لقد أصبح هم الكثير من الناس جمع المال بغض النظر عن مصدره, هل هو حلال او حرام او شبهة؟, ويرى بعض الناس أن المال يكون حلالا حتى حل في يده !! وامسك به مهما كانت طريقه ذلك المكسب هل هو من حلال ام من حرام .
وقد أمر الله الباعة بالنصح للمسلمين ونهاهم عن غشهم وخداعهم كما قال صلى الهه عليه وسلم ( الدين النصيحة) وكررها ثلاثــًا.
ولا شك أن النصيحة تستدعى إخلاصا ومودة .. وصفاء قلب وفي زماننا هذا نرى كثير من الباعة لا ينصحون المشتري ولا يظهرون العيب في السلعة بل يفتري بعضهم أنها جيدة وهي رديئة وهذا من الغش والخداع الذي حذرنا منهم الرسول صلى الله عليه وسلم ( من غشنا فليس منا) .
هل تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن التجار هم الفجار. قالوا يا رسول الله أليس قد احل الله البيع. قال: بلى. ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون. كما في صحيح الجامع .
وتمتع في قراءة هذا: ( أن الله تعالى يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء) كما في صحيح الجامع.
وتأمل هذه البشرى في الكسب : ( اطيب الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور ) صحيح الجامع.
إن طلب الحلال واجب على كل مسلم , فقال تعالى ( يا ايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين ). وجاء في الحديث الصحيح عن البخاري ( ليأتيّن على الناس زمان لا يبالي المرء بما اخذ المال امن حلال ام من حرام ).
فالمال الحرام قل من ينجو من غباره وانواعه كثيرة جدا والحياة من حولنا مليئة بالحرام .
وان اكبر ما يتورط به الانسان هو اكل مال الحرام. فإن الحرام ان تصدقت به لا يقبل. وان انفقته على نفسك او ولدك فإنه لا بركة فيه وكل جسد نبت من سُحت فالنار اولى به .
وكان السلف يخافون الحرام ويفرون منه ..!
تقول عائشة رضي الله عنها ( انكم لتغفلون عن افضل العباده الوَرَع ).
ويقول عمر رضي الله عنه ( كنا ندع تسعة اعشار الحلال مخافة ان تقع في الحرام ).
وروي عن امرأة صالحة انه قد أتاها نعيُ زوجها وهي تعجن فرفعت يدها وقالت : هذا طعام قد صار لنا فيه شريك (تعني الورثة) والعبد موقوف ومسؤول بين يدي الله تعالى عن كل ما اكتسبه وكل ما انفقه.
اضرار خبث المكسب
1 الكسب الحرام يؤدي الى ظلمة القلب وكسل الجوارح عن الطاعة كما وينزع البركة والخير.
قال بن عباس رضي الله عنه (ان للحسنة نورا في القلب وضياء في الوجه وقوة في الدين وزيادة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق , وان السيئة سوادا في الوجه وظلمة في القلب ووهنا في البدن ).
2 الوعد بغضب الله . جاء في الحديث الصحيح من اقتطع حق امرؤ مسلم بيمينه فقد اوجب الله له النار وحرّم عليه الجنه فقال له رجل (وان كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال : وان كان قضيبا من اراك).
3 عدم قبول العمل الصالح. لا يُقبل العمل اذا كان الكسب خبيث فالاكل الحلال هو اصل العمل ولا يُقبل العمل الا اذا كان الكسب حلالا .
4 عدم قبول الدعاء. جاء في الحديث الصحيح (انه ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذي بالحرام فأنّى يستجاب لذلك).
بربكم ماذا بقي للعبد اذا انقطعت صلته بربه وحًجِب دعاءه فويل للذين يتغذون بالحرام ويربون اولادهم على الحرام انهم كشارب ماء البحر كلما ازدادوا شربا ازدادوا عطشا.
ايها العمال ايها الموظفون ايها التجار ايها الصناع ايها المقاولون حق عليكم تحري الحلال واحفظوا حقوق الناس وكن مظلوما ولا تكن ظالما فإن كنت مظلوم فكان الله معك وان كنت ظالما كان الله عليك واذا اردت ان تاخذ بالعفاف والكفاف فلكم رؤوس اموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون.
قصة التفاحة واكل الحلال.
يحكى ان شاباً تقياً فقيرا أشتد به الجوع ! مرّ على بستان تفاح .. وأكل تفاحة حتى ذهب جوعه ولما رجع إلى بيته بدأت نفسه تلومه فذهب يبحث عن صاحب البستان. وقال له : بالأمس بلغ بي الجوع مبلغاً عظيماً وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهذا أنا اليوم استأذنك فيها ..
فقال له صاحب البستان : والله لا اسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند اللّـَه !
فتوسل أن يسامحه إلا أنه ازداد اصراراً وذهب وتركه .. ولحقه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر.. فلما خرج وجد الشاب لا زال واقفاً. فقال له: يا عم إنني مستعد للعمل فلاحاً عندك من دون اجر .. ولكن سامحني ..! قال له : اسامحك لكن بشرط !
أن تتزوج ابنتي ! ولكنها عمياء، وصماء ، وبكماء ، وأيضاً مقعدة لا تمشي فإن وافقت سامحتك ..
قال له : قبلت ابنتك ! قال له الرجل : بعد ايام زواجك , فلما جاء كان متثاقل الخطى ، حزين الفؤاد ..
طرق الباب ودخل قال له تفضل بالدخول على زوجتك فإذا بفتاة أجمل من القمر ، قامت ومشت إليه وسلمت عليه ففهمت ما يدور في باله ، وقالت : إنني عمياء من النظر إلى الحرام ..
وبكماء من قول الحرام .. وصماء من الإستماع إلى الحرام .. ومقعدة لا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام.. وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها قال أبي أن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له.. حري به أن يخاف الله في ابنتي فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبك ”
اللهم ارزقنا الحلال وبارك لنا فيه اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك .