وسر ذلك : أن الحزن موقف غير مسير، ولا مصلحة فيه للقلب، وأحب شيء إلى الشيطان :أن يحزن العبد ليقطعه عن سيره ويوقفه عن سلوكه، قال الله تعالى : {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا } [المجادلة: 10].
ونهى النبي الثلاثة أن يتناجى اثنان منهم دون الثالث، لأن ذلك يحزنه، فالحزن ليس بمطلوب ولا مقصود، ولا فيه فائدة.
وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن" فهو قرين الهم والفرق بينهما :
أن المكروه الذي يرد على القلب إن كان لما سيتقبل : أورثه الهم، وإن كان لما مضى : أورثه الحزن وكلاهما مضعف للقلب عن السير، مقتر للعزم، ولكن نزول منزلته ضروري بحسب الواقع، ولهذا يقول أهل الجنة إذا دخلوها : {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34]
فهذا يدل على أنهم كان يصيبهم في الدنيا الحزن كما يصيبهم سائر المصائب التي تجري عليهم بغير اختيارهم.
وأما قوله تعالى : {لَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92] فلم يمدحوا على نفس الحزن، وإنما مدحوا على ما دل عليه الحزن من قوة إيمانهم، حيث تخلفوا عن رسول الله لعجزهم عن النفقة، ففيه تعريض بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلفهم بل غبطوا نفوسهم به.
وأما قوله في الحديث الصحيح : "ما يصيب المؤمن من هم ولا نصب ولا حزن إلا كفر الله به من خطاياه، فهذا يدل على أنه مصيبة من الله يصيب بها العبد يكفر بها من سيئاته لا يدل على أنه مقام ينبغي طلبه واستيطانه.
وأما حديث هند بن أبي هالة في صفة النبي صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان فحديث لا يثبت وفي إسناده من لا يعرف.
وكيف يكون متواصل الأحزان وقد صانه الله عن الحزن على الدنيا وأسبابها؟
ونهاه عن الحزن على الكفار وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فمن أين يأتيه الحزن؟
بل كان دائم البشر ضحوك السن، كما في صفته صلى الله عليه وسلم: الضحوك القتال صلوات الله وسلامه عليه.
وأما الخبر المروي : "إن الله يحب كل قلب حزين" فلا يعرف إسناده، ولا من رواه، ولا تعلم صحته، وعلى تقدير صحته :
فالحزن مصيبة من المصائب التي يبتلي الله بها عبده، فإذا ابتلى به العبد فصبر عليه أحب صبره على بلائه.
وأما الأثر الآخر: "إذا أحب الله عبدا نصب في قلبه نائحة، وإذا أبغض عبدا جعل في قلبه مزمارا" فأثر إسرائيلي قيل : إنه فى التوراة.
وله معنى صحيح، فإن المؤمن حزين على ذنوبه، والفاجر لاه لاعب مترنم فرح.
وأما قوله تعالى عن نبيه إسرائيل : {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } [يوسف: 84] فهو إخبار عن حاله بمصابه بفقد ولده وحبيبه وأنه ابتلاه بذلك، كما ابتلاه بالتفريق بينه وبينه.
وأجمع أرباب السلوك : على أن حزن الدنيا غير محمود إلا أبا عثمان الحيري فإنه قال : الحزن بكل وجه فضيلة وزيادة للمؤمن ما لم يكن بسبب معصية قال : لأنه إن لم يوجب تخصيصا فإنه يوجب تمحيصا فيقال : لا ريب أنه محنة وبلاء من الله بمنزلة المرض والهم والغم، وأما أنه من منازل الطريق : فلا والله سبحانه أعلم.
المرأة و الحزن في القرآن الكريم
لفت نظري حرص الله تعالى أن لا يصيب النساء الحزن ، وكأن العناية به في حق النساء أكثر منه في حق الرجال !!
ففي زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول تعالى { ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } ، فلماذا خص الحزن بالذكر ، وهو مجرد أحاسيس ، وليس عذابا ماديا ؟!
وفي قصة مريم عليها السلام يقول تعالي {فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا } .
وفي قصة أم موسى يهيء الله تعالى لها عجائب في إنقاذ وليدها موسى ( عليه السلام) ، ليعيش في كنف عدوه معززا مكرما ،. ثم يعيده تعالى إليها ، لترضعه ، وكل تلك الأقدار الغريبة يقدرها الله تعالى لكي (لا تحزن) . فيقول الله تعالى عند أمرها بما تعجز الأم عن فعله ، وهو أن تلقي ولدها في الماء ، وتلقيه ليحف به الموت من كل مكان ، فيبشرها الله تعالى بأن تفعل ذلك ثقة بالنجاة ، فلا تحزن : { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } ، ثم يقول تعالى عنها بعد أن أرجعه إليها { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ } ، نعم قدر الله كل تلك العجائب لأمر في عين الله عظيم ، وهو لكي لا تحزن !!
لماذا كل هذه العناية بعدم إصابة المرأة بالحزن ؟!
هذا يدل أن حزن المرأة عميق ، وأنه عذاب شديد ، لا يستحقه قلبها العاطفي .
وهو يدل على أن الله تعالى يكره للمرأة أن تحزن ، وأن عدم نزول الحزن بقلب المرأة مما يحبه الله تعالى ، ويتولى سبحانه تهييء الأسباب له . خاصة إذا كانت امرأة صالحة ، تحب الله تعالى ورسوله
من اجمل ماقرأت سبحانك ماالطفك
بختة المراقب العام المميز
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
بطاقة الشخصية المجلة: 50
موضوع: رد: الحزن في القرآن 11/1/2013, 15:10
"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن"
بارك الله فيك
دكتورة.م انوار صفار Admin
تاريخ التسجيل : 04/04/2010 البلد /المدينة : bahrain
بطاقة الشخصية المجلة:
موضوع: رد: الحزن في القرآن 11/1/2013, 15:55
أجمع أرباب السلوك : على أن حزن الدنيا غير محمود إلا أبا عثمان الحيري فإنه قال : الحزن بكل وجه فضيلة وزيادة للمؤمن ما لم يكن بسبب معصية قال : لأنه إن لم يوجب تخصيصا فإنه يوجب تمحيصا فيقال : لا ريب أنه محنة وبلاء من الله بمنزلة المرض والهم والغم، وأما أنه من منازل الطريق : فلا والله سبحانه أعلم.
بارك الله فيك وجعله من موازين الحسنات
فؤاد حسني الزعبي المراقب العام المميز
تاريخ التسجيل : 22/10/2011 العمر : 81 البلد /المدينة : فيينا - النمسا
موضوع: رد: الحزن في القرآن 11/1/2013, 17:59
ففي زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول تعالى { ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } وفي قصة مريم عليها السلام يقول تعالي {فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا } . وكذلك في قصة أم موسى عليه السلام. وهو يدل على أن الله تعالى يكره للمرأة أن تحزن ، وأن عدم نزول الحزن بقلب المرأة مما يحبه الله تعالى ، ويتولى سبحانه تهييء الأسباب له . خاصة إذا كانت امرأة صالحة ، تحب الله تعالى ورسوله