العالم السحري للمراوح اليدويةاذا كنت تريد أن تملك لمسة من الجمال
أوتضفي إلى حياتك همسة من النسيم العليل
إذا كنت تريد ان تتعرف على الكون
فادخل معي إلى العالم السحري
للمراوح اليدوية
احتلت بعض الأشياء مكانة رفيعة في تاريخ البشرية
ومثالها المراوح اليدوية
فشكلت تلك المراوح منذ ظهورها وعبر مراحل تطورها
وطريقة تعاطيها مع الأشكال والألوان المتنوعة
فناً متميزا ارتبط بالحضارات البشرية المختلفة
كما أن بعضها كان بمثابة لوحات تشكيلية أصيلة
رسمها فنانون مبدعون
وعبر مرور السنين تفنن صانعو المراوح اليدوية
في استخدام مختلف الخامات
التي قدموا منها أشكالا عديدة تعد في ذاتها قطعا متفردة
ولم يقف الابتكار عند حدود جسم المروحة ذاته
وإنما امتد ليشمل اليد التي كانت تصنع من العاج
أو الصدف وأحيانا من الذهب المطعم.
وقد عرفها المصريون القدماء منذ وقت حضاري مبكر
حيث دلت الرسومات المنقوشة على جدران المعابد والمقابر
على أن الفراعنة استخدموها في إطار الحياة اليومية
وكان أشهرها المصنوع من الأبنوس
ولعل أقدم أشكال المراوح اليدوية هي التي عثر عليها
في مجموعة توت عنخ أمون 1334-1325 ق.م.
فوجد بعضها مصنوع من الذهب
واحتوت على صور ومشاهد من حياة الفراعنة.
كما تبين أن الصين امتلكت أقدم تصميم معروف حتى اليوم
حيث يعود إلى القرن 6 ق.م
وكانت مصنوعة من الريش
ووجد فيها بعض المراوح اليدوية المتطورة
عن الأولى والعائدة إلى القرن 2 ق.م
واستخدمتها بعض الشعوب كأداة لإبعاد الحشرات عن الزعيم
وتحولت المراوح إلى إكسسوار أنثوي زمن الإغريق
ودخلت في طقوس الكنيسة البيزنطية الشرقية.
وصنعها العرب بداية من خوص النخيل
ظلت المراوح اليدوية تصنع بشكل ثابت وبأشكال متقاربة
إلى حين اخترع اليابانيون المروحية التي تطوى ويمكن
وضعها في الجيب
وربما ابتكر المخترع الياباني هذا الأنموذج بعد أن لاحظ
الطريقة التي يطوي بها طائر الوطواط جناحيه.
ويلوِّن الفنانون اليابانيون المراوح عادة بألوان زاهية
ويستخدمونها في الرقصات أثناء الاحتفالات
وانتقل شكل المروحة إلى الصين.
وتلقفها البحارة البرتغاليون عام 1540 منها
وأدخلوها إلى البلاط الأوروبي من خلال سوق لشبونة
أكبر أسواق الجملة في ذاك الزمان
وأقبلت نساء أوروبا على المراوح الملونة واستخدمنها.
ولفترة قصيرة، خلال عصر لويس 15 ملك فرنسا
حمل الرجال أيضا مراوح مطوية أنيقة
ولكنها ظلت مقتصرة على الطبقات الأولى
في المجتمعات الأوروبية.
وكانت بداية القرن 18 هي الظهور الحقيقي لتلك المراوح
حيث أصبحت جزءا هاماً في ملابس النساء
وتوغلت المراوح اليدوية بعمق في صناعة الموضة.
كما عبرت عن الطبقات الاجتماعية لمقتنيها
واستخدمتها النساء للإيحاء بحركات ورسائل دون الحاجة للحديث
فأصبح شكل المروحة وطريقة استخدامها وألوانها لغة جديدة
تطلقها السيدات للمعجبين
أي مروحة توضع قريبا من القلب ، كانت تعني: لقد فزت بحبّي
أخفاء العيون وراء المروحة يعني: أحبّك
مروحة مغلقة : تعني الشك أو الرفض
مروحة صغيرة مفتوحة على راحة اليد: تعني الإنتظار
مروحة مفتوحة وتلمس الأذن اليسرى :كن حذراً
مروحة مطوية تهدف إلى الرجل: الإبتعاد لإعطاء الطريق
مروحة مغلقة حتى لمس الشفاة: اسكت ونحن نستمع
بينما فتحها وإغلاقها عدة مرات يعني أنت قاسي
أما قيمة اللون في المراوح اليدوية فهي تعني التالي
الأبيض : البراءة
الأسود : الحزن
الوردي و الأزرق : الحب الإخلاص
الأحمر : الفرح والسعادة
مطرزة بالذهب : الثروة
الأصفر: الحرمان
الأخضر :أمل
فضية مشجرة : التواضع
وتمكن الفنانون الأوروبيون من مزج سحر ألوان
المراوح الشرقية بفخامة الفن الأوروبي
حتى غدت تلك الصنعة من الصناعات الاحترافية
في تلك المجتمعات خاصة بعد أن أضاف لها الفنانون
أوراق اللوتس وريش الطاووس وجلد البجع
وصنعت مقابض المراوح اليدوية من العاج
والعظم والخشب والصدف وعظام السلاحف
وخشب الصندل.
كما أنها استخدمت للدعاية التجارية
وتدوين النوتات الموسيقية والأغاني في إنجلترا وفرنسا.
أصبحت المراوح أداة لنشر الأفكار السياسية
خلال الثورة الفرنسية.
وانتشر العمل بحرفة المراوح في القرن 19م
إلى مشاهير الفنانين وكانوا يصنعون المراوح غالية الثمن
من جلد الحمير الوحشية الصغيرة أو من الرق أو من الحرير
ودخلت ضمن لوازم أثاث القصور،
وحملها الحراس للترويح بها عن السلاطين
وانتشرت المراوح في إسبانيا وإيطاليا
وأولعت بها ملكة فرنسا «كاترين دو ميديسيس»
وانتشرت عادة حمل المروحة بين النساء الإسبانيات
اللواتي تفنن في ألوانها وأشكالها
وكلما كانت المروحة متقنة الصنع وثمينة
كلما دل ذلك على ثراء تلك السيدة وانتمائها
إلى طبقات المجتمع الأولى
ونظرا لمكانة المراوح اليدوية وتاريخها العريق
أنشأت بريطانيا متحفا خاصا بها بمنطقة كرومز هيل سنة 1721.
وظهر الكثير من الهيئات الأخرى المهتمة بالمراوح اليدوية
من بينها «جمعية المراوح اليدوية» في أميركا الشمالية
ومتاحف أخرى في فرنسا وألمانيا وإسبانيا
وغيرها من الدول الأوروبية الأخرى.
وكذلك فإن هناك العديد من الكتب والدراسات
التي تتناول المراوح بالدراسة والتحليل
سواء بالحديث عن تاريخها وأشكالها أو إيماءاتها.
فلذلك تعامل بعض هذه المراوح معاملة القطع الفنية النادرة
التي تشكل ركناً أساسياً في المتاحف العالمية.
واستعادت المراوح اليدوية تألقها بعد أن باتت ردحاً
من الزمن أسيرة المتاحف وكتب التاريخ
كما استرجعت أدوات ونماذج صنعها من عصور وحقب سالفة
فأصبحت المروحة اليدوية خاصة في المجتمعات الأوروبية
إحدى الإكسسوارات اللازمة لكل سيدة تبحث عن كمال أناقتها
فدخلت في دور الأزياء والتصميم
خصوصا المصممين الشبان الذين يعتبرونها
أداة تعبير شخصية مميز
فالمراوح بحسب الدعاية المسوقة لها
هي أنموذج للهدية الظريفة
في جميع المناسبات والاحتفالات
فعرضت إحدى المصممات الفرنسيات أكثر من
15 أنموذجاً لتناسب العدد الأكبر من الأذواق
فظهرت المراوح المطعمة بحبات الكرز
أو قطع السكاكر الملونة
وأخرى ذات اللون الواحد
خاصة السوداء أو البيضاء
وبرزت مراوح قبضاتها من خشب الورد والجوز
والتفاح والأجاص والأراسيا والكستناء
والأبنوس الإفريقي والخيزران
أو من الصدف الياباني أو العاج الهندي
والإفريقي أو العظم، وقرون الأبقار
وانفردت في هذا المجال المراوح الإسبانية
خاصة مراوح مدينة فالنسيا
التي عرفت شهرة واسعة في الحرفة
منذ النصف الأول من القرن 19.
وأصبح لتلك الحرفة المحال الخاصة بها
وتوارثها الأجيال حتى ارتبطت ثقافة بعض
العائلات الإسبانية العريقة
بتاريخ تلك الحرفة
وفي الوقت الحالي تشتد المنافسة بين العروض
الإيطالية والفرنسية من خلال تصاميم إبداعية
تتناسب مع التغيرات في أمزجة الأوروبيات
والخطوط العريضة للموضة وانقلاباتها المتسارعة.
وهي محاولة قوية لمنافسة إسبانيا والصين
المنتجان الوحيدان في العالم للمراوح بكمية كبيرة
وبأسعار زهيدة معتمدتان على تبني دور الأزياء الراقية
للإكسسوار القديم وإعادة تشكيله بشكل عصري.