فن النحت .. نشأته .. انتشاره .. أهميته .. واسسه الفنية
..
فن النحت من أقدم الفنون
وأكثرها انتشارًا وتنوعًا في العالم.
وقد يكون النحت قطعة صغيرة،
كما يمكن أن يكون تمثالاً ضخمًا مثل تمثال الحريَّة.
وعلى الرغم من أن كلمة نحت تعني قَطْع أو حَفْر،
إلا أن النَّحت يشمل الأعمال التي يتم تشكيلها أو بناؤها أيضًا.
ترجع أقدم الأعمال النحتية
الموجودة اليوم إلى العصر الحجري الأول،
فعمرها يزيد على الثلاثين ألف سنة.
أهمية النحت
تسجيل التاريخ
وصلت معلومات كثيرة عن السابقين وحضاراتهم
وأفكارهم وطرائق حياتهم عن طريق الأعمال النحتية.
واستُخدم النحت استخدامًا عقائديًا
عند كثير من الشعوب،
وفي حقب تاريخية مختلفة. كما عبَّر به الفنانون
عن وُجُهات نظرهم، وسجَّلوا به تاريخهم.
فالحضارات اليونانية والمصرية القديمة والسبئية
والآشورية والبابلية والصينية والهندية واليابانية
قد وصلتنا عن طريق النحت.
ونستطيع الآن بمشاهدة الأعمال النحتية المصرية القديمة
أو الإغريقية أو غيرها أن نرى الطريقة التي
كان يَزْرع بها الناس وقتذاك، ونتعرف على
أزيائهم وجميع أنشطتهم.
الأثر التذكاري.
يعتبر فن النحت من أنسب الفنون التي يمكن استخدامه
ا في تخليد الذكرى لأن النحاتين
يعتمدون على مواد معمرة كالحجارة والمعادن.
ويسمى هذا النوع من الفن النحت التذكاري.
احتفظت كثير من الحضارات
بتماثيل لأشخاص أدوا أدوارًا مهمة
في تاريخ هذه الحضارات.
التعبير الفني.
يُنتج كثير من الفنانين أعمالهم من أجل
إشباع حاجاتهم الابتكارية؛ أو للاتصال وللتعبير
عن أفكارهم ومشاعرهم الخاصة،
أو لمجرد عمل شيء جميل،
أو لتجريب خامات جديدة،
كما في فن النحت المعاصر الذي
يستخدم الفولاذ والبلاستيك والزجاج
والألومنيوم وغير ذلك.
جزء من العمارة.
ارتبط فن النحت بالمِعْمار منذ أقدم العصور،
وذلك لاستخدامهما خامات واحدة، ولاحتياجهما
إلى نفس المهارات. ونرى كثيرًا من المباني القديمة
تُستَكْمل بأعمال نحتية، تُعَدُّ جزءًا مكمِّلاً لها،
بل إن بعض المباني المعمارية القديمة،
كانت تُنْحت كلها من الصخر
ولم يقتصر دور النحت في العمارة
على الإكمال والتزيين،
بل كان له دور عملي؛ فقد كانت بعض الأعمال
النحتية الإغريقية تلصق على جوانب المباني
(على الإفريز) لتقويتها. وكانت بعض الأعمال الفنية
تقوم بدور الأعمدة التي تسند المبنى،
كما في مبنى الأَكروبول في أثينا.
أما الأساليب المتَّبعة في هذا الفن،
فأهمها عملية النحت (أو الحَفْر) من
القطع الخشبية أو الصخرية، أو غيرها،
حيث يتصور النحات الشكل النهائي ويستخلصه
من الكتلة التي أمامه.
والأسلوب الثاني المستخدم في هذا الفن
هو التشكيل أو البناء بإضافة طبقات
من الطين أو الشمع أو غيرهما من المواد.
وكانت هذه المواد تعطي قوة بحرقها
(كما في حالة أعمال الطين الصغيرة الحجم)
أو بصبها بالألومنيوم أو البرونز
أو بالجص أو الإسمنت بعد عمل قوالب
من الأشكال الأولى.
وإضافة إلى هذين الأسلوبين،
فإن فن النحت المعاصر يستخدم
أساليب حديثة كاللّحام وغيره.
وقد استخدم قدماء المصريين النحت كثيرًا.
وكان مَرْسم الفنان أشبه ما يكون بالمصنع الحديث؛
حيث كان عدد من الصبية يعمل على
مساعدة النحَّات في إكمال العمل،
فبعضهم يعمل في الإعداد المبدئي للشكل،
وبعضهم في المراحل المتوسطة،
أما الذين اكتسبوا قدرًا كافيًا منهم من التدريب
والخبرة فيساعدون في المراحل الأخيرة للعمل الفني.
وبمرور الزمن، انتقلت الأساليب النحتية
المتَّبعة في مصر وآسيا إلى الإغريق والرومان،
قبل القرن السادس قبل الميلاد.
أما طريقة الصب باستخدام الشمع،
فقد كانت منتشرة في كثير من بقاع العالم،
وقد اشتهر النيجيريون القدماء بها كما
في مملكة بنين النيجيرية.
أصبح الفنانون في عصرنا الحالي يقللون من
النحت المباشر من الصخر والخشب
ويكثرون من النحت البنائي.
فيشكلون ما يشاءون بالطين أو الصلصال قبل أن
يقوموا بصبه. وفي حالة الأشكال الكبيرة،
فإن الفنانين يستخدمون هياكل داخلية من الأسلاك
والأخشاب لتقوية هذه الأشكال
وتماسكها حتى تصب.
النحت فن من الفنون
أنواع النحت. أشهر أنواع النحت وأكثرها انتشارًا
هو ما يسمى بالنحت المستقل أو المجسَّم،
وهو المنحوت من جميع الجوانب وله أحجام مستقلة
عن الخلفية ثلاثية الأبْعاد.
والنوع الثاني هو النحت البارز،
وهو الذي لا يكون مستقلا عن الخلفية.
وقد كثر استخدام هذا النحت البارز
في تزيين المباني القديمة في مصر واليونان
وإيطاليا وغيرها. وكانت طريقة الصب تُستخدم
أحيانا في تنفيذ بعض
أعمال النحت البارز.
معالجة الشكل.
يهتم الفنانون النحاتون بعناصر:
الفراغ والكتلة والحجم والخط والحركة
والضوء والظل والملمس واللون.
وهذه هي نفس العناصر التي يهتم بها الفنانون
في التصوير التشكيلي، غير أنهم في
التصوير التشكيلي يعملون على إيجاد الشعور
بها على مسطحات ذات بعدين هما الطول والعرض.
ويقصد بالكتلة حجم العمل
في الفراغ ووزنه. أما الحجم
فيُقصد به الفراغ الذي يشغله العمل.
والخط يعني أطراف قطعة النحت.
الحركة تُعد من العناصر المهمة في النحت،
فبعض الأعمال النحتية يبدو مستقرًا
على قواعده، وبعضها يبدو مليئًا بالحركة،
ويوحي بها. ويحقق النحاتون
هذا الإيحاء بالحركة بترديد أشكال مقوسة
أو بغير ذلك من الأساليب،
غير أن بعض الفنانين المُحدثين جعلوا نحتهم
نفسه متحركًا كما في مدرسة النحت الحركي،
التي أنشأها النحات
الأمريكي ألكسندر كالدر.
وأصحاب النحت المتحرك هؤلاء
يصنعون أعمالهم من قطع من المعادن الرفيعة،
تُوصل بعضهما ببعض بأسلاك
وقضبان لتكون مجموعات
متوازنة معلقة في الهواء تتحرك في
الفضاء لأقل حركة هواء.
الضوء والظل.
في حالة النحت، لا يكون الضوء أو الظل
بنفس الأهمية كما في حالة التصوير التشكيلي.
ورغم ذلك، فلا بد من أن يفكر فيه النحات
قبل تنفيذ عمله. كما ينبغي أن
يفكّر في الملامس التي تتأثر بالضوء.
فالملمس الصقيل قد يعكس الضوء،
أما الملمس الخشن الذي تترك عليه
آثار يد الفنان أو آثار الأدوات التي عمل بها،
فإنه يوجد شعورًا بالحيوية ويضفي الجمال
على العمل النحتي.
اللون.
يكمل بعض النحاتين أعمالهم بتلوينها.
ويعتمدون على الإيحاءات الرئيسية للألوان.
فاللون الأزرق يُوحي
بالثـقل والأحمر بالتوسط في الوزن،
والأصفر بالخفة.
غير أن أغلب الفنانين لا يهتمون بتلوين أعمالهم،
ولا يرون ضرورة لذلك.
تطورت أساليب عديدة في النحت،
وتناول النحاتون موضوعات مختلفة
خلال العصور المتلاحقة وظهرت أساليب خاصة
بالمصريين القدامى، وبالإغريق، وبالأترسكانيين
والرومان والفينيقيين والصينيين والهنود
والسريلانكيين واليابانيين.
ولعل أبرز الأعمال النحتية في تاريخ هذا الفن
، هي أعمال عصر النهضة في إيطاليا.
وأشهر النحاتين في ذلك العصر هم:
دوناتللو ومايكل أنْجلو بيونروتي،
الذي عاش في أول القرن السادس عشر الميلادي.
وأشهر نحَّاتي أوروبا خلال القرن السابع عشر
هو جان لورنزو برنيني الإيطالي،
الذي أبدع في مجالي النحت والعمارة.
انتشر فن النحت من إيطاليا إلى شمالي أوروبا
إلى الولايات المتحدة الأمريكية،
التي استدعت بعض الفنانين الأوروبيين
لعمل بعض الأعمال الفنية.
ومن أشهر النحاتين الذين تم استدعاؤهم إلى هناك
جين أنطوان هودن،
الذي طلب منه المسؤولون في أمريكا عام 1785م
أن يعمل تمثالاً لجورج واشنطن.
ويُعَدُّ جين أنطوان هودن أفضل النحاتين الفرنسيين.
وقد صحبه إلى الولايات المتحدة عدد من النحاتين،
قاموا بتزيين مبنى الكابتول مقر الحكومة
الأمريكية في واشنطن.
وأشهر النحاتين الأمريكيين هو أوغسطس سان غودنز،
الذي اشتهر بعمل تمثال أبراهام لنْكولْن.
النحت الشرقي القديم
في الشرق الأوسط، كان النحت في العهد المبكر
لحضارة بلاد الرافدين يتألف من أشكال مصغرة القياس
للملوك والكهنة. وقد تميز نحاتو بلاد الرافدين
بعرض مناظر عنيفة، ولم يحاولوا تسجيل
رسوم توحي بالحركة أو تصوير أشخاص حقيقيين،
غير أننا نشاهد رسومًا أكثر حيوية تظهر بارزة على
قطع حجرية صغيرة تزين الأدوات والعلب.
فن النحت عند المصرى القديم
كانت التماثيل من بين أهم العلامات المميزة
للفن المصري القديم، وكانت
للتمثال مهمة أساسية في المقبرة
عبرالعصورالفرعونية؛
وهي تمكين الروح من التعرف على ملامح
الشخص المتوفى، فلا تخطئه
في الدارالآخرة.
وازدهر فن النحت في الدولة القديمة
والوسطي والحديثة،
وأثمر عددا من التماثيل بأنواع مختلفة.
واستخدم المصريون حجم التمثال
للتعبير عن الوضع الاجتماعي.
فحجم تمثال الفرعون كان يفوق الحجم الطبيعي،
ويزن أحيانا عدة أطنان.
وكانت تماثيلا لكتبة وموظفي البلاط
بالحجم الطبيعي تقريبا.
وأما تماثيل الخدم والعمال فكانت،
رغم دقتها العالية، أصغر حجما؛
ولا يزيد ارتفاعها في العادة على 50 سم.
وقد أظهرت تلك التماثيل الخادم في أوضاع
العمل المختلفة.
وهذا إضافة إلى تماثيل الشوابتي بالغة الصغر
التي لا يزيد ارتفاعها على
بضعة سنتيمترات. وهذه يستدعيها
صاحبها ، في الدار الآخرة ،
لكي تؤدي عنه العمل الصعب
الذى لابد وأن يقوم به .
وكان هناك 365 من هذه التماثيل
الصغيرة (الأوشابتى)؛
أي بعدد أيام السنة.
وهذا العدد ليس بالألزام فيمكن أن يصل
إلى أكثر من 400 أوشابتى
كما كان فى مقبرة
توت عنخ أمون
والمسلات من المعالم الرئيسية المميزة
للنحت المصري، وقد اعتمدت
في صناعتها على تقنيات معمارية عالية؛
إذ كانت المسلة تنحت من كتلة صخرية واحدة.
وكانت المسلات من أبرز معالم العمارة القديمة،
وتقام عادة على جانبي مداخل المعابد.
وكان للأعمدة وضع خاص
في العصرين الفرعوني واليوناني.
ويتكون العمود، سواء كان رباعي الشكل
أو مستديرا، من ثلاثةأجزاء:
قاعدة، وبدن، وتاج. واتخذت التيجان
أشكالا شبيهة بالزهور وأوراق النبات؛
مثل النخيل ونبات اللوتس.
ومن الأشكال الشائعة أيضا،
شكل السلة المجدولة؛ بأشكال
حليات نباتية وعناقيد عنب
في داخلها.
وفي العصر البطلمي اكتشف الملوك
والأباطرة أنواعا كثيرة من الرخام
في جبال البحر الأحمر،
واستخدموها بكثافة في التماثيل
والإنشاءات.
وأصبحت الحركة وثنايا الملابس واضحة
في أساليب النحت، وعثر على
تماثيل كثيرة للملوك والأرباب.
وظهر نوع خاص من التماثيل في ذلك العصر
عرف بالتيراكوتا أو الطين المحروق،
وهي تماثيل صغيرة مصنوعة
من الفخار يتراوح ارتفاعها بين 20و50 سنتيمترا.
وقد عثر على تماثيل كبيرة تصور الحيوانات؛
مثل القط والقردوالثور والأسد والكلب،
إلى جانب الأشكال الآدمية.
تطورت أساليب عديدة في النحت،
وتناول النحاتون موضوعات مختلفة
خلال العصور المتلاحقة وظهرت أساليب
خاصة بالمصريين القدامى،
وبالإغريق، وبالأترسكانيين
والرومان والفينيقيين والصينيين
والهنود والسريلانكيين واليابانيين.
ولعل أبرز الأعمال النحتية في تاريخ هذا الفن،
هي أعمال عصر النهضة في إيطاليا.
وأشهر النحاتين في ذلك العصر هم:
دوناتللو ومايكل أنْجلو بيونروتي،
الذي عاش في أول القرن
السادس عشر الميلادي.
وأشهر نحَّاتي أوروبا خلال القرن السابع
عشر هو جان لورنزو برنيني الإيطالي،
الذي أبدع في مجالي النحت والعمارة.
انتشر فن النحت من إيطاليا إلى شمالي
أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية،
التي استدعت بعض الفنانين
الأوروبيين لعمل بعض
الأعمال الفنية.
ومن أشهر النحاتين الذين تم استدعاؤهم
إلى هناك جين أنطوان هودن،
الذي طلب منه المسؤولون
في أمريكا عام 1785م أن يعمل تمثالاً
لجورج واشنطن.
ويُعَدُّ جين أنطوان هودن أفضل النحاتين
الفرنسيين. وقد صحبه
إلى الولايات المتحدة عدد من النحاتين،
قاموا بتزيين مبنى الكابتول
مقر الحكومة الأمريكية في واشنطن.
وأشهر النحاتين الأمريكيين
هو أوغسطس سان غودنز،
الذي اشتهر بعمل تمثال أبراهام لنْكولْن.
النحت الشرقي القديم طاسة في
هيئة نمر اليغور ،
بيرو (على طراز شافين)
بين 1200- 400 قبل الميلاد،
بارتفاع 17سم.
في الشرق الأوسط،
كان النحت في العهد المبكر لحضارة بلاد الرافدين
يتألف من أشكال مصغرة القياس
للملوك والكهنة.
وقد تميز نحاتو بلاد الرافدين بعرض
مناظر عنيفة، ولم يحاولوا تسجيل
رسوم توحي بالحركة أو تصوير
أشخاص حقيقيين، غير أننا نشاهد
رسومًا أكثر حيوية تظهر بارزة على
قطع حجرية صغيرة تزين الأدوات والعلب.
وخلال عهد الإمبراطورية الآشورية
(بين القرنين العاشر والسابع قبل الميلاد)،
استخدم النحاتون النحت حلية معمارية
ونحتوا أشكالاً من الحجر للثيران
والرؤوس البشرية،
ونصبوها أمام بوابات القصور
. وزينت جدران القصور بأشكال بارزة
لأشياء كثيرة للدلالة على قصص
الحملات العسكرية التي قاموا بها
والحوادث الأخرى المهمة.
وقد وجدت منحوتات دقيقة
في نينوى (قويونجق حاليًا)
تروي قصة صيد الملك للأسود
وتعبّر الأشكال المنحوتة عن
حركة الحيوانات بدقة وواقعية
أكثر من الأشكال التي كان النحاتون
القدماء يبرزونها.
أما النحاتون الفُرس في عهد
الإمبراطورية الأخمينية،
فقد اهتموا بنحت نماذج من أشكال
تدل على أطراف الحيوانات وعضلاتها.
ومثال ذلك الشكل البارز الذي يمثل
الأسد وهو يشتبك في عراك مع ثور.
وكان الفرس يزينون المباني بمنحوتات
ناتئة كبيرة، ولكن أعمالهم الدقيقة
ظلت على نطاق ضيق وتظهر
على بعضها آثار واضحة للفن
الإغريقي التقليدي
أما الحيثيون الذين انشأوا مملكة كبيرة
في آسيا الصغرى بعد سنة 2000 ق.م،
فقد استخدموا طرازًا من النحت
يشابه أُسلوب النحت الآشوري،
كما نحتوا عددًا من النُصُب
الضخمة من الصخر الصلد لأشكال
ملوكهم وآلهتهم،
أو مناظر احتفالاتهم الدينية.
وفي مصر، ظهر أُسلوب متميز من
النحت حوالي 3000ق.م.
واستمر على حاله دون تغير يذكر طوال
30 قرنًا.
وكان المصريون ينحتون لأسباب معينة مثل:
مناسبة ذكرى شخص أو حادث
أو لعرض نشاط وفعاليات أشخاص حقيقيين.
ومن ضمن هذا النوع من النحت
أشكال الملوك والملكات.
وبعض هذه التماثيل ضخمة جدًا؛
إذ إن التمثال الجالس لرمسيس الثاني
المنحوت من الحجر في أبي سمبل
يزيد ارتفاعه على 20 مترًا.
ومن المنحوتات المصرية الدقيقة الأشكال
التي تغطي جدران الهياكل ما يصوِّر
احتفالاً دينيًا أو حادثة، مثل إحدى
المعارك المهمة. ومن الأمثلة الشائعة
على الأشكال البارزة للمنحوتات منظر
الجنود المصريين وهم يقودون الأسرى أمامهم.
لم يهتم المصريون القدماء بالواقعية
في التعابير والقياسات عند نحت الأشكال
البشرية، واعتبروها غير ضرورية،
باستثناء فترة قصيرة خلال القرن الرابع
عشر قبل الميلاد. عندما نحتوا أشكالاً
وأشخاصًا تتسم ببعض الواقعية.
لقد ازدهرت حضارة وادي السند فيما يسمى
الآن الباكستان وكذلك في الجزء الغربي
من الهند من حوالي القرن
السادس والعشرين إلى القرن الثامن عشر
قبل الميلاد تقريبًًا.
وقد سَلمت منحوتات ذلك العهد من عوادي
الزمان في معظم المناطق الرئيسية
لتلك الحضارة، ومن بينها لوحات حجرية
صغيرة تمثل أشكالاً بشرية وحيوانية،
استخدمت أثناء احتفالات السحرة.
وقد وجد أن النحت خلال الألف الأول
من الحضارة الهندية القديمة بين القرن السادس
قبل الميلاد والقرن السادس الميلادي
كان واقعًا تحت تأثير المعتقدات البوذية؛
فنجد آثار ذلك في البوابات
والسياجات الحجرية التي كانت تحيط
بالأبراج البوذية المقببة التي بنيت
تخليدًا لذكرى بوذا.
والنحت هنا حفر يشرح
حياة بوذا وتعاليمه.
أما الفن الهندي خلال القرون الوسطى
(منذ القرن السادس الميلادي)
فإنه يعكس تأثير الهندوسية التي يمثلها
شيفا معبود الهندوس الذي يصورونه
في معظم منحوتاتهم على
هيئة شخص بأربعة أذرع وهو
يدوس بقدميه على قزم يمثل الشر.
ونجدهم أحيانًا يصورون شيفا
وهو يرقص في وسط حلقة
نارية تمثل الكون.
والصينيون القدماء كغيرهم من الشعوب القديمة
واجهوا مظاهر الكون الغامضة
بتقديم العطايا إلى أرواح مجهولة.
وفي عهد أسرة هان المالكة،
كان تأثير الفن البوذي الهندي قد انتقل
إلى الصين عبر آسيا الوسطى
على أيدي تجار الحرير.
وبدأ النحاتون الصينيون بنحت
نُصب خشبية وأشكال حجرية تمثل بوذا.
فكان لطول أناتهم في العمل ومهارتهم
في صقل الأشياء،
أثرهما في تحويل الفن الهندي
الأجنبي إلى إيقاع متناغم مهيب.
النحت في العصور الوسطى وفي عصر النهضة
استخدم النحاتون في هذه الفترة
نفس الأساليب والأدوات التي استخدمها
النحاتون القدماء. كذلك استعان
نحاتو القرون الوسطى بأدوات مهيأة
بشكل خاص لحفر الخشب،
كانت تساعد في إنجاز أعمال
بالغة التعقيد. واشتغل هؤلاء الفنانون
في ورش منظمة تدعى
مراكز النقابات.
وخلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر
الميلاديين، كان باستطاعة نحاتي
عصر النهضة أمثال أنطونيو بالالالو
عمل أشكال برونزية صغيرة
المقاس لهرقل وإنتايوز.
استطاع هؤلاء ان يكتشفوا
تقنيات خاصة بالقوالب البرونزية
الكبيرة وعمل نصب عملاقة للفرسان.
وقد صنعوا آلات تقوم بتكبير النماذج،
فأدى ذلك إلى تطور آلات الحفر
التي تقوم باستنساخ وتكبير
المنحوتات الحجرية بعملية
ميكانيكية كاملة.
النحت الأفريقي
يشمل النحت الإفريقي الأقنعة والمجسمات
والأشكال المزخرفة التي تستخدم في
الاحتفالات، وفي المناسبات
الاجتماعية الأخرى.
ومن الملاحظ أن أغلب النحت الإفريقي
قد صنع من مواد لا تستطيع
مقاومة الزمن كالأخشاب،
ولهذا فإن الموجود من النحت الإفريقي
لا يزيد عمره كثيرًا على المائتي سنة.
أما الأعمال النحتية التي نفّذت بالبرونز
والعاج والطين المحروق، فإنها قديمة.
وأقدم نحت إفريقي معروف يعود إلى
حضارة نُوك النيجيرية التي ازدهرت
في القرن السادس قبل الميلاد.
ويستخدم النحاتون الإفريقيون ألوانًا قوية
ومتقابلة في الأقنعة التي يصنعونها لتُلْبَس
في حفلاتهم، أو لتُستخدم لأغراض
سحرية عقائدية. وقد يجمع القناع
الواحد ملامح من عدة مخلوقات
كالإنسان، والحيوانات المختلفة والزواحف،
لتطرد بقوتها الأرواح الشريرة،
كما كان يعتقد الإفريقيون القدماء.
كما كانت تُضاف إلى بعضها قطع
من الجلود والقرون والخرز
لإعطائها تأثيرًا أعمق.
ويشبه الفن في الجزر المنتشرة
في المحيط الهادئ الفن الإفريقي في
أغلب جوانبه، غير أن المواد التي
تُستخدم تزيد قليلاً على تلك المستخدمة
في النحت الإفريقي. فمن الخامات
التي تزيد في نحت الجزر المحيطية
ريش الطيور والقواقع والأصداف
وغير ذلك.
كما أن بعض سكان هذه الجزر
يستخدمون الحجارة في النحت.
ومن هذه الجزر جزيرة تاهيتي
التي توجد فيها أعمال نحتية حجرية
كبيرة الأحجام.
النحت عند الهنود الحمر
تنقسم حضارة الهنود الحمر
(الهنود الأمريكيون) إلى مجموعتين كبيرتين:
المجموعة الأولى
ما تسمى بحضارة أولْمِيك التي
ازدهرت ما بين القرن الثالث عشر
والقرن الثاني قبل الميلاد،
على الساحل الجنوبي لخليج المكسيك،
وشملت بيرو وجبال الأنديز.
ويتكوَّن نحت هذه الفترة من
رؤوس ضخمة جدًا، ومن نحت بارز
نحت في الصخور إضافة إلى مجسمات
طينية وغير ذلك.
وقد وُجدت بعض الأعمال النحتية
المصنوعة من الحجارة والذهب.
والمجموعة الثانية
مجموعة النحت القبلي عند الهنود الحمر.
ويشمل فن النحت القبلي صناعة الأقنعة
والمجسَّمات والأعمدة الطوطمية
المنحوتة وغير ذلك.
وقد لاحظ الدارسون أن فن النحت
القبلي عند الهنود الحُمر ـ وخاصة
هنود السواحل الشمالية الغربية للمحيط الهادئ ـ
يشبه إلى حد كبير فن النحت عند
قدماء الصينيين، مما يؤكد وجود
علاقات وثيقة بين الحضارتين.
فن النحت المعاصر
تلاشى كثير من الفروق الأسلوبية
بين النحاتين في القرن العشرين،
وازداد اهتمام النحاتين بالتجريد،
فأصبح جل اهتمامهم منصبًا على مشكلات
التكوين وأهملوا المحتوى
أو الرسالة في العمل النحتي.
ولم يَعُد اهتمامهم مركَّزًا حول الإنسان،
كما كان في كل القرون السابقة.
ومما أدَّى إلى ظهور نحت مُثير
وأصيل في القرن العشرين ظهور
خامات جديدة، وتغير مفهوم
النحت لدى الفنانين.
فالنظرة الجديدة إلى الواقعية أدت
إلى استخدام ضوء حقيقي،
وحركة حقيقية في العمل الفني،
فاستخدم النحاتون أنوار
النيون، وبعض الآلات.
وعلى الرغم من أن النحت الواقعي
الذي يهتم بشكل الإنسان،كاد يندثر،
إلا أن بعض النحاتين، استوحوا
من حركة جسم الإنسان
أعمالاً فنية.
ومن أشهر هؤلاء النحات السويسري
ألبرتو جياكومتي والإنجليزي هنري مور.
أما النحات الأمريكي دوين هانسون
فقد عاد إلى الواقعية بطريقة مبالغ فيها
تمشيًا مع المدرسة الجديدة
في النحت والتصوير التشكيلي
المسماة بالواقعية المُغالية،
التي تحاول كسر الحواجز السابقة
التي كانت تفصل الفن
عن الحياة اليومية.
تخلّى كثير من الفنانين عن النحت
بالأسلوب التكعيبي حيث كانوا
يركزون على الأحجام الهندسية فقط؛
كما تخلوا عن أسلوب
المدرسة المستقبلية التي تهتم بتصوير
حركة الأشياء، وبتوضيح الفراغ
والحركة والزمن على الأشكال.
وأبدع بعض النحاتين المعاصرين
ما سُمِّي بالنحت البيئي حيث يقوم
النحات بالتشكيل على مساحة
من الأرض أو الماء باستخدام
الصخور أو الحجارة.
كما في عمل النحات الأمريكي
روبرت سميثسون.
وكما حاول النحاتون من أصحاب
المدرسة الواقعية المغالية كسر الحواجز
بين الفن والحياة،
فقد حاول آخرون كسر الحواجز
والتجميع بين النحت والتصوير
التشكيلي، فأبدعوا أعمالاً
بعض أجزائها من القماش والخشب
الذي يقوم هؤلاء الفنانون بتلوينه.
وهكذا أصبح فن النحت متنوعًا،
ومتداخلاً مع غيره من
الفنون التشكيلية.
لقد أجبرت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية
خلال القرن العشرين النحاتين،
على أن يستخدموا أساليب
ومواد تختلف عما كان يستخدمه
النحاتون الذين سبقوهم ـ
ومعظم النحاتين يعملون بمفردهم وليس
في داخل ورش وقد تعلموا في المدارس
لا كمتدربين في الورش،
وكان عليهم أن ينجزوا العمل بسرعة
بالنظر إلى التكاليف الباهظة للبقاء
في أستديو واسع مع غلاء
الأدوات والمواد.
وعلى الفنان أن يقيم معارض دورية
منظمة لعرض إنتاجه والتعريف
به وليجذب إليه الانتباه ويبيع جانبًا
من منجزاته. وفي يومنا هذا،
نجد قليلاً من النحاتين
ممن يحفرون في الخشب أو الحجر،
لأنه عملية شاقة ويستغرق
وقتًا طويلاً ولا ينتهي العمل فيه قبل
أن يقوم الفنان بعملية
الصقل النهائي عليه
بمطرقته وإزميله،
فضلاً عن أن النحات يصبح
بحاجة إلى مال ينفقه في مواد باهظة الثمن،
لذلك فإن عملية تشكيل النماذج تكون
أسرع بكثير وأكثر ملاءمة من
عملية الحفر.
ويصبح باستطاعتهم أيضًا تغيير
التصاميم في أثناء العمل.
وهذه السرعة في الأُسلوب تروق
الفنان الحديث كثيرًا.