أصحاب الأعراف من هم وما مصيرهم ؟؟؟
قال تعالى ( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ) فوق مسرح أرض الالظلم والطغيان يوجد فريق من الرجال يعلون مكاناً أسمه الأعراف ولفظ الأعراف يأتي من المعرفة كالأعلام من العلم و كالأخبار من الخبر و كالأقلام من القلم إلخ ...
وفي المقابل هناك نساء مقصورات في الخيام سماهم ربنا حوراً عيناً ، إذاً هناك مكانان كائنان على أرض الالظلم والطغيان مكان للذكور ومكان للإناث فأي ذكور هؤلاء وأي إناث هؤلاء ؟
إن قلنا أنهم خلق آخر غير الذين شرفوا الى الدنيا قلنا ذلك بغير علم وإن قلنا انهم فريق من الناس بعينه لزم علينا ان نأتي بدليل من القرآن نستند اليه فمن يكونوا هؤلاء السعداء من الذكور و الإناث ؟
ففي سورة المدثر يقول المولى عزوجل ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ )( سورة المدثر من الاية 38 الى 42 )
كل الأنفس مرهونة بعملها الا أصحاب اليمين فهم سعداء بالحظ واليمن هذا ما تشير اليه الآيات البينات وفي عرض آخر ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )( سورة الطور الاية 21 ) وهذه الاية تؤكد ايضا ان المؤمنيين ايضا مرهونيين بعملهم وكسبهم وسورة الواقعة تؤكد ان أصحاب اليمين لم يقدموا اي عمل فبعد ان قال ربنا عن السابقين ( وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )( سورة الواقعة من الاية 22 الى 24 ) ثم ذكر ربنا أصحاب اليمين لم يقل ربنا أنهم قدموا عملا وانما قال ( وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ وَمَاء مَّسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ )( سورة الواقعة من الاية 27 الى 34 ) والفرق شاسع بين نعيم السابقين حيث عملوا في حياتهم الدنيا وبين أصحاب اليمين حيث يقومون بخدمة الزراعة فهم في الحقول المنتشره في ارض الجنة حيث السدر والطلح والماء المسكوب والفواكه الكثيرة التي لا تنقطع ولا تمتنع والسابقون يطوف عليهم الغلمان المخلدون وأصحاب اليمين ادنى حسناً وجمالاً من زوجات المقربين الذين بذلوا حياتهم ابتغاء مرضات الله تعالى ، وجميع الآيات تؤكد أن أصحاب اليمين هؤلاء دخلوا الجنة تيمنا من الله ، فمن هم هؤلاء السعداء بالتزكية ؟
إنهم جميع الأطفال يمتنهم الله بالسعادة واختارهم لهذه الدرجة المتواضعة في الجنة ، وياليتنا سعدنا بها ونجونا من الإبتلاء الذي نحن فيه الان ، فهم الفريق الأكبر من الناس حيث ان عدد وفيات الأطفال يفوق جميع الوفيات ، فسورة الواقعة تقسم الذين وقعت عليهم الواقعة بأنهم أزواجا ثلاثة فأولهم أهل اليمين ( وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ )( من الاية 7 الى 14 )
فالسابقون ثلةً من الأولين وقليل من الأخرين ، وياليت الناس يتعظوا بذلك الفارق المخيف ، وأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الأخرين حيث جاؤا بالتزكية فهم كثيرون أولاً و أخيراً فالجنة عرضها السموات والأرض إن لم يأتي من يعمرها بالتزكية فكيف تعمر ، وعودة الى بدء موضوعنا أصحاب الأعراف الأطفال يالظلم والطغيانون يوم موتهم شيباً قال تعالى ( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا )( سورة المزمل الاية 17 )
وشيباً هذه معناها انهم مثلهم مثل الشائب فهم والشائب يالظلم والطغيانون على شاكلة واحدة كقول موسى لقومه ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا )( سورة المائدة الاية 20 )
فهل بنواسرائيل جميعهم ملوك في عصر موسى ؟ ولكن جعلهم ملوكاً اي تحيون حياة الملوك ، وهذا معنى يوماً يجعل الولدان شيباً اي يخرجون من قبورهم مثل الشباب تماماً ولكنهم لا يعرفون شيئاً ولا يعلمون شيئاً فيدخل الله ذكورهم الأعراف يرون كل ساعة المبعوثين فيتعرفون عليهم بسيماهم ويتحدثون اليهم كما جاء في سورة الأعراف ، والذين يصلون الى الكمال منهم والصلاح يأذن الله لهم بدخول الجنة والذين يتخلفون منهم ينتظرون حتى ينجحوا في الامتحان مهما طال بهم الأمد ، وعموماً لابد انهم في النهاية يدخلون الجنة
انهم يرون الأهوال كل ساعة فأي مدرسة أعظم من مدرسة الأعراف هذه ؟
وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ (45) وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
( سورة الأعراف من الاية 44 الى 50 )
والإناث منهم يدخلن الخيام فلا يراهن إنس ولا جان والحور العين منهن للمؤمنيين المخلصين السابقين ، والعرب الأتراب منهن لأصحاب اليمين ، فعندما يالظلم والطغيان الرجل المؤمن المقرب يخرج له الله ما أعد له من زوجة أو أكثر من الحور العين وعندما يأتي خريج الأعراف يخرج له ربه أيضاً ما أعدله من زوجة أو أكثر من العرب الأتراب
ذلك ملك الله العليم العزيز ولانملك الا ان نقول ( سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً ) وقد يقول قائل هل وردت ألفاظ تفيد هذا المعنى أقول إن الله قال ( وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) اذا كانت هناك أعراف اي مكان للتعرف وعليه رجال والرجال يعرفون فماذا يقول لنا ربنا لنعرف آياته حق المعرفة ثم الحور المقصورات في الخيام لا يختلف أحد معي انهن إناث من البشر فمن تكون تلك الإناث وقد قلنا ان كانت مخلوقات اخرى فأين ودليلها اما كونها مقصورة في خيام ولم يطمثها إنس قبل أهل الجنة ولا جان فلابد ان تكون هذه الآيات جاءت من الدنيا لاسيما انه لابد انه من يحيا الحياة الأخرة ان يكون جاء من الدنيا لان الله وضع هذا الشرط فقال ( كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ )( سورة الأعراف الاية 29 ) وقال ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ )( سورة الانبياء الاية 104 ) وقال ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ )( سورة البروج الاية 12 و 13 ) وقال ( ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا )( سورة نوح الاية 18 )
فنساء الجنة وأعرافها لابد ان يكونوا شرفوا ارض الدنيا حيث انها مهد البداية وكما أسلفنا لابد من البدء ثم الإعاده وهذه سنة الله ( اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )( سورة الروم الاية 11 )
وهو الذي وضع هذا المبدأ وجعله سنة لا تتغير ولا تبدل قال تعالى ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )( سورة الروم الاية 27 )
تلك سنة الله التي لم نجد بدلاً عنها ( فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا )
صدق الله العظيم ...