تحويل الكثبان الرملية إلى تحفة معمارية

تحويل الكثبان الرملية إلى تحفة معمارية

ماغنوس لارسون - تيد جلوبال - لندن:
من الممتع أن تكون في مؤتمر مخصص للأشياء التي لم تُر بعد في الواقع, حيث أنها فرصة مناسبة لأقدم اقتراحي ببناء جدار طويل يمتد طوله لأكثر من 6000 كيلو متر عبر قارة إفريقيا بأسرها.
حجمه يقارب حجم سور الصين العظيم, لن يكون فقط بناءًا غير مرئي ولكنه مصنوع من أجزاء من أجزاء غير مرئية أو قريبة من الأشياء الغير مرئية بالنسبة للعين المجردة سيكون مصنوعًا من البكتيريا وحبيبات الرمل.
نحن الآن كمهندسين معماريين تدربنا على حل المشاكل ولكني في الحقيقة لا أؤمن بالمشاكل المعمارية أنا أؤمن فقط بالفرص ما سأريكموه الآن يشكل تهديدًا لنا والرد المعماري عليه ... التهديد هو التصحر ,وردي هو جدار مكون من الحجر الرملي مصنوع من البكتيريا والرمال المتحجرة بحيث يمتد عبر الصحراء.
الرمال مادة سحرية للمتناقضات الجميلة, إنها بسيطة ومعقدة إنه سلمية وعنيفة إنها دومًا كما هى، وليست كما هى روعتها لا تنتهي, تأتي حوال مليار حبيبة رمل إلى الوجود في كل ثانية, إنها عملية دائرية, عندما تتفتت الجبال والصخور تتولد حبيبات الرمل, يمكن أن تلتصق بعض الحبيبات بشكل طبيعي لتكون الحجر الرملي وعندما يتأثر ذلك الحجر بالرياح فبعض تلك الحبيبات تتحرر, يمكن لتلك الحبيبات أن تتراكم على نطاق واسع مكونًة الكثبان الرملي.
بطريقة ما تصبح صخور الجبال جبال متحركة من الرمال. لكن، تحريك الجبال قد يكون خطرا. دعوني أشرح لماذا.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تغطي المناطق الجافة أكثر من ثلث أسطح الأرض. بعضها بالفعل عبارة عن صحراء. وأخرى تصبح متدهورة جدا بفعل الرمال. جنوب الصحراء تماما نجد السهل. وهذا الاسم يعني "حافة الصحراء" وهذه المنطقة الأكثر ارتباطًا بالتصحر فقد تسببت فترات الجفاف في أواخر الستينات وأوائل السبعينات في جعل 3 ملايين شخص معتمدين على طعام الإغاثة الطارئة وتوفي وقتها 250،000 شخص !!.
ومن المتوقع أن تتكرر تلك المأساة ثانيًا وبالرغم من ذلك فهي تأخذ حيزًا قليلًا من انتباهنا, ففي حين أن ثقافتنا الإعلامية متسارعة, يخطو التصحر خطو السلحفاة ليصل إلى العناوين الرئيسية, فهو لا يعد مثل تسونامي أو كاترينا مجرد قليل من الأطفال الباكين والبيوت المحطمة ولكن لا يزال التصحر يشكل تهديدًا كبيرًا لجميع القارات حيث أنه يؤثر على 110 دولة وحوالي 70% من الأراضي الزراعية العالمية.
إنه حقًا يهدد بقطع أرزاق ملايين من البشر خاصًة في إفريقيا والصين, وهو موضوع لحد كبير قمنا بالتسبب به لأنفسنا عبر الإستخدام غير المستدام للموارد النادرة لذا، يواجهنا تغير المناخ يواجهنا الجفاف التصحر المتزايد ندرة المياة، إنهيار الأنظمة الغذائية، المجاعة، الهجرة الإجبارية، الاضطراب السياسي، الحرب، ذلك سيناريو محتمل إذا أخفقنا في أخذ الأمور بجد ولكن، هل التصحر بعيد عنا ؟!!.
لقد ذهبتُ إلى سوكوتو في جنوب نيجيريا لمحاولة معرفة مدى بُعد خطر التصحر عنا ووجدتُ أن الكثبان هنا تتحرك باتجاه الجنوب بمعدل 600 متر في العام هنا تلتهم الصحراء الكبرى غالبًا حوالي متر في اليوم من الأراضي الصالحة للزراعة وتتسبب في هجر الناس لمنازلهم.
وجب عليهم أن يقوموا بنقل القرية في عام 1987 لأن كثب كبير كان خطيرًا لدرجة أنه كان بالإمكان أن يبتلع القرية ولذا. فقد قاموا بنقل القرية بأسرها كوخًا كوخًا, هنا كان مكان القرية لقد استغرق منا 10 دقائق لصعود قمة هذا الكثيب وهذا يوضح السبب الذي من أجله انتقلوا إلى مكان أكثر أمنًا هذا نوع من الهجرة الإجبارية الذي يؤدي إليه التصحر إذا عشت بجانب حدود صحراوية فسوف تستطيع بشكل جيد أن تحسب كم سيستغرق الوقت قبل أن تضطر لأخذ أولادك بعيدً وتترك منزلك وتكون حياتك كما يتوقع لها أن تكون.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تغطي الكثبان الرملية حاليًا حوالي خمس صحرائنا ولا تزال تلك البيئات القاسية أماكن جيدة للغاية إذا أردنا أن نوقف تلك الرمال المتحركة منذ 4 سنوات اجتمعت 23 دولة إفريقية وأتفقوا على إنشاء الجدار الأخضر العظيم في الصحراء الكبرى إنه مشروع رائع. الخطة المبدئية للمشروع دعت إلى زرع حزام واقِ من الأشجار يمتد في القارة الأفريقية من موريتانيا غربًا إلى جيبوتي شرقًا, إذا أردت أن توقف كثبانًا رمليًا من التحرك ما ينبغي عليك التأكد منه هو إيقاف الحبيبات من التدفق من على قممها والطريقة الأفضل والأكثر فعالية هي أن تستخدم نوعًأ ما من الأشياء التي تصد الرمال وتعد الأشجار أو الصبار من الوسائل المناسبة لفعل ذلك.
ولكن من إحدى المشاكل التي تواجه زرع الأشجار هو أن الناس في تلك المناطق في غاية الفقر لدرجة أنهم يقومون بقطع الأشجار من أجل الحصول على الحطب
والآن يوجد بديل لزرع الأشجار والرجاء بأن لا يتم قطعها إن الجدار المكون من الحجر الرملي الذي اقترحته سيقوم بثلاثة مهام أولًا سيقوم بإعطاء خشونة لنسيج سطح الكثبان من خلال تصلب الحبيبات وثانيًا ستقوم بدور بنية داعمة مادية للأشجار ثالثًا ستقوم بإنشاء مساحات ملموسة وصالحة للسكن داخل تلك الكثبان الرملية,
إذا استطاع الناس أن تعيش في ذلك الحاجز الصديق للبيئة فسوف يستطيعون أن يساعدوا في دعم تلك الأشجار وحمايتها ممن يقطعونها ومن بعض قوى الطبيعة, داخل تلك الكثبان نجد الظل من هنا نستطيع أن نبدأ في تكثيف الحصاد وبدء زراعة الصحراء من داخلها .
إلى حد ما تشبه الكثبان الرملية إلى المباني المجهزة من ناحية كل ما نحتاج فعله هو أن نقوم بتحجير الأجزاء التي يجب أن تكون صلبة ومن ثم نستطيع أن نحفر في الرمل و نقوم بفننا المعماري نستطيع إما أن نحفرها بأيدينا أو أن نجعل الرياح تحفرها لنا فتحمل الرياح الرمال على الموقع ومن ثم تحمل الرمال الزائدة عن حاجتنا بعيدًا عما نقوم بعمله في الكثبان .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ولكن من الممكن أن تسألوني الآن كيف أخطط لتحجير الكثبان الرملي ؟ كيف نقوم بلصق الحبيبات الرملية ببعضها؟ والإجابة هي أشياء يمكن أن نقوم باستخدامها وذلك عن طريق استخدام بكتيريا البيستوري العصوية وهي كائنات مجهرية متوافرة أصلًا في الأراضي الرطبة والمستنقعات. وهي تقوم بنفس العمل تحديدًا حيث أنها تستخدم حفنة من الرمل السائب وتقوم بعمل حجرًا رمليًا منه
هذه الصورة من الجمعية الأمريكية للمايكروبايولوجي توضح لنا العملية 
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ما يحدث عند سكب البكتيريا في كومة من الرمل ستبدأ في ملأ الفراغات بين حبيبات الرمل هذه العملية الكيميائية تنتج الكالسايت والذي يعتبرنوعًا من الأسمنت الطبيعي الذي يربط الحبيبات ببعضها وتستغرق عملية عمل الأسمنت الطبيعي حوالي 24 ساعة لقد تعلمت ذلك من أستاذ في جامعة يو سي دافيس واسمه جيسون ديجونج لقد نجح في القيام بتلك العملية في 1400 دقيقة فقط.
حسنًا .. كم ستتكلف تلك العملية ؟ أنا لست بعالم اقتصاد،أعني إلى حد كبير لست بعالم اقتصاد ولكني قمت بعملية حسابية بحتة على ظهر المظروف!!, ويبدو أن المتر المكعب من الخرسانة سيكلف حوالي 90 دولار وبعد سعر مبدئي وهو 60 دولار من أجل شراء البكتيريا وهو السعر الذي لن تضطر لدفعه مجددا فسيكلف المتر المكعب من التراب البكتيري حوالي 11 دولار.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كيف نقوم ببناء شيء كهذا ؟ حسنًا، سأريكم سريعًا الخيارين المتاحين الخيار الأول هو أن نقوم بعمل بناء على شكل بالونة ونملأها بالبكتيريا، ثم نسمح للتراب بأن يلمس سطح البالونة ثم نقوم بفرقعة البالونة مما سيعمل على نشر البكتيريا في الرمل ومن ثم تحجيره وبعد ذلك نستطيع أن نقوم بعد عدة أعوام باستخدام استراتيجيات الزراعة الدائمة نستطيع أن نقوم بزراعة ذلك الجزء من الصحراء.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
والبديل الآخر هو أن نقوم بحقن الأكوام وأعني أن نقوم بدفع الأكوام إلى الأسفل في الكثبان وننشيء طبقة أولية من البكتيريا ثم نقوم بسحب تلك الأكوام إلى الأعلى خلال الكثبان وسنستطيع أن ننشيء أي شكل يمكن تصوره داخل الرمل مع عمل الرمال كقالب كلما صعدنا لأعلى. لذلك ، فنحن لدينا طريقة لتحويل الرمال إلى أحجار رملية ومن ثم إنشاء تلك الأماكن القابلة للسكن داخل تلك الكثبان.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ولكن ما الشكل الذي يفترض أن يكونوا عليه؟ حسنًا . لقد خطرت لي فكرة لشكل تحفتي المعمارية ، فكرت في أن تكون ذات فتحات مستديرة والذي يشبه إلى حد ما هذا . هذا عرض لنموذج منها. هذا شكل للكهوف الصخرية والتي وجدتها في موقع في سوكوتو, وأدركت أني لو زدت في عددها. فسوف يعطوني خصائص مكانية جيدة رائعة في التهوية والراحة الحرارية وأشياء أخرى والآن نستطيع القول أن جزء من التحكم السابق في هذا الهيكل سوف يضيع مع الطبيعة بشكل واضح بينما تقوم البكتيريا بعملها وأعتقد أن هذا في الحقيقة سينشيء نوعًا من الجمال اللامحدود أعتقد أن هناك شيئًا لطيفًأ في ذلك الشكل فهو أن النتيجة أو الشكل –إذا أحببت تسميته- لبكتيريا البستوري العصوية قد تم تسخيرها لتنحت تلك البيئات التي يمكن السكن فيها داخل الصحراء.
يعتقد بعض الناس أن تلك البكتيريا ستنتشر بشكل غير قابل للتحكم فيه وأنها ستقتل كل شيء في طريقها وهذا ليس صحيح على الإطلاق إنها عملية طبيعية. وهي تحدث في الطبيعة اليوم وستموت البكتيريا إذا ما أوقفنا تغذيتها , هنا نرى هياكل معمارية مضادة للتصحر والتي تم إنشاؤها بواسطة الصحراء نفسها عن طريق آلات إيقاف الرمل والتي تم إنشاؤها من الرمل, لقد أوشك العالم على أن يفقد ثلث أراضيه المستصلحة مع نهاية هذا القرن ومع النمو السكاني الغير مسبوق والازدياد في الحاجة للطعام فإننا نضع أنفسنا في مأساة وأقولها بصراحة. إننا نضع رؤوسنا في التراب.
إن لم يوجد شئ آخر، سارغب أن يبتدر هذا المخطط نقاشا ولكن إذا كان لدي شيء مثل أمنية تيد فسوف تكون بالتأكيد هي البدء في بناء ذلك الجدار الذي يمكن السكن فيه ذلك الجدار الطويل للغاية ولكنه سينشيء مدينة ضيقة في الصحراء يتم بناؤها في الكثبان نفسها إنها ليست شيئًا يدعم الأشجار فقط ولكنه شيئًا يصل الأشخاص والدول ببعضها البعض. أود أن أختم بأن أريكم شكلًا متخيلًا للهيكل ثم أترككم مع جملة قالها جورج لويس بورجس.
قال بورخيس : "لا يوجد شيء بُني على الحجر، كل شيء بني على الرمل ولكن علينا أن نبني وكأن الرمل كان حجرا".
والآن هناك العديد من التفاصيل التي تم تركها من أجل استكشاف هذا المخطط تفاصيل سياسية وعملية وأخلاقية ومادية إن تصميمي والذي يأخذكم إلى حفرة الأرنب محفوف بالعديد من التحديات والصعوبات في أرض الواقع ولكنها البداية، إنها رؤية... وكما قال بورخيس: إنه الرمل وأعتقد أن الوقت قد حان حتى نحوله إلى حجر.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

شاهد المحاضرة كاملة