أطباء يقومون بزرع خلايا من تجويف الأنف لكي يعالجوا شلله.
تمكّن رجل مشلول من المشي مرة أخرى، بعد علاج رائد يعتمد على زرع خلايا من تجويف الأنف في عموده الفقريّ.
دريك فيديكا،40 عاما، من بولندا، الذي كان يعاني من شلل يمتد من الصدر إلى أسفل جسمه إثر هجوم بسكين في عام 2010، يستطيع الآن المشي باستخدام إطار. العلاج الذي يعّد الأول من نوعه في العالم، تم تنفيذه من قبل جراحين بولنديين بالتعاون مع علماء من لندن. نُشرت تفاصيل البحث في دورية Cell Transplantation. البروفيسور جيف رايزمان، رئيس قسم التجديد العصبي في معهد علم الأعصاب بجامعة كلية لندن، قاد الفريق البحثي البريطاني، بينما قام الدكتور باول تباكو، استشاري جراحة الأعصاب في مستشفى جامعة بون، بقيادة الفريق البولندي. قضى البروفيسور رايزمان أكثر من 40 عاما في دراسة كيفية إصلاح الحبل الشوكي. أجرى دراسات على الحيوانات أظهرت أن حقن الخلايا الشميّة المغمِّدة – خلايا متخصصة تشكّل جزءاً من حاسة الشم – في النخاع الشوكي للفئران، يمكن أن يعالج الشلل. في عام 2005، تعاون رايزمان مع تباكو لينفذا عملية الزرع الأولى على ثلاثة مرضى مشلولين، باستخدام كمية صغيرة من الخلايا، فقط لتقييم أمان العلاج.
العلاج يستخدم خلايا الشم المغمِّدة، التي تعّد جزءا من الخلايا العصبية المرتبطة بحاسة الشم،
الجزء الوحيد من الجهاز العصبي الذي يتجدّد طوال الحياة. هذه الخلايا و التي تتواجد في البصلات الشميّة، تلعب دورا رئيسياً في تجديد الألياف العصبية في حاسة الشم. في أول عمليتين، أزال الجراحون أحد البصلات الشميّة، و من ثمّ زرعت الخلايا في المختبر. بعد أسبوعين، نقلت الخلايا المزروعة لتُحقن في الحبل الشوكي للمريض، و الذي تم قطعه أثناء الإعتداء عليه باستثناء شريط رقيق من الأنسجة الندبيّة على اليمين. كان لدى الباحثين مجرد قطرة صغيرة من الخلايا ليعملوا بها – حوالي 500000 خلية. تم إجراء حوالي 100 عملية حقن مجهريّة أسفل و أعلى منطقة الإصابة، و أُخذت أربع شرائح رقيقة من الأنسجة العصبية من كاحل المريض وضعت عبر فجوة تبلغ 8 ملليمترات على الجانب الأيسر من الحبل الشوكي. يعتقد العلماء أن الخلايا الشميّة المغمِّدة أوجدت طريقا لتمكين الألياف العصبية من إعادة الاتصال عن طريق سد الفجوة في الحبل الشوكي.
تم تمويل هذا البحث الرائد من مؤسسة إصابة العمود الفقري لنيكولز (NSIF) ومؤسسة المملكة المتحدة للخلايا الجذعيّة (UKSCF) . تم إنشاء UKSCF في عام 2007 لتسريع التقدم في أبحاث الخلايا الجذعية، بينما تم تأسيس مؤسسة NSIF من قبل الطاهي ديفيد نيكولز بعد أن شلَّ ابنه دانيال إثر حادث في عام 2003. المؤسستان تبرعتا بمليون جنيه إسترليني لتمويل البحوث في لندن، و 240000 جنيه إسترليني لتمويل الجزء الذي أجري في بولندا. لا يوّد الباحثون المشاركون في البحث أن يستفيدوا منه مادياً. إضافةً إلى ذلك، أعلنت مؤسسة (NSIF) أنها ستسعى لإمتلاك أية براءة إختراع ستنتج عن هذه التقنية بحيث تجعلها متاحة بحرية حول العالم.
قبل العلاج،كان المريض فيديكا مشلولًا لمدة عامين تقريبا، لم يُظهر خلالهما أيّة علامة على التحسن بالرغم من خضوعه لعدة شهور من العلاج الطبيعي المكثّف. لاحظ فيديكا أولى علامات نجاح العلاج بعد حوالي ثلاثة أشهر، عندما بدأ فخذه الأيسر بناء العضلات. بعد ستة أشهر من الجراحة، كان فيديكا قادرًا على أخذ أولى خطواته بمساعدة أقواس الساق ودعم من أخصائيي العلاج الطبيعي. بعد عامين من العلاج، تمكّن فيديكا من السير خارج مركز إعادة التأهيل باستخدام الإطار.
استخدام العلماء لخلايا من البصلة الشميّة للمريض، يعني أنه لا يوجد خطر الرفض المناعي، لذلك لا حاجة للأدوية المثبّطة للمناعة المُستخدمة في عمليات الزرع التقليدية. معظم عملية إصلاح الحبل الشوكي أجريت على الجانب الأيسر، حيث كانت هناك فجوة تبلغ 8 ملليمترات. استعاد فيديكا الكتلة العضلية والحركة في معظمها على هذا الجانب. تشير فحوصات الرنين المغناطيسي إلى أن الفجوة في الحبل الشوكي قد أغلقت في أعقاب تلقيه العلاج.
جميع المشاركين في البحث حريصون على عدم إثارة آمال كاذبة في المرضى والتأكيد على أن النجاح سوف يحتاج إلى تكراره ليظهر بشكل قاطع ما إذا كان يمكن تحفيز تجديد الحبل الشوكي. يأمل العلماء في علاج 10 مريضى آخرين، في بولندا وبريطانيا خلال السنوات المقبلة، على الرغم من أن ذلك سيعتمد على وجود تمويل للأبحاث المستقبلية.