بيّنت الأبحاث أن الأطفال الذين استعملوا العربة المساعدة على المشي تأخروا بمعدل شهر عن الأطفال الذين لم يستعملوا هذه العربة، وهي خطرة أيضًا لأنها تعطي الأهل الشعور المغلوط بأن طفلهم يستطيع المشي ويستطيع السيطرة على حركته...
في اللحظة التي يبدأ فيها الطفل بالوقوف بضع ثواني ويبدأ بتحريك قدميه أثناء الوقوف، تنهال عليك النصائح من الجميع بإقتناء العربة الخاصة بالمشي لمساعدته على المشي بأسرع وقت، فالكل لديه ما يقول. توجهت لقسم الأطفال للعلاج الطبيعي لإستشارتهم بهذا الأمر، فالصورة تختلف والمعلومات مغايرة. سأعرض عليكم وجهة نظر الخبراء من أطباء ومعالجين في مجال صحة الأطفال.
استناداً إلى الأبحاث العلمية، فإن الأطفال الذين استعملوا العربة المساعدة على المشي تأخروا بمعدل شهر عن الأطفال الذين لم يستعملوا هذه العربة. إنّ هذه العربة تعمل على مساعدة الأطفال بالتجوال والتحرك في محيط البيت على الرغم من أنّ أجسامهم غير جاهزة من ناحية قدرات جسمانية وعضلية، الأمر الذي قد يسبب تطور حركات غير اعتيادية وتأخر تطور العضلات الضرورية.
تعلم المشي
تعلم المشي لدى الأطفال يكون عن طريق مراقبة أرجلهم وفهم كيفية الحركة. في حالة كون هذه العربة حاجبة لرؤية الطفل لأرجله بسبب القسم الأمامي للعربة، فإن الطفل لن يستطيع مراقبة قدميه ولا يستطيع الحصول على المعلومات اللازمة لتطوير حركته. لذا فإن العربة هي ليست الطريقة الناجعة لتعليم الأطفال المشي.
لماذا لا يجب استعمال العربة؟
إضافةً إلى أن هذه العربة لا تساعد طفلكم على المشي، فهي أيضاً خطرة. المئات من الحالات في الولايات المتحدة الأميركية (حسب الكلية الأميركية للأطفال) وصلت إلى المستشفى بسبب السقوط عن الدرج أو بسبب ضربة من الأثاث في البيت.
إنّ هذه العربة تعطي الأهل الشعور المغلوط بأن طفلهم يستطيع المشي ويستطيع السيطرة على حركته، وفي بعض الأحيان يترك الأهل أطفالهم لوحدهم دون مراقبة مع العربة. إنّ العربة تعمل أيضًا على تقوية عضلات أخرى، ليست ضرورية في المرحلة الآنية لتطوير مشية الطفل. يمكن القول إننا ندفع بالطفل إلى مجهود لتطوير عضلات تمكنه قيادة العربة ولكن لا تساعده على تطوير المشي السليم. فالعضلات السفلى القريبة من كفة القدم تتطور بسرعة أكبر. أما العضلات القريبة من الحوض والفخذين تكون أقل قوة، ومن المعروف أن تقوية هذه العضلات ضروري جداً من أجل المحافظة على ثبات جسم الطفل والإتزان بصورة جيدة.
بعد حصول العديد من الحوادث سابقاً، نرى أن العربات اليوم مزودة بآليات لضمان أمانة الأطفال ومنع تدحرج العربة على الدرج أو الحفاظ على الطفل في لحظة اصطدامها. لكن رغم كل هذه الآليات لا يمكن القول إن العربة هذه هي جيدة وتساعد أطفالنا على المشي.
فعلياً يجلس الطفل على المقعد ويحرك القدمين من دون استعمال القسم العلوي، إضافةً لأهمية القسم العلوي من الأرجل المحيط بالحوض، فإن عضلات البطن والظهر والأيدي لها دور فعال لبناء نموذج مشي صحي وطبيعي لدى الطفل. بجلوسه في العربة لا حاجة للعضلات العليا وبهذا افقدناه القدره على استعمال جسمه بصورة سليمة.
كلما كان الطفل زمن أطول في هذه العربات سيكون الضرر أكبر وإمكانية تقدم تطور الطفل في المسار السليم تكون صعبة.
هل من بديل؟
تتوفر الكثير من الألعاب المعدة للأطفال من أجل تقوية العضلات السفلية للأرجل، هذه الألعاب متوفرة في السوق وهي أكثر أمانة وأكثر نجاعة للأطفال. من المهم أن يراقب الأهل أطفالهم أثناء اللعب. هذه الالعاب تمنح الطفل القدرة على الوقوف وتثبيت جسمه وعلى مراقبة قدميه والحفاظ على ملامسة قدميه للأرض.
من ناحية تعليم الأطفال على المشي من المفضل أن يكون ذلك بمراقبة الأهل وبشكل تدريجي يتلائم مع قدرات الطفل على التحرك في محيط البيت ومع قدراته العضلية. الطريقة هي مساعدته على الوقوف وإعطاءه إمكانية اللعب أثناء الوقوف، مساعدته على تحريك رجليه إلى الأمام أو الخلف، ومن المهم أن يراقب فعاليته. وبشكل تدريجي سيرى الأهل التقدم الحاصل لدى أطفالهم حتى إمكانية المشي المنفرد.
نصائح للأهل
كل الأهالي يرغبون أن يحصل ابنهم على الأفضل، فيقومون بإقتناء أغلى الألعاب دون التفكير بمدى الفائدة او الضرر منها، لذا أنصح الأهالي قبل إقتناء أي لعبة أو جهاز لأطفالهم فحص إذا كانت هذه اللعبة مفيدة أم لا. عند استشارة البائع سيقول لكم بأن كل هذه الألعاب جيدة، لذا استشيروا المختصين في هذا المجال. كذلك لا تجعل الضغوطات الاجتماعية تلعب أي دور في قرارك. فالقرار لك واختر الأفضل لطفلك. ربما تشجيع طفلك على المشي يحتاج قليل من الجهد، فبدوركم كأهل يجب عليكم التعب لتقديم الأفضل لأطفالكم، أما وضع الطفل في العربة ومراقبته عن بعد، ربما يكون جيد ومريح لكم، ولكن الضرر الناجم لطفلكم قد يظهر مستقبلاً.