د. القرضاوي: «اللواط» و«السحاق» فاحشتان محرمتان مثل الزنا
موقع القرضاوي/ 24-2-2008
الدوحة - محمد المصري
أكد فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي-رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- أن الحياة تقوم على زوجين مختلفين هما الذكر والأنثى لا على مثلين متشابهين. وذكر أن استغناء الرجال عن النساء واستغناء النساء عن الرجال يعني فناء البشرية. ووصف النفوس التي فارقت فطرتها ورضيت بالمثلية بأنها منحطة إنسانيا. وقال إن الأصل في الإنسان أنه مجبول على أن يميل إلى الجنس الآخر، فالرجل يميل إلى المرأة والمرأة تميل إلى الرجل ولا يستغني أحدهما عن الآخر. وبين أن « المثلية» تعتبر شذوذا عن الفطرة الإنسانية وقال إن «اللواط» بين الرجال و «السحاق» بين النساء يعتبر فاحشة محرمة عقوبتها مثل عقوبة الزنا.
وأوضح أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان من ذكر وأنثى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، وفي آية أخرى {وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إلَيْهَا}.
وأشار إلى أن لأصل هو الميل الفطري بين الجنسين والقرآن ذكر أن الكون قائم على الزوجية وليس على المِثلية وقاعدة الزوجية قاعدة كونية {سبْحَانَ الَذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ ومِنْ أَنفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ}، {ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}
وأضاف بأن كل ما يضاد الفطرة ليس من ورائه مصلحة لا للإنسان ولا لغيره من الأحياء. وهو ضد مصلحة الإنسان وضد مستقبله.. ووصف النفوس التي فارقت فطرتها ورضيت بالمثلية بأنها منحطة إنسانيا.
وأشار فضيلته إلى أن القرآن الكريم حكى لنا قصة قرية ارتكبت الخبائث {..القَرْيَةِ الَتِي كَانَت تَّعْمَلُ الخَبَائِثَ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ}، وهي قرية قوم لوط الذين قال لهم نبيهم: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِينَ وتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} واستنكر عليهم ترك المرأة الطاهرة التي خلقها ربنا وأعدها لإشباع غريزة الرجل إلى النجاسة {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} ووصفهم بالعدوان والجهل وبالإسراف {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} وفي آية أخرى وصفهم بالإفساد {قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى القَوْمِ المُفْسِدِينَ} وبين أن القرآن وصفهم بكل نقيصة.
وأوضح أن الله عاقب قوم لوط وخسف بهم الأرض، ولفت إلى أن القرآن ذكر أن فيه عقوبتين أصابتا القرية التي كانت تعمل الخبائث فقد جعل عاليها سافلها وأمطر عليها {حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ، مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ}، كل حجر ذهب لصاحبه ليصيبه فالحجارة للأشخاص والبلدة أصبح عاليها سافلها وأكد فضيلته أن ما حدث للقرية التي كانت تعمل الخبائث يجب أن يكون مثلا وعبرة للناس إلى يوم القيامة حيث يظل التهديد الإلهي قائما بنص قوله تعالى: {ومَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}..
جاءت تأكيدات فضيلته في إجابات واضحة وصريحة على أسئلة وجهتها إليه صحيفة «العرب» القطرية فيما يلي تفاصيلها.
* ما تعقيبكم على من يقولون بأن الشذوذ ليس اختيارا بل يُخلَق مع الإنسان الشاذ وبالتالي فإن ما يفعله من سلوك يكون نتيجة اضطرابات نفسية وسيكولوجية؟
- هذا كلام غير صادق لأنه لو كان الإنسان يستغني عن الجنس الأخر لكان له صورة أخرى وتركيبة جسدية غير التي خلقه الله عليها، لماذا خلق ربنا الجهاز التناسلي للرجل مختلفا عن الجهاز التناسلي للمرأة؟.
إن اختلاف الجهاز التناسلي في المرأة عن الرجل يعني أنهما مختلفين وأن كلا منهما مكمل للآخر ولا يمكن أن يكون الرجل بديلا عن المرأة ولا أن تكون المرأة بديلا عن الرجل ولو استغنى أي منهم عن الآخر فهذا قلب لأوضاع الحياة.. وأشار إلى أن في القرآن ذكر آية رائعة تصف قوم لوط تقول: {لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}، وتصفهم بأنهم ناس سكارى، كالمدمن الذي يكون في حالة سُكْر وفي حالة غياب عقلي وهو ليس إنسانا سويا وهذا يعني أن الخروج عن الطبيعة الإنسانية آفة كبيرة..
عقوبة اللواط والسحاق
- ما عقوبة من يمارس فاحشة اللواط والسحاق؟
عقوبة كل من ينحرف جنسيا مثل عقوبة الزاني والقرآن سمَّى الزنا فاحشة قال تعالى: {ولا تَقْرَبُوا الزِّنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلاً} وسمى عمل قوم لوط فاحشة أيضا {أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ}، {أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ وأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} فالفاحشة محرَّمة {ولا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنَ}. وقد اختلفت المذاهب الفقهية في العقوبة وبعضهم يعاقَب مرتكب فاحشة اللواط معاقبة الزاني فنفرق بين المتزوج وغير المتزوج وبين المتزوجة وغير المتزوجة وبعضهم قال الاثنين عقوبتهم سواء وبعضهم قال نرميهم من حالق - مكان مرتفع- كما فعل ربنا في قوم لوط وبعض الفقهاء قال نُحرِّقهم. ويمكن أن نختار منها ما هو أقرب وأخف في عصرنا مراعاة لعموم البلوى لأن عموم البلوى بالمصائب وبالمعاصي من المخفِّفات في التشريع الإسلامي، إنما المهم تجريم هذا العمل.
اختلاف عقوبة اللواط والسحاق
- إذا كان اللواط والسحاق يدخلان في باب واحد وهو ميل كل جنس إلى جنسه، لماذا اختلفت العقوبة بين الرجل والمرأة؟ بين عقوبة اللواط وعقوبة السِحاق؟
لأن فعل المرأة للسِحاق أخف من فعل الرجل للواط من الناحية العملية ولو تكلمنا عن جريمة الزنا فهناك زنا.. وهناك مقدمات للزنا مثل التقبيل والمفاخذة والملامسة. والسِحاق أشبه بمقدمات الزنا فلذلك اختلف فيه الفقهاء بين من يقول إنه مثل مقدمات الزنا وبين من يقول إنه مثل الزنا. وفي كلتا الحالتين فهو فاحشة محرمة.
الميل الجنسي يشبه الزنا
- هل يعاقَب المرء وعلى وجود ميل له تجاه أحد من أبناء جنسه؟ وهل العقوبة على الخطيئة فقط أم على الممارسة؟
نعم يعاقَب.. كما يعاقب الزاني، لأن الزنا انحراف جنسي. ولا يمكن أن يكون الانحراف شيئاً فطرياً كما لا يمكن أن يُحرِّم الله على الناس شيئا يحتاجون إليه، هذه قاعدة معلومة. لا يمكن أن يُحرِّم الله على الناس شيئا يحتاجون إليه، لو احتاجوا يجيزه لهم بقدر الحاجة لأن الضرورات تبيح المحظورات والحاجة تنزل منزلة الضرورة فلا يمكن أن الإنسان يحتاج إلى الانحراف الجنسي. وليس كل ما يميل إليه الإنسان يكون حلالا؟ وإلا فما فائدة الإرادة البشرية التي يجب أن تبعد الإنسان عن الفواحش والمحرمات، وكل ما ترفضه الفطرة الإنسانية السوية.
توبة الشواذ
- هل باب التوبة مفتوح أمام الشواذ؟
نعم مفتوح ونحن لا نغلق الباب أمام الشواذ، هم ارتكبوا الخطيئة ولكن بإمكانهم أن يتوبوا إلى الله وباب التوبة مفتوح {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} وكما فتح الله باب التوبة للزُناة يفتحه للشواذ، القرآن يقول {والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهاً آخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ بِالْحَقِّ ولا يَزْنُونَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إلاَّ مَن تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}، وكما فتح الله الباب للزناة وللقتلة، فتحه للشواذ ولكن إذا وجدوا الإرادة ليغيروا ما بأنفسهم.
ولابد من موقف قوي ممن أصيب بالشذوذ ونعتبره مرضاً يستحق أن نعالجه ولكن لا نتوسع في هذا ولا نعتبره أمرا طبيعيا حتى لا نفتح لهم الأبواب وإلا ضاعت مجتمعاتنا، إذا قلدنا المجتمعات الغربية وسرنا وراءها شبراً بشبر وذراعا بذراع حتى لو ارتكبوا مثل هذه المُوبقات حاولنا تبريرها. لابد أن تظل مجتمعاتنا متميزة بقيمها الأخلاقية بقيمها السلوكية برجولة رجالها، والرسول لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ونهى الرجل أن يلبس لبس المرأة والمرأة أن تلبس لبس الرجل.
الوقاية قبل العقوبة
- هل الحل أن نضرب بيد من حديد على كل من تسوِّل له نفسه مثلاً الزجّ بأبناء المسلمين في مهاول هذه الرذيلة؟
الإسلام دائماً يبحث عن الوقاية قبل العقوبة، درهم وقاية خير من قنطار علاج، وفي سورة النور آية واحدة تنص على العقوبة {الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وفيه عشرات الآيات في باقي السورة لتربية الإنسان مثل قوله تعالى:{ولْيَسْتَعْفِفِ الَذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}. وهناك آيات تدعو لرعاية الآداب والعورات، تطهير المجتمع من أسباب الإغراء منها قوله عز وجل: {ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، وهناك آيا ت تدعو لتشجيع الزواج {وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ والصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وإمَائِكُمْ إن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ}.
وكلها آيات تبين أشياء كثيرة جداً تمنع الزنا والعقوبة آخر شيء فالإسلام لا يمنع الجريمة ولا يمنع الفاحشة بمجرد العقوبة لا، لابد من إيجاد وسائل تربوية وتثقيفية وتوعوية وتطهيرية حتى لا يقع الناس في هذا قبل أن نعاقبهم..
دور المجتمع
- ما هو دور المجتمع حكاماً ومحكومين تجاه المجاهرة بهذه الفاحشة وتفشيها وسط الشباب؟
لا يجوز أن يسمح المجتمع بالمجاهرة أبداً ولا بإشاعتها ولا أن تصبح أمراً طبيعياً، لا يجوز هذا في مجتمع مسلم.. هذا ضد المجتمع المسلم على خط مستقيم.. المفروض اختفاء الناس التي تعمل الفواحش، ولا يصح أن يوصف رجل في مجتمع مسلم بأنه مخنَّث وأنه يتشبه بالنساء ومن يعمل هذا يجب أن يستتر.. ولابد أن يبقى الحياء في مجتمعاتنا حاكماً في هذا الأمر لأن هذا ما يميز المجتمع المسلم، وإذا تخلى المجتمع المسلم عن خصائصه ومقوماته انتهى المجتمع وأصبح مجتمعا آخر لم يعد من مبرر لوجوده.
كيفية إنكار الشذوذ
- هل يُعد السكوت عن هذه الظواهر المنافية للفطرة تقصيراً في القيام بالأمر المعروف والنهي عن المنكر؟
نعم هو هكذا، لا يجوز السكوت على هذا المنكر إذا انتشر يجب تغييره وبالقوة إذا أمكن «فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» ومعنى التغيير بالقلب على الأقل ألا يجلس المسلم مع هؤلاء الشواذ ولا يشجعهم ولا يأكل معهم ولا يشرب معهم إلى آخره..
علاج الشذوذ
- بعض الشباب يقولون إنهم يشعرون بميولات «مثلية» أوشاذة ويريدون التخلص منها، كيف يُفتَرض أن يكون ردنا، تعاملنا مع هؤلاء؟ وما الطريق إلى العلاج؟
هذا سلوك سويّ، لابد أن نساعدهم على هذا من ناحية الطب النفسي ومن الناحية الاجتماعية، ونساعدهم على هذا من الناحية الدينية. ممكن أن يشارك في العلاج طبيب نفسي، وأخصائي اجتماعي، وعالم ديني ويجب أن تتعاون كل الفئات على علاج هذا الأمر.. نحن لسنا عدوانيين ضد هؤلاء المثليين لا بالعكس نحن نشفق عليهم ولكن لا نريد أن نفتح الباب لهم كما فتحه الغربيون واعتبروا سلوكهم ظاهرة طبيعية حتى انتشرت هذا الانتشار الكبير.. وأصبح لهم جمعيات ولهم أحزاب تدافع عن شذوذهم.
دور الأبوين
- ما دور الآباء والأسرة عموماً، حينما يشعر الأب أو الأم بميولات غير طبيعية للابن، أو في خُلُقه مبكراً؟
لابد أن يتصرفوا بحكمة مع هؤلاء الأولاد، يعرضوهم على طبيب نفسي، يشتكوا لواحد من أهل الخبرة ماذا نفعل في هذا الأمر؟
ولا يصح أن يكون العلاج بالضرب لأنه سيؤدي للعناد مما يزيد الطين بلَّة - كما يقولون- والداء علَّة. لابد من دراسة الأمر بعناية وأن يتم البحث عن علاج له، قد يكون هذا العلاج عند طبيب أو عند واحد من أهل الحكمة وقد يكون العلاج بتغيير البيئة.. أو نحبب إليه الجنس الآخر إذا كان معزولاً عنه.
أحيانا يتمثل السبب في أن المجتمع منغلق جداً لا يرى الرجل المرأة، و الإسلام فتح الباب نوعاً ما حتى يرى الرجل المرأة على الأقل عندما يريد أن يتزوجها حتى تظل العلاقات طبيعية وحتى يميل الرجل إلى المرأة وإذا مال إليها حاول أن يخطبها وبعد الخطبة يتزوجها فتكون الحياة طبيعية. إذا كان المجتمع غير طبيعي أمكن أن يكون هذا من أسباب انتشار هذه الجريمة الكبيرة التي هي ضد الأخلاق والدين وضد الإنسانية في النهاية.