فـريق بحثي يكتشف الخلل الكيميائي – العصبي لمرض الـفـُصام.
أعصاب المصابين تفرز كميات أكبر من ثلاث نواقل عصبية
باستخدام الخلايا الجذعية الغير متمايزة من البشر (hiPSCs)، باحثون في كلية الصيدلة والعلوم الدوائية – سكاگز، في جامعة كلفورنيا – سان دييغو (Skaggs School of Pharmacy and Pharmaceutical Sciences)، توصلوا إلى اكتشاف أنّ الخلايا العصبية في المرضى المصابين بالشيزوفرينيا تفـرز كميات كبيرة من ثلاث نواقل عصبية مسؤولة، وبنطاق واسع، عن مجموعة من الإضطرابات النفسية.
هذه النتائج نـُشرت على الإنترنت في ١١ سبتمبر، في تقارير الخلايا الجذعية (Stem Cell Reports)، وتمثل خطوة مهمة تجاه فهم الأسس الكيميائية لمرض الفـُصام (الشيزوفرينيا)، وهــو مرض مزمن، حاد، وسبب للضعف والعجـز يصيب الدماغ، ويصيب تقريبا شخص من كل ١٠٠ شخص في مراحل معيّنة من حياتهم.
حالياً، ليس هنالك سبب معـيّن معروف ولا علاج للشيزوفرينيا لا يـترك أثراً يمكن تعقبه في أنسجة الدماغ. يـقول ڤيڤيان هــوك (Vivian Hook) وهو بروفسور في كلية سكاگز للصيدلة وكلية الطب في سان دييغو: “الدراسة تعطي نظـرة جديدة لآليات النقل العصبي في الشيزوفرينيا والتي قد تقودنا إلى طـُرق علاجية جديدة.”
بهذه الدراسة، باحثون من سان دييغو وآخـرون في معهد ساك للدراسات البيولوجية (The Salk Institute for Biological Studies) وكلية الطب إيكان – نيويورك (Icahn School of Medicine at Mount Sinai, N.Y)، اختـرعوا خلايا عصبية مستمدة من (hiPSCs)، أيّ قامـوا بإعادة برمجة خلايا الجلد من مرضى الشيزوفرينيا. هذه الوسيلة سمحت للعلماء بمراقبة وتحفيـز الخلايا العصبية بطرق يستحيل تطبيقها مع حيوانات التجارب أو المتطوعين البشر. الباحثون نشـطوا هذه الخلايا العصبية كي تكون قادرة على إفراز نواقل عصبية (مواد كيميائية قادرة على تحفيز أو تثبيط نقل الإشارة الكهـربائية عبـر الدماغ). تم تكرار العملية على الخلايا الجذعية من بالغين أصحاء.
بمقارنة النواقل العصبية التي أفرزتها الخلايا العصبية من مرضى الشيزوفرينيا تبيّن أنّ كمياتها كانت عالية. خصوصاً النواقل : الإبينفرين، النورإبينفرين، والدوبامين. جميـع تلك النواقل العصبية تـُصنّع من الحمض الأميني التايروسين ومن المعروف أنّ تنظيم هذه النواقل العصبية يتغـيـّر في الأمراض النفسية المختلفة. عدّة عقارات تـُستخدم في علاج الإضطرابات النفسية تستهدف، وبتخصصية، نشاط هذه النواقل في الدماغ.
بالإضافة إلى توثيق النشاط الإفرازي العالي للخلايا العصبية لمرضى الشيزوفرينيا، الباحثون قد لاحظوا أيضاً أنّ أكثـر الخلايا العصبية تفانت في إنتاج إنزيم الـ tyrosine hydroxylase، وهو الإنزيم الأول في التصنيع البيولوجي للـدوبامين، والذي منه يتم تصنيع الإبينفرين، والنورإبينفرين.
هذه الاكتشاف مهم لأنّه يقدم سبباً لتغيّر مستويات تلك النواقل العصبية لمرضى الشيزوفرينيا: الخلايا العصبية مـُبرمجة لتصنيع تلك النواقل بكثرة.
يـقول هــوك: “كـل تصرف له أساس كيميائي-عصبي في الدماغ. هذه الدراسة توضح بأنّه من الممكن النظر إلى التغيّر الكيميائي الدقيق في الخلايا العصبية لمرضى الفصام”.
الإستراتيجيات المستقبلية للعلاج تتضمن القدرة على تقييم شدة مرض الشخص، تحديد الأنواع الفرعية للمرض، وتبيين العقارات للمرضى التي من شأنها مساعدتهم. وأيضا تقدم طريقة لاختبار فعالية العقار الجديد. وأضاف: “إنّه لشئ عظيم أنّ تكّون قادراً على رؤية الإختلافات في الخلايا العصبية للمرضى، وهو إنجاز كبير أنّ تطوّر طريقة تسمح بذلك.”