البطل : عبد الله بن مسعود رضى الله عنه .
الجهر بالحق .
عن الزبير بن العوام رضى الله عنه قال : كان أول من جهر بالقرآن الكريم بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود رضى الله عنه .
وذات يوم اجتمع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا : والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر به قط فمن منكم رجل يسمعهم ؟ فقال عبد الله بن مسعود : أنا , فقالوا : إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه , فقال : دعوني، فإن الله سيمنعني .
فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها حتى قام عند المقام فقال رافعًا صوته : بسم الله الرحمن الرحيم " الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ " فاستقبلهم وقرأ بها.. فتأملوا برهة ثم قالوا : ماذا يقول ابن أم عبد ؟ فقالوا : إنه يتلو بعض ما جاء به محمد , فقاموا يضربونه في وجهه والدماء تسيل منه وهو يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ.. ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه حينما رأوا الدماء تسيل منه... فقالوا : (هذا الذي خشينا عليك منهم) .
فقال رضى الله عنه كلمات سطرها التاريخ : (ما كان أعداء الله قط أهون علي منهم الآن.. ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غدًا) .
أي إيمان هذا ؟! أي يقين هذا ؟! أي ثبات هذا ؟! فقالوا له : (حسبك، فقد أسمعتهم ما يكرهون) .
* العبرة المنتقاة :
إن الداعية إلى الله عز وجل سوف يلقى الأذى في سبيل دعوته ولكن الواجب عليه أن يتحلَّى بالصبر، وأن لا يضعف ولا يتخاذل لأن الحق معه، ولأنه ماضٍ على الطريق الصحيح .
حيث إن : عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يجهر بالقرآن أمام قريش فيضربونه ويؤذونه ثم يذهب لأصحابه ويقول: لئن شئتم غاديتهم بمثلها غدًا ( رجال حول الرسول ص142، بتصرف) .