تحوي في طياتها حكمة ما تكون في الصين لا أدري لماذا ؟
المهم سأروي هذه القصة دون زمان ومكان محددين عن شيخ ، أو كهل ،أو رجل حكيم عاش في الجبال أو الوديان أو الغابات ....
المهم أنه عاش بعيداً عن الناس ووجع الرأس ،وكانت الناس تذهب إليه طلباً للمعرفة...
وكان هناك شاب سريع الانفعال أراد مرشداً له في التحكم بأحاسيسه ... سمع عن هذا الحكيم وقصده..
وقيل له إن قابلك فأنت محظوظ
... هنا تبدأ قصتنا ..
لم يضع الشاب وقته وسافر مكان الحكيم وظل منتظراً.
أخبروه أن الحكيم سيقابله فذهب إليه وطرق الباب وأخذ ينتظر.
تركوه منتظراً ثلاث ساعات
حتى اشتدّ غضبه وعندئذٍ فتحت الباب سيّدة عجوز وأخبرته أن الحكيم سيأتي إليه
حالاً.
ولكن ذلك لم يحدث بل جاءه الرجل بعد ساعة وكان الشاب قد وصل إلى قمة
الضيق والغضب.
جاء الرجل العجوز ورأى الشابُ بساطته في اللباس ،وعندما جلس
بجانبه سأله:
هل تحب أن تشرب شاياً؟
اشتد غضب الشاب وقال في نفسه: هذا الرجل المجنون! تركني أنتظر ثلاث ساعات
بالخارج ثم تركني هنا ساعةً دون أن يعتذر ثم يسألني إن كنتُ أريد أن أشرب شاياً؟!
وظل الشاب يتكلّم وهو غاضب، فقال له الحكيم مرةً أخرى:
أتحب أن تشرب شاياً؟
فلمّا رآه الشاب مصرّاً، قال له هات الشاي! فأحضرت له السيدة الشاي في إبريق
كبير، وقال له العجوز: أتحب أن أصب لك الشاي؟ فقال له تفضل أرجوك!
أخذ العجوز يصب الشاي حتى ملأ الفنجان وأخذ يسيل على الطاولة كلّها إلى أن
وقف الشاب غاضباً وقال له:
ما هذا الذي تفعله معي؟ هل أنت مجنون؟!..
عندئذٍ نظر إليه الحكيم وقال: قد انتهى هذا الاجتماع. تعال إليّ عندما يكون فنجانك
فارغاً.
ثم نهض ليتركه.
راقب فنجانك! لا تدعه يمتلئ بغير إذنك
بدأ الشاب يدرك الأمر ويقول لنفسه: لقد أضعت كل هذا الوقت، ثم تحمّلتُ كلّ ما
فعله معي، والآن أتركه يذهب؟ لا بد من أن أغيّر أسلوبي معه! ثم قال للعجوز: أنا
آسف جداً، لقد جئت إليك من آخر الدنيا فمن فضلك علّمني شيئاً مفيداً، فقال له:
لكي تستطيع العيش في الدنيا بطريقة إيجابيّة عليك أن تلاحظ فنجانك
فقال له الشاب: ما معنى ذلك؟
أجابه الحكيم: عندما تركناك تنتظر ثلاث ساعات كيف كان إحساسك؟
- في البداية كان إيجابياً ثم بدأت أغضب شيئاً فشيئاً حتى كدت أنفجر،
لكننّي كنت مصمّماً على مقابلتك.
فقال له الحكيم: وكيف كان إحساسك عندما تركناك ساعةً في البيت؟
- كنت غاضباً أكثر وأكثر!
فقال له الحكيم: وعندما صببتُ الشاي في الفنجان؟ هل من الممكن أن نصبّ في
الفنجان قدراً أكبر من حجمه؟!
- لا، لا يمكن
- وماذا حدث عندما استمرّ صبّ الشاي في الفنجان؟
- سال الشاي على الطاولة كلّها
فقال له الحكيم: وهذا بالضبط ما حدث لأحاسيسك. جئت إلينا بفنجان فارغ، فملأناه
إلى أن بدأ يطفح، وهذا يسبب لك أمراضاً! لو أردت ان تعيش سعيداً في حياتك فعليك
أن تلاحظ فنجانك، ولا تسمح لأحد أن يملأه لك بغير إذنك.
انتهى الاجتماع، وبينما الشاب يهمّ بالمغادرة قال له الحكيم:
مهلاً يا عزيزي، أنسيت أن تدفع ألف دولار أجرة الدرس؟ فامتلأ فنجان الشاب مرةً
ثانية!
وأنت، من يملا فنجانك