هل يمكن ان نتخيل
عالماً بلا ماكينات للخياطة، وكم كان الامر سيكون صعباً اذ اضطر الانسان
لخياطة ملابسه يدوياً. هكذا كان الامر حتى القرن الثامن عشر حين بدأت
مجموعة من المخترعين التفكير في بناء او تركيب ماكينة خياطة ميكانيكية.
وحتى ذلك الوقت كانت الحياكة صعبة وتستغرق وقتاً طويلاً ومؤذية للأيدي.
ماكينة الخياطة كانت اول جهاز يدخل البيوت، وحتى العام 1850 كان الامر
بمثابة معجزة، كيف يمكن لمثل هذه الآلة ان تنجز عملية معقدة مثل حياكة
الملابس.
كان الانجليزي توماس سانت اول من تقدم بطلب رسمي لتسجيل علامة تجارية هي
ماكينة الخياطة العام 1790 تلاه جيمس هيندرسون الذي سجل العلامة التجارية
في فرنسا العام 1804، ثم بارثليمي ثيمونير العام 1830. وكان اختراع سانت
يعمل من خلال سلاسل من الخيوط التي تستخدم في التطوير بالاضافة الى ابرة
مجهزة بسن في الاسفل وخيط رفيع. ويحوم شك كبير حول قدرة سانت على بناء تلك
الالة، وعندما تم استنساخ الماكينة اعتماداً على التصميمات الهندسية
الاصلية بعد عدة سنوات كان لابد من ادخال تعديلات عليها كي تعمل.
وكان اول استخدام عملي لماكينة خياطة العام 1829، بعد سنوات من الفشل على
يد المخترع الفرنسي ثيمونير الذي طور من سلاسل الخيوط. وعند مطلع العام
1841 تمكن ذلك المخترع من انتاج ثمانين ماكينة لحياكة الملابس العسكرية في
مصنع بباريس، وتعرض المخترع لأزمة عنيفة عندما شنت مجموعة من الخياطين
الاخرين هجوماً على المشغل دمرت خلاله كل الماكينات خوفاً على فقدان
وظائفهم. وبعدها بفترة قصيرة لفظ ثيمونير انفاسه وهو معدم تماماً.
وبالرغم من ان الماكينات التي تستخدم سلاسل الخيوط كانت تعمل بطريقة معقولة
ومرضية، الا انها لم تكن مثالية، اذ كانت الخيوط تتمزق بسهولة ولم تكن
الحياكة جيدة. وبمرور السنوات تمكن والتر هنت الاميركي من اختراع الماكينة
التي اصبحت الام الشرعية للماكينات الحديثة العام 1834. واستخدم ذلك
المخترع مستودعاً صغيراً للخيوط كان شديد التعقيد مقارنة بالماكينات
القديمة لأنه كان يستخدم خيطين وليس خيطاً واحداً. وفات على هنت تسجيل
العلامة التجارية، وعندما تقدم بعدها بطلب لتسجيل الاختراع تم رفض الطلب
نتيجة لتخليه عن المشروع برمته.
وجاء العام 1845 ليشهد طرح ماكينة مطورة اعتمدت على نظرية هنت على يد الياس
هاو ، المخترع الاميركي، سجل المخترع العلامة التجارية الجديدة وحملها الى
انجلترا حيث باع حقوق الاختراع. وكانت كل الماكينات في تلك الفترة تحمل
اكشالاً مختلفة وتعمل باليات مختلفة، ولكن وبحلول القرن العشرين تشابهت
كلها نتيجة لهيمنة شركة سنجر على الاسواق.
كان اسحق ميريت سنجر ميكانيكياً اميركياً يعشق المسرح وباع العام 1839
تصميماً هندسياً لحفار بمبلغ الفي دولار. وباستخدام تلك الاموال اسس شركة
للمسارح اطلق عليها اسم «ميري بلايرز» التي افلست بعد عدة سنوات. وعثر سنجر
على ماكينة خياطة قديمة العام 1851، وايماناً منه بقدرته على تطويرها قام
بتصنيع النسخة الأولى من الماكينة المطورة خلال احد عشر يوماً فقط. ولأن
سنجر لم يعتمد تصميماً اصلياً جديداً تقدم الياس هاو بشكوى ضده يتهمه فيها
بالتحايل على اختراعه واستحق بذلك نسبة معينة من قيمة الماكينات التي يتم
انتاجها داخل الولايات المتحدة.
وحقق سنجر نجاحاً باهراً في تسويق وبيع الماكينات وتمكن بمساعدة محامي يدعى
كلارك من اطلاق اول مشروع للبيع بالايجار، كما وضعت الشركة سياسة جديدة
تقضي بتدمير اي ماكينة سبق وان تم استخدامها وقام اصحابها باعادتها الى
الشركة وذلك بهدف محاربة سوق الماكينات المستعملة.
وبحلول العام 1867 تحول الميكانيكي الفقير الى شخصية صناعية بارزة ونجماً
من نجوم المجتمع ورجلاً في غاية الثراء وانجب ثمانية عشر طفلاً من عدة
زوجات. وشجع المحامي كلارك سنجر على الانتقال الى انجلترا حيث فاضت روحه
العام 1857 مخلفاً اربعة وعشرين ابناً.
ولم يتم تسجيل اي اختراعات اخرى الا العام 1850 حيث قام الان بنجامين
ويلسون بتسجيل علامتين تجاريتين لطرازين من الماكينات، الاول يعمل بالبكرات
الدوارة والثاني يعمل بآلية الاربع حركات. اما الجزء الذي يحمل الماكينة
فقد كان من اختراع سنجر الذي سجله باسمه رسمياً.
وبالرغم من التطور الكبير الذي شهدته صناعة ماكينات الخياطة، الا انه لم
يتم استحداث المحرك الكهربائي الا في العشرينيات من القرن الماضي. وبالرغم
من انه سبق وان تمت تجربة البخار والماء في تشغيل الماكينات، الا ان معظم
الماكينات البدائية كانت تستخدم المدوس الذي يتم تحريكه بالقدم.
وباستحداث الحركات الكهربائية حققت هذه الماكينات انتشاراً واسعاً وانخفضت
تكاليف الانتاج وتزايدت اعداد مصانع الملبوسات الجاهزة ومخازن بيعها،
وتحولت ماكينة الخياطة التي ما كان بيت يخلو منها الى مجرد هواية
منقووووول
.