طفل من شعبي للشاعر حنا أبو حنا من قرية الرينة.

مهداة إلى ذلك الطفل وصديقه اللذين تعاونا فرفع أحدهما الآخر ليطل على شباك غرفة سجين وغالب العتمة حتى رآني فحياني ثم قذف في داخل الغرفه بهذه الكلمات : " تخفش منهم .. كن شجاع "

خلف القضبان ، من الشباك يطل جبين
كهلال طفل [ هلَّ] عليّ
وضاحِ الاشراق فيّ
كالنعنع غض ، كالريحان شذاه حنونْ
خلف القضبان يطل جبين
وتشع تفتش في حلك الدهليز عيون
وترف كأجنحة بيضاء
وتحوم في عزمٍ ومضاءْ
تتحدى العتمة ، تبحث عن آثار سجين
خلف القضبان تشع عيون
عينا طفل لمّا يتجاوز عشر سنين
يتسلق شباك السجنِ
ويطل لكي يبحث عني
ويفيض على أفقي الساجي أملا وحنين
****
وأنا في زاوية الغرفة
ارقبه وفي قلبي لهفة
يا طير بشباكي ، ماتحمل ، ياغصن الزيتون ؟
وصمت اراقب عينيه
وتشبث قوة كفيه
بضلوع الشباك الأخضر
كمخالب نسر لا يقهر
وأنا أترقب .. ماسيكون ؟
ويوشوش صوتٌ في قلقٍ : هل تبصره ؟
فيرد بوشوشة بَرِماً : " لا أبصره فظلام الغرفة يستره"
ويعود يحدق في عزم
ويسود سكون

****
ويوشوشهُ الصوت الأول :
" ما بالك لاتبصر ؟ إنزلْ
إنزل وارفعني على كتفيك
عيناي انا في العتمة خير من عينيك
لكن ظل على الشباك يطل شجين
يتحدى العتمة، يبحث عن آثار سجين
وتمر على الصمت ثوان
تتألق فيها العينان
ويغرد في فرحٍ صوته :
" أبصرتُهُ ..
إني أبصرته
****
حيّي ، فأجبتُ تحيته
وكسا بالقوة طلعته
وبصوت سحري الإيحاء
منحوت من ماس وضاء
هتف شفتاه : " اصمد ، لاتخشهم ابداً
وتشجع لاترهبْ أحداً
اصمد ، فالنصر لمن صمدا "
****

حنا ابو حنا شاعر من قرية الرينة قرب الناصرة درس في القدس وعلم الأدب العربي في الكلية الأرثوذكسية في حيفا وعلى يديه تتلمذ معظم شعراء المقاومة العربية في فلسطين .