طريقك إلى التوافق النفسي
التوافق النفسي هو القدرة على تكوين علاقات مُرضية بين الفرد ونفسه وبين الفرد وبيئته المادية والاجتماعية بحيث يكون متمتعًا بحياة خالية من الاضطرابات، يسلك سلوكًا غير شاذ، يسود حياته الاتزان الانفعالي والعاطفي، ويسيطر عقله على نزعاته ورغباته.
التوافق النفسي ونعني به التكيف النفسي أو الملاءمة النفسية :
عملية مستمرة فيها تفاعل وتأثير متبادل بين الفرد وبيئته.
وعن طريق هذا التفاعل المتبادل يغير الفرد من سلوكه أو يعدل فيه بحيث يصبح أكثر انسجامًا مع البيئة، أو يغير الفرد البيئة ويجري تعديلات فيها حتى تصبح أكثر توافقًا معه ، ويقوم بتغيير الأمرين معًا فيعدل من سلوكه، ويعدل بيئته بحيث يحدث الاتفاق بينهما.
ولذلك يعتمد الكيف أو التوافق النفسي على إمكانات البيئة وصفاتها وعلى ما تحتويه من أشياء وأشخاص وجماعات.
ومن الطبيعي أن يظهر حسن التكيف أو سوئه وعدم التوافق النفسي وسوء الملاءمة نتيجة هذا التفاعل المتبادل بين الشخص وبيئته.
التفاؤل كيف يتوافق الإنسان نفسيًا؟
أن يكون لديه بصيرة وفهم وإدراك لدوافعه ورغباته لنقاط ضعفه وقوته مع قدرة على تقويم سلوكه تقويمًا سليمًا ( المراجعة الدائمة للنفس أو محاسبة النفس دائمًا ). أن يكون لديه إحساس بقيمته، ولديه احترام لذاته يشعر بالطمأنينة وهو في جماعته، ويشعر بأنه مرغوب فيه، محبوب، قادر على العطاء وعلى تكوين علاقات وصداقات طيبة مستديمة.
أن يكون قادرًا على مواجهة الحياة ومصاعبها ومجابهة الحقائق (الواقع) بصورة عقلية وموضوعية، يحيا حياة واقعية ليس فيها تخيلات أو أوهام أو مخاوف تسيطر على سلوكه ودوافعه.
أن يكون قادرًا على حسن التعامل مع الآخرين بالفهم ودوافع سلوكهم، ومشكلاتهم، ويقدر أوجه الاختلاف والفروق بينهم. وفي سياق احترام الآخرين فهو على استعداد للحوار معهم بالحكمة والموعظة الحسنة، واضعًا أمامه دائمًا أن الخلاف في الرأي والفكر مع الآخر لا يفسد للود وللأخوة قضية.
أن يكون لديه القدرة على السيطرة على نتائج سلوكه الفاشل، وخيبة أمله، ومظاهر الإحباط في مواقف الحياة التي تجابهه، فالحياة ليست كلها أيامًا يسيرة، بل إنها قسمة بين اليسر والصعب وبين الحلو والمر.وتجاه الظروف الحياتية على الإنسان أن يكون ناضجًا عاطفيًا، مسيطرًا على شعوره ومشاعره، مالكًا لأمر نفسه بعيدًا عن الخوف والغضب والغيرة العمياء، والحب الجامح.
أن يكون قادرًا على التعبير الواضح عن مشاعره، وعن انفعالاته بصورة يرضى عنها المجتمع والناس، فلا ينهار أو يتمزق نتيجة مخاوف أو هموم أو أحزان أو غضب، فالحياة في مجموعها أخذ وعطاء وفشل ونجاح.
على الإنسان أن يمارس عادات صحية سليمة سواء في سلوكه أو طعامه أو نومه أو راحته أو شغل أوقات فراغه، وأن يكون لديه اهتمامات كثيرة بحيث يحيا حياة متوازنة بين العمل والراحة والمتعة، فلنفسه حق عليه، وحبذا لو كانت له هوايات مفيدة تبعده عن إضاعة الوقت والجهد فيما لا طائل منه.
أن يكون قادرًا على أن يفر لنفسه وأن يتخذ قراراته بنفسه، ويتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب بالأسلوب المناسب، متحملاً في شجاعة مسؤولية قراره، قادرًا على القيام بمواجهة مشكلاته والبحث عن الحل الأمثل والصحيح لهذه المشكلات، أي يكون إنسانًا معتمدًا على نفسه وليس على الآخرين، إنسانًا متزنًا واقعيًا غير متواكل.
وأخيرًا علينا أن نحب العمل الذي نؤديه فمن يحب عمله يحقق ذاته، والعمل دائمًا شرف وكرامة وواجب وحق، وليس العمل بشكله أو نوعه أو حجمه، المهم أن يكون هذا العمل شريفًا... .
وتبدأ عمليات إحداث التكيف أو التوافق النفسي عند الفرد منذ الصغر، إذ تشمل هذه العمليات تأثير العوامل الوراثية والعوامل الطبيعية أو الفيزيائية، وتأثير العوامل البيئية، والعوامل الاجتماعية، ومدى إشباع الحاجات الأساسية للفرد في طفولته.
ومن هنا تأتي ضرورة الاهتمام بالطفولة وتوفير أسباب الرعاية لها، لنخرج بحق جيلاً متوافقًا اجتماعيًا ونفسيًا، جيلاً بعيدًا عن السلبية واللامبالاة واللانتماء، جيلاً فاعلاً مشاركًا في العمل والإنتاج.
قال تعالى : ...." إِنْ أُرِيدُ إِلّا الِإصْلاحَ مَا استَطَعتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلّا بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " سورة هود ( 88 )