مختبر جديد لطب الفضاء والطيران في كولونيا
في بداية هذا الشهر انطلق في كولونيا مختبر جديد لطب الفضاء والطيران. يعتبر هذا المختبر فريدا من نوعه، حيث يعيش الناس في هذا المركز حياة تشبه حياة رواد الفضاء أو ربابنة الطائرات وذلك لمعرفة تأثير الفضاء الخارجي على الصحة.
عندما يصعد الإنسان إلى السماء، فإن جسمه يتعرض للكثير من المتاعب الصحية الناتجة عن نقص الأكسجين وانخفاض الضغط الجوي، لذلك وُجد طب الفضاء والطيران ليُعنى بالمشاكل المترتبة عن ذلك. ولإجراء أبحاث في هذا التخصص الطبي، تم إنشاء مختبر جديد في كولونيا تابع للمعهد الألماني لطب الفضاء والطيران أطلق عليه اسم "Envihab"، وهو الاسم المشتق من الحروف الأولى لكلمة البيئة وكلمة الموطن باللغة الانجليزية.
يرتكز الاختبار على تجميع عدد من الناس ولمدة أسابيع داخل المختبر. يقول روبرت غيرتسر وهو يضحك: "هنا يمكن أن يرابط الناس." ويتابع: "يمكن أن نغلق النوافذ بحيث لا يمكن لضوء النهار أن يتسرب إلى الداخل".
طبعا من يختار أن يكون محط اختبار في هذا المكان، يوقع مسبقا على وثيقة موافقة على شروط العيش الصعبة. "يستلقي الناس على السرير ورؤوسهم منخفضة بمقدار ست درجات نحو الأسفل، ليتوافق ذلك مع حالة الإنسان عند انعدام الجاذبية". كما تقول بيغيتا غانزه، عالمة الفضاء الفيزيولوجية.
ينبغي على المشتركين الاستلقاء لعدة أسابيع
تحت الرقابة الطبية على مدار الساعة
لأسابيع طويلة يجب على الأشخاص قيد الاختبار أن يستلقوا على السرير. يأكلون في وضع الاستلقاء، بل ويأخذون حمامهم في نفس الوضع وكل الفحوصات تتم في نفس الوضعية. ويهدف الاختبار لمعرفة ما إذا كانت هذه الوضعية تؤثر على القلب والدورة الدموية، ولذلك الغرض يتم أخذ عينات من الدم.
تركز الفحوصات على هرمون الميلاتونين، وهو الهرمون المتحكم في النوم. الضوء يتحكم في كمية الميلاتونين التي ينتجها الجسم. في الصباح عند شروق الشمس يكون ضوء الطبيعة أزرقا، وهو الضوء الذي يساعد على الاستيقاظ. في المساء عند غروب الشمس، يكون الضوء أحمرا ودافئا وهو ما يساعد الإنسان على النوم.
كل هذه الأضواء الطبيعية يتم محاكاتها داخل المختبر، وهو أمر معقد شيئا ما، إذ يصعب خلق ذلك الضوء كما هو بالضبط. تقول فون دير فيشه: "نقوم بذلك لخلق كل حالات الضوء ودرجاته وأجوائه، لأنه بذلك يمكن أن نعرف كيف يؤثر الضوء على النوم".
الأسرّة التي يأخذ فيها المشاركون في الاختبار حمامهم في وضع الاستلقاء.
الضجيج والضغط اليومي يؤثر على النوم
بالإضافة إلى اختبارات الضوء هناك اختبار الضجيج، حيث يُعرّض الباحثون الأشخاص قيد الاختبار إلى الضجيج، وهو يشبه ذلك الذي يحدث في محطة فضائية دولية، إضافة إلى ضجيج آخر يشبه ضجيج المدن الكبرى. ويرغب الباحثون في معرفة تأثير الضوضاء التي تأتي من الشارع والنافذة مفتوحة على شخص يرغب في النوم.
كما يتم إيقاظ الناس بعد أربع ساعات من النوم، لتشكيل نوع من الضغط على جسم الإنسان. "عندما يستمر الوضع لمدة أسبوع على هذا الشكل يتم تحفيزهم، وبالتالي يكون رد فعل الجسم مختلفا". حسب ما يقول الطبيب.
كما يتم التحكم في الرطوبة في مختبر „Envihab“، وكذا في تكوين الهواء. يريد الباحثون من خلال ذلك معرفة كيف يتصرف الإنسان في بعض الحالات بكميات قليلة من الأوكسجين، أو إذا كان الإنسان يحتمل ثاني أكسيد الكربون أو النيتروجين.
كل هذه الأشياء يمكن أن تؤثر على رجال الفضاء وكذلك على المسافرين وربابنة الطائرات. المختبر هو محاكاة لوضعية الإنسان وهو بعيد عن الأرض بعشرة آلاف متر، حيث يتم تخفيض الضغط تماما كذلك الذي نعايشه داخل الطائرات.
ي المختبر يتم إجراء اختبارات على جسم الإنسان لمعرفة تأثيرات الجاذبية عليه.
تأثير الجاذبية على الجسم
في المختبر يتم إجراء اختبارات على جسم الإنسان لمعرفة تأثير الجاذبية عليه. حيث يتم توفير نفس الظروف بمضاعفة سرعة الجاذبية ست مرات عن سرعتها الأرضية. ثم تتم مراقبة الأشخاص وهم يتحركون في تلك الوضعية، وذلك باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية والتحكم فيه عن بعد ومن الخارج.
ويتمكن الباحثون من رؤية القلب وباقي الأعضاء. "بهذا الشكل نرى كيف تتصرف أوردة القدمين والساقين والفخذين، وما إذا كانت تتعرض للإجهاد وبالتالي إلى الضرر"، يقول أحد الباحثين.
ضمن الأشخاص المختبرين يوجد رائد الفضاء الألماني ألكسندر غيرست، وهو الذي يخطط للصعود إلى محطة الفضاء الدولية في 2014. يقول الكسندر: "بصفتي رائدا للفضاء فأنا عالم أيضا". ويتابع: "لكنني أيضا كائن للاختبار، وهو أمر يسعدني".
منقول