ندعوك لتتوقف كثيراً عند هذا المشروع, فإن ما ستتعلمه من مشروع كهذا قد يلزمك اعوام عديدة لتتعلمه كمعمارى, وأكثر المعماريين إلا من رحم ربى لا يتعلمون هذا الدرس أبدا.
فالعمارة تقف دائماً حائرة فى تعريفها, هل هى فن ؟ ... هل هى علم ؟ ... حقيقة الأمر إنها لا هذا ولا ذاك ... إنها العلم الوحيد الفنى فى العالم, بل دعونا نقول إنها الفن الوحيد العلمى, فإن كنت معمارى فنان فأنت إذا نحّات تقوم بعمل منحوتات بغض النظر عن وظيفتها أو إحتياجات قاطنيها ... أما إن كنت مهندس علم , إذا فأنت تنفذ وظيفة معينة بغض النظر عن الإحتياجات ( النفسية ) لقاطنيها .. فى كلا الحالتين فقد ظلمت الناس الذين سيستخدمون مبناك ... فالعمارة علم و فن , لا يتشابه معها فى ذلك إلا نادى الزمالك .. حيث العلم والفن والهندسة !!
الأن قبل أن ننسى دعونا نعود لمشروعنا .. الـ ( 8 هاوس ) , أو ( المنزل ثمانية ) حيث يأخذ شكل الرقم ثمانية باللاتينية , والذى رشحه لنا مكتب مجموعة بيارك أنجيلز ( BIG ) لنتشاركه مع القراء العرب لبناة , حيث رأى إنها ينقل الرسالة التى تستهدفها بناة لهم, مشروعاً يحصد الجوائز فى كل أرجاء العالم, ليس لأنه قطعة فنية ممسوخة ولكن لما يحمله من هندسة معمارية بكل ما تحمله الكلمة من معان. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] 8H_Image-by-Dragor-Luftfoto_01 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هذا المشروع والذى أنتهى من بناءه فى 2010 هو عبارة عن مجمع سكنى تجارى إدارى متعدد الإستخدامات , من الضخامة بحيث " كما يقول بيارك" يقف كالحد الفاصل ما بين المبنى, والمدينة, لا أوعدكم بأن أشرح لكم كافة تفاصيل هذا المشروع, أنا أنصحكم بمشاهدة الفيديو أسفل هذه المقال أو بصفحة مجتمع بناة مترجم للعربية, ولكن سأعطيكم لمحة سريعة عنه. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
61 ألف متر مربع هى مساحة هذه الكتلة لمبنى متعدد الإستخدامات مكون من ثلاث أنواع مختلفة من المنازل و عشرة ألاف متر للفراغات التجارية و المكتبية كأكبر مشروع تطوير خاص ينفذ بالدنمارك, وعندما تنفذ مشروعاً بهذا الحجم وتريد أن يكتب له النجاح, فإن الخطوط السهلة البسيطة المقروءة هى مفتاح الحلول الوظيفية الناجحة له, هذا من جهة, ولكن من جهة أخرى فإن كبر حجم هذا المشروع يجعله مثل المدينة, وهذه الخطوط السهلة تتنافى مع الزخم والتنوع الموجود بالمدينة, ومع أساليب الحياة المختلفة بها, فأنت لا تريد أن تقوم بتسكين الناس فى علب سردين مرصوصة خالية من ملامح ومتع الحياة. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لذا فقد فكر المعمارى ما هى الإحتياجات التى يحتاجها الأنشطة الموجودة بهذا المجمع ؟ , لا نتحدث عن مساحات وفراغات وظيفية فحسب, ولكن إحتياجات بيئية, وإحتياجات معيشية فى التجربة الحياتية التى يعشونها بهذا المكان, وعن إستغلال الموقع من حيث العلاقة مع الشمس, و المناظر المحيطة الخلابة التى لا يريد أحد أن يحرم منها. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فا فى حين ان النشاطات المكتبية والتجارية تكره ضوء الشمس المباشر, و تفضيلها لضوء النهار غير المباشر, نجد أن الأنشطة السكنية - خاصة بالدنمارك ذات الجو البارد - تستمتع بأشعة الشمس الدافئة لتدخل مرحب بها للمكان موفرة لمصاريف طائلة للتدفئة, وفى حين أن الأنشطة التجارية و الإدارية تفضل الإتصال المباشر مع الناس, فإن الأنشطة السكنية تحب البعد عن مستوى الشارع المليئ بالضوضاء و الجارح للخصوصية, الناس يحبون الحدائق, يحبون نقاط التجمع, يحب سهولة الوصول, كل هذه الأشياء بديهية ... ولكن هل تحققها فى مشاريعك, وإن حققتها فهل جاء ذلك على حساب التكلفة, أو الربحية, أو الشكل ؟. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هذه هى محركات هذا التصميم, والإبداع هنا أنه تعامل معها بكل بساطة ليلبيها كلها, كالمقولة الخالدة " الشكل يتبع الوظيفة" .. ( Form Follow Function ) , ليست وظيفة المكان ( مسجد, مكتبة, جامعة .. إلخ ) , وليست وظيفة الفراغات, ( مكتب, نوم , سفرة ... إلخ ), ولكن الوظيفة النابعة من إحتياجات المستخدم, الحركية والنفسية والحسية. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الإنخفاضات والإرتفاعات التى تراها فى المبنى ( المدينة ) والتى صنعت مسار حركى صعوداً وهبوطاً يأخذك فى تجربة فريدة عند التجول بأرجاء المبنى, جاءت رداً على إحتياجات النشاطات الموجودة, فالمكاتب و المحلات لا تحب ضوء الشمس المباشر, فلما نضعها فى الزاوية الأكثر تعرضاً للشمس, فلنأخذها من هذه الزاوية ونرتفع بها فى الزاوية المقابلة, فاتحاً الرؤية للوحدات السكنية لللتمتع بالشمس, ولأشعة الشمس الدافئة لتملئ المكان , رافعاً الجزء الخلفى من المبنى لتعلو الوحات السكنية به لتأخذ نصيبها من الشمس هى الأخرى, إحتاجوا لمسار حركة يربط بين الشرق و الغرب بوسط هذا المبنى الضخم, إذاً لما لا نربطه فى نقطة, يمر بها هذا المسار, وتوفر نقطة تواصل للأنشطة الإجتماعية بالمكان ... تجد أمامك الرقم ثمانية باللاتينية يتكون, ليلبى كافة الإحتياجات. ويصنع مدينة كاملة بداخل مبنى, مدينة نابضة بالحياة. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مجسم المشروع والبرج
[youtube][/youtube]
منقول
فؤاد حسني الزعبي المراقب العام المميز
تاريخ التسجيل : 22/10/2011 العمر : 81 البلد /المدينة : فيينا - النمسا
هذه هى محركات هذا التصميم, والإبداع هنا أنه تعامل معها بكل بساطة ليلبيها كلها, كالمقولة الخالدة " الشكل يتبع الوظيفة" .. ( Form Follow Function ) , ليست وظيفة المكان ( مسجد, مكتبة, جامعة .. إلخ ) , وليست وظيفة الفراغات, ( مكتب, نوم , سفرة ... إلخ ), ولكن الوظيفة النابعة من إحتياجات المستخدم, الحركية والنفسية والحسية.
فن جميل مع مراعاة أشياء كثيرة بالنسبة للقاطنين وللمكاتب والمحلات التجارية. شكرا لك.
هذه هى محركات هذا التصميم, والإبداع هنا أنه تعامل معها بكل بساطة ليلبيها كلها, كالمقولة الخالدة " الشكل يتبع الوظيفة" .. ( Form Follow Function ) , ليست وظيفة المكان ( مسجد, مكتبة, جامعة .. إلخ ) , وليست وظيفة الفراغات, ( مكتب, نوم , سفرة ... إلخ ), ولكن الوظيفة النابعة من إحتياجات المستخدم, الحركية والنفسية والحسية. اتصور التصميم مع كل هذه المساحات الخضراء .حقا رائع رائع جدا شكرا لك .دوما راقية