تصميم لوحة فسيفسائية مصنوعة من الخشب تبلغ مساحتها 2 متر.
يستخدم الحرفي أحمد نعسان عكوك من أهالي مدينة حماة طريقة المصفوفة الرومانية القديمة لانجاز أول لوحة فسيفسائية مصنوعة من الخشب تبلغ مساحتها 2 متر مربع تدخل في تصميمها أكثر من 200 ألف قطعة خشبية من خلال محاكاة أندر لوحة فسيفساء بالعالم تعرض حالياً في متحف حماة الوطني وهي لوحة العازفات.
ويقول مصمم اللوحة البالغ من العمر 17 عاماً أن فكرة تصميم هذه اللوحة أتت عقب مشاهدته للوحة العازفات والتي تثير الدهشة نظراً لبراعة تصميمها الذي يفوق الخيال ليس من ناحية الشكل الفني للايقونات التي تحويها بل من ناحية دقة المقطوعات الحجرية التي تدخل في عملية التصميم والتدرج اللوني الساحر بين هذه الأيقونات.
وأضاف عكوك أنه بحكم عمله في مجال الخيط العربي الذي يتعامل مع الخشب قرر إعادة إحياء هذه اللوحة لكن باستخدام قطع خشبية مضيفاً بأنه قام بالتقاط صورة فوتوغرافية للوحة الأصلية ومن ثم طباعتها بشكل مصغر وذلك لسهولة رسمها على الورق بقلم رصاص دقيق جدا وبعد ذلك جرى تثبيت الورق الناش على لوح خشبي بطول 120ضرب 180 سنتيمترا أي ما يعادل مترين مربعين ومن ثم تقطيع اللوحة وتجزئتها من خلال رسم مربعات شفافة متناهية الصغر على الورق الناش لتهيئتها لوضع القطع الخشبية عليها ومن ثم تظليل بعض المساحات بواسطة قلم رصاص بدرجات متفاوتة بين الأسود الغامق جداً إلى الرمادي الفاتح وذلك لمعرفة الألوان الخشبية التي من الممكن استخدامها في اللوحة.
ولفت عكوك الى انه تم اختيار أكثر من 15 نوعاً خشبياً ستدخل في تصميم هذه اللوحة الفسيفسائية وعلى قائمتها الجوز والكابور والتيك والسنديان والحور والجوز الأسود النادر والزان والميغانا والتوت واليمون والميرانتا والبلعاس بهدف الحصول على تدرجات لونية تتفاوت بين الغامق والفاتح لألوان الخشب والتي هي البني و الأسود والأحمر و الأصفر .
وأوضح أنه قام بقص هذه الأخشاب على شكل أقلام طولانية ومن ثم جرى تثبيت هذه الأقلام على الحدة وهي آلة تستخدم لقص الخشب بمقاسات متساوية وقد تم قص جميع القطع بأحجام لا تتجاوز 4 ميلمترات وبارتفاع لا يتعدى 7 ميلمترات وهذه القطع تتراوح اشكالها بين المربعات والمثلثات والمعينات والأقواس وغيرها من الأشكال التي تساعد على كسر الحواف الحادة للأيقونات التي تحتويها اللوحة كما أنها تمنح مرونة عالية في التصميم.
وبدأ عكوك العمل بمشروع اللوحة من خلال تطعيم الخطوط الأساسية للوجوه والأجساد والأشكال النباتية والحيوانية وذلك من أجل حصرها ومعرفة المزيج اللوني الذي من الممكن استخدامها فيه موضحاً بأنه تم الانتهاء من هذه المرحلة.
أما المراحل الأخرى فتتضمن إعادة صف كافة القطع وتثبيتها بشكل جيد باستخدام اللاصق ثم تملأ الفراغات بين هذه القطع بواسطة الغراء الأحمر المطبوخ يدوياً والذي يمتاز بقدرته العالية على التثبيت بشكل محكم ثم تبدأ عملية الحف بواسطة البرداخ وذلك للحصول على وجه مصقول بشكل متجانس كما في اللوحة الأم وأخيراً تجري عملية بخها بواسطة مادة أساس تحافظ عليها من العوامل الخارجية.
ويتطلب إنتاج هذه اللوحة حوالي 8 أشهر من العمل الجاد نظراً للدقة الكبيرة التي يتطلبها رصف القطع كما تحتاج لاستخدام مجموعة كبيرة من الأدوات وهي الرابور والمناشر اليدوية والريش والملاقط و الغراء.
وعن مهنته يقول عكوك انه بدأ العمل في مجال حرفة والده النجارة منذ عمر 7 سنوات ونظراً لتعلقه الشديد بمهنة الرسم والتصميم خضع لعدة دورات في المركز الثقافي العربي بحماة والتي كان لها الأثر الكبير في تطوير مهنة النجارة وتحويلها إلى حرفة تصميم الخيط العربي هذه الحرفة التي تمتاز بجمالها ودقة تناسقها وخاصة عند استخدام أقلام الخشب في إنتاج أشكال هندسية ونباتية ضمن اللوحات المصممة وتستخدم الخيط العربي في الغالب الخط الكوفي فهو أقدم خط عربي وله عدة أنواع منه المزخرف النباتي و المذوق .
يشار إلى أن لوحة العازفات المعروضة في متحف حماة تصل أبعادها إلى 4.25 ضرب 5.37 مترا وهي تمثل مشهدا لعدة عازفات تظهر معهن آلات موسيقية تعود الى الحقبة الرومانية وتبدو واحدة منهن تعزف على الهارب وبجانبها إلهان مجنحان يدوسان على دواسات الإيقاع، وواحدة ترقص وواحدة معها مزماران وأخرى تعزف على آلة موسيقية هندية تتألف من زباد معدنية مليئة بالماء على مستويات مختلفة فوق طاولة عند نقر حوافها بعصي خشبية تصدر أصواتاً موسيقية وتشكل صورة هذه العازفة أكثر من ثلث اللوحة.