أدبيات الحوار في الإسلام.
إن الناظر في أدبيات الإسلام بشكل عام يجد من البديهي انه يدعو إلى التسامح والرفق اللين والحوار والتناصح وليس فيه مجال للشدة والغلظة والعنف والإرهاب والتخويف والترويع وذلك لأنه دين الله العلي العظيم الرحمن الرحيم، وقد انبثقت دعوة الإسلام من هذا الرحم وقامت على هذه الأسس، وأما لفظة الحوار فهي من المُحاورة ؛ وهي المُراجعة في الكلام .وقد استخدمت هذه اللفظة في القران الكريم في قوله تعالى: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } (المجادلة:1) واما الغاية من الحوار فهي إقامةُ الحجة، ودفعُ الشبهة وتوضيح وجهات النظر وإزالة اللبس واللغط إذن هو تعاون من المُتناظرين من اجل معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها وفي ذلك يقول الحافظ الذهبي : ( إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه ، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ ) .
ومن أصول الحوار في الإسلام هو :
1- تقديم الأدلة المُثبِتة أو المرجِّحة للدعوى .
2- صحة تقديم النقل في الأمور المنقولة. وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة: ( إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مدَّعيّاً فالدليل ).
3- وفي التنزيل جاء قوله سبحانه : { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وفي أكثر من سورة:البقرة :111 ، والنمل 64.
{ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي } (الانبياء:24).
{ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (آل عمران:93).
ومن البديهيات أيضا التجرُّد، وقصد الحق ، والبعد عن التعصب، والالتزام بآداب الحوار: إن إتباع الحق ، والسعي للوصول إليه، والحرص على الالتزام؛ هو الذي يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء، أو هوى او ضلال ، أو الأتْباع. وكذلك لابد من التزام القول الحسن ، وتجنب منهج التحدي والإفحام:
إن من أهم ما يتوجه إليه المُحاور في حواره، التزام الحُسنى في القول والمجادلة ، حيث يدعونا رب العزة إلى الالتزام بالقول اللين الحسن:
{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَن }(الاسراء :53) .
{ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } (النحل: 125). { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً }(البقرة :83). ومن الأدبيات والأخلاقيات الهامة في الحوار هو حسن الاستماع وأدب الإنصات وتجنب المقاطعة: حيث يقول ابن المقفع: ( تَعلَّمْ حُسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام؛ ومن حسن الاستماع : إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه . وقلة التلفت إلى الجواب. والإقبال بالوجه. والنظر إلى المتكلم. والوعي لما ).
هذه بعض أخلاقيات وأساسيات الحوار وآدابه التي على المسلم إن يراعيها في حواره مع إخوانه وأقرانه ورفاقه وزملائه في العمل وأهل بيته وصولا إلى نتيجة نافعة وحاسمة ومفيدة له ولمجتمعه ولامته .
عن موقع رابطة أدباء الشام هايل عبد المولى طشطوش