الجدار الحصين الخارجي لبرج لندن، يظهر من خلاله في جزء من الجدار الحصين الداخلي. وفي المنتصف نقطة ليجي الحصينة.
تأسيس البرج وتاريخه القديم
بعد انتصار ويليام الفاتح دوق نورماندي في معركة هاستينغز في 14 أكتوبر 1066، أمضى باقي العام في تأمين الأراضي التي استولى عليها، ببناء نقاط حصينة رئيسية. أسس ويليام العديد من القلاع على طول الطريق، ولكنه اتخذ طريقًا ملتويًا نحو لندن.[46][47] بعد أن أسس جنوده الساكسونيون الجسر المحصنة في لندن، قرر اجتياح "ساوثوورك" قبل مواصلة رحلته في جنوب إنجلترا.[48] قطعت سلسلة انتصارات النورمان على طول الطريق خطوط إمداد المدينة. وفي ديسمبر 1066، سلّم قادة المدينة لندن دون قتال.[49][50] وبين عامي 1066 و 1087، أنشأ ويليام 36 قلعة جديدة،[47] بالرغم من أن كتاب ونشيستر يشير إلى أنه تم تأسيس المزيد من القلاع من قبل تابعيه.[51] ورثت الأسرة الحاكمة الجديدة ما وصف بأنه "أقوي نظام قلاع دفاعية في تاريخ أوروبا الإقطاعية".[52] كانت تلك القلاع متعددة الأغراض، فهي نقاط حصينة (تستخدم كقاعدة للعمليات في أراضي العدو)، ومراكز للإدارة وكمساكن.[53]
تاريخ البرج الأبيض يعود إلى أواخر القرن الحادي عشر.أرسل ويليام مجموعة من الجند لإعداد المدينة لدخوله، والاحتفال بانتصاره وتأسيس قلعة. في ذلك الوقت، كانت لندن أكبر مدينة في إنجلترا، وبتأسيس إدوارد المعترفلدير وستمنستر وقصر وستمنستر القديم أصبحت مركزًا للحكم، ومع وجود ميناء مزدهر كان من المهم بالنسبة للنورمان فرض سيطرتهم على الموقع.[50] في الوقت نفسه، تأسست قلعتي لندن "بينارد" و"مونتفيش".[54] التحصينات التي عُرقت لاحقًا باسم برج لندن بنيت على الزاوية الجنوبية الشرقية من أسوار المدينة الرومانية، والتي استخدمت كدفاعات أولية على نهر التايمز، لتوفير حماية إضافية من الجنوب.[46] أحيطت أول مراحل بناء القلعة بخندق وأسوار خشبية، مع تجهيز مسكن مناسب لويليام.[55]
قديمًا، بنيت معظم قلاع النورمان من الأخشاب، ولكن بحلول نهاية القرن الحادي عشر، تم تجديد القليل من القلاع، ومنها برج لندن، واستبدلت الأخشاب بالأحجار.[54] بدأ العمل في بناء البرج الأبيض الذي سميت القلعة بالبرج نسبة له[11] في عام 1078. لم يتم الانتهاء من البناء حتى وفاة ويليام في عام 1087.[11] البرج الأبيض هو أقدم بناء حجري باقي في إنجلترا، وكانت أقوى مباني القلعة قديمًا، كما كان يتضمن مقرًا لإقامة الملك.[56] وعلى أقصى تقدير، تم الانتهاء من البناء في عام 1100.
تشير السجلات الأنجلوساكسونية، أنه في عام 1097، أمر الملك ويليام الثاني ببناء جدار حول برج لندن، والذي كان على الأرجح من الحجر، ومن المرجح أنه كان بديلاً للسياج الخشبي الذي كان موجودًا في الجانبين الشمالي والغربي من القلعة، وبين الجدار الرومانية ونهر التايمز.[57] لم يكن ما يميز غزو النورمانديين للندن، هو ظهور أسرة حاكمة جديدة فقط، ولكن كان من نتائج هذا الغزو إعادة هيكلة المدينة. صودرت الأراضي، وأعيد توزيعها بين النورمان، الذين جلبوا أيضًا معهم مئات اليهود، لأسباب اقتصادية.[58] وصل اليهود تحت حماية مباشرة من الملك، ونتيجة لذلك كانت كثيرًا ما تتواجد مساكنهم بالقرب من القلاع.[59] كان اليهود يلجأون للبرج، كلما تعرضوا للتهديد من أعدائهم.[58]
وضعت وفاة هنري الأول عام 1135، إنجلترا في أزمة خلافة؛ فبالرغم من أن هنري أقنع أكثر البارونات سلطة بدعم خلافة الإمبراطورة ماتيلدا له، إلا أنه بعد بضعة أيام فقط من وفاة الملك وصل من فرنسا ستيفن كونت بلوا للمطالبة بالعرش. لم تستخدم القلعة كمقر الملكية حينئذ ولبعض الوقت، ووضعت تحت قيادة "جيفري دي ماندفيل" قائد البرج، وهو المنصب الذي استحدث حينئذ. ونظرًا لكون البرج حصنًا منيعًا، لذا فقد كان موقعًا استراتيجيًا هامًا ذا قيمة عالية. استغل دي ماندفيل ذلك، وباع ولائه لصالح ماتيلدا، بعد أسر ستيفن في عام 1141 بعد معركة لنكولن الأولى. وبعد أن قلّ الدعم لماتيلدا في العام التالي، باع ولائه لستيفن. ومن خلال دوره كقائد للبرج، أصبح دي ماندفيل "الرجل الأغنى والأقوى في إنجلترا".[60] عندما حاول دي ماندفيل استخدام نفس الحيلة مرة أخرى، هذه المرة بإجراء محادثات سرية مع ماتيلدا. ألقى ستيفن القبض عليه، أجبره على التخلي عن سيطرته على القلاع التابعة له، وعيّن بدلاً منه مع واحد من أكثر مؤيديه ولاءً له. حتى ذلك الحين كانت قيادة البرج وراثية، ولكن بعد ذلك الموقف، أصبحت تلك السلطة في أيدي الملك الذي يعين أحد الشخصيات لقيادة البرج. كان ذلك المنصب يعطى لحامله أهمية كبيرة، وعلى الرغم من أن قائد البرج كان لا يزال المسؤول عن الحفاظ على القلعة وحاميتها، إلا أنه كان لديه طاقم مساعد لإدارة البرج يترأسه ملازم البرج.[60] كانت سلطات قادة البرج متعددة في المدينة، فهم عادة يتولون مهمة حماية المدينة وفرض الضرائب وتطبيق القانون والحفاظ على النظام. ومع استحداث منصب "عمدة لندن" عام 1191، قلت صلاحيات قائد البرج في المدينة، مما تسبب طاغية بين المنصبين في بداية الأمر.[61]
التوسعات[عدل]
لم يشهد البرج أي تعديلات منذ إنشائه إلى عهد ريتشارد قلب الأسد،[62] توسعت القلعة على يد "ويليام لونجشامب" نائب ريتشارد قلب الأسد في حكم إنجلترا أثناء حملة ريتشارد الصليبية على الشرق. تم إنفاق £ 2,881 على القلعة في الفترة من 3 ديسمبر 1189 إلى 11 نوفمبر 1190،[63] من جملة £ 7,000 أنفقها ريتشارد على بناء القلاع في إنجلترا.[64] ووفقًا لأحد المؤرخين، فقد قام لونجشامب بحفر خندق حول القلعة، وحاول ملأه بالماء من نهر التايمز.[23] كان لونجشامب أيضًا قائدًا للبرج، وسعى لهذه التوسعات لتعزيز القلعة في حربه مع الأمير جون الشقيق الأصغر لريتشارد قلب الأسد والذي حاول الاستيلاء على السلطة في غياب أخيه أثناء الحروب الصليبية. اختبرت التعزيزات الجديدة للبرج لأول مرة في أكتوبر 1191، عندما تعرض البرج للحصار لأول مرة في تاريخه. استسلم لونجشامب للأمير جون بعد ثلاثة أيام فقط، لأنه اعتقد أن ما سيربحه من استسلامه أكثر مما سيربحه من الحصار.[65]
صورة للبرج على نهر التايمز، يظهر بها جسر برج لندن.خلف جون شقيقه ريتشارد قلب الأسد عام 1199. ولكن أثناء حكمه، لم تكن علاقته مع باروناته جيدة، مما جعلهم يتحركون ضده. وفي عام 1214، بينما كان الملك جون في قلعة وندسور، قاد روبرت فيتزوالتر جيشًا لمهاجمة لندن، وحاصر البرج. قاومت حامية البرج، ولم يرفع الحصار إلا بعد أن وقّع جون على الماجنا كارتا.[66] نكث الملك بوعوده الإصلاحية، مما أدى إلى اندلاع حرب البارونات الأولى. وحتى بعد أن تم التوقيع على الماجنا كارتا، حافظ فيتزوالتر على سيطرته على لندن. وخلال الحرب، انضمت حامية البرج إلى قوات البارونات. أطيح بالملك جون في عام 1216، وعرض البارونات العرش الإنجليزية على الأمير لويس الابن البكر للملك الفرنسي. ومع ذلك، وبعد وفاة جون في أكتوبر 1216، دعم الكثيرون طلب ابنه البكر الأمير هنري للعرش. استمرت الحرب بين الفصائل المؤيدة لهنري وللويس، مع دعم فيتزوالتر للويس. كان فيتزوالتر لا يزال يسيطر على لندن والبرج، وبقيا كذلك حتى أصبح من الواضح أن أنصار هنري ستكون لهم الغلبة.[66]
في القرن الثالث عشر، قام الملكان هنري الثالث وإدوارد الأول بتوسعات في القلعة، حتى استقرت عند حدودها الحالية.[67] كان العلاقات بين هنري وباروناته غير مستقرة، نتيجة عدم وجود تفاهم متبادل بينهم، مما أدى إلى الاضطراب والاستياء تجاه حكمه. ونتيجة لذلك، كان يحرص على ضمان تعزيز برج لندن. وفي الوقت نفسه، كان هنري محبًا للجمال، وسعى لجعل القلعة مكانًا مريحًا للمعيشة.[68] منذ عام 1216 حتي عام 1227، أنفق ما يقرب من 10,000 £ على برج لندن، في الوقت الذي أنفق فيه على قلعة وندسور أكثر من 15,000 £. تركز معظم العمل على المباني الفخمة في الجناح الأعمق.[69] بدأ تقليد تبييض البرج الأبيض (الذي منه استمد البرج اسمه) في عام 1240.[70]
وفي حوالي عام 1238، تم توسيع القلعة في الاتجاهات الشرقية والشمالية والشمالية الغربية. استمر العمل خلال حكم هنري الثالث وإدوارد الأول، ولكنه توقف لفترات متقطعة بسبب الاضطرابات المدنية. شملت الإضافات الجديدة تعزيز الدفاعات الخارجية وبناء أبراج في الغرب والشمال والشرق، كما تم حفر خندق دفاعي حول القلعة. التوسعات الشرقية جعلت القلعة تتمدد خارج حدود المستوطنة الرومانية القديمة، والتي تمثلت في سور المدينة والذي كان ضمن دفاعات القلعة في السابق.[70] كان البرج لفترة طويلة رمزًا للاضطهاد والقهر في أعين اللندنيين، كما لم يحظ برنامج هنري لتعزيز القلاع بترحيب الشعب. لذا عندما انهارت بوابة الحراسة في عام 1240، احتفل بذلك السكان المحليون.[71]
عقد هنري الثالث محكمة في برج لندن، كما عقد جلسات البرلمان هناك على الأقل مرتين (عامي 1236 و 1261)، عندما رأى أن رغبات البارونات أصبحت جامحة وخطيرة. وفي عام 1258، أجبر البارونات الساخطون بقيادة سيمون دي مونتفورت الملك على الموافقة على الإصلاحات، بما في ذلك عقد جلسات البرلمانات بانتظام. كما كان التخلي عن برج لندن من بين طلباتهم. إستاء هنري الثالث من فقدان السلطة، وسعى لأخذ موافقة البابا ليحنث بقسمه. وبدعم من المرتزقة، سيطر هنري على البرج في عام 1261. وفي الوقت الذي كانت فيه المفاوضات مع البارونات ما زالت مستمرة، اختبأ الملك في القلعة، على الرغم من عدم تحرك الجيش للقبض عليه. تم الاتفاق على هدنة بشرط أن يتخلى الملك عن السيطرة على البرج مرة أخرى. حقق هنري انتصارًا كبيرًا في معركة إيفشام في عام 1265، والتي مكّنته من استعادة السيطرة على البلاد وعلى برج لندن. جاء الكاردينال أوتوبون إلى إنجلترا ليعلن أن المتمردين محرومون كنسيًا؛ لم يحظ هذا الفعل بأي شعبية، وتفاقم الوضع عندما أسند إلى الكاردينال أمر قيادة البرج. سار جيلبرت دي كلير نحو لندن في أبريل 1267، وفرض حصارًا على القلعة، معلنًا أن قيادة البرج "ليست وظيفة لا يمكن أن يستأمن عليها في أيدي أجنبي".[72] على الرغم من وجود جيش كبير والآت الحصار، لم يتمكن جيلبرت دي كلير من السيطرة على البرج، وانسحب مما سمح للملك بالسيطرة على العاصمة، وبقي البرج في أمان بقية عهد هنري.[73]
على الرغم من أنه نادرًا ما كان يتواجد في لندن، إلا أن إدوارد الأول أنفق على البرج ما يصل إلى 21,000 £ بين عامي 1275 و 1285، وهو أكثر من ضعف ما أنفق على القلعة خلال كامل عهد هنري الثالث،[74] وهو ما يعادل حوالي 10,500,000 £ بأسعار عام 2008.[30] كان إدوارد الأول بناءً محنك للقلاع، واستخدم خبرته في حروب الحصار خلال الحملات الصليبية لتعزيز دفاعات القلعة.[74] استورد إدوارد نظام فتحات الرماة في القلاع من الشرق، وطبّقه في البرج.[75] ملأ إدوارد الخندق الذي حفره هنري الثالث حول البرج، وبنى جدار دفاعي جديد يحيط به. ثم حفر خندق جديد حول الجدار الجديد. أعيد بناء الجزء الغربي من الجدار الدفاعي الذي بناه هنري الثالث، مع استبدال بوابة حراسة القلعة القديمة ببرج بوشامب، كما تم إنشاء مدخل جديد.[76] وفي محاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للقلعة، أضاف إدوارد طاحونتان داخل البرج.[77] سجن ستمائة يهودي في برج لندن في عام 1278، بتهمة تقليم العملة.[58] بدأ اضطهاد اليهود في إنجلترا في عهد إدوارد الأول في عام 1276، وبلغ ذروته في عام 1290، عندما أصدر مرسوم الطرد، الذي أجبر اليهود على الخروج من البلاد.[78]
البرج في العصور الوسطى المتأخرة[عدل]
لوحة لبرج لندن، يظهر بها البرج الأبيض والبوابة المائية.[79]أثناء عهد إدوارد الثاني (1307-1327)، كان النشاط قليل نسبيًا في برج لندن.[80] ومع ذلك، خلال هذه الفترة تأسست الخزانة الملكية، وكان مقرها في البرج.[81] كانت "مارغريت دي كلير" أول امرأة تسجن في برج لندن، بعد أن رفضت دخول الملكة إيزابيلا لقلعة ليدز، وأعدمت الرسل الملكيين.[82] كان البرج عامةً سجنًا للسجناء رفيعي المستوى، كما كان أهم سجن ملكي في البلاد.[83] لم يكن بالضرورة سجنًا آمنًا، فطوال تاريخه كان المسجونون يقدمون الرشاوى للحراس لمساعدتهم على الهرب. ففي عام 1322، استطاع روجر مورتيمر الهرب من البرج بمساعدة مساعد ملازم البرج الذي ترك رجال مورتيمر يدخلون، وينقبون ثقبًا في جدار زنزانته، ثم هرب مورتيمر في قارب ينتظره. هرب مورتيمر إلى فرنسا، حيث قابل إيزابيلا زوجة الملك إدوارد. وبدأ الاثنان في التخطيط لانقلاب على الملك. كان أحد أوائل أعمال مورتيمر عند عودته إلى إنجلترا، هو الاستيلاء على البرج والإفراج عن السجناء المحتجزين هناك. ولمدة ثلاث سنوات، حكم مورتيمر إنجلترا كوصي على إدوارد الثالث؛ وفي عام 1330، تمكن إدوارد وأنصاره من القبض على مورتيمر، وسجنوه في البرج.[84] في عهد إدوارد الثالث، استعادت إنجلترا نجاحاتها العسكرية بعد التراجع في عهد والده أمام الاسكتلنديين والفرنسيين. ومن بين نجاحاته أسره للملك جون الثاني ملك فرنسا والملك ديفيد الثاني ملك اسكتلندا. خلال هذه الفترة، سجن العديد من النبلاء في البرج كأسرى حرب.[85] كان برج لندن في حالة يرثى لها في عهد إدوارد الثاني،[34] وفي عهد إدوارد الثالث أصبحت القلعة مكانًا غير مريح. لم يكن مسموحًا للنبلاء الأسرى داخل البرج بالمشاركة في أنشطة مثل الصيد، الذي كان مباحًا في غيره من القلاع الملكية المستخدمة كسجون. وخلال فترة حكمه، أمر إدوارد الثالث بتجديد القلعة.[86]
عندما تم تتويج ريتشارد الثاني في عام 1377، سار موكب تتويجه من البرج إلى دير وستمنستر، وهو التقليد الذي بدأ في بداية القرن الرابع عشر، استمر حتى عام 1660.[85] وأثناء ثورة الفلاحين عام 1381، كان الملك محاصرًا داخل برج لندن. وعندما خرج الملك للقاء وات تايلر زعيم المتمردين، اجتاح حشد من الجماهير القلعة دون مقاومة، ونهبوا دار الكنوز الملكية. لجأ "سيمون سدبري" رئيس أساقفة كانتربري إلى كنيسة سانت جون، أملاً في أن تحترم الغوغاء قدسية الكنيسة. ومع ذلك، أقتيد بعيدًا وقطع رأسه في التلة المجاورة.[87] وبعد ست سنوات، كانت هناك حالة عصيان مدني أخرى، حتى أن ريتشارد أحتفل بعيد الميلاد في البرج بدلاً من قلعة ويندسور كما هي العادة.[88] وعندما عاد هنري بولينجبروك من المنفى في عام 1399، سجن ريتشارد في البرج الأبيض، وأجبر على التنازل عن العرش، وتم تنصيب بولينجبروك، ليصبح الملك هنري الرابع.[87] في القرن الخامس عشر، كان هناك القليل من المباني في برج لندن، في الوقت الذي كانت فيه القلعة لا تزال مكانًا هامًا للجوء. عندما حاول مؤيدي الملك السابق ريتشارد الثاني القيام بمحاولة انقلابية، وجد هنري الرابع في برج لندن الملجأ الآمن من هذه المحاولة. خلال تلك الفترة، كان بالبرج العديد من السجناء، ومنهم وريث العرش الاسكتلندي الأميرجيمس الأول، الذي اختطف أثناء رحلته إلى فرنسا في عام 1406، وسجن في البرج. وفي عهد هنري الخامس، تحسنت حظوظ إنجلترا في حرب المئة عام أمام فرنسا. ونتيجة لانتصاراته، مثل معركة أجينكورت، ضم البرج العديد من السجناء رفيعي الشأن، الذين بقوا كأسرى في البرج حتى تم فدائهم.[89]
كانت حرب الوردتان في النصف الثاني من القرن الخامس عشر بين المطالبين على العرش من أسرتي لانكستر ويورك.[90] ولمرة أخرى حوصرت القلعة في عام 1460، هذه المرة من قبل قوات أسرة يورك. لحقت أضرار كبيرة بالبرج من نيران المدفعية، لكن حاميته لم تستسلم إلا بعد أسر الملك هنري السادس في معركة نورثهامبتون. وبمساعدة من "ريتشارد نيفيل" (الملقب بـ "صانع الملوك")، استعاد هنري العرش لفترة قصيرة في عام 1470. ومع ذلك، سرعان ما استعادإدوارد الرابع السيطرة على البلاد، وسجن هنري السادس في برج لندن حيث قُتل.[87] أثناء الحروب، تم تحصين البرج ليتحمل نيران المدفعية، وتم فتح ثغرات للمدافع والمسدسات في الأسوار لهذا الغرض، إلا أنها لم تعد باقية الآن.[90]