يرجع تاريخ تأسيس حديقة ماجوريل التي تحمل اسم مؤسسها الرسام الفرنسي جاك ماجوريل إلى سنة 1917 حين قدم هذا الرسام إلى مدينة مراكش التي سحره جمالها وبساطة عيش أهلها إلى جانب كون مناخها يلائم صحته المعتلة وابتداء من سنة 1923 بدأ الفنان ماجوريل في تشييد مسكنه على الطريقة المغربية الأندلسية وسط الحديقة، مستلهما شكله وهندسته من قصور أعيان جبال الأطلس المتميزة بالأقواس والقباب والأبراج حيث جاء تشييد المسكن متأثرا إلى حد كبير بالأنماط الهندسية لفنون العمارة الإسلامية الأصيلة. وفي سنة 1937 أقدم الرسام الفرنسي على صباغة مباني الحديقة بلون أزرق ناصع وهو ما فاجئ سكان المدينة الحمراء حيث تم إطلاق اسم أزرق الماجوريل على هذا المستوى من اللون الأزرق في اللغة الفرنسية نسبة لهذه الحديقة... وكانت الحديقة وقتها تنعت باسم «فيلا بوصفصاف» نسبة إلى شجر الصفصاص الباسق الذي كان يغطي المساحة التي تشغلها الحديقة والتي جلب إليها الفنان الراحل المئات من النباتات النادرة والأغراس الغريبة التي تقدرها الإدارة الحالية للحديقة بحوالي 1800 نوع قادمة من القارات الخمس . [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
باتت حديقة الماجوريل في مدينة مراكش واحدة من أجمل وأشهر حدائق المغرب، جمال يعكسه ضم الحديقة لأكثر من ثلاثمائة وخمسين نوعا من النباتات جلبت من القارات الخمس، وشهرة اكتسبتها من نثر رماد جثمان أمير الموضة الراحل إيف سان لوران فوق تراب الحديقة.
مصدر إلهام أمير الموضة
فبين أحواض الحديقة المائية ونباتاتها العالمية ونافوراتها الإسلامية صممت أشهر موديلات الموضة العالمية، فإيف سان لوران كان يستلهم تصميماته من جمال وألوان النباتات، ومجموعته المعروفة بتشكيلة بوغافييه اختزلت الحديقة في تصاميم الموضة.
الحديقة التي كانت في ملكية الرسام الفرنسي جاك ماجوريل اشتراها، ثم إيف سان لوران وصديقه رجل الأعمال الفرنسي بييار برجيه قبل ثلاثين عاما وأنقذاها من الهدم وحماها من جشع المضاربين العقاريين الذين كانوا ينوون هدمها وبناء عمارات فوقها.
ويقول برنارد سانز المدير الفني للحديقة إن كل تصاميم الموضة لإيف سان لوران صممت بحديقة الماجوريل وذلك بتأثير الألوان وتأثير المغرب كذلك، وهو ما يلاحضه الجميع في تصاميم سان لوران.
تختزل حديقة الماجوريل جزءا من تاريخ النباتات عبر العالم، فنباتاتها بأنواعها الثلاثمائة وخمسين جلبت من القارات الخمس لتتعايش في مناخ مراكش الجاف، نخيل بشتى أنواعه بما فيه الصيني والكوبي، وصبار بأشكال مختلفة من أمريكا الجنوبية وآسيا وافريقيا، والخيزران من أوقيانوسيا والصين والزئبق المائي واللوتس والبردي تزين الأحواض المائية.
وقال يوسف جلاب رئيس بستانيي حديقة الماجوريل للبي بي سي إن الحديقة تشكل حوارا لثقافات الطبيعة وداخلها يتعايش أكثر من ثلاثمائة وخمسين نوعا من النباتات والأشجار في مناخ يختلف كثيرا عن مناخ موطنها الأصلي.
ويخضع جناح المنزل الذي كان يقطنه إيف سان لوران لإصلاحات إضافية قبل افتتاحه بشكل رسمي أمام الزوار في يونيو القادم ، فالمنزل بني على الطراز المغربي الأندلسي، ويضم تحفا نادرة ولوحات فنية اشتراها سان لوران بالإضافة إلى بعض تصاميه الشهيرة.
تعرف حديقة الماجوريل بلمهمة الفنانين والرسامين العالميين، فقد ارتبطت أيضا باسم الرسام الفرنسي الراحل جاك ماجوريل وهو أول من اشترى الحديقة وصممها وفق ذوقه الفني.
ويطغى عليها اللون الأزرق المعروف بأزرق ماجوريل، فالرجل الذي كان يملك الحديقة حولها إلى مرسم دائم قبل مماته وجعل منها لوحة تختزل ما يعرف بتيار الفن الجديد، وهو من رسم كل الخطوط والفسيفساء التي تغطي جدرانها.
وجاء جاك ماجوريل إلى مدينة مراكش في عشرينيات القرن الماضي بحثا عن مناخ جاف يشفيه من مرض رئوي كان أصيب به، واستقر بما كان يعرف أولا بمنزل ماجوريل قبل أن يفصل المنزل عن الحديقة ويفتحهه أمام الزوار.
ويقول برنارد سانز المدير الفني للحديقة إن حديقة الماجوريل لم تصصم على شاكلة الحدائق التقليدية بل كحديقة رسام، وإدخال الألوان والريشة يحملان بصمات ماجوريل، فجمال الحديقة حسب برنارد مستوحى من يد فنان لا يد بستاني.
يتوافد على حديقة الماجوريل يوميا أكثر من ألف سائح أجنبي ، بعضهم يأتي خصيصا لزيارة موطن إلهام إيف سان لوران واكتشاف النباتات الفريدة التي يقولون إنها تلخص العالم في حديقة.
ويقول فانسون روكوردو، وهو سائح فرنسي، إن فرنسا تضم حدائق جميلة لكن الفرنسيين لا يترددون في ركوب الطائرة للإستمتاع بجمالية الأشجاروالنباتات والتصميم العام لهذه الحديقة.
ويتوقع المشرفون على الحديقة ارتفاع عدد الزوار بعد نثر رماد جثمان إيف سان لوران بين نباتات الحديقة بطلب منه، وكأنه أراد إنعاش الحديقة بعد مماته وهو الذي حرص على صيانتها خلال حياته.