هي مادة عجيبة إلي درجة يصعب تصديقها، لكنها حقيقية وعبارة عن(بخّاخ نانوي ) غير سامّ لا تراه العين البشرية، ويحمي أي سطح تقريباً من الغبار والبكتيريا، سواء في ذلك مُعدّات المَستشفيات أوالضمادات الطبية أوالتماثيل القديمة والاثار والأقمشة الثمينة. مادة البخّاخ هي نوع من الزجاج السائل غير الضارّ بالمواد الحية،
وتُعتبر واحدةً من أهمّ المنتجات الصديقة للبيئة والمُشتقة من تكنولوجيا الـ«نانو» التي تتعامل مع الجزيئات متناهية الصغر من المادة، وقد ثَبَتَت بالتجربة إمكانية استخدامها في حماية أشجار الكَرمة من العَفَن، وتغليف الأعضاء المزروعة بعد العمليات الجراحية بطبقة غير لاصقة مُضادّة للبكتيريا، وكذلك الأقمشة الثمينة والأشياء القديمة بغُلالة شفّافة تحفظها من التلف. يمتاز الزجاج السائل بأنه يشكّل طبقةً أرقّ من الشعرة البشرية بحوالي 500 مرّة، أي بضعة أجزاء من المليون من الملليمتر، ويتحوّل إلي حاجز شديد المرونة يطرد الماء والغبار والبكتيريا، ويقاوم الحرارة والأحماض والأشعة فوق البنفسجية، لكنه يظلّ قابلاً للتنفس. صاحبة امتياز هذه التكنولوجيا المتقدمة هي شركة «نانوبول» الألمانية، وقد توصلت إلي هذه النتيجة إثر أبحاث مكثّفة في «معهد المواد الجديدة» في ساربروكِن، وتُجري حالياً محادثات مع شركات بريطانية ومع الإدارة الوطنية للخدمات الصحية، من أجل استخدام المادة العجيبة في عدد من التطبيقات، ابتداءً من تغليف حقائب اليد، ووصولاً إلي المُقدِّمات المخروطية للقطارات فائقة السرعة.
وتبيّنَ من خلال تجارب أجريت لدي شركات لإنتاج المواد الغذائية في ألمانيا أن السطوح المُعقّمة التي تمّ رشّها بالزجاج السائل احتفظت بخاصّية مقاومة الجراثيم طوال أشهر عديدة. يتركّب الزجاج السائل من ثاني أكسيد السيليكون النقي، العنصر الكيميائي في الكوارتز والمعدن الأكثر توفّراً علي سطح الأرض، وهو عنصر خامد ليس له تأثير سلبي علي البيئة، ويمكن أن يساعد استعمالُه في تخفيف الآثار السُمّية لمواد التنظيف المستخدمة في المنازل والمصانع والمكاتب والمدارس والمشافي، وبالتالي تقليص تكلفة الأيدي العاملة. كما تُجري تجارب مماثلة في سلسلة من الفنادق العالمية الفاخرة، ومصانع للأقمشة النادرة، والفرع الألماني لسلسلة مطاعم «همبرجر».
يَكمن سرّ الخواص الفريدة للزجاج السائل في طريقة صنعه، إذْ يُمكن إعدادُه في محلول مائي أو كحولي، حسب السطح المطلوب تغطيته. ويتحوّل بمجرّد رشّه إلي غشاء مَرن رقيق للغاية يولّد قوي إلكترومغناطيسية قوية، تجعله يلتصق بالمادة ويطرد الماء والمواد الغريبة من السطح الخارجي لها.
يقول مدير الفرع البريطاني للشركة، نيل ماكليلاند، إن الغشاء المُقاوم هذا لا يقتل البكتيريا والجراثيم عندما تحطّ علي سطحه، لكنه يحول دون انقسامها وتكاثرها، وإن رشّ التماثيل وحجارة الأبنية الأثرية به يُبقيها نظيفة، ويمنع تشكُّل العفن عليها، وينسحب ذلك علي المصنوعات الخشبية أيضاً.
وتُجري مؤسسة «مدافن قتلي الحروب» البريطانية محادثات مع شركة نانوبول لمعالجة صروحها وتماثيلها، كما يُجري علماءٌ أتراك تجارب علي الزجاج السائل، توطئة لتطبيقات عملية علي آثار وطنية تاريخية، مثل ضريح أتاتورك في أنقرة وجامع »إلياس بك«، الذي يعود عهده إلي القرن الخامس عشر.
منقول