مناظرة بين العلم والمال.
مناظرة بين العلم والمال
العلم:
يعتبر العلم أحد ركائز الحياة إذ يؤدي بالأمة إلى التطور والازدهار، أما المال فيوصل بصاحبه إلى الإسراف والتبذير، فالعلم إذًا هو الأصل. قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ الزمر9
المال:
بعد كلامكم هذا عن العلم يسرنا أن تعرفوا شيئا عن المال، فهو من أساسيات الحياة، وكل منا يحتاج إليه فلولاه ما بنيت دور ولا منازل ولا مدارس، فبه يحقق الإنسان رغباته ويقضيها، فالمال قوام الأعمال، فهذا المشروع مثلا – دار القرآن الكريم- بُنِيَ وعلا بالمال، قال تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنيَا﴾ الكهف 46
العلم:
المال بدون علم لا قيمة له، وصاحب المال لا بد له أن يستغله بمنطق سليم أي بمعرفة وعلم، وإلا سيكون من المفلسين، فكم من عزيز أذله ماله وكم من ذليل أعزه العلم. قارون العزيز في قومه أذله المال وأخزاه وخسف الله به وبداره الأرض، والرسول محمد فقير يرعى الغنم أعزه الله بالعلم، فنوَّر به البشرية إلى يوم الناس هذا.
المال:
الحمد لله الذي جعل المال موضع ابتلاء فقال: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْامْوَالِ وَالانْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾ البقرة 155، وقال: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ﴾ آل عمران 186، ورفع من قيمته فحرم أكله بالباطل فقال: ﴿ وَلاَ تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَ تُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَاكُلُوا فَرِيقًا مِنَ أَمْوَالِ النَّاسِ باِلاِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ البقرة 188 وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةٌ عَن تَرَاضٍ مِنكُمْ﴾ النساء 29 ، فأية أهمية للعلم الذي جئتم تدافعون عنه؟
العلم:
لقد صدق الله حين قال: ﴿ يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ المجادلة 11 وفسر العلماء هذه الآية فقالوا: يرفع الله الذين آمنوا منكم درجة والذين أوتوا العلم درجات، فما جوابكم؟
المال:
... وحتى المال! قال تعالى: ﴿ لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ المومِنٍينَ غَير أُولِي الضَّرَرِ والمْجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ المْجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الحْسْنىَ..﴾ النساء 95
العلم:
الجهاد يكون بالمال والعلم أيضا، ببواسطة هذا الأخير كانت صناعة الأسلحة والمعدات الحربية المتطورة والطائرات والدبابات...الخ
المال:
حسنا! ما قولكم حول العلم الذي دمر العالم بالحروب والفتن وجعل الدول والشعوب تتسابق نحو التسلح.
العلم:
حب المال والطمع والجشع هي السبب في ذلك.
المال: صاحب المال يجود على المدارس والمساجد وينفق عليها، ولهذا فقد فضله الله في القرآن بقوله: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلٍ حَبَّةٍ أَنبَتَت سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ البقرة 261
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
« ذهب أهل الدثور بالأجور».
ويقول شاعر:
رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مال
ومن ليس عنده مال فعنه الناس قد مالوا
فانظروا إلى حال كثير من الطلبــة ! تركوا مقاعد الدراسة والتحقوا بالمصانع لأجل اكتساب المال،فالله تعالى يقول:﴿وَتُحِبُّونَ المْاَلَ حُبًّا جمَاًّ ﴾الفجر20 فألقوا ما أنتم ملقون !
العلم:
( سكوت، حيرة ...): المال سبب كل المشاكل والقلاقل، فانظروا إلى ما يحدث في المواريث من صراعات ونزاعات بين الإخوة فيتمزق شملهم ويتشتت إربا إربا.
المال:
سبب هذه الصراعات هو ضعف الإيمان ونقص العلم.
العلم:
لقد خصص للعلم احتفالات كثيرة في الجزائر، وأعظم احتفال له هو يوم العلم 16 أفريل من كل سنة، فهل للمال احتفاء به؟
المال:
نعم! ولا شك في ذلك،فالمال يحتفى به عن طريق الزكاة وإخراج الصدقات.
خلاصة: إذن للعلم والمال قيمة كبيرة في ازدهار المجتمع ونموه وتطوره، وهذه سنة الله في الحياة اقتضت بأن يكمل أحدهما الآخر، ولله در أمير الشعراء أحمد شوقي إذ يقول:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبن ملك على جهل وإقلال
كفاني ثراء أنني غير جاهــل وأكثر أرباب الغنى اليوم جهال
ملاحظة:
ربما يتساءل القارئ الكريم لماذا فاز المال على العلم علما أن العلم أسمى وأعلى من المال، والجواب هو أن الشجاعة الأدبية والفصاحة في الكلام والطلاقة في الإجابة التي أبداها الطلبة الممثلون لدور المال جعلت الفوز حظهم.