بحرينيون يعتزمون بناء منازل خشبية لتقليل الكُلف
تصغير الخطتكبير الخط
المنامة - عباس المغني
قال مواطنون إنهم «يفكرون في استخدام الخشب بدلاً من الاسمنت والطابوق والحديد لبناء منازل خشبية لهم على غرار المنازل التي تقام في بعض الدول المتقدمة والتي يعتمد مواطنوها على شراء المنازل الجاهزة المصنوعة من الخشب بأسعار تتناسب مع أوضاعهم المالية».
وذكروا أن عملية بناء المنازل الخشبية أمر طبيعي للتكيف مع الأوضاع الاقتصادية السائدة في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء وعدم وجود مشروعات سكنية متوافرة لطبقة ذوي الدخل المحدود خصوصاً بعد أن أصبح تمويل مثل هذه المشروعات مجازفة بسبب عدم القدرة المالية لهذه الطبقة سداد الكلفة المرتفعة الناتج عن ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء في البحرين.
وقالوا: «إن فكرة استخدام الخشب ليست جديدة في البحرين إذ ان الخشب يستخدم بكثرة في قطاع المكاتب التجارية لإقامة الحواجز الفاصلة بين المكاتب أو ما يسمى بالتفصيلات الداخلية بين المكاتب، كما أن كثيراً من الشركات والفنادق جدرانها الداخلية مفصلة بالخشب، بينما الجدران الخارجية والرئيسية مبنية بالطابوق والاسمنت».
وقال المواطن حسين يوسف: «سأستخدم الخشب لبناء منزل لأسرتي... اعتقد أن ذلك سيخفض الكُلفة بنسبة 60 في المئة إذ ان بناء منزل من الطابوق يكلف نحو 40 ألف دينار بينما عملية استخدام الخشب في البناء تكلف بين 10 و15 ألف دينار».
وأضاف «سأستخدم الخرسانة في وضع قواعد المنزل، الطابوق للهيكل الخارجي للمنزل فقط، أما الجدران والتفاصيل الداخلية فستكون من الخشب».
وذكر «ان أسعار مواد البناء والحديد مرتفعة، ولا تتناسب مع الإمكانات المالية للمواطنين لبناء منازل لهم، وخصوصاً أن المصارف التجارية لا تمنح المواطنين ذوي الدخل المتوسط أكثر من 15 ألف دينار»، مشيراً إلى أن هذه المبالغ زهيدة جداً بالنسبة لبناء منزل بالمواد المتعارف عليها.
وذكر أن البحرين تعاني من مشكلة اسكانية خصوصاً بالنسبة للمواطنين ذوي الدخل المحدود والمتوسط، إذ تبلغ الطلبات الإسكانية في وزارة الإسكان إلى أكثر من 40 ألف طلب إسكاني، إلى جانب وجود بعض المنازل تتراكم فيها العائلات وتضم أكثر من 25 فرداً. مشيراً إلى أن السبب قد يرجع إلى عدم امكان المواطنين على بناء وامتلاك مساكنهم الخاصة.
وقال: «اعتقد أن استخدام الخشب سيؤدي إلى توفير بيت لكل مواطن من ذوي الدخل المحدود في البحرين، بكُلفة اقتصادية منخفضة تناسب دخل هذا المواطن، على ألا تنتقص هذه الكُلفة المنخفضة من حق هذا المواطن في أن يكون له بيت واسع ومريح وجميل»، وأكد أن البيوت المبنية في أوروبا بالخشب حازت جدارة من حيث الجمال المعماري ونتائجها الاقتصادية الجيدة حين تم إخضاعها للحسابات الاقتصادية في الكُلفة، والحسابات العلمية والهندسية وتصميمات البناء، بالإضافة إلى تناسبها وتجاوبها مع البيئة المحلية».
وعن الإشكالات فقال: «لا توجد مشكلة عند استخدام الخشب في بناء المنزل، إذ يمكن صناعتها بطريقة تمنع النار والحرارة والرطوبة والأصوات الخارجية إضافة إلى سهولة البناء ويمكن التحكم في احجام تفاصيل المنزل في أي وقت».
وأضاف «ربما يكون المواطنون في البحرين يخشون الدخول في تجربة لم يشاهدوها من قبل»، مشيراً إلى أن الجميع في القرية التي يعيش فيها يسخرون من الفكرة ويحكمون عليها بالفشل مسبقا. وقال: «أنا واثق عندما انتهي من بناء المنزل، ويشاهدونه بأنفسهم، سيتقبلون الفكرة في بناء منازل لهم من الخشب».
من جهته، قال المواطن عبدالله حبيب: «أنا مؤمن بفكرة بناء منزل من الخشب، لكني خائف، وأريد أن أشاهد منزلاً من خشب حتى احصل على الشجاعة والجرأة».
وأضاف «شاهدت الكثير من الشركات والمؤسسات جدرانها الداخلية من الخشب، عندما نشاهد الجدار نحسبه من الطابوق وعندما نطرقه بيدنا، يتضح أنه من الخشب». مشيراً إلى أن استخدام الخشب في البناء موجود في المؤسسات والمكاتب التجارية ولكنه غير موجود في بناء المنازل بالبحرين. من جهته، اعتبر المواطن عيسى محمد فكرة البناء بالخشب فكرة واقعية، مشيراً إلى أنه قام ببناء غرفتين فوق منزل الأب، هيكلها الخارجي من صفائح الالمنيوم (الجينكو)، وحيطانها الداخلية من الجبس، بكلفة 700 دينار، وقال: «لو قمت ببناء الغرفتين بالاسمنت والطابوق لبلغت الكلفة أكثر من 3 آلاف دينار». وأضاف «كان يعتقد الجميع أن فكرة إنشاء غرفة من (الجينكو) فكرة فاشلة بسبب الحرارة المرتفعة في البحرين، إلا أن حل هذه المشكلة بسيط جداً إذ توجد المواد العازلة للحرارة والرطوبة والأصوات الخارجية وغيرها من الأمور».
وقال: «بعد أن شاهد الجميع الغرفتين مكتملتين، بدأوا يفكرون ببناء شقق لهم من صفائح الالمنيوم، وكثيراً منهم يسألوني عن الكلفة، والأدوات التي تم استخدامها».
وأكد أن بناء منازل من الخشب ستكون ناجحة لوجود المواد المانعة للحريق والعازلة للحرارة والرطوبة، وقال متسائلاً: «إذ توفرت لنا هذه المواد فلماذا نخاف من الحريق، أو نخاف من أجواء المناخ؟».
وذكر أنه شاهد الكثير من المباني الخشبية عبر الانترنت، وقال: «هناك مصانع تقوم ببناء مبانٍ واسعة وطويلة تصنع بحسب هدف المستعمل وبحسب طلب المشتري، وينظر إلى حاجة البيئة خلال صناعته وبعد صناعته»، مشيراً إلى أن هذه المباني سقوفها جدرانها، مانع الحرارة والبرودة، ودخول الأصوات ما يجعل المنزل مريحاً 100 في المئة إلى جانب استغلال جميع مساحات المنزل.
وأشار إلى أن المنازل الجاهزة التي شاهدها تصنع كقطع متكاملة في مصنع ثم تركب في موقع المنزل المراد تكوينه، وتتميز هذه المنازل بأنها منخفضة الكُلفة ويمكن للكثير من الناس شراؤها، كذلك هي أقل تلويثاً للبيئة من المساكن التقليدية، وغالباً ما تصمم بشكل فعال يستغل كل المساحات المتوفرة ويعطي صاحب المنزل مسكناً أنيقاً وبناؤها لا يستغرق وقتاً طويلاً.
وأوضح أن كُلفة البناء العادي في البحرين لا يمكن للكثير من الناس الحصول عليه، لذلك يقترضون من المصارف لكي يبنوا منزل الأحلام ويضطروا لدفع أقساط القرض لسنوات طويلة، أضف إلى ذلك غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن المنازل الجاهزة قد تكون جزءاً من الحل.
من جهة، أخرى تساءل اقتصاديون عن تناسب البيوت الخشبية التي تصنع في أوروبا مع مناخ وعادات المجتمع في البحرين، عن إمكان الاستفادة من فكرة البيوت الجاهزة من حيث السعر، وعدم تلويث البيئة وفعالية استغلال المساحات.
وقال الاقتصادي حسين المهدي: «يجب دراسة الأمر قبل الشروع في موضوع قد يكلف المواطن ثمنا باهظا»، معتبراً أن بناء منزل هو مشروع الحياة للعائلة ولا يمكن المجازفة به في أمر مبهم وغير معروف.
وتساءل المهدي عن الجودة والسلامة، وعن مواصفات مواد البناء المستخدمة في المنازل الجاهزة مع مناخ البحرين الحار، ومدى تناسب هذه المنازل مع الموضوع الذي يعيشه الفرد في البحرين.
وأكد المهدي ضرورة دراسة الناحية الاقتصادية وبحساب الكلفة والمقارنة بين البناء التقليدي والبناء الخشبي، إلى جانب النظر إلى الايجابيات والسلبيات.
من جهته، رفض المقاول نظام كمشكي فكرة بناء منازل من الخشب قائلاً: «إن كلفة البناء بالخشب مكلفة أكثر من البناء بالخرسانة إذ تبلغ كلفة بناء متر واحد للجدار بالطابوق نحو 6 دنانير، بينما بالخشب تبلغ الكُلفة الضعف».
وأضاف كمشكي «ان المنازل الخشبية لا تتناسب مع أجواء ومناخ البحرين الحار الرطب»، مشيراً إلى أنه لا يمكن الاستغناء عن البناء بالطابوق والاسمنت والخرسانة، مؤكداً أن البناء التقليدي وهو الشيء الوحيد القادر على تحمل الأجواء في المملكة
الرئيسية
البوابة
التسجيل
دخول
