الميلاد[عدل]
شهدت عنبتا ميلاد طفل فلسطيني عربي هو معروف رفيق الشيخ محمود الفقهاء، وقد فتح هذا الطفل عينيه للنور أول مرة في يوم 20 نوفمبر سنة 1935 ميلادية، أي أنه كان في الثالثة عشرة من عمره عندما أعلن الصهاينة قيام دولتهم فوق الأرض الفلسطينية العربية في اليوم المشؤوم- يوم 15 مابو-آيار سنة 1948.
عَـنَـبْـتَـا- لمن لا يعرفها- بلدة فلسطينية تعتبر أحد أكبر بلدات طولكرم، يوجد فيها جزء من الطريق المؤدية إلى طولكرم،ومن أولها إلى آخرها يبلغ طول الطريق ثلاثة كيلو مترات، وقد حصل معروف رفيق على الثانوية العامة من طولكرم, ثم حصل بعد ذلك على ليسانس الحقوق من جامعة بيروت العربية 1968.
ينتمي معروف رفيق لعائلة عاشقة للأدب وللشعر بشكل خاص، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن عمه هو الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود ، كما أن أخاه هو الشاعر الملتزم أديب رفيق محمود.
البدايات[عدل]
عمل في حقل التعليم بفلسطين، ومر بعدة محطات حياتية من أهمها أنه في عام 1952 التحق بالسلك التعليمي في الخرج في المملكه العربيه السعوديه و منها انتقل الى الطائف التي شهدت مولد ابنه الأول طراد عام 1960. و في الطائف كان له نشاط في المسرح الطلابي للمدرسه اليمانيه و صقل فيها موهبته الشعريه و اقترب اكثر من طموح الشباب من خلال النشاطات الطلابيه و تعرف على أعمال طارق عبد الحكيم و قادته إلى الكلمة الملحنه.
إلى أن انتقل للعمل في دولة قطر عام 1961 أثر رسائل شعريه بينه و بين شقيقه برهان الذي كان يعمل في حقل التعليم القطري انذاك.
في قطر[عدل]
و في قطر احتضنه أهلها الطيبين و نموا فيه الموهبه الشعريه و حب الطبيعه و البيئه الصحراويه الخليجيه في آن واحد فكان قريبا منها و تغنى في كل قطرة ماء و زهره صحراويه حيث يحوي المنهاج القطري على قصائده ،
و كرمه الدكتور سيف الحجري مؤسس مركز أصدقاء البيئة في قطر و أطلق اسم الشاعر على جائزتهم السنوية الربيعية الشعرية .
شارك في تأسيس الإعلام التربوي بوزارة التربية من خلال تأسيس نشاطات دوريه منها الموسم الثقافي و ركن الطالب و انتقل الى إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية و أسس مجموعه من البرامج ألتوعويه منها برامج الأمن و لإسلامه و برنامج الشرطة معك و الذي كان يعده و يقدمه في البدايات .
و قام بإعداد و تقديم برنامج أسبوعي تلفزيوني لتلفزيون قطر باسم اللقاء المفتوح و استضاف شخصيات عربيه و دوليه مرموقة
كان يعشق الأعلام المسموع و عمل في الأذاعه القطريه منذ تأسيسها في عام ١٩٦٢ و أطلق عليه مدير الإذاعة لاحقا عبدالرحمن المعضادي لقب شاعر الأذاعه، مع اعداده و تقديمه للكثير من البرامج الأذاعيه منها في الزورق و برنامج المجله الثقافيه و المسابقات الثقافيه الرمضانيه و قد كرمته الأذاعه القطريه بطبع مجلد يحمل بعض مؤلفاته الأذاعيه.
عمل في المجال الصحفي محرراً بمجلة التربية القطرية و كاتبا لعواميد ثقافيه و اجتماعيه في جريده العرب و الرايه و غيرها من الجرائد. و قد كرمته دوله قطر بمنحه الجنسية القطرية عام ١٩٨٨ نشر نتاجه الشعري والأدبي في العديد من المجلات الثقافية بالأردن, وقطر, ومصر, والسعودية, والكويت.
حصل على عدد من الجوائز الأدبية والثقافية المتنوعة من دولة قطر, كما حصل على الميدالية الذهبية لجائزة الشاعر الباكستاني محمد إقبال 1979.
كتب عنه[عدل]
كتب عنه وعن عطائه الشعري والثقافي كثيرون من النقاد والأدباء والإعلاميين في دولة قطر وخارجها، ويذكر معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين أسماء بعض من كتبوا عنه: حسن توفيق, وعبدالرحمن عطية, وفراج الشيخ فزاري, وحسن رشيد، وإذا كان هذا المعجم قد صدر سنة1995 فإن كثيرين آخرين قد كتبوا عن معروف رفيق، من بينهم الدكتور محمد عبد الرحيم كافود، وعميد الصحافة القطرية الأستاذ ناصر محمد العثمان، والدكتور يحيى الأغا، والشاعر خليل الفزيع، والدكتورة كلثم جبر و الشاعر يعرب ريان. رحل معروف رفيق عن محبيه وعن عالمنا يوم الإثنين 9 مايو-آيار سنة2005وفي اليوم التالي لرحيله نعته جميع الجرائد القطرية، ومما ورد في جريدة الشرق: رحل الشاعر الكبير معروف رفيق محمود، تغلب المرض عليه أخيرا، وهو الرجل الذي طالما وقف شامخاوغزيزا في وجه الصعاب.
مقدمةالأعمال الشعريه الكامله بقلم: حسن توفيق[عدل]
كنا صديقين[عدل]
كنا – معروف رفيق وأنا- صديقين حميمين، منذ أن تلاقينا للمرة الأولى ذات يوم من أيام شهر يونيو- حزيران سنة 1979حيث استضافني هذا الشاعر المبدع القدير في برنامجه الشهير: الزورق الذي كان يقدمه في إذاعة قطر، وعلى الرغم من أننا لم نكن نركب أحد الزوارق في نهرمن الأنهار أو في بحر من بحور العالم، فإني أوهمت المستمعين بأني في زورق حقيقي بالفعل، وأن أوراق قصائدي تتطاير في الهواء نتيجة لهبوب عاصفة من حولنا، ولم يشأ معروف رفيق- من جانبه- أن يكذب ما قلته وقتها، وبعد اختتام حلقة البرنامج فوجئت به يضحك ضحكة عالية، وقال لي وهو مستغرق في الضحك: لقد كدت أصدق أننا نتنزه في زورق، مثلما كان الشاعر الرومانسي علي محمود طه يركب الجندول في مدينة البندقية الإيطالية، وهو يقول ما غناه بعد ذلك محمد عبد الوهاب: أين من عيني هاتيك المجالي
يا عروس البحر يا حلم الخيال
من هذا المنطلق، ظل معروف رفيق يتعامل معي باعتباري إنسانا محبا للدعابة التي يمتزج الجد فيها أحيانا بالهزل، وبعد موقعة الزورق أخذ يحدثني عن أصدقائه الآخرين، مؤكدا أنهم جميعا جادون، ولا يضحكون إلا بحساب، خصوصا أن فيهم من هم علماء دين ومن هم معلمون يتسمون بالوقار والرزانة! وحول هذه النقطة بالذات، فإني اكتشفت- ولكن فيما بعد- أن معروف رفيق كان يحب الدعابة، لكنه لا يعلن عنها في جلساته مع أصدقائه، أوفي الأمسيات الشعرية التي كان يشارك فيها مشاركة إيجابية متحمسة، وإنما فيما يكتبه من قصائد فكاهية وخفيفة الظل، وهي قصائد تستدعيها مناسبات أو مفارقات اجتماعية. حين أتذكر موقعة الزورق الآن بعد انقضاء سنوات عديدة على نشوبها، أقول- بكل اعتزاز- إن جسور الصداقة الصادقة ظلت وطيدة وراسخة، لكن هذا لا يعني أن معروف رفيق كان يعرف كل عوالمي المتنوعة بصورة دقيقة، كما أن هذا لا يعني أني كنت أعرف كل عوالمه المتعددة، فلكل إنسان أعماق قد يكشف عن بعضها أحيانا، وقد يكتشفها الآخرون، خصوصا إذا كانوا من محبي الاستطلاع أو كانوا من الفضوليين، ولم يكن معروف رفيق ولا أنا من هؤلاء الفضوليين الذين يحشرون أنوفهم في كل كبيرة وصغيرة.
فن الشعر كما يراه معروف رفيق[عدل]
الشعر ديوان العرب.. هذا ما عرفناه منذ الصغر، وقد اهتم كثيرون من شعرائنا العرب بالكتابة عن فن الشعر، واستعراض تجاربهم الخاصة مع هذا الفن الأدبي العربي العريق، والتطرق للحديث عما أبدعوه، ولماذا وكيف أبدعوه، ومن الذين تأثروا بهم ممن سبقوهم؟ وهنا لا بد من الإشارة إلى ما كتبه في هذا السياق كل من شعرائنا العرب الكبار نزار قباني وصلاح عبد الصبور ومحمود درويش وعبد الوهاب البياتي، ومن شعراء قطر المرموقين لا بد أن أشير إلى ما كتبه محمد بن خليفة العطية بعنوان: أن يكون لي صوت.. هذا ما أحببت، حيث تحدث عن تجربته الشعرية بصورة شاملة ومتكاملة، أما معروف رفيق فإنه كان يتمنى أن يصدر أعماله الشعرية في مجلد واحد، وفي نفس الوقت فإني كنت أحثه وأحرضه على كتابة تجربته الشعرية، وكان أحيانا يتعلل بأنه لا يجد الوقت الكافي للقيام بمثل هذا العمل، وفي بعض الأحيان كان يبشرني بأنه قد كتب بعض النقاط المتعلقة بسرد وقائع هذه التجربة الشعرية.
بعد رحيل معروف رفيق عن عالمنا، تعددت لقاءاتي مع ابنه البار وصديقي الشاب المهندس مروان معروف رفيق، وذات مرة قدم لي مروان مخطوطة، كان والده قد كتبها، ليعدها للنشر، وإذا أفاجأ مفاجأة سارة، بعد أن عرفت محتوى تلك المخطوطة التي اختار معروف رفيق عنوانها: إضاءات في حضرة الشعر، وعلى الفور قلت لمروان إن هذه المخطوطة في غاية الأهمية، لأنها ترسم لقارئها صورة متكاملة الجوانب لتجربة الشاعر المبدع القدير مع الشعر، وهذا ما كنت أحثه وأحرضه على أن يكتبه، عملا بمقولة نزار قباني التي برر فيها كتابته لقصته مع الشعر، حيث كتب بشكل واضح تماما: أريد أن أكتب قصتي مع الشعر، قبل أن يكتبها أحد غيري. أريد أن أكشف الستائر عن نفسي بنفسي، قبل أن يقصني النقاد ويفصلوني على هواهم، قبل أن يخترعوني من جديد!
يحرص الشعراء على الحديث عن شياطينهم التي تغريهم على قول الشعر،وكان أحد شعرائنا العرب القدامى يتباهى بفحولته الشعرية، مؤكدا أن شيطانه ذكر وليس أنثى: أني وكل شاعر من البشر
شيطانه انه أنثى وشيطاني ذكر
لكن معروف رفيق- على نقيض هذا الشاعر الجاهلي- يرفض تماما حكاية أن هناك شيطانا شعريا يحركه ويحرضه على قول الشعر، وهذا ما يقوله في مخطوطته إضاءات في حضرة الشعر: أنا كشاعر .. ليس لي شيطان يحركني كما يشاء.. فالشيطان أضعف من الإنسان، والشاعر المؤمن أقوى من كل الشياطين في وادي عبقر.
هل كان ميلاد المرأة ومخاضها بحاجة إلى شيطان.. إن يد الرحمن هي العليا على كل يد.. في كل الأمور والشيطان يزين.. وينجح كثيراً ولكنه يفشل أكثر.
المشكلة الأولى عندي هي مطلع القصيدة لأن المطلع هو النول أو المنوال الذي ينسج عليه الشاعر قصيدته.. وهذا النول أو المنوال له مقاسات محددة ومعروفة وله من (القطبات) التي تتجمع لتشكل سجادة القصيدة.. أليس لكل قصيدة مطلع ووزن معروف وتفعيلات معروفة.. فإذا كانت أفكار الشاعر قوية ودفاقة.. وكان قلمه سيالاً يعرف طريقه ومسيرته.. فإن سجادة قصيدته ستكون في غاية الجمال مبني ومعني.. حتى أولئك الذين يكتبون التفعيلة يلتزمون بالوزن والإيقاع في كل خيط يوضع في قماشة سجادتهم.. وأنا أكتب هذا النوع من القصائد.. ولكن أكثر قصائدي كانت على بحور الخليل بن أحمد.
وفي مقدمته للمخطوطة،ينطلق معروف رفيق للحديث عما ينوي أن يقدمه فيها، قائلا: هذا الكتاب .. الذي أطلقت عليه عبارة "إضاءة في حضرة الشعر" .. هو عبارة عن أشياء اختلطت وتألفت وتقاربت، فصارت كلاماً أقرب إلى الذكريات أو المذكرات.
هذا الكتاب يحكي عن قصتي مع الشعر.. إن أردت ذلك.. ويحكى عن تجاربي ورحلتي التي امتدت عقوداً.. تحكي عن قريتي عنبتا.. منذ مولدي فيها حتى الاغتراب الذي بدأ عادياً.. وتحول إلى غربة قسرية إجبارية فرضتها علي وعلى أمثالي (إسرائيل) وحكامها الذين سرقوا الأرض واغتصبوها بكل الوسائل غير الشريفة التي يعلمها العالم.. ويغض النظر عنها...
وهكذا الكتاب فصول أو إضاءات أو مقالات.. فيها أشواق مغترب... وأنفاس وطن وأرض.. ولهيب نكبة تحولت إلى نكبات.. وعذابات مهاجر أو مبعد أو مهجر أو لاجئ .. وقد ترددت في نشر هذه الكلمات في كتاب .. لولا تشجيع أم العيال.. والعيال.. وعدد من الأصدقاء الشعراء.. منهم الشاعر حسن توفيق.. الذي يحب الكلمة ولا يرضي بغيرها أنيساً.
من خلال مقدمته لإضاءات في حضرة الشعر، يتبين لنا أن معروف رفيق قد كتب هذه المخطوطة في شهر سبتمبر سنة 1998وأنه قد أهداها إلى أم العيال- على حد تعبيره الجميل- وإلى أبنائه: طراد- نجوى- مراد- مروان- نادية، ومن خلال هذه المخطوطة ذاتها يحدد الشاعر المبدع القدير رسالة الشعر عنده، قائلا: ابتعدت عن الهجاء مع القدرة عليه. لأنه يوغر الصدر.. ويغضب الله.. إلا إذا كان هجاء للأعداء الذين يحتلون الأوطان، وشهادتي لنفسي على نفسي بأني إنسان ملتزم في هويتي كمسلم وعربي.. ملتزم بالآم الأمة في بعديهما العربي والإسلامي.. ملتزم بمسئوليتي تجاه الأجيال الصاعدة .. قلت كثيراً ولازال لدى الكثير.. وأعاهد الله عز وجل، أن التزم بالكلمة الطيبة التي تغرس في النفوس حب الله والوطن.. وحب الناس من كل الأجناس.. وحب ذرة التراب وقطرة الماء وحب البيئة التي دعينا لأعمارها لا لتخريبها.
وإذا كان معروف رفيق قد حدد وجهة نظره في رسالة الشعر كما يتبين لنا من خلال هذه المخطوطة، فإنه قد صور ملامح رسالة الشعر من خلال إحدى قصائده الجميلة، حيث قال:
هو الشعر عندي فؤاد يمور
وروح تعانق أسمى الفكر
وشعري على الظلم والظالمين
إذا ولغوا في دماء البشر
و شعري مع الناس إن أنصفوا
وأكره منهم عدوا غدر
وتؤلمني صرخات الجياع
وفي الأرض خير يعم البشر
وفيما يتعلق بانطباعاته عن الساحة الأدبية في قطر، نجده يقول: الإنسان القطري إما شاعر.. أو راوية شعر فلا يوجد قطري إلا ويحفظ أبياتاً مشهورة للمتنبي أو شوقي أو حافظ إبراهيم وغيرهم من الشعراء.. وكان مؤسس قطر الشيخ قاسم بن محمد ال ثاني شاعراً وخطيباً وله ديوان شعر.. وفي قطر شعراء فصحى وشعراء النبط القريب من الفصحى.. وما دمت تعيش في هذا الجو الثقافي الشعري.. فلابد أن تتكون لديك مكتبة تضم مئات الدواوين الشعرية.. فضلاًَ عن الكتب الإسلامية والأدبية والتاريخية وقد وصلت عناوين مكتبتي إلى حوالي ألفي عنوان. ومن الشعراء الذين عرفتهم أحمد بن يوسف الجابر، يوسف الخليفي، والشيخ عليوه مصطفى وعبد الرحمن المعاودة رحمهم الله.. وعرفت الشعراء الدكتورحسن النعمة، والدكتور حجر أحمد حجر ومحمد قطبه ومحمد بن خليفة العطية والشيخ علي بن سعود آل ثاني، والشيخ مبارك بن سيف آل ثاني، وعلى ميرزا محمود، والدكتورأحمد عبد الملك، وعرفت كذلك فضيلة الشاعر الشيخ يوسف القرضاوي، وكمال الوحيدي، وسعيد تيم، وزهدي أبو خليل، وعبد السلام جاد الله، ومحمود أبو واصل ومحمد فرحان سلام، وغازي بدوان، ولا أنسى الشاعر الموسوعي الصديق حسن توفيق.. وعذراً لمن سهوت عن ذكره.
وإذا كان معروف رفيق قد أشار إلى كل هذا الحشد من الشعراء، فإنه لم ينس النقاد والأدباء والإعلاميين الذين أحبهم وأحبوه، ومن هؤلاء الدكتور محمد عبد الرحيم كافود، والدكتور حمد عبد العزيز الكواري، وعميد الصحافة القطرية الأستاذ ناصر محمد العثمان، ومعهم آخرون عديدون، من بينهم عبد الله محمد صادق، وجابر الحرمي، وأحمد علي،والدكتور مرزوق بشير، والدكتور حسن رشيد، وسنان المسلماني، وصالح غريب، ويوسف الحرمي.
وفي إضاءات في حضرة الشعر، يمكننا كذلك أن نتعرف على طبيعة وملامح الساحة الأدبية في فلسطين خلال مرحلة التكوين الثقافي والأدبي، التي تشكل منها الوعي الإنساني لمعروف رفيق، قبل انطلاقه من فلسطين إلى قطر، كما يمكننا أن نتعرف على شعرائنا العرب القدامى الذين أعجب بهم الشاعر المبدع القدير، حيث يذكر تعلقه بشعراء المعلقات، ويبدي إعجابه الفائق بالمتنبي العبقري، ومن شعراءعصر النهضة يبدي إعجابه بأمير الشعراء أحمد شوقي، كما يحدثنا عن إعجابه بالشاعر عزيز أباظة،وقد حياه بقصيدة رائعة عندما زار الدوحة سنة1969 حيث استهلها قائلا:
يا دوحة العرب من بالله وافانا
من ذا الهزار بأيك الدوح غنانا
هذا الهزار له الأنات حائرة
طير من النيل فوق الأيك حيانا
ولا يخفى علينا هنا أن معروف رفيق كان يعارض قصيدة همسة حائرة لعزيز أباظة، وهي القصيدة التي لحنها وغناها محمد عبد الوهاب:
يا منية النفس ما نفسي بناجية
وقد عصفت بها نأيا وهجرانا
وبالطبع فإن معارضة معروف رفيق لقصيدة عزيز أباظة، تذكرني على الفور بالمعارضات الشعرية العديدة التي كان يشارك فيها بكل حيوية شعرية، وكان عميد الصحافة القطرية ناصر محمد العثمان هو الحكم- وليس الخصم- في تلك المعارضات، حيث كنا نرتضي بالاحتكام إليه، دون أن يردد أي شاعر منا قول المتنبي لسيف الدولة:
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم!
هذه الأعمال الشعرية الكاملة[عدل]
لم يحدثني معروف رفيق عن شروعه في كتابة سيرة حياته كما ذكرت،أما الأمنية التي حدثني عنها الصديق الشاعر المبدع والقدير، فتتمثل في إصدار أعماله الشعرية الكاملة في مجلد واحد، وإذا كانت هذه الأمنية لم تتحقق خلال حياة معروف رفيق، فإن أبناءه وبما أعهده فيهم من وفاء، قد تحمسوا لأن يحققوا هذه الأمنية بعد غياب الأب – الشاعر، ويبقى أن أشير هنا إلى حديث معروف رفيق عن دواوينه التي أصدرها، حيث يقول: الدواوين والأغراض الشعرية أتركها للنقاد فهم أدرى مني.. ولكني أذكر فيما يلي تسلسل الدواوين الصادرة.. وهي ستة دواوين فيما عدا المخطوطات التي لم تصدر.. وقد رأيت أن أرتب الدواوين حسب موضوعات القصائد، لا حسب تاريخها مع أهمية ذكر تاريخ ومكان القصيدة ما أمكن ذلك، وفلسفتي في ذلك بسيطة نابعة من عقيدتي كمسلم ومن مسئوليتي كعربي من أصل فلسطيني له قضية عظمى لم تحل بعد.
بدأت بالإسلاميات بمجموعة ابتهالات، تليها مجموعة أو ديوان صرخة مسلم (فكان الإصدار الأول والثاني). ثم ثنيت بالوطنيات التي تجمعت عندي في الوطن.. فكان الديوانان الثالث والرابع، فلسطين الجرح والطريق، ثم قطر على شفة الوتر.. ثم جمعت أشعاري التربوية والتعليمية للطفولة والفتيان والفتيات فكان الديوان الخامس طبقاً للترتيب الوارد على الصفحة الأخيرة من الديوان الخامس بعنوان (أشعار للفتيان والفتيات).
ثم نظرت فيما تجمع لدى من قصائد جديدة لها علاقة مباشرة (بالقدس).. وأدخلت فيها قصائد خاصة بالإنتفاضة وقصائد الهدف منها التوعية بخطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية والقدس وما يجري فيها من تهويد وظلم شديد وتشريد، وسحب هويات ومصادرة أراض ونسف بيوت واقتلاع أسر من أرضها.. وأسميتها (القدس قصيدتي).. وقد صدرت في طبعتين الأولى سنة 97 والثانية سنة 98.. فكانت كل قصيدة من قصائد الديوان تكشف غطرسة القوى وصمود الضعيف.
ماذا يبقي بعد الله ثم الوطن والإنسان؟ تبقى قصائد أخرى عاطفية لشاعر يخفق قلبه.. وقصائد غيرها لها خصوصية ولا تخلو من عمومية الهدف والمقصد.. أي أنها تجمع بين الذاتي والعام ومجموعة ثالثة (إخوانيات) .. وقصائد رابعة تحمل البسمة أو الدعابة (الطرائف واللطائف). بطبيعة الحال فإن معروف رفيق لم يكن قد أصدر ديوانه السابع الذي سماه علمني كيف أحبك عندما تحدث عما أصدره من دواوين، ومن ناحيتي فإني قمت بترتيب تلك الدواوين في هذا المجلد- مجلد الأعمال الشعرية الكاملة، مبتدئا بأحدثها في الصدور، وانتهاء بأول ما صدر منها، لكني استثنيت ديوان القدس قصيدتي، ورأيت – وهذا اجتهاد مني- أنه من الأجدر والأوفق أن يتصدر تلك الأعمال الشعرية، وهكذا كان ترتيب الدواوين:
• القدس قصيدتي- صدر في طبعته الأولى سنة 1997
• علمني كيف أحبك- صدر في طبعته الأولى سنة 2002
• أشعار للفتيان والفتيات- صدر في طبعته الأولى سنة 1996
• قطر على شفة الوتر- صدر في طبعته الأولى سنة 1987
• فلسطين.. الجرح والطريق- صدر في طبعته الأولى سنة 1985
• صرخة مسلم... – صدر في طبعته الأولى سنة 1985
• ابتهالات- صدر في طبعته الأولى سنة 1984
ولكن إذا كانت هذه الدواوين قد صدرت خلال حياة معروف رفيق، فإن هناك دواوين أخرى، كان قد تهيأ لإصدارها،لكن الحياة لم تمهله لكي يحقق ما تمناه تجاهها، ومن حقه على الجميع أن تصدر هذه الدواوين مجتمعة، لكي يتشكل منها المجلد الثاني من الأعمال الشعرية الكاملة، متمنيا ألا يتأخر في الصدور وفي أن يرى النور. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى المجلد الشعري الذي كان قد صدرفي عمان بالمملكة الهاشمية الأردنية عن دار الضياء سنة 2007أي بعد انقضاء سنتين على رحيل الشاعر المبدع القدير عن محبيه وعن عالمنا، وقد كتب مقدمة هذا المجلد الأستاذ أحمد الجدع، وهو بعنوان:
• الأعمال المختارة- معروف رفيق ويبقى أن أشير الآن إلى ما كنت قد كتبته عن الشاعر المبدع القدير- صاحب هذه الأعمال الشعرية الكاملة، التي تصدر عن مكتبة جزيرة الورد في القاهرة.
معروف رفيق .. شاعرا وإنسانا[عدل]
في أواخر شهر مارس سنة 2005 شهدت دولة قطرانطلاق مهرجان الدوحة الثقافي الرابع، وبعد أيام قلائل من اختتام المهرجان لأنشطته وفعالياته، تلقيت مكالمة تلبفونية من معروف رفيق، وجاءني صوته وهو يقول: " هذه المرة سأسافر إلى ألمانيا لاستكمال العلاج، أعرف أنك ستسألني عن مقالات جديدة، لكني أكلمك الآن لكي أعتذر لك عن عدم الكتابة..». كان صوته هادئا ورصينا، لكني لم أستطع أن أبعد عني أشباح الظنون السوداء عقب انتهاء المكالمة، فقد اعتدت من قبل، وعلى امتداد أكثر من سنتين، أن يتصل بي قبل رحلاته العلاجية المتلاحقة إلى الرياض، متسائلا عما لدي من مقالاته التي لم تنشر بعد، وواعدا بأن يرسل لي المزيد، وفي كثير من الأحيان، كنت أفاجأ به، قادما بنفسه إلى البيت الذي أسكن فيه، لكي يسلمني الجديد مما كتبه لعموده الأسبوعي «محطات». هكذا كانت مكالمة ما قبل سفره إلى ألمانيا، هي المرة الوحيدة التي يعتذر فيها الصديق والشاعر المبدع القدير معروف رفيق عن عدم الكتابة، وكانت هذه المرة الوحيدة هي الأخيرة في نفس الوقت. خلال فترات مرضه، ظل معروف رفيق، يتحامل على نفسه، وهو ينطلق متحمسا للمشاركة في أمسية شعرية، أو حضور إحدى الفعاليات والأنشطة والمحاضرات المتنوعة، ما بين ثقافية وفنية ودينية، وكأنه كان يحس بأن المرض يبتعد عنه كلما التقى مع الناس الذين يحبهم ويحبونه، ويتبادل معهم وجهات النظر بشأن ما يجري على الأرض العربية، وخاصة في فلسطين من وقائع وأحداث، وكان يجد فيما تحققه قطر من منجزات وطموحات ما يخفف عن روحه وقع إحساسها بعذابات فلسطين.
ليس غريبا لدى أصدقاء معروف رفيق ولدى متابعي عطائه الشعري، أن يكون له من بين دواوينه التي أصدرها ديوانان، أحدهما بعنوان «فلسطين الجرح والطريق»، وثانيهما بعنوان «قطر.. على شفة الوتر» ويضاف إلى هذين الديوانين ديوان متكامل بعنوان «القدس قصيدتي » حيث تؤكد قصائد هذه الدواوين على أمرين، أولهما: إن معروف رفيق يرى بالقلب فلسطين البعيدة عن العين، وهو يعيش في قطر التي تحاول أن تعيد الحق الفلسطيني لأصحابه بالقول وبالفعل وبالمساندة المعنوية والمادية التي تكفل لهذا الحق الضائع أن يستعيد وجوده القوي والمؤثر. أما الأمر الثاني الذي تؤكده قصائد هذه الدواوين الثلاثة، فيتمثل في أن العروبة والإسلام يتناغمان ويتكاملان دون انفصام أو انفصال.
«فلسطين - الجرح والطريق»[عدل]
في ديوانه «فلسطين - الجرح والطريق» قصائد جميلة ومؤثرة، يتعانق فيها ما هو ذاتي بما هو عام، وما هو عربي بما هو إسلامي، ومنذ البداية نجد شاعرنا المبدع والقدير معروف رفيق يهدي هذا الديوان «إلى الذين اكتووا بنار الصهاينة فلم يجدوا للرد على نيرانهم سوى الحجارة.. وإلى المغتربين بأجسامهم بينما قلوبهم وعيونهم تتلفت إلى القدس من بعيد.. وإلى الذين يحفرون طريق العودة بأظافرهم أينما كانوا.. وإلى كل أم تضع وليدها وتنوي أن تعلمه «ألف باء» العودة.. وإلى عشاق فلسطين..».
«قطر.. على شفة الوتر»[عدل]
وتتصدر ديوان «قطر.. على شفة الوتر» مقدمتان، أولاهما وهي التي تعنيني الآن، كتبها الصديق الغالي والإعلامي المستنير الذي فقدناه – الأستاذ عبد الرحمن بن سيف المعضادي – حيث يقول: «.. لقد جاء هذا الديوان ليترجم أشواق الشاعر معروف رفيق إلى وطنه الثاني قطر، بعد أن أصدر ثلاث مجموعات، كانت الأولى مجموعة «ابتهالات» والثانية «صرخة مسلم» والثالثة «فلسطين والجرح والطريق».. هذا التسلسل في ترجمة الأشواق، أشواق الشاعر إلى خالقه سبحانه وتعالى، ثم إلى وطنه الأول فلسطين والأردن، ثم إلى وطنه الثاني قطر، أقول: إنه تسلسل منطقي وينسجم مع شخصية الشاعر كما عرفتها، إنه مسلم يعتز بدينه، عربي يعتز بعروبته، إنسان يعيش أشواق الإنسان في كل مكان..». وأعتقد هنا أن ما أشار إليه الراحل الغالي عبد الرحمن بن سيف المعضادي يؤكد ما قلته من أن العروبة والإسلام يتناغمان ويتكاملان عند معروف رفيق، دون انفصام أو انفصال.
معروف رفيق و عبد الرحيم محمود[عدل]
لم يكن عشق الشعر، تذوقا وإبداعا، حكرا على معروف رفيق في دائرة عائلته الكبيرة الفقهاء، فكما قدمت هذه العائلة الفلسطينية العربية قرابين من الشهداء، فإنها قدمت كذلك كثيرين من الشعراء، ويكفي أن نشير هنا إلى الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود واحدا ممن لم يجودوا لفلسطين بالكلمة وحدها، وإنما بالكلمة والروح معا، حيث استشهد في معركة «الشجرة» يوم 13 أبريل سنة 1948، وكان قد تنبأ باستشهاده وهو يواجه المحتلين الصهاينة، حيث قال في إحدى قصائده الشهيرة:
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدى
ونفس الشريف لها غايتان
ورود المنايا ونيل المنى
لعمرك إني أرى مصرعي
ولكن أغذ إليه الخطى
أرى مصرعي دون حقي السليب
ودون بلادي هو المبتغى
معروف رفيق و أديب رفيق[عدل]
وإلى جانب «العم» الشهيد – عبد الرحيم محمود – فإن لمعروف رفيق أخا شاعرا مبدعا، لم يقدر لي أن ألتقي معه، لكني قرأت له قصائد عديدة، كما أتيح لي أن أقرأ ديوانه «أحلام الدائرة الصغيرة» الذي صدر سنة 1984 في مدينة «الناصرة» بفلسطين المحتلة، ويتضمن هذا الديوان قصائد عديدة، يمتزج فيها الشعر بالفكر، فضلا عن قصيدة يحدد فيها الشاعر أديب رفيق محمود تصوره للشعر ذاته:
لم أقل الشعر على أعتاب البسطار الرابض
فوق صدور الشعب الجائع للخبز وللحرية
قد كرست الشعر لشعبي
إذ قبلت حديد السيف
لم أخف الجوع ولم أخش الحتف
لم أقل الشعر ليذهب أدراج الريح كغبار.. أو ورق جامح
في فصل الغربة، ذات مساء غامض
أديب رفيق محمود شاعر يناضل وهو متشبث بالأرض الفلسطينية، ومعروف رفيق محمود شاعر قدر له أن يناضل وهو فوق أرض عربية لكنها ليست فلسطينية، وإن ظل يرى فلسطين بالقلب وبالروح، ولو شئنا أن نقارن بين الشاعرين – الأخوين، لابد لنا أن نتحدث عن الظروف الاجتماعية والإنسانية التي شب في إطارها هذا وذاك، لكن هذا ليس بالطبع ما أقصده الآن.
من «عنبتا» – فلسطين إلى «الدوحة» – قطر[عدل]
من «عنبتا» – فلسطين إلى «الدوحة» – قطر، بداية الرحلة وخاتمتها، سنة 1935 شهدت «عنبتا» ميلاد «معروف رفيق الشيخ محمود الفقهاء»، ويوم الثلاثاء 10 مايو سنة 2005 شهدت «الدوحة» احتضان الأرض لجسد الشاعر، بعد أن رحل عن عالمنا في الليلة السابقة، وهو يستكمل رحلته العلاجية في ألمانيا، وما بين عنبتا والدوحة عاش معروف رفيق سبعين سنة، حافلة بكل ما يعترض مسيرة الإنسان من إخفاقات وبكل ما يصاحبها من نجاحات وطموحات.
فيما يتعلق بالشعر، فإن معروف رفيق أصدر في بداية رحلته الشعرية «صرخة مسلم على مشارف القرن الخامس عشر الهجري»، وكان قد كتب هذه «الصرخة» – القصيدة سنة 1980، وكنت واحدا ممن استمعوا إليها وقتها، لكنه لم ينشرها إلا سنة 1985، وقد أصدر قبلها بسنة واحدة مجموعة «ابتهالات»، وفي نفس السنة التي شهدت صدور «صرخة مسلم» أصدر معروف رفيق ديوانه الرائع «فلسطين – الجرح والطريق» ثم أصدر «قطر على شفة الوتر» سنة 1987 و«القدس قصيدتي» سنة 1998 و«علمني كيف أحبك» سنة 2002 وهو الديوان الذي صدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، وآخر ما أصدره الشاعر الذي فقدناه – شاعرا وصديقا وإنسانا.
«بذور الكرامة»[عدل]
من الكتب التي تؤكد أن العروبة والإسلام يتناغمان في فكر معروف رفيق، وليس في قصائده وحدها، ذلك الكتاب الجميل الذي أصدره سنة 1985 بعنوان «بذور الكرامة» وقد جمع – عبر صفحاته – قصائد مختارة لعدد من شعرائنا العرب، لكنها كلها تصور حدثا إنسانيا واحدا، هو استشهاد الفدائية اللبنانية الشابة سناء محيدلي، وقد كتب معروف رفيق دراسة متأنية لهذه القصائد ولفكرة الجهاد والاستشهاد، وأشار إلى أن «فلسطين قضية عربية إسلامية عالمية» كما قام بتحليل قصيدة عمر أبي ريشة عن «جان دارك» ثم انطلق لدراسة ما تعرضت له «جميلة بوحيرد» المناضلة الجزائرية على أيدي السجانين الفرنسيين، ومن خلال هذه الدراسة المتأنية اختار معروف رفيق ما اختاره من قصائد عن «سناء محيدلي» وهي قصائد للشعراء محمد مهيب جبر – سليم سعيد – حسن توفيق – فيليب صليبا – عبد السلام جاد الله – سعاد الصباح – حسن علي حامد – علي بن سعود آل ثاني – عبد الرحمن المعاودة – سالم سعيد العجمي – أحمد فؤاد نجم – عمر بهاء الدين الأميري – وليد مكتبي – خالد فوزي – كمال يلي - معروف رفيق – خالد أبو لوز – عارف دليلة – غازي القصيبي – محمد الزغاري – مانع سعيد العتيبة، ومما يوقله شاعرنا معروف رفيق:
برزت كالسنا علينا «سناء»
فليالي الجنوب منها ضياء
قفزت كالشهاب في عتمة اليأس
.. فضاء المدى وهل الرجاء
نسفت نفسها بخمسين علجا
من جنود صهيون جل الفداء
والرجال الرجال باتوا حيارى
أين فرساننا وأين المضاء
فجرت في قلوبنا الصمت كبرا
فعلى نفسنا لا عليها البكاء
أيقظت في مواتنا الروح لما
هدنا العجز واستطال العناء
وليس كتاب «بذور الكرامة» هو الكتاب النثري الوحيد الذي أصدره معروف رفيق، فقد أصدر كتابا آخر بعنوان «في الأمن والسلامة» كما أن له العديد من المخطوطات النثرية التي لم يقدر له أن يصدرها، من بينها «رسائل غير عادية» و«تأملات ومحطات» و«بوح الكلمات». وحين أعود إلى معروف رفيق الشاعر المبدع القدير – أقول إنه لم يكن ممن يتعصبون لشكل شعري ضد سواه، فقد كانت قصائده تتوالى بالشكلين – المتوارث العمودي، والحر المتدفق، وإن كانت الغلبة عنده للشكل الأول، ربما بحكم طبيعته وبحكم الأجواء المحافظة التي كانت تسود المجتمع في قطر ومعه الحياة الثقافية والأدبية بأسرها، حيث ما يزال كثيرون إلى الآن لا يطربون إلا لإيقاعات القصيدة العربية ذات النهج المتوارث والقافية الموحدة، ومن نماذج القصيدة ذات النهج المتوارث عند معروف رفيق قصيدته الجميلة «وفلسطين دائما في خيالي» والتي يرسم فيها صورا ومشاهد لطفولته التي قضاها في «عنبتا» حيث بداية الرحلة مع الحياة.
في بلادي على سفوح الجبال
صغت شبابتي بفئ الدوالي
أشربت ريشتي بكأس الأماني
وفؤادي سقته كأس الليالي
للجمال النقي نقش بقلبي
عفرته الدما تلوح حيالي
فحديثي عن الجمال خليط
من بهاء الربا ووقع النضال
قريتي في طفولتي وشبابي
نزلت مهجتي بدنيا ارتحالي
سهلها والربا شريط توالي
قد تجلى بذكرياتي الغوالي
هي في القلب جرح عميق
وهي في العين نور بدا لي