكل المعروف باسم نيفي ساري فيعتبر من أكثر الأنواع انتشاراً. هناك شكل آخر يعرف باسم كاتشا ساري ويتميز أيضا بسهولة ارتدائه، ويبدو رائعاً حال تنسيقه مع السترات العادية. كما أنه مناسب لمختلف فصول السنة. وتمر الثنية الرئيسة لهذا الساري عبر الساقين، ما يجعله يبدو أشبه بسروال فضفاض. والمؤكد أن طي الساري يعتبر فناً في حد ذاته من الضروري إتقانه من أجل الوصول بالساري إلى أبهى صورة ممكنة