الإنسان كائنٌ حي يتعرض لمؤثرات مختلفة بعضها داخلي وبعضها الآخر خارجي، وهذه المؤثرات تؤدي لأن يغضبوا ولكن هذا الغضب يكون بدرجات متفاوتة، فالبعض يظهر عليه الغضب والبعض لا يظهر عليه ويبقيه في داخله.
والأطفال هم أكثرُ تعرضاً للغضب لقلة إدراكهم ووعيهم، وأيضاً يختلف الغضب عند الأطفال، فبعضه يكون شديداً والبعض أقل، فهو إذن بدرجات متفاوتة، ولكن جميع الأطفال يغضبون لأي شيء حتى لو كان بسيطاً وهذا يعود إلى قلة إدراكهم ووعيهم.
نوبات الغضب
إن نوبات الغضب هي من المظاهر الانفعالية وهي شائعة عند الأطفال بغض النظر عن أجناسهم وجنسياتهم وثقافتهم، فالأطباء يعتبرونها عادية عند الأطفال، ولكن إذا تجاوزت حدّها وكانت شديدة فستكون غير طبيعية، فلذلك ستكون مرضية.
إن نوبة الغضب الحقيقية هي العاطفة الزائدة، والتي تؤدي لانفجار حقيقي بسبب عدم حصول الطفل على ما يريد.
الدوافع ونوبات الغضب
يوجد عند كل طفل حافز ذاتي، فيسعى لأن يتعلم وينجح في الكثير من المهام الصغيرة التي يقوم بها، فالطفل- مثلاً- لديه حافز للمشي، فيحبو ومن ثم يمشي من دون معوقات وبعد أن ينتقل إلى المدرسة يوجد لديه حافز آخر في التعلم، ولكن في بعض الأحيان لا ينجح في تحقيق هذا الحافز ويفشل، ولا ننسى بأن مستويات الأطفال ليست واحدة، بل هي مختلفة، وهذا عائدٌ لأسباب فسيولوجية جسمية أسرية واجتماعية وبيئية، فمن هؤلاء الأطفال مَن يعترف بفشله وينتقل إلى عمل آخر، ومنهم من يستسلم للفشل ولا يحاول المثابرة مرة أخرى، ومنهم من يتأثر بالفشل ويصرخ ويشتم ويغضب وفي هذه الحالة دليلٌ على مثابرة الطفل من أجل تحقيق الحافز الذاتي عنده.
أسباب الغضب عند الأطفال
قد يتبادر للكثير من الناس بأن غضب الأطفال بسبب عدم الحصول على ما يريدونه أو يحتاجون إليه، ولكن في الحقيقة له أسباب كثيره وهي:
*- البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد كأن يغضب الطفل نتيجة عدم اهتمام والديه أو إخوته به.
*- عدم تحقيق الأطفال لحاجاتهم وخاصة الحاجات الفسيولوجية.
*- انتقاد الأطفال وإغاظتهم ولومهم والتجسس عليهم.
*- تكليف الأطفال بأعمال صعبة فوق مستواهم.
*- التدخل في أي عمل يقومون به والتدخل في ألعابهم.
*- التحكم في تصرفات الطفل وأن نفرض عليه أشياء معينة لا يرغبها كتناول الطعام.
*- القصور: وذلك بتكليف الأطفال أعمالاً تفوق قدراتهم، ولذلك يقصرون في أداء هذه الأعمال فيلومهم الوالدان وهذا يعرضهم للإحباط.
*- التفرقة والتمييز: فملاحظة الطفل لوالديه عندما يهتمان بطفل آخر في البيت أكثر منه ويميزانه في الرعاية والمعاملة فإنه يشعر بالظلم والقهر والكبت مما يولد عنده الحقد.
*- الدلال أو القسوة الزائدان: إن تعويد الطفل على الدلال ولكن بعد فتره من الزمن عندما يطلب الطفل شيئاً من الوالدين ولا ينفذان له هذا الشيء فيولد عنده الغضب، أيضاً الظلم والقهر والكبت والقسوة وهذا يؤدي في طريقه للغضب.
*- شعور الطفل بالإخفاق والنقص كعدم حصول الطفل على علامة مثل زملائه.
*- غضب الطفل من نفسه (ذاته): فإذا كان الطفل مريضاً ورغب في أن يأكل نوعاً معيناً من الطعام ولم يستطع، فإنه يغضب وقد يغضب على والديه وهذا يعود إلى ضيق تفكيره.
*- المرض: إن الأمراض الناتجه عن اضطراب في إفرازات الغدد والناتجه عن الالتهابات أيضاً تؤدي إلى انفعالات نفسية عند الطفل.
*- عدم استطاعة الأطفال في تحقيق أحلامهم بالقيام بأعمال ما.
*- إن الآباء يحاولون فرض إرادتهم على أطفالهم ويثبطون عزائمهم عند قيامهم بأمر ٍ ما، وهذا ناتجٌ عن رؤية الآباء بأن أطفالهم لايستطيعون القيام بذلك الأمر أو ناتجٌ عن جهل الآباء بأساليب التربية الصحيحة.
*- محاولة إجبار الوالدين لأطفالهم على أن يلبسوا لباساً معيناً أو على طعام يختارونه لهم أو أن يناموا في وقتٍ معين والطفل لا يرغب في ذلك فيغضب عندئذ.
من أشكال الغضب عند الأطفال يتخذ الغضب أشكالاً عدة، فمنها:
*- هياج وصراخ الأطفال.
*- يقوم البعض بإلقاء نفسه على الأرض.
*- يستخدم بعضهم أي أداة يمسكونها ويضربون بها أي شيء ويكسرونه.
*- البعض يقوم بضرب رأسه بالحائط أو بالأرض.
*- البعض يقوم برفس الأرض بالقدمين.
*- بعضهم يقوم بعض أي شيء أو عضِ أحد أفراد أسرتهم.
*- الاحتجاجات اللفظية واستعمال ألفاظ غير جيدة.
*- تمتمة الطفل ببعض الألفاظ وتطرأ على وجهه تغييرات. وأضيف أيضاً الى اسباب الغضب:
*- حدوث الغيرة عند الأطفال.
*- عندما نستخدم العقاب البدني مع الأطفال.
ماذا ينتج عن الغضب؟
إن ّ الضغط الشديد والمتكرر ينتج عنه ما يلي:
*- ارتفاع ضغط الدم مما قد يؤدي إلى انفجار في أحد شرايين الدماغ.
*- تضيّق شرايين القلب والزيادة في سرعة نبضات القلب حيث تنخفض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الدم وتزداد نسبة القلوية في الدم، ونسمع من بعض الناس أن معدته تؤلمه لأنه غضب من موقف ما وأيضاً تتقلص عضلات القلب ويحدث ألم في الأطراف.
*- حدوث اضطرابات في إفرازات الغدد الصماء. وهذا يؤدي بدوره إلى خلل في وظائف الجسم وتنعكس على الجسم فتحدث الأمراض المختلفة. وأضيف أيضاً إذا استمر الغضب عند الطفل ولم يرعَ الوالدان الطفل رعاية سليمة، فإنه قد يستمر معه ويولد عنده الغيرة والحقد والحسد وارتكاب أعمال سيئة كالتعوّد على شتم الآخرين وضرب الآخرين بسبب أو من دون سبب، ومن ثم قد يرتكب الجرائم، وخاصة كلما تقدم به العمر.
كيف نتفادى غضب الأطفال؟
في كثير من الأحيان لا تستطيع الأم أن تتجنب نوبات الغضب عند أطفالها لأن خيبة أمل الطفل تكون خارج سيطرتها.
أما إذا كانت الأم متعلمة ومثقفة فسيسهل تعاملها مع أطفالها لتجنب نوبات الغضب وخاصة إذا كان الطفل من النوع الهادئ، فالمهارة وحسن المعاملة مطلوبة من الأم لتفادي نوبات الغضب عند أطفالها حيث تقوم بإشعار الطفل بأن من حقه مثلاً أن يختار طعاماً أو لباساً يريده.
إنه من الواجب على الأم أن:
*- لا تعطي أوامر مطلقة لا يمكن التراجع عنها لأن الطفل قد يتشدد وبالتالي تضطر الأم نتيجة غضب الطفل لأن تتراجع عن هذه الأوامر.
*- أن تعامل الطفل باحترام كأنه كبير في السن.
*- أن تلفت انتباه الطفل بألا يعبث بأشياء ضارة تعرّضه للخطر.
إذا فشل الطفل في عمل ما فيجب على الأم ألا تغضبه أو تضربه.
كيف نتغلب على غضب الأطفال؟
إن التعامل مع الأطفال ليس كالتعامل مع الكبار، وذلك لقلة إدراك الأطفال، فالطفل الذي يصاب بالغضب يفقد الإحساس والوعي وإذا طلبنا منه السكوت أو عدم تكسير الأشياء مثلاً فإنه لا يستجيب لقلة إدراكه، ولذلك يجب على الأم ألا تترك الطفل يضرب غيره أو يكسر الأشياء وتحاول منعه بقوتها.
ومن الواجب على الوالدين ألا يقوما بمقابلة غضب الطفل بالغضب أيضاً، علماً بأن هذا الكلام من الناحيه التطبيقية قد يكون صعباً في كثير ٍ من الأحيان. ومما يجدر التنبيه إليه أيضاً بألا يقوم الوالدان بمعاقبة الطفل وهو في حالة غضب، وإذا عوقب وهو في حالة غضب فسيشعر بأن العالم كله ضده. ويجب على الوالدين أيضاً أن يتجنبوا العقاب البدني وخاصة في حالة غضب الأطفال فالنصح والإرشاد أفضلُ من العقاب البدني.