عومل المؤثرة على تربية الطفل
هنالك عوامل اجتماعية، الثروة، و الدخل تملك أقوى تأثير على أساليب تربية الأطفال وتستخدم من قبل والديهم إنّ التربية فنٌ وعلم ولعلّها من أهَم المهام المنوطة بالوالِدَين وأخطرها. ومع أنها مسؤوليّة كبيرة على كلا الوالِدَين لما فيها من صعوبات وتعقيدات ومشاكل إلاّ أنها متعةٌ حين يشعران أنّهما يربيان أولادهم ويغدقان عليهم من العطف والحنان والرعاية ما يجعلهم ينطلقون في الحياة بثقة وثبات وصلابة إرادة.
أساليب التربية
أسلوب التربية الأبوية هو المناخ العاطفي الشامل في المنزل في علم النفس التنموي Diana Baumrind حددت ثلاثة أنماط رئيسية لتربية الأطفال في بداية نمو الطفل: وهي الموثوقية، السلطوية، والمتساهلة الممارسات التربوية
أب و طفل
والناس في ذلك بين إفراط وتفريط. فالبعض يفضِّل الأسلوب الصارم واستعمال "العصا" مع الجيل الجديد ويراها طريقة أفضل من اللجوء إلى الأساليب التربوية والنفسية التي ينادي بها الغرب. وحقيقة أن الفريقين قد جانبا الصواب في التربية الصحيحة. فلا اللين الدائم ولا القسوة المفرطة يمكن أن يُنبِتا طفلاً سليماً واثقاً بنفسه قادراً على خوض غمار الحياة. وهنا يقع على الأهل العبء الأكبر في تحمّل مسؤولياتهم تجاه أطفالهم. فهم بحاجة إلى التعرّف على كافة مراحل نمو الأطفال وما يحتاجونه في كل مرحلة حتى يستطيعوا تفهّم سلوكياتهم فيتم توجيههم وإرشادهم.
أخطاء الطفل
ولو عدنا إلى أسباب الخطأ الذي يرتكبه الطفل فإننا نجد مردّه إمّا فكرياً كأن لا يوجد عند الطفل مفهوم صحيح عن الشيء.
وإمّا أن يكون عملياً كأن يقوم بعمل فلا يجيده .
وإما أن يكون الخطأ نابع عن إرادة جازمة من الطفل وإصرار على الخطأ. ولكلّ نوعٍ طريقة في التعامل.
كيف تغير سلوك الطفل
وقد صنَّف الأستاذ محمد ديماس في كتابه "كيف تغيِّر سلوك طفلك" ثلاثة عشر وسيلة تربوية للتغيير سأعرضها من الأخف إلى الأشد وهي باختصار مايلي:
1- التعريض: وهو أن ينقد المربي السلوك الخاطئ من دون أن ينقد الطفل أو يوجّه إليه الحديث مباشرة وبذلك يكون هناك فرصة للطفل لمراجعة سلوكه وتصحيح خطئه.
2- التوجيه المباشر: ضمن أُطر كمجالسة الطفل والتحاور معه والحرص على قوة الامتزاج النفسي بين الطفل والمربي وبذلك يتقبّل ما يمليه عليه من توجيهات سلوكية وايمانية وتربوية.
3- التوبيخ: على أن يكون بدون استهزاء وتحقير لشخصية الطفل واختصاره بكلمات قليلة تُقال بدون انفعال. ويكون التوبيخ بالاقتراب من الولد والنظر في عينيه نظرة حادة ثم التعبير عن مشاعر الاستياء الكلامي وتسمية السلوك المنافي المرتكَب منه.
4- المقاطعة: وهذا الأسلوب يعتمد مقاطعة الأسرة مثلاً له.
5- العقاب الذاتي: بحيث يُترَك الطفل يتحمل نتائج سلوكه السيئ حتى يرتدع على أن لا يكون هناك خطراً عليه من تحمّله نتائج هذه التصرفات الخاطئة.
6- العقاب المنطقي: وهو معاقبة سلوك الطفل بسلوك آخر منطقي على أن لا يعرّض الطفل لمخاطر فمن الأهمية بمكان تجنب نتيجة تكون شديدة الوقع أو تستمر لمدة طويلة. فمثلاً إذا منع الأهل الطفل من ركوب الدراجة في الشارع خوفاً عليه ولم يخضع للكلام وركبها يتمّ عقابه بحرمانه من ركوب الدراجة لفترة معينة.
7- العقاب غير المنطقي: ونعني به معاقبة سلوك الطفل بسلوك آخر غير منطقي ويُستعمل حين تكون النتائج المنطقية غير مجدية. مثال على ذلك ان نحرم الطفل من مشاهدة التلفاز ليومين لأنه كذب على والدَيه.. ومن المهم هنا أن يطلب المربي من الطفل أن يكرر بصوت عال السلوك السيئ الذي يمارسه وأيضاً العقوبة التي ستنزل به إذا ما مارس ذلك السلوك.
8- التشبع: هو عبارة عن استبعاد حالات الحرمان. فإن حصل الطفل على اهتمام وتدعيم كاف على السلوك المرغوب ولم يحصل على تدعيم او انطفاء على السلوك غير المرغوب فهذا من شأنه أن يعزز عندهم القيام بالسلوك المرغوب والابتعاد عن السلوك غير المرغوب.
9- الانطفاء: وهو تجاهل الطفل حين يعمل شيئاً لا نريد أن يعمله لأن تجاهل كثير من جوانب السلوك المزعجة سيؤدي إلى اختفائها تدريجياً خاصة ان كان السلوك الخاطئ هو عبارة عن محاولة للطفل الضغط على مشاعر الأهل ليلبوا مطالبه.
10- تجنب الموقف المثير: عن طريق تجنب الظروف التي تؤدي إلى حدوث السلوك غير المرغوب فيه.
11- تشريط السلوك المخالف: وهو عبارة عن السلوك الذي يمنع السلوك غير المرغوب من الحدوث. أي أن المربي يعطي السلوك الصحيح في نفس الوقت الذي يصدر عن الطفل السلوك الخاطئ ولا يستجيب للطفل الا اذا استجاب للسلوك الصحيح.
12- فرض عقوبة الحجز: وهذا الأسلوب يتلخّص بحجز اللعبة المتخاصم عليها – مثلا - بدلا من معاقبة أحد الطفلين أو كليهما.
13- آخر الدواء العقاب: والعقوبة الجسدية تكون بالضرب والتهديد والزجر والصراخ في وجه الطفل عندما يصدر منه سلوك غير مرغوب فيه. [8]
ونلاحظ هنا أن الصراخ يعتبره علماء النفس التربوي من أشد العقوبات لِما فيه من إهانة للطفل وما له من آثار سلبية على تقديره الذاتي وتحطيم لمعنوياته والتشكيك في قدراته وسحب لثقته بنفسه وإلغاء التواصل بينه وبين الأهل.. وعواقبه قد تفوق أحياناً الضرب.. وهو لا يؤدي إلى النتيجة المرجوّة من تغيير السلوك حيث أن الطفل يركِّز على تفادي الصوت المرتفع وردّة فعل الأهل أكثر من التفكير بالسلوك السيئ نفسه. بينما نرى الأهل أول ما يبادرون إليه حين يقوم الابن بسلوك خاطئ هو الصراخ في وجهه ويعتبرونه أمراً طبيعياً للتأديب!
العقوبة الجسدية والضرب
ونتوقف قليلاً عند نقطة العقوبة الجسدية أو الضرب فحتى في حال اضطرار الأهل للجوء إلى هذا الأمر كحل نهائي فعليهم أن يتدرّجوا في استخدامه فلا يقعون عل ىالطفل بالضرب المبرِح ويستعملون الآلات الحادة. فالضرب المباح هو الذي لا يسبب آثار سلبية نفسية كانت أو جسدية يعاني منها الطفل لربما إلى آخر حياته. ودعونا نفصِّل قليلاً أمر العقاب الجسدي وحيثياته. فعلى الأهل مراعاة النقاط الآتية:
إبقاء السوط معلّقاً في البيت للتخويف فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "علِّقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم".
إذا أصرّ الطفل على ارتكاب الخطأ فكخطوة أولى على الأهل أن يُظهِروا أداة العقوبة كالسوط أو العصا مثلاً فبذلك يسارع الطفل خوفاً إلى تصحيح سلوكه.
شدّ الأُذُن: من الممكن أن تكون اول عقوبة جسدية فحين يتألم الطفل يخاف من إعادة السلوك الخاطئ. وقد استعمله الحبيب عليه الصلاة والسلام حين أكل عبد الله بن بُسْر المازني رضي الله عنه من العنب.
أما إذا بقي معانداً بعد هذا فيمكن اعتماد الضرب كعقوبة رادعة على أن متّبِعة لقواعد أهمها:
عمر الطفل عشرة وما فوق فالصغير غير العاقل لا يُضرَب
أن لا يكون مكرراً بحيث يفقد فعاليته وهيبته
أن لا يكون للتشفّي والانتقام وتفريغ شحنات غضب الأهل
أن لا يتعدّى عدد الضربات الثلاث
أن لا يكون بآلة حادة تشق الجلد
أن لا يرفع المؤدِّب آلة الضرب فوق إبطه حتى لا تكون الضربة قوية تسبِّب الألم المبرِح
أن لا يكون في محل واحد
أن يكون هناك زمن بين الضربتين فلا تكون الضربة الثانية حتى يخفّ ألم الضربة الأولى
أن يتّقي الضارب الوجه والفرج والرأس (ويُفضَّل الكفّين والرجلين فقط)
أن يتوقف المؤدِّب عن الضرب إذا ذكر الطفلُ رب العزّة سبحانه وتعالى
التدرج فى الوسائل التربيوية
إن لجوء الأهل مباشرة إلى الضرب دون التدرّج في الوسائل التربوية من الأخف إلى الأشد – على حسب الحالة – عائدٌ إلى الإعتقاد السائد أن الضرب له نتائج سريعة لتعديل السلوك بينما الحقيقة هي أنه الأسلوب الأسهل لانتهاجه في ظل الضغوطات والمسؤوليات المُلقاة على عاتق الأهل فلا يكلِّفوا أنفسهم عناء التوجيه والصبر على الأولاد والتفتيش عن الباعث الذي أدّى إلى الخطأ لعلاج المشكلة الحقيقية في السلوك.
إرشادات
على الأهل إثابة السلوك الجيد قبل المحاسبة على السلوك السيئ
بناء العلاقة المتينة بين الأهل والأطفال كفيلة بتعزيز التقدير الذاتي للطفل وتقبّله التوجيه من الأهل دون الحاجة إلى الضرب والتوبيخ
لا يجب العزوف عن العقوبة بسبب الدلال أو خوف الأهل على الطفل فالسكوت هو إثابة ضمنية على السلوك السيئ
يجب التركيز عند العقاب على رفض السلوك السيئ وليس شخص الطفل نفسه وإفهام الطفل أنني كمربّي أكره السلوك ولكني أحبه كشخص
يُمكِن استخدام التخويف بجميع درجاته كالتهديد بعدم رضاء الله تعالى
مراعاة الحالة الفيزيولوجية للطفل لأنها قد تكون السبب في المشكلات السلوكية كالتعب والجوع
انتهاج –وبقوة- مبدأ الحوار مع الطفل وبذلك يشعر بتقدير لذاته فينمو هذا التقدير ويصبح سلوكه مرغوباً فيه فحين يقتنع بما يقول المربّي تصبِح القِيَم مترسِّخة داخله
التأكيد على شرح لِم هذا السلوك خاطئ وضرورة إعطاء السلوك البديل حالاً
عدم تهديد الأطفال بوالدهم كعقاب لأنهم سيخافون منه بعد ذلك وتنتفي العلاقة الأبوية في حياة الأطفال
العقاب لا يكون على سلوك خاطئ قام به الطفل لأول مرة
التأكيد على عدم الضرب أمام أصدقاء الطفل حتى لا يشعر بالمهانة
مراعاة الخصائص الشخصية المميزة للطفل حين اختيار نوع العقاب فما ينفع مع طفل قد لا ينفع بالضرورة مع آخر
تركيز الأهل على الإيجابيات لتعزيز ثقة الطفل بنفسه بل البحث عنها وابرازها بدلا من الإقتصار على تتبّع السلبيات والسلوكيات الخاطئة
طفل صغير يعمل كصبي ساعة في المكسيك
عواقب الضرب
إن للضرب عواقب وخيمة على الصعيد النفسي والجسدي إن كان خارج الأسس التي يجب اعتمادها وقد تؤدّي إلى انهيار نفسية الطفل وتحطيم مستقبله. ومن مخاطر العقاب ما يلي:
الهروب من تكاليف الحياة
فقدان تقديره الذاتي وتدني مستوى احترام الذت
عدم التعبير عن القدرات الكامنة
انعدام الاستقرار النفسي
عدم تحمّل المسؤولية
فقدان الثقة بالنفس والغير
توليد الكراهية في النفس وعدم قبول الآخر
استخدام العنف كوسيلة لتحقيق الهدف وحل المشاكل
الكآبة والقلق والخوف
الرفض والعصيان والعدائية
اهتزاز الشخصية
عدم النضج الانفعالي
الكره والعدوانية
عدم القدرة على مواجهة الأحداث والمواقف
الرهبة من اتخاذ القرار
الضرب المبرِح بآلات حادة وفي أماكن حساسة قد يؤدي أيضاً إلى أمراض عضوية كارتجاج الدماغ وتلف العضلات والأعصاب أو العمود الفقري والأوعية الدموية.. إلخ