فن اللوحات الأسمنتية في بغداد
وسط الحواجز الرملية والواجهات الأسمنتية والاسلاك الشائكة التي تحيط بالعاصمة العراقية بغداد بدأ طيف جديد من الألوان الزاهية يبدو في الأفق.
فأمام بعض المباني أقيمت واجهات بارتفاع أربعة أمتار من الاسمنت لحمايتها من الهجمات بالقنابل أو قذائف الهاون.
تلك المسطحات الرمادية اللون يعتبرها العراقيون واجهات عامة لممارسة هواية الرسم.
واللوحات كلها تستخدم فيها ألوان الرشاش ولا تتسم أغلبها بالطابع السياسي، وإنما تتنوع من فترة ما قبل شاجال إلى تلك المستوحاة من موسيقى الروك الحديثة وكلها تصور أحلام وتطلعات المراهقين.
هناك الكثير من الرسومات التي تصور خيولا برية وسجاجيد طائرة، وأبراجا خيالية إلى جانب مشهد بسيط يصور مزارعا عراقيا يقود جرارا في طريق عودته إلى زوجته وأطفاله نهاية اليوم.
ولا تخلو معظم اللوحات من صورة يمامة برية- رمز السلام الذي يتوق إليه العراقيون.
توجه أكاديمي
بعض تلك اللوحات تجملها مجموعة من الزهور والأعلام العراقية، وفي لوحات أخرى تظهر محاولات لمحاكاة أسلوب بيكاسو.
وتتولى احدى الشركات العراقية الخاصة لاعادة اعمار العراق، التي تتخذ من مطار بغداد مقرا لها، تمويل العمل على امتداد اربعة كيلومترات، عبر توفير الالوان ودفع اجور الرسامين التي تبلغ عشرين دولارا في اليوم (نحو 25 الف دينار عراقي).
ويقف علي احمد (21 عاما) الطالب في المرحلة الرابعة في اكاديمية الفنون الجميلة امام لوحته مؤكدا «يسعدني كثيرا ان اعمل لتجميل بلدي». ويضيف ان «هذه الجدران قبيحة وتزرع الكآبة في النفوس، وعلينا بذل ما نستطيع لجعلها جميلة، خصوصا انها اول ما يشاهده المرء حين يصل الى بغداد».
من جانبه، يقول استاذ الفنون ناجي حسين (60 عاما) الذي كان يضع لمساته الاخيرة على احد اعمال طلابه، لوكالة الصحافة الفرنسية ان «هذا العمل بالنسبة اليهم (الطلاب) جيد لممارسة فنهم، فضلا عن كونه يخدم بلدهم ويفتح نافذة على تاريخنا وحضارتنا العريقة».
ويعرب حسين عن أمله في ان «ترفع هذه الجدران الاسمنتية ويعود الأمن والسلام لمدينة بغداد، فيظهر جمال الطبيعة بدلا من الكآبة التي تظهرها الجدران الكونكريتية».حمورابي يعود من التاريخ الى بغداد من خلال لوحات غنية فوق الجدران الكونكريتية (ا ف ب)
رسام عراقي شاب منهمك في انجاز عمل فني فوق احد الجدران الكونكريتية (ا ف ب)