كنت طـوال العـرض .. أخطـب بالميـدان .
كنت أحـدّثكم .. أرفع صـوتي .. فـتـثـورون !
أخفض صوتي .. فيعـود هـدوء وســكون .
أعـرف أني دغـدغـتُ عواطفكم ..
وأثـرت مشاعركم.
نفـّسـتُ عن الغضب ِ ..
المشتعـل ِ الكامن ِ فيكم ..
فأرحـْتُ عقـولا وبطـون !
أعـرف أني ..
لا أتـقـن غير كلام موزون ..
لا يعكس شيئا من معناه !
أعرف أن "الشعب العربي"
قـد فـقـد مسـمـّاه !!
أصبح أحزابـًا وطوائفَ وشــِـيَعـًا ..
وجـزّءَ ديـن الله .
بل نسيَ الدينَ .. وراح يقاتـلُ ..
لـدعم فسـاد ٍ ، أو جمع المال ِ ، أو الجـاه .
أعلم أنّ الأمـّة ضاعت منها الحكمـة ..
وفـقـدت فـعـل الحريّة ِ والهـمـّة ..
وضاع أمان ، ووفاء !
وضاع الصدقُ ، وضاع الحبُّ ،
وضاعت حتى النخـوة ْ ..
ما عاد بها معتصم ٌ . أو وامعتصماه .
أعـرف والله ..!! أعـرف أن المـوت بـعــزّ ٍ ..
خـير من ذل ٍ وحيـــاة !
أعـرف أن الضـعـفَ .. وأنّ الخـوف ..
عـشـعـشَ في القلب فـأدمـاه !
أعـرف أنــا نكتشف .. خـداعا للنفس ..
حين نقـارن ما حققنـا بالقول ..
بمـا مـن عمـل حققـنـاه !
في جهـة القـول ..
نافقنـا للرؤسـاء وللزعمـاء ..
حاربنـا بصوراريخ الكلمات الأعـداء..
ورفعنـا كلّ شعارات ِ ..
الوحـدة والحريـّة .
وهتفنا للوطن الواحد ..
والشعب الواحد.. والآمـال الـعـربية .
وهـبـّت نسـمات " ربيـع ٍ عـربي "
أنعشـت الآمـال ..
وحققنـا شيئا مما نتمنـاه ..
زرعنا حلمـًا مـا أحـلاه ..
وتراجعنـا ..
فجاء دعـاة الـرّدة ِ ..
وحصدوا .. ما بدماء الشهداء زرعناه .
هل ذاك غباء ..
أم خـوف من درب ٍ مجهـول ٍ..؟
خفنـا أن نكملـه فـتركنـاه ؟؟
هـو هـذا .. أو ذاك ، فلا فـرقَ ..
فنحن جميعا نعـرف فـنّ التضليل ..
أو التّبرير .. وإيجـاد الأعـذار ِ ..
وحفظنـاه ، وأتقنـاه ُ ، ومارسنـاه !
في جهـة الفعـل ..لم نعمـل شيئـا ..
لنحقق شيئا .. وزرعنـا وهمــًا فحصـدنـاه .
فلينظـر كل منـّا في المـرآة ..
ليرى الوجـه الآخـر ..
ويـُدقـِـقَ كم فعـلا تختلـف الأشـباه ؟؟
فليسـكت كلّ الخطباء وكلّ الشعراء..
هـذا خـدر ٌ قـد عـفنــاه ..
هـذا حــلـمٌ ..
كان لـذيذا مـا أحـلاه !
لكن .. حين أفقنـا ..
أدركنا كم كان الحلم قصيرا..
فأفـقنـا نطلب لـطف الله !!
بنهــايـة هـذا الـعـرض ..
أعـتـذرُ إليـكم . فـأنـا منـكم ..
أحمـل نفس الآمـال .. ونفس الآلام..
ونفس الأحـلام .. ونفس الآه !
وأرجـو ما تـرجـون ..
ومـا تـتـمنـون .. أنـا أتمنــّـاه .
فلنتـذكر دومـًـا ..
أن الـقـوم إذا شـاؤوا التغـييرَ ..
وســعـَوا فيـه بصـدق ٍ .. حـقـّـقـه الله .
سليم أحمد حسن
* * *