يقولون المسلمة: مظلومة وهي النقيَّة المخدومة، تواطأت جهود المشككين في شريعة الإسلام على تصوير المرأة المسلمة بأنها تلك المرأة (السجينة) (الرهينة) (المضطهدة) (المستخدمة) وغير ذلك من الأوصاف المستجلبة للشفقة والرأفة، ويستدلون بأحد أمرين:
أولهما: شذوذ زلات الخلق.
والثانية: تشويه شريعة الحق.
ومبنى هذين الدافعين على الظلم والهوى في الأول، والجهل في الثاني، والهوى والجهل هما آفة كلّ مخالف للحق، مخاصم له، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ ( الأحزاب:72 ) .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:
وتعر من ثوبين من يلبسهما | يلقى الردى بمذمة وهوان | ثوب من الجهل المركب فوقه | ثوب التعصب بئست الثوبان | وتحل بالانصاف أفخر حلة | زينت بها الأعطاف والكتفان | واجعل شعارك خشية الرحمن مع | نصح الرسول فحبذا الأمران | أما الظلم في كلامهم فمن جهة إلحاق خطأ الفرد بالمجتمع بل بالدين عامة! وهذا ظلم في حكمِ كلّ عادل، وفي قانون كلّ قاضٍ، والله تعالى يقول: ﴿ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ ( الأنعام: 164 ) .
وينقضُ هذا الظلمَ والهوى بأنّ ما تعيش فيه المرأة الغربية هو عين الظلم حتى صارت ممتهنة أشد الامتهان لا في (شذوذ الحالات) بل في (سائر المجالات) حتى صارت (زينة لغلاف مجلة) أو (غرضا لتسويق بضاعة) أو (جاذبة للجمهور بأي صورة من صور الجذب) ولم يفرضوا له نفقة من زوج، ولا رعاية من ولد، ولا إعالة من والد، فغرروها بالحرية حتى تخلت عن كلّ قريب، وعن رعاية كلّ رقيب، فلما انتهى دورها، واستنفذوا زهرة كمالها وجمالها احتضنتها دور العجزة، أو عاشت وحيدة في منزلها تتدارك ما بقي من أمومتها وأنوثتها برعاية حيوان وخدمته! .
أما الجهل؛ فمن جهة تصوّر أن ما يقضيه الإسلام على المرأة المسلمة (تقييدٌ) لها، و(كبتٌ) لحريتها، فجهلوا فضيلة ونفع (الحجاب) و(القرار في البيت) و(قوامة الرجل) و(خلوتها بالرجال) و(سفرها بغير محرم) وصوّروا هذه الأمور بتصورّات (جاهلة) أو (متجاهلة) لحقيقة نفع تلك الأصول، بل (الدروع الأمنية الشرعية) للمرأة المسلمة، وقد جرت العادة عند كافة العقلاء على صيانة ورعاية كلّ (معظّم ونفيس) كمواكب الملوك والرؤساء، والبنوك المالية، والمرأة المسلمة عندنا (مخدومة محروسة) كأي معظّمٍ عند سائر البشر، عملاً بوصايا النبي صلى الله عليه وسلم لنا فيهن سواء كانت أمًّا أو زوجة أو أختًا أو بنتًا أو خادمة! فقال صلى الله عليه وسلم: ) استوصوا بالنساء خيرا ( ( رواه مسلم )، وقال: ) كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقوت ( ( رواه أحمد )، وقال: ) من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة (( رواه أبو داود ) وعدّ عقوق الأمّ من كبائر الذنوب، وقال: ) خيركم خيركم لأهله ( ( رواه ابن ماجه ) ، والأحاديث في الباب كثيرة.
فالمرأة المسلمة في حياتها في موكبٍ أسريٍّ مخدومة محفوظة، نصونها عن كلّ نظرٍ يؤدي إلى حرام، ولا نخلّي بينها وبين الرجال في مكان يؤدي بها إلى الفتنة والخطر، ولا تسافر مع غير قائمٍ بأمرها من محارمها، وغير ذلك من الأمور التي نادى عقلاء الغرب اليوم بتطبيقه مع المرأة غير المسلمة في بلده. قالت الكاتبة الإنجليزية الليدي كوك: (إن الاختلاط يألفه الرجال ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى، وههنا البلاء العظيم على المرأة، إلى أن قالت: علموهن الابتعاد عن الرجال، أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد).
وقال شوبنهور الألماني: (قل هو الخلل العظيم في ترتيب أحوالنا الذي دعا المرأة لمشاركة الرجل في علو مجده وباذخ رفعته، وسهل عليها التعالي في مطامعها الدنئة حتى أفسدت المدنية الحديثة بقوى سلطانها ودنيء آرائها).
وقال اللورد بيرون: (لو تفكرتَ أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد قدماء اليونان لوجدتها حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة، ولرأيت معي وجوب اشتغال المرأة بالأعمال المنزلية مع تحسين غذائها وملبسها فيه، وضرورة حجمها عن الاختلاط بالغير).
وقال سامويل سمايلس الإنجليزي: (إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ من الثورة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه هاجم هيكل المنزل، وقوض أركان الأسرة ومزق الروابط الاجتماعية، فإنه يسلب الزوجة من زوجها، والأولاد من أقاربهم، صار بنوع خاص لا نتيجة له إلاّ تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها، والاقتصاد في وسائل معيشتها مع القيام بالاحتياجات البيتية، لكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل غير منازل!! وأضحت الأولاد تشبّ على عدم التربية، وتلقى في زوايا الإهمال، وطفئت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة، والقرينة المحبة للرجل، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وباتت معرض للتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة).
وقالت الدكتورة إيدايلين: (إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو: أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة، فزاد الدخل وانخفض مستوى الأخلاق، ثم قالت: إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم هو الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه).
وقال أحد أعضاء الكونجرس الأميريكي: (إن المرأة تستطيع أن تخدم الدولة حقا إذا بقيت في البيت الذي هو كيان الأسرة).
وقال عضو آخر: (إن الله عندما منح المرأة ميزة الأولاد لم يطلب منها أن تتكرم لتعمل في الخارج بل جعل مهمتها البقاء في المنزل لرعاية هؤلاء الأطفال).
وقال شوبنهور الألماني أيضا: (اتركوا للمرأة حريتها المطلقة كاملة بدون رقيب ثم قابلوني بعد عام لتروا النتيجة ولا تنسوا أنكم سترثون معي الفضيلة والعفة والأدب، وإذا متّ فقولوا: أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة!!!).
فهذه شهادات نساء الغرب المجربات (للفضاء) المزعوم، وغيره، ومن طلب المزيد وجده في كتابي (الحرب الباردة على المرأة المسلمة) فأي فضاء تريده للمرأة المسلمة يا سعادة الدكتور؟! . |