كيف تجتازين بأبنائك بدايات المراهقة؟ دور الأم في رعاية الأبناء ونجاحهم في المرحلة المتوسطة (2-2)

كيف تجتازين بأبنائك بدايات المراهقة؟


دور الأم في رعاية الأبناء ونجاحهم في المرحلة المتوسطة (2-2)











تهاني الشروني






بعد
أن يتخطى الطفل المرحلة الأولى من الدراسة، بعدما تلقى فيها من أمه وأسرته
الرعاية والدراية ما يجعله يبدأ المرحلة المتوسطة من رحلته الدراسية وهو
يحمل هذا الرصيد من البناء والتربية، ولكن نظرا لطبيعة هذه المرحلة فهو
يحمل أيضا التوجس والترقب والخشية منها مع الرغبة في الإقدام عليها، وهنا
لابد أن تتحول الهمسات السابقة إلى نداءات لعلها تنير الطريق الجديد.





أيتها الأم الفاضلة..


في
هذه المرحلة لعلك تعلمين جيدا أن الدور الذي تقوم به الأسرة يختلف عن
دورها في المرحلة الأولى – الابتدائية-، لقد ازددت وعيا ولا شك أنك أصبحتِ
ملمة بما يحدث عموما في المدرسة، وكذلك اتضحت صفات كثيرة لطفلك وبدأت معالم
شخصيته في الوضوح بشكل أكبر.


أولا:
عليكِ أن تبذلي جهدا ووقتا كافيين حتى تكوني دائما على درجة من الثقافة
والاطلاع على ما يجري في المجتمع بصفة عامة، وما يراعيه المجتمع الخاص
المحيط بالأسرة حتى تصبحي واقعية في طريقة التربية والاستيعاب والتوجيه.





ثانيًا: ما تم غرسه في المرحلة الأولى المبكرة عليكِ تعهده وحمايته ليكتمل وينمو على الأسس السليمة والقيم السامية.





ثالثًا:
أهم ما يميز هذه المرحلة وأنت تستعدين لها أن تعلمي جيدا أن ابنك وابنتك
قد لا يشغلهما كثيرًا الدور الذي كنتِ تقومين به من الاهتمام بالتغذية
والنظافة وإرساء قواعد تحصيل الدروس، فغالبا ما يكون ذلك قد أصبح عادة أو
أمرًا سهلا وعاديًا في حياتهما.





رابعًا:
الآن أهم ما يميز هذا الدور أن يصبح ابنك صديقك، وابنتك صاحبتك، فالأبناء
في هذه المرحلة يبدؤون في تكوين صداقات، وطريقة اختيار الصديق في هذه
المرحلة تأخذ أسلوبًا ومنهجًا يختلف عما كان في الطفولة.





إن
بدايات تكوين الشخصية في هذه المرحلة تهز كيان أبناءنا وتحيط بهم وتدفع كل
واحد منهم أن يحاول بكل ما أوتى من مهارة أن يعلن أنه قد أصبح شخصية
مستقلة، وكثير من الأبناء من يستعجل في إعلان ذلك.. بل ويحارب في سبيله
وليس أمامهم غالبا إلا المخالفة، فإن تفكيرهم المبكر يُخيِّل إليهم أن هذا
هو الطريق.. فاحذري أن تقفي في وجه الخلاف، واحرصي على الاستيعاب والتفهم.


الفروق التربوية في التعامل مع الأولاد والبنات


خامسًا:
في إطار تميز الأدوار ليكن من المعلوم أن التعامل مع الأولاد في هذه
المرحلة يختلف عن التعامل مع البنات، فابنك يريد منك الحنان والمراقبة عن
بعد بحيث لا يشعر هو بهذه المراقبة.


وهنا
يأتي دور الهمسة التي ذكرتها في المقال السابق، والتي تدعو إلى إلمام الأب
بكل ما يحدث في مرحلة الطفولة، فكلما كان مطلعًا ومشاركا في المرحلة
السابقة، تكون الدعوة له ليقوم بدور حيوي في هذه المرحلة أيسر وأوقع.


فعلى
الأب أن يكون صاحبا لابنه .. تلك الصحبة التي تتميز بالذكاء والحب، وليعلم
الرجل الذي يقوم بهذا الدور سواءً كان أبًا أو وليًا للصبي أن عليه دور
هام في تربيته وتعليمه ورعايته.


وليعلم
أن الخلاف الذي كثيرًا ما يقع بين الآباء والأولاد في هذه المرحلة صحي
جدا، ولكن على الأب أن يحتوى هذا الخلاف مع التوجيه الدائم للابن أن له
صاحب أكثر منه خبرة هو سند له يأخذ بيده إلى مرحلة الرجولة، وألا يكون الأب
أبدًا معولا يهدم ابنه، ويلقى به في أحضان رفقاء السوء.


وعلى صعيد المدرسة يكون ظهور الأب أولى في التعامل مع المدرسين..


وأنت أيتها الأم الفاضلة عليكِ ألا تنسي أنك البلسم في هذه العلاقة التي تبث الحنان للابن وتعين الأب في أداء دوره.


التعامل مع الابنة:


أنت هنا مع طفلتك التي تقف على مرحلة اكتشاف ذاتها وأخذت تنمو أمامك وتتغير:


1ـ
احرصي كل الحرص أن تكوني لها صاحبة، الصاحبة التي تعلم كل شيء عن
صاحبتها، ولكنها لا تتدخل التدخل الذي يعيق النمو بالصورة الصحيحة.


2ـ ساعديها برعايتك وخبرتك على أن تكتشف نفسها، وعلميها كيف تصلح ما يكون له تأثير سيء في النفس والبدن.


3ـ
لابد أن يظل خط الحوار بينكما مستمرا مهما كان الخلاف، ومهما كانت مشاغلك
ومسؤولياتك، فلها الحق أن تكون أول هذه المشاغل والمسؤوليات.


4ـ
لاحظي عن قرب منها كيف تختار صديقاتها، وحين ترين أن إحداهن قد تلحق أى
ضرر بها فلا تستخدمي أسلوب الأمر والتهديد بالابتعاد عنها، ولكن الجئي إلى
الحوار والبيان لها حتى تتخذ هي بنفسها هذا القرار، فهذا يساعد كثيرا على
دوام الرابطة بينكما وازدياد ثقتها بنفسها.


5ـ بالطبع سيقل حجم دورك في المشاركة لها في المدرسة، ولكن أهميته ستتعاظم بالمتابعة والتدخل الذكي إذا لاح في الأفق شيء يدعو لذلك.


6ـ تابعي معها بعض دروسها وليكن هناك وقت بينكما خاص لذلك، خاصة إذا كنتِ على دراية ودراسة لمادة من المواد التي تدرسها.


7ـ
اجعلي لها بعض الحق في استقبال بعض زميلاتها في المنزل، وأشعريها بأنك
ترحبين بذلك، وكلما اكتسبت ثقتها في ذلك، وثقة زميلاتها قد يكون لك دور
رائع في زرع قيم كثيرة داخلهن فهن أمهات المستقبل.


8ـ
لاحظي نمو عقلها وجسدها، ولتكن لك بعض النصائح التي تفيدها، فما أسرع
النمو في هذه المرحلة، وما أسرع التغيرات.. وكلما كنتِ أنتِ المصدر الذي
تتلقى منه المعلومات عن جسدها وما يحث لها كلما كان ذلك صحي جدا. وليعلو
الآن نداء الهمسة التي دعت إلى تغير دورك بتغير نموها وعقلها ومرور الأيام
الدراسية.. ولذلك عليكِ أن تتعلمي الموازنة بين الإفراط في التدخل الدائم
والمباشر في حياتها المدرسية، وبين التفريط بألا يكون لكِ دور في مشكلاتها
وما تواجهه في المدرسة ومع زميلات الدراسة والمعلمات.


9- لا تنسي مشاركة أبنائك في هذه المرحلة في بعض هواياتهم، وقضاء أوقات فراغهم بالقدر الذي يسعدهم ويفيدهم، ويقرب بينكما.


10ـ
وفى كل ذلك يجب أن يتحول ما كنتِ تقومين به من تحصين لأطفالك، وتعليمهم
الذكر واتباع الهدى النبوي الشريف إلى سمة دائمة لهم في هذه المرحلة، فقد
تعلموا كيف يحصنون أنفسهم بالأذكار، وكيف يداومون على أن يحفظوا أنفسهم
بأن يحفظوا الله في أقوالهم وأعمالهم ويقظتهم ونومهم وحركاتهم وسكناتهم،
وأن تحيطي كل ذلك بالدعاء.