.
. سأصنع رجلا لا يحبه غيري ، ليس هو في شيء سوى لقبه .. لن أحتفظ بمرارة اختياراته اللاعادلة ، سأغير كل شيء حتى يتسنى لي أن أعيش ما يحلو لي ، أن أنفرد به حين أشتاقه ، أن أحبه في صمت لا يكسره سوى طقطقات الحروف المهاجرة من مخيلتي نحو قصاصات الورق متكئة على قلم ، سأتركه هو و شأنه ، لانه في البعد أجمل و قصصي على الورق أجمل من أن تعاش في واقع مخز كهذا ..فقد خابت كل توقعاتي حين عقدتها عليه ، الآن أعقد كل آمالي على نفسي و فقط.. فما زال يهمني وجود أشلاءه حولي ، صوته الذي سوف يؤوب
[rtl] [/rtl]
الصوت صوته ، هو الناطق باسم الحب ، الغناء غناءه ، أسمعه كل مساء ، لا زال يتردد في أذني نداؤه "حبيبتي ، حبيبتي ، حبيبتي ..." لا زال صمتي يتردد أيضا ، لا زلت أتحسس صمتي آنذاك ، عجزي عن الرد ، صوته يوغلني في صمت شديد الحرارة ، صمت به حريق ، صمت الرماد ، صمت شيء ما أحرق و أحرق و أحرق .. ثم أعيد للحياة .. أتذكر سؤاله" لماذا لا تردين حبيبتي؟" .. لانني أسمعك ، لأنني أكثر الحديث عنك في غيابك ، و عند حضورك أترك الكلام كله ، لا أشتهي في حضورك الا صمتا بالغا في فن الحديث ، عادة ما أكون وافرة الجنان و أنا أحدثهم عنك ، جريئة الصدر عند بداية اللقاء .. حالما تعبي كتائبك و تزحف بعسكرك المحكم التدريب نحوي ، أرخي حبالي الصوتية ، و ابدأ عادتي المجنونة ؛ أهيم في غزلك حتى الصميم ، لو تدري فقط كم أحن الى غزلك يا هذا .. كم من غريب اختزل في نفسه تلك التي تأبى الخضوع ؟ كم من جثة راحل اختارت جسده منزلا لها؟ أتساءل ،بعد أن صار جثمانا مهترئا صدئا في فكري ، بعد أن صار ذكره دائما متبوعا بالترحم ، اخترت له ميتة أخرى ، اخترت له أن يهتور في قلبي ، أن يرأس هيئة صناعة الجوى ، أن يجهز و يؤثث برزخه بنفسه ، ذوقه يحتويني ، حتى في ميتته تركت له حق تجميل ما لا ينفع تجميله.. يزينه كل شيء فيه ، عيوبه التي يسميها الناس عيوبا ، أرى فيها ميزات ، أرى فيها خبث الزمن يسجد متضرعا إياه ، طالبا منه المغفرة .. أرى فيه ملاكا .. أرى فيه كل شيء جميل .. أرى فيه أحب الاشياء الي ، أرى قهوتي المسائية ، ارى فيه قلمي ، أغاني التي لا تفارقني ،كتبي و مذكراتي ، نفسي و هيأتي ، انا و هو، صمتي الفوضوي ، كل شيء يرافقني أبد الزمن .. أسلى غمي لما سمعته أول مرة ، احترت من عذوبة صوته ، من رصانته ، من هدوئه المفجع ، هدوء لم أجده في سالف و لا خالف .. رقيه و فخامته ، وحدته التي تغنيه عن رفقة البشر ، كأنما يتعالى عن الشبهات ، و الشبهات تجثم في ناصيته .. إغراؤه و ذكاؤه ، تملكه من كل شيء ، الشرور التي ينطق بها و يلوح بها من عينيه .. ابتسمت ملء قلبي ، ضحكت ، حاكيت الطفولة ، أعدت الزمن الجميل ، ركضت الى الخلف ، و من يدري إن كنت سأعود أبدا ؟؟ .. روحه المتعجرفة تتأنق في الاستعباد ، ترضي البؤساء من مثلي بزنزانة و مشروب الكثب عندما يسبل الليل ستره ، يواري ضعفه و حبه و كل شيء فيه في الظلام ، يشبه العتمة شبها ضريرا ، يقلد الليل تقليدا أعمى ، يسايره و يجاريه ، نعم القدوة حين تخلق أمثاله .. الليل حين يعلمه كيف يتمطى بصلبه ، كيف يضرب بخيله و رجله ، كيف ينشر أجنحته و يلقي عصاه و ينصب شرعه .. حين يعلمه كل هذا بالله عليه كيف يعلن رغبته في رحيلي ؟؟ كيف يسوقني الى جحيم الشطط ؟ كيف يتحدث عني ب "كانت" ولا زلت "أكون" من أجله و به فقط ؟؟ كيف يحبذ البين و انا للدنو أَمَة ؟؟ .. تخلى عن أسراب الشوق ليلقى الأذية .. أحب غيري أو ربما قال الحب فقط للخلاص .. لست بعبء على أحد ، فثقلي أحس به قبل أن يحس به الآخرون .. الانسحاب في سكينة أفضل من جرم تدنيس الكرامة .. أنا في النهاية ابنة لرجل علمني التعفف ، أزهو بقدري و أعلمه قبل أن أتيه في أخلاقيات بني البشر ، لا أنخدع بصور اخذوها عني بعدسات دنيئة ، لا حاجة لي بها فلا تزيدني الا بؤسا ، أنعم بصراع داخلي يفضي الى القناعة .. متناقضة حد الازدواجية ، أحب بعمق و اتصنع الحب ، أعامل كل واحد بأسلوب ، شخصيتي واحدة و أساليبي متنوعة ، لست بريئة و لا أدعي البراءة ، متمردة و عاصية ، لكل ما لا أهواه في نفسي وقع الخطيئة ، أحن و أنصرف ، أقسو و يغترفون مني جرعات الرأفة ، منصتة للغاية ، أتقبل شريطة ألا ترفض مناعتي ، الأمراض غالبا ما تسكن جسدي الوهن ، و حدها امراض العقليات أولد لها مضادات حيوية ، لا أحب العدوى و التبعية ، أصغي كثيرا لمآسٍ لا أعيشها بل و أصنعها ، أفترض لها حلولا ، ذلك لأنني لا أضمن أن أعيش إلى أن أحظى بفرصة اختبارها ، لا أكل من تمثيل ما لا يحدث فعلا كي يفتح لي المجال لتطوير خبرتي المجازية ، قوية ،و أضعف من الضعف نفسه في حضرة من أحب ، و أكثر في حضرته هو أو شيء مما تركه
رأيكم ؟؟؟؟