الأكاديمية للفنون المصرية

موضوع: الأكاديمية للفنون المصرية 2/15/2013, 21:29

خلفية تاريخية
الأكاديمية للفنون المصرية Raghib_yousef

فى منتصف القرن الثامن عشر، نبتت فكرة إقامة الأكاديمية المصرية الملكية للفنون فى ذهن المصور الشاب راغب عيــاد، وكان مبعوثاً فى رومـــا على نفقة زميله الفنان يوسف كامــل، عندما لاحظ إهتمام العديد من الدول الأوروبية بإقامة أكاديميات لأبنائها من شباب الفنانين فى رومــا ، حيث يجدون مكاناً لإبداعهم ورعاية مواهبهم تحت إشراف فنانين متخصصين.

كتب راغب عيــاد فى يوليو 1924 خطاباً إلى أحمد ذوالفقار وزير مصر المفوض فى روما آنذاك، شرح

فيه تاريخ وحضارة مصر العظيمة، وأشاد بآثارها الخالدة المنتشرة فى أنحاء العالم، وحكى له:
“يوجد لمعظم الأمم الراقية فى روما نوعاً خاصاً من الأكاديميات يضم طلاب الفنون لإتمام دراستهم ، وهو عبارة عن بناء فخم يحتوى على مراسم لكل نوع من أنواع الفنون حجرة خاصة ، ثم أماكن لسكن المشتغلين بالفن ، وتقوم الحكومات بكافة النفقات اللازمة لإرسالياتها، علاوة على ذلك فإنها تمنحهم مبالغ معينة للوازمهم الخاصة ، وفى نهاية كل سنة يقام معرض توضع فيه أعمال الفنانين التابعين لكل أكاديمية ، ويفتتح هذا المعرض ملك إيطاليا مع وزرائه فيمتعون الأنظار بها ويشجعون الطلبة . وطالب راغب عياد الوساطة لدى حكومتنا لكى تجعل لها معهداً على الطراز الموجود لسائر الحكومات فى رومــا يضم بين جدرانه الفنانين الذين على أهبة الإستعداد للإلتحاق به ، على أن يكونوا قد أتموا دراستهم الأولية فى مدارس مصـــر، وبهذه الوساطة يجدون مجالاً للتوسع فى تعـــليم الفنــون ومعرفة وقائعها”
لقى هذا التقرير قبول وزير المعارف ، وموافقة مجلس الوزراء على إنشاء أكاديمية بروما أسوة بباقى الدول التى لها معاهد فنية مثل : فرنسا وإنجلترا وأمريكا و ألمانيا وبلجيكا وأسبانيا و رومانيا و الدنمارك و غيرها، تكون مركزاً للنابغين من طلاب الفنون الجميلة الذين يوفدون إليها.
مولد الأكاديمية
الأكاديمية للفنون المصرية Historical_01

كان مولد الأكاديمية المصرية الملكية للفنون عام 1929 ، عندما أختير أول موقع لها على أطراف منطقة حدائق بورجيزى يسمى جناح الساعة وبقيت فى هذا الموقع لمدة عام واحد فقط ، نقلت بعده إلى قصر كوللو أوبيو عام 1930 ، وهو مبنى قديم يقع وسط حدائق واسعة تقع على أطلال سراى الإمبراطور نيرون بإسم القبة الذهبية بالقرب من الكولوسيوم.

وعين الفنان سحاب رفعت ألمظ: مسئولاً عن الأكاديمية ، وكان وقتئذ مبعوثاً لدراسة الفنون على نفقة الملك

فؤاد الأول. وفى نفس العام ، قدمت الالظلم والطغيانة الدبلوماسية الإيطالية بالقاهرة مذكرة للحكومة المصرية ذكرت فيها :“أن حكومة صاحب الجلالة ملك إيطاليا مستعدة لمنح مساحة من الأرض فى وادى جوليا حيث توجد مبانى معظم الأكاديميات ، وذلك لبناء الأكاديمية المصرية ، مقابل مساحة أرض تمنح من حكومة صاحب الجلالة ملك مصــر لإيطاليا لإقامة معهد لدراسة الحفريات فى القاهرة.”
وقد عرفت الأكاديمية بأنها : “مؤسسة حكومية تابعة لوزارة المعارف المصرية الملكية تقدم للفنانين المصريين المختارين -من خلال مسابقة - الفرصة للإتصال بزملائهم من الجنسيات المختلفة ، وليدرسوا فى رومــا التاريخ والأعمال الفنية الكلاسيكية الإيطالية وعلى وجه الخصوص عصر البداية “. يمكث الموفدين مدة لا تقل عن عامين ينتجون خلالها أعمالاً فنية تعرض سنوياً فى معرض تنظمه الوزارة بالقاهرة. وتتولى الإدارة العامة للفنون الجميلة بالقاهرة وضع البرنامج الأكاديمى الذى يتعين على الموفدين إتباعه بالإضافة إلى مقررات فى اللغة والتاريخ ومنح دراسية تقدم للرسامين و المثالين و المعماريين ممن أنهوا دراستهم فى رومـــا تتمثل فى رحلات علمية لمدة شهرين فى المدن الإيطالية التى تضم أهم الأعمال فى المجال الفنى

وجانب كبير من النفقات اللازمة لهؤلاء الفنانين الموفدين إلى رومــا ، خصصها الأمير يوسف كمــال كهبــة،

وهو الذى أنشأ مدرسة الفنـــون الجمــــيلة بالقاهرة عام 1908 و أنفق عليها حتى عام 1925
العــــــــام الأول
وفى عام 1930 بدأ العام الأول ، بإيفاد خمسة من الفنانين الشبان (إثنين من المعماريين ، وإثنين من المثالين ، ومصــور). قدم المعماريون مشروعات مختلفة تناولت الفن المعمارى الكلاسيكى للعصر المتقدم، والذى تغتنى به رومــا ، كما تابعوا أعمــال الترميمات لبعض الآثار الرومانية و الرسومات المائية و المناظر الطبيعية ، أما المثالون والمصور فقد تابعوا نماذج من الفن الكلاسيكى القديم ، ودرسوا حقائق التكوين والنماذج المختلفة من أجمل معالم الحضارة و التقدم فى الفن الإيطالى ، واضعين دائماً وجهات نظرهم وإحساسهم الفنى. وفى الأعوام التالية ، أقبل العديد من شباب الفنانين وكونوا الرعـــيل الأول للفنون.

إستغرقت المراسلات بين الحكومتين المصرية و الإيطالية مدة خمس سنوات ، وظل هذا المبنى مقراً للأكاديمية حتى أوائل الستينات ، عندما إنتقلت إلى مقرها الجديد بوادى جوليا.

من عام 1974 حتى 1958
الأكاديمية للفنون المصرية Abdelqader_2

وفى عام 1947 صدر القرار الوزارى بتعيين أول مدير رسمى للأكاديمية الملكية المصرية للفنون ، وهو الفنان الـــرائــــد محمد ناجى وكان مديراً لمتحف الفن الحديث ، وبعد ثـــــلاث سنوات تـــم تعييــــن المثـــــال عبد القادر رزق من عام 1950 حتى عام 1955 ، الذى بذل مساع كبيرة لإحياء الإتفاقية الخاصة بتبادل قطعتى الأرض بين مصــر و إيطـاليا ، بعد أن قامت مصر بإلغاء هذه الاتفاقية عام 1937. عقب حرب إيطاليا مع الحبشة، وظلت ملغــاه حتى عام 1950 ، وقد وافق الدكتور / طــه حســين عميد الأدب العربى ووزير المعارف وقتئذ، على إعادة الإتفاقية وإعتمد مبلغ عشرون ألف جنيه للبدء فى بناء الأكاديمية ، وقد تولى أيضاً إدارة الأكاديمية فى هذه الفترة ، الفنان محمد حســن لمدة ثلاث شهور فى عام 1952 ، ثم عين السيد صلاح يوسف كامل المدرس بمدرسة الفنون الجميلة العليا عام 1956 مديراً للأكاديمية بالإضافة إلى أعماله كمستشار ثقافى لمصــر فى إيطاليا ، والمشرف على تنسيق المعارض فى أوروبا.
ولما جاءت ثورة يوليو 1952 رأت إسرافاً فى جميع مرافق الإدارات الحكومية ، فأوقفت الإعتمـــــــادات وتأجل المشروع مرة أخرى، وفى عام 1957 بدأ السيد صلاح يوسف كامل مساعيه لتنفيذ الإتفاقية السابقة ، وفى عام 1958 نجح بمعاونة السيد ثروت عكــاشة سفير مصر فى إيطاليا آنذاك فى تقديم المشروع وعرضت الحكومة المصرية على الحكومة الإيطالية قطع أرض مختلفة للإختيار منها.
بناء الأكاديمية
الأكاديمية للفنون المصرية Historical_02

وفى بداية عام 1959 ، تم توقيع أول إتفــاق رسمى للعلاقات الثقافية مع إيطــاليا ، وبدا وضع الرسوم المعمارية فى عام 1960 ، وشرعت مصــر فى بناء الأكاديمية عام 1961 ، حيث وضع حجر الأساس للمبنى الذى تم الإنتهاء من بناءه آخر عام 1965.

الأكاديمية للفنون المصرية Historical_03

وبدأت الأنشطة الفنية والثقافية بالأكاديمية فى يناير عام 1966 ، بموقعها الجديد بشارع أوميرو بوادى جوليا بحدائق بورجيزى، ومن أهم ما تم تحقيقه فى هذا الوقت هو تخصيص ميدان صغير بالقرب من الأكاديمية يحمل إسـم أمير الشعراء أحمد شوقى ويطل على هذا الميدان تمثال الشاعر المصرى الذى نفذه المثال الشهير جمال السجينى.
الأكاديمية للفنون المصرية Academy_begins

الأكاديمية للفنون المصرية Academy_begins

إستمر صلاح يوسف كامل مديراً للأكاديمية حتى عام 1979 ، عندما تولى إدارة الأكاديمية السيد صالح غنيم عبدون الذى كان مديراً لدار الأوبرا المصرية ، وفى عام 1983 تولى إدارة الأكاديمية الفنان فاروق حسنى الذى عين وزيراً للثقافة عام1987 ، ثم تولى بعده الإدارة عام 1988 الفنان مصطفى عبد المعطى الذى كان يشغل منصب مدير المركز القومى للفنون
فى عام 1995 عين الدكتور مجدى قناوى أستاذ الفنون الجميلة بالأسكندرية مديراً للأكاديمية ، وتلاه فى عام 2000 الدكتور فاروق وهبة أستاذ الفنون الجميلة بالأسكندرية ، ثم تولى الأستاذ سميرغريب الذى كان مديراً لدار الكتب المصرية إدارة الأكاديمية عام 2002 حتى عام 2004، ثم تولى إدارة الأكاديمية الدكتورأشـــرف رضــا أستاذ العمارة الداخلية بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة من بداية عام 2008.
الأكاديمية للفنون المصرية Historical_04

فى يوليو عام 2008، بدأ العمل فى المشروع الكبير لتجديد وتحديث مبانى الأكاديمية، والذى يعتبر نقلة معمارية ووظيفية كبيرة، حيث شمل التطوير إستحداث عناصر جديدة بالمبنى مثل متحف الآثار المصرية بروما، وقاعة معارض الفنون التشكيلية ومتحف الفن المصرى الحديث، ومتحف الإيچبتومينيا (الولع
الأكاديمية للفنون المصرية Academy_new_2011

الأكاديمية للفنون المصرية Academy_new_2011

بالمصريات) والذى يضم مجموعات مختارة من الأثاث المصرى على الطراز الفرعونى من مقتنيات الملك فاروق الأول ملك مصر السابق.

الأكاديمية للفنون المصرية Theater_thumb

كما شمل المشروع تحديث مبنى الإدارة وقاعة السينما والمسرح والمؤتمرات، والمكتبة وصالات الاستقبال وغيرها....
كذلك شمل التطوير مراسم واستراحات شباب الفنانين وأجنحة الإقامة لضيوف الأكاديمية والخدمات الملحقة بالمبنى الفندقى من قاعة المطعم والمطابخ الملحقة بها
الأكاديمية للفنون المصرية Studio_thumb

والمغسلة وغرف المبيت بالإضافة إلى قاعة متعددة الأغراض للاجتماعات والمحاضرات.
وقد قام بالتصميم المعمارى لمشروع الأكاديمية الجديدة المعمارى المصرى الشاب حاتم السعيد بمعاونة فريق المكتب المعمارى إيطالى «بنديتو تودارو» ومعاونوه

الأكاديمية للفنون المصرية Library_thumb

وقام بتصميم أعمال العمارة الداخلية للأكاديمية الدكتورأشرف رضا - مدير الأكاديمية.
وفى يوليو 2011 عين المعمارى أحمد مصطفى ميتوأستاذ العمارة بكلية الهندسة مديراً للأكاديمية.

شكرا لك موضوع رائع ومعلومة جديدة بالنسبة للكثيرين وخصوصا بهذا التسلسل الزمني والتجديدات التي حصلت على الأكاديمية

كان مولد الأكاديمية المصرية الملكية للفنون عام 1929 ، عندما أختير أول موقع لها على أطراف منطقة حدائق بورجيزى يسمى جناح الساعة وبقيت فى هذا الموقع لمدة عام واحد فقط ، نقلت بعده إلى قصر كوللو أوبيو عام 1930 ، وهو مبنى قديم يقع وسط حدائق واسعة تقع على أطلال سراى الإمبراطور نيرون بإسم القبة الذهبية بالقرب من الكولوسيوم.

تقرير جميل بمعلوماته عن الأكاديمية للفنون المصرية من فترة ظهور الفكرة ولغاية الوقت الحاضر وما طرأ عليها من تجديدات وتطورات في تسلسل رائع
شكراً للطرح الرائع

» لبناني يحول ملجأ عمره 400 عام إلى كهف للفنون
» عمل فني مدهش في الغردقة في الصحراء المصرية ..
» العمارة المصرية
» اكتشاف نهر على الحدود المصرية الليبية
» اسرار طبية للفراعين المصرية