يعتبر مرض الربو اكثر الامراض المزمنة شيوعاً عند الاطفال، و قد تزايدت نسبة الاصابة بهذا المرض عالمياً بشكل ملحوظ في العقود الاخيرة حتى تجاوزت ربع عدد الاطفال في بعض البلدان. و للمرض اسماء شائعة عديدة مثل الربو الشعبي (نسبة الى الشعب الهوائية) و الازمة (نسبة الى الاسم اللاتيني Asthma) و البعض يسميه حساسية الصدر او حساسية القصبات الهوائية. هذه الاسماء جميعها تشير الى وجود التهاب تحسسي مزمن في الشعب الهوائية، مما يؤدي الى نوبات متكررة من السعال و الصفير في الصدر و ضيق النفس.
و مع ان نسبة كبيرة من الاطفال المصابين تخف او تختفي اعراض المرض لديهم في مراحل متفاوتة من عمر الطفولة او المراهقة؛ الا ان كثيرين منهم يعانون و يعاني معهم الاهل لسنوات عديدة من تكرار نوبات المرض، و الغياب المتكر رعن المدرسة، و عدم القدرة على ممارسة الانشطة المختلفة، عدا عما ينتاب الاهل من قلق دائم على صحة ابنائهم من جهة و قلق من استعمال العلاجات المختلفة من جهة اخرى .
في الحقيقة هناك عدة مفاهيم شائعة و لكنها للأسف خاطئة تساهم بشكل كبير في معاناة هؤلاء الاطفال و اهاليهم. اذ ان التشخيص الصحيح و اتباع سبل الوقاية الصحيحة مع اعطاء العلاج المناسب يؤدي الى السيطرة على الاعراض و منع تكرار نوبات المرض، و يمكن القيام بذلك باستخدام علاجات آمنة حتى مع الاستخدام المتكرر لفترات طويلة.
كيفية التعامل مع الربو عند الأطفال :
- تبدأ الخطوة الاولى في التعامل مع الربو بتفهم طبيعة المرض من ناحية انه مرض مزمن يجب التعايش معه و علاجه لفترات طويلة. اقرأ ايضا :
السعال الديكي سعال المئة يوم ...
- محاولة التعرف على ماهية المهيجات الخاصة بكل طفل و تجنبها و ذلك للتخفيف من تأثيرها على الطفل المصاب، و يعتبر التعرض للتدخين (و خصوصاً تدخين احد الابوين او كليهما داخل المنزل) من اهم العوامل المسببة و المهيجة للربو عند الاطفال، و يجب ان يمنع التدخين منعاً باتاً في كل انحاء المنزل الذي به طفل مصاب بالربو.
- يقوم الطبيب بوضع خطة علاجية تناسب الطفل حسب شدة المرض لديه، و عادة تتضمن هذه الخطة نوعين من العلاجات:
1- علاجات وقائية تُعطى لفترات طويلة تمتد لأشهر او سنوات هدفها السيطرة على الاعراض اليومية و منع تكرار نوبات الربو الحادة،
2- علاجات اخرى تستخدم وقت الحاجة اي حين ظهور الاعراض كالصفير و ضيق النفس و ذلك للتخلص من هذه الاعراض و السيطرة على النوبات الحادة.
- يجب القيام بالمتابعة الدورية لدى الطبيب المختص و ذلك لتقييم الاستجابة لخطة العلاج و تعديلها بما يلزم وصولاً للسيطرة التامة على الربو و بأقل جرعة ممكنة من العلاج.
اقرأ ايضا :
الربو عند الاطفال ...
مفاهيم خاطئة شائعة حول الربو عند الأطفال :
من خلال الممارسة اليومية فاننا كثيراً ما نلاحظ مفاهيم شائعة مغلوطة في المجتمع حول الربو و علاجه، و أهمها :
- الخوف من استعمال البخاخات :
فكثير من الناس يتخوف من استخدام البخاخات و هو خوف لا مبرر له، فلا يمكن التعود او الادمان على البخاخ على عكس المفهوم الشائع، و كذلك فان استخدام البخاخات آمن حتى مع الاستخدام اليومي للاطفال و لفترات طويلة، و هذا صحيح حتى في البخاخات التي تحتوي نسبة بسيطة من مشتقات الكورتيزون لان النسبة التي تدخل الجسم منها ضئيلة جداً و لا تسبب اي ضرر، بشرط استخدام الجرعة المناسبة بالطريقة الصحيحة طبعاً.
و كما انه من واجب الأهل تعلم الاستخدام الصحيح للعلاجات فانه من واجب الطبيب المعالج التأكد من شرح جميع ما يتعلق بالعلاج بشكل وافي.
- عدم الإلتزام بتناول الدواء بشكل صحيح : اقرأ ايضا :
اليوم العالمي لمرض السل ...
احياناً يقوم الاهل بايقاف العلاجات الوقائية بمجرد تحسن حالة الطفل بعد اسبوع او اسبوعين و هذا لا يجوز، اذ يعود الطفل عرضة لتكرار الاعراض و النوبات الحادة مرة اخرى و بالتالي تستمر معاناة الطفل دون مبرر.
- عدم السماح للطفل بممارسة التمارين الرياضية و النشاطات المختلفة :
نجد أن بعض الاهالي يمنعون الطفل المصاب بالربو من اللعب و ممارسة الرياضة و ذلك خوفاً من تهيج اعراض الربو عند القيام بالجهد البدني، و هذا ايضاً خطأ فالرياضة مفيدة لمريض الربو، و عدم ممارسة الرياضة يؤدي الى السمنة و هي ضارة لمريض الربو عدا عن ضررها العام على الصحة، و اذا كانت الرياضة تهيج الربو دوماً عند طفل ما فهذا معناه انه يحتاج الى تعديل الخطة العلاجية حتى يستطيع القيام بالنشاط المرغوب دون مشاكل.
اقرأ ايضا :
علاج السعال بالاعشاب الطبية ...
ختاماً اود التأكيد على انه يمكننا في معظم الحالات السيطرة بشكل ممتاز على الربو عند الاطفال، و لكن ذلك لا يتأتى الا بتعاون الاهل و تفهمهم و التزامهم بخطة العلاج، مع الابتعاد عن التدخين و سائر المهيجات. و مع انه لا توجد علاجات شافية للربو بشكل قطعي الا ان نسبة كبيرة من الاطفال المصابين تختفي من عندهم اعراض الربو لاحقا، و نرجو من الله السلامة للجميع.