كل مرحلة من مراحل العمر تعطي الطفل عنصراً جديداً . بعد الثلاث سنوات يطغى الخيال على العناصر الباقية التي سبق وتعرّف عليها كالضحك والعاطفة والذكاء واللغة .
الخيال هو الذي يفرّق بين الإنسان والحيوان . حتى عمر معيّن يستطيع الحيوان الصغير أن يحلّ المشاكل نفسها التي يحلّها الطفل لكنه يبقى عاجزاً عن التخيّل .
هذا الخيال متطلّب جداً وتكفي القصص لتغذيته . يطلب الطفل الكثير منها . أحياناً يكتفي بما يسمع وأحياناً أخرى يتطلّب تفاصيل معيّنة خصوصاً إذا كان الطفل صاحب ذوق أو ميل محدد .
المساء هو الوقت الأنسب لرواية القصص والتي تبقى الوسيلة المثلى لجعل الطفل ينام بهدوء وبلا مشاكل .
عندما لا يكتفي الطفل بالقصص التي يسمعها : يخترع غيرها . يؤلّف الشخصيات ، يلبسها الثياب ، يطعمها ، ويخبرها قصصاً أو يعاقبها .
لا يتكلّم الطفل إلاّ مع لعبته . ويتوجّه كذلك إلى الأغراض التي تحيط به . يرتطم بالطاولة فيقول لها : « ايّتها الطاولة الخبيثة . آلمتني كثيراً وسوف أعاقبك » . بالنسبة إلى الطفل كل الاشياء حية . الحجارة والأشجار والغيوم إلخ .....
الطفل ممثّل ، ونحن ننمي فيه هذه الموهبة عندما نقدّم له مسدساً أو أدوات طبية ، فيتحول بسرعة من مقاتل إلى طبيب أو إلى رائد فضاء أو سائق سيارة سباق أو معلمة مدرسة أو راقصة أو بائعة خضار إلخ .... وعندما يكون الطفل مع أصدقائه الصغار يوزّع الأدوار : « أنت الزعيم وأنا الشرطي ، أنا الأم وأنت الطفل » . في هذا العمر يحاول الطفل دائماً أن يحجز الدور الجيد لنفسه . عندما لا تعود الألعاب ولا القصص كافية لتغذية مخيلة طفلك ، يخترع رفيقاً يتكلّم معه بكثرة . هذا الرفيق إمّا أن يكون الوجه الشرير للطفل الذي يقوم بكل المعاصي والذي يكسّر أغراض البيت ويعصي الأوامر ، أو قد يكون الصديق الوفيّ الذي يشاركه حياته ويخرج معه للنزهة واللعب .
بعض الأهل يعتقد أن وجود هذا الرقيق الوهمي مضرّ بالطفل . ليس هذا الاعتقاد صحيحاً إذا بقي « الرفيق » رفيق اللعب الذي يُسلّي طفلك . ونعم هو مضرّ إذا استحوذ على كلّ اهتمامه ، وأصبح محور حياته وشغله عن كل ما حوله ، وجعله يترك ألعابه المفضلة . لإبعاد الطفل عن هذا الزميل الوهمي لا تهزأي به بل استبدلي به آخر حقيقياً . ذلك لأن الطفل يخترع هذا الصديق الوهمي في عمر الدخول إلى المدرسة وكأنه يعلن عن حاجته إلى أصدقاء