السكتة الدماغية : الخلفية،العوامل،الوقاية والتجديدات.

 السكتة الدماغية : الخلفية،العوامل،الوقاية والتجديدات
 

في هذه الأيام، ينتظر الدواء كسارلتو (Rivaroxaban) تصديق لجنة سلّة الأدوية، لمنع السكتة الدماغية لدى مرضى الرجفان الأذينيّ ولدى الأشخاص الذين تعرّضوا لحالة من انسداد الشرايين المنسحِب.
يتّضح من خلال استطلاع قطريّ حول السكتة الدماغية (NASIS 2010) أجرِي في إسرائيل "أنّ هناك نزعة واضحة لتراجع معدّل سنّ التعرّض لحالات السكتة الدماغية في إسرائيل: نحو 25% من المرضى هم دون سنّ 60 عامًا، ونحو 8% من المصابين هم أبناء أقلّ من 50 عامًا. واحد من كلّ 6 رجال وواحدة من كلّ 5 نساء سيُصابون بالسكتة الدماغية خلال حياتهم. ليست السكتة الدماغية عاملاً مهمًّا للوفاة فحسْب، بل هي، أيضًا، السبب الأساسيّ للإعاقة في سنّ متقدّمة.
نحو 10% من مصابي السكتة الدماغية يموتون خلال بضعة أيام. و30% ممّن ينجحون في البقاء يموتون خلال سنة، ونحو 39% يحتاجون إلى العلاج في إحدى مؤسّسات الرعاية؛ هذا ما يتّضح من معطيات وزارة الصحّة. نحو 50% من مصابي السكتة الدماغية يظلّون مع عاهة كاملة أو جزئية بعد سنة من إصابتهم بالسكتة الدماغية، حيث يتجاوز ربع المصابين، تقريبًا، فقط، السكتة الدماغية بصورة طفيفة، ويكونون قادرين على العودة إلى مزاولة نشاطهم بالكامل بعد إعادة تأهيلهم.
بما أنّ السكتة الدماغية هي عامل الإعاقة الأساسيّ في السنوات المتقدّمة من العمر، وبما أنّ الإعاقة أمر من الصعب جدًّا ومن المكلف جدًّا مواجهته والتعامل معه، فمن المفضّل التركيز على الوقاية من السكتة الدماغية كإمكانية أقلّ تكلفة وأكثر إنسانيّة بكثير. يُمكن منع حدوث السكتة الدماغية من خلال إعطاء الأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية أدوية مُضادّة للتخثّر".

مُضادّات التخثّر: 
مُضادّ التخثّر المُتّبع لمنع السكتة الدماغية، منذ خمسين سنة، هو الدواء كومادين، إلاّ أنّ استخدامه ينطوي على الكثير من القيود:
1. يتطلّب استعمال كومادين الخضوع لفحوصات دم متعاقبة (مرّة كلّ أسبوعين، تقريبًا) لفحص نشاطات التخثّر.
2. تتمّ ملاءمة جرعة الدواء كلّ مرّة من جديد بموجب نتائج هذه الفحوصات، وهو ما يتسبّب بإزعاج المرضى وعنائهم المستمرّين.
3. للدواء كومادين تفاعلات مع أدوية كثيرة أخرى، وهو ما يصعّب الأمر على المرضى المتقدّمين في السنّ، الذين عادةً ما يتناولون أكثر من دواء في الوقت نفسه.
4. للدواء كومادين تفاعل سلبيّ مع أغذية كثيرة، الأمر الذي يقيّد عملية التغذية.
تفيد التقديرات أنّ نحو نصف المعالَجين بكومادين ليسوا متوازنين من ناحية نشاطات التخثّر، وذلك لسبب انعدام الراحة والقيود المتعلّقة جميعًا باستخدام كومادين. ومعنى ذلك أنّ مَن نشاطات التخثّر لديه غير سليمة وغير متوازنة، من المُمكن أن يكون معرّضًا لخطر زائد للإصابة بالسكتة الدماغية، أو بنزيف خطير.

التجديد: كسارلتو (Rivaroxaban) – مُضادّ تخثّر جديد لمنع السكتة الدماغية
كسارلتو (المادّة الفعّالة في ريڤاروكسابان) هو مُضادّ تخثّر تجديديّ لكون منظومة فعّاليّته مختلفة عن منظومة الكومادين: يقوم كسارلتو بإعاقة عامل التخثّرXa ، في حين يعمل كومادين على إعاقة امتصاص ڤيتامين k.
التجديد الخاصّ بكسارلتو ينعكس، أيضًا، بالامتيازات التالية التي تجعل الاستجابة للعلاج والمواظبة عليه أسهل بكثير ممّا هما عليه مع كومادين:
1. يُعطى مرّة واحدة في اليوم عن طريق الفم.
2. ليست هناك أيّة حاجة إلى إجراء فحوصات دم لمراقبة نشاطات التخثّر في الدم.
3. ليست له تفاعلات كثيرة مع أغذية وأدوية أخرى.
4. العَرَض الجانبيّ الأساسيّ لمُضادّات التخثّر – أي النزيف – أقلّ مع كسارلتو منه مع كومادين.
5. استخدامه أبسط واحتماله أفضل.
وليس هذا، فقط؛ ففي شهر آب من هذا العام نشرت الدورية العلمية المهْنية New England Journal of Medicine بحثًا واسع النطاق، يبيّن أنّ كسارلتو ناجع مثل كومادين في منع السكتة الدماغية لدى مرضى الرجفان الأذينيّ، مع خطر أقلّ لحدوث نزيف داخل الجمجمة، ومع حوادث أقلّ للنزيف في عضو حرِج، ومع حالات وفاة أقلّ، نتيجة لحدوث حالة نزيف. 

مهمّ – هناك تقدّم:
في أيلول هذا العام، أوصت اللجنة الاستشارية لـ European Medicines Agency (منظّمة موازية للوكالة الأمريكية للغذاء والدواء – الـ FDA) بتوسيع استخدام كسارلتو أيضًا، للأشخاص الذين يعانون الرجفان الأذينيّ. كما أنّ وصفة استخدام كسارلتو للأشخاص الذين يعانون الرجفان الأذينيّ صُدّق عليها في السلطة الأوروبية وستكون مُتاحة للمعالَجين في إسرائيل عام 2012.

الرجفان الأذينيّ:
إحدى المجموعات الأكثر عُرضة للإصابة بالسكتة الدماغية هم الأشخاص الذين يعانون الرجفان الأذينيّ. في إسرائيل نحو 60 ألف شخص يعانون الرجفان الأذينيّ، وهم عُرضة لخطر زائد للإصابة بسكتة دماغية – خمسة أضعاف الخطر المعرّض له مجمل السكّان الذين لا يعانون الرجفان الأذينيّ. من بين 15 ألف حالة سكتة دماغية تحدث في إسرائيل كلّ عام، نحو 3,000 منها يكون سببه الرجفان الأذينيّ الذي يؤدّي إلى تشكّل تجلّط في تجاويف القلب حيث يُرسَل من القلب إلى الدماغ.
يُمكن منع نحو 70% من هذه الحالات من خلال إعطاء مُضادّات تخثّر (تبيّن الأبحاث نسبة تقليص خطر تصل إلى 70%). 70% من حالات السكتة الدماغية التي يتسبّب بها الرجفان الأذينيّ تساوي، عمليًّا، 1,000 شخص يُصابون بالسكتة الدماغية كلّ عام. يجري الحديث عن 1,000 شخص تتغيّر حياتهم بصورة غير معهودة من قبل، ومعهم، أيضًا، حياة أفراد عائلتهم.
ما من شكّ في أنّ بذل الجهود في سبيل منع السكتة الدماغية من الناحية الإنسانية، يُعتبَر قرارًا لائقًا وصحيحًا. لكنّ ذلك فيه الكثير من العدل والإنصاف من الناحية الاقتصادية، أيضًا؛ إذ إنّ تمويل الأدوية الوقائية سيكلّف أقلّ – بما لا يُقاس – ممّا سيكلّفه تمويل تكاليف معالجة مصابي السكتة الدماغية، ثمّ تليها التكاليف الباهظة لإعادة التأهيل، تكاليف الرعاية والتمريض، مخصّصات الإعاقة، فقدان الدخل، وأحيانًا، فقدان دخل الزوج/ة، والاضطرار إلى تناول أدوية باهظة الثمن بقيّة العمر.
كسارلتو مُصدَّق عليه للتسويق في أكثر من 100 دولة في أنحاء العالم؛ تمّ طرح المُنتَج في الأسواق بنجاح من قِبَلBayer HealthCare في أكثر من 75 دولة، وفي إسرائيل هو مشمول حتّى في سلّة الأدوية الخاصّة بمنع انسداد الشرايين المنسحِب لدى المرضى الكبار في السنّ، بعد خضوعهم لعمليّات جراحية اختيارية لاستبدال ركبة أو ورك. وكما ذُكر، تمّ تصديق الوصفة لمرضى الرجفان الأذينيّ في أوروبا، وسيكون الدواء متوافرًا في إسرائيل عام 2012.