بسم الله الرحمن الرحيم
إنك حينما ترى إبنك يلعب في التراب فإنك لأبد ستنهاه عن ذلك وتأمره بعدم العودة إلى اللعب في التراب مره أخرى, وأنت إنما تصنع ذلك بدافع من الحرص على صحة طفلك, والحفاظ على نظافته الشخصية, ظناً منك أن اللعب في التراب يضر الطفل أكثر مما ينفعه, وهذا بالضبط ما كان يتصوره الصحابة رضوان الله عليهم...
الى أن جاء النبي صلى الله علية وسلم فصحح أفكارهم و علمهم أن العب الأطفال
في التراب له من الفوائد ما يجهلونه فلقد روى الطبراني أن الرسول صلى الله علية وسلم
مر على صبيان وهم يلعبون بالتراب, فنهاهم بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
(( دعهم فإن التراب ربيع الصبيان )).
أن لعب طفلك في التراب بحرية مقننة ُينمي عقله, ويصقل فكره,
ويعطيه الثقة في نفسه, دليل ذلك أن أحد هولاء الأطفال أثناء لعبه في الطين
كان سبباً في تصحيح مسار إمام كبير هو الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه.
(( فلقد ورد أن الإمام أبي حنيفة رأى غلاماً يلعب بطين فقال له: يا غلام إياك
والسقوط في الطين
فقال الغلام للإمام: إياك أنت من السقوط, لأن سقوط العالم ِ سقوط العالمَ,
فكان أبو حنيفة لا يفتي بعد سماع هذه الكلمة الأبعد مدارسة المسالة شهراً كاملاً مع تلامذته )).
أننا حينما نتابع الأطفال ونراقبهم ,سنجد ان عندهم ميلا فطرياً نحو الحفر فى الأرض أو العجيين او الرمل أو نحو ذلك , فهل نهمل هذه الفطرة ولا نستفيد منها .
فالصغير : يفرح حين يملأ دلوا أو آنية من أوانى المطبخ بالرمل ثم يفرغها بعد ذلك فإن تقدم قليلأ فى السن , مال إلى إمرار الرمل فى مصفاه ليصنع فى خياله كعكا وفطائر
اما الأولاد الأكبر سناً : فيصنعون من الرمل طرقات ومدناً وموانئ جوية وساحات للقطارات ويصنعون انفاقا ومنشات معقدة التراكيب وفى أوقات الحرب الخيالية طبعا قد يلجؤون إلى كومة الرمل ليصوروا بعض المناظر المتخيلة من الحرب كالخنادق والقلاع والدبابات والمدافع وغيرها
ولقد رأى فروبل : أن يمد هذه الفطرة بالأدوات المناسبة والمعدات الملائمة , والتوجية السليم , حتى تتحول من لعب محض خال من المعنى والغرض إلى ماهو أرقى من ذلك , وهو اللعب الملئ بالملاحظة والابتكار وإعمال الفكر. من خلال تسوية الرمال والرسم فيه بأصابع اليد . بناء أشكال من الرمل وهدمها والحفر فيه واخفاء الأشياء فيه والبحث عنها