"خان صالحة"... حلب. خمسة قرون وما زال مبهراً.
تتمتع مدينة "حلب" بموقع استراتيجي هام قديما وحديثا جعلها تتحكم في طريق التجارة العالمي الذي كان يعرف باسم (الممر السوري العظيم) حيث كانت ولا زالت تشكل حلقة وصل بين سورية وبلاد ما بين النهرين وفارس من جهة، والأناضول وموانئ البحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى.
لذلك كثرت فيها الخانات القديمة التي كانت تقدم خدماتها للزوار والمسافرين، حيث بنيت هذه الخانات بطريقة تكاد تكون متشابهة تماما، فمعظم الخانات تتألف من قبو وطابق أرضي مخصص لخدمة الخيول والطابق العلوي الذي يخصص لنوم المسافرين، من قلب الأحياء القديمة وأسواق "حلب" القديمة اخترنا أحد هذه الخانات وهو "خان صالحة" الذي يبلغ عمره الآن أكثر من أربعة قرون.
يقع هذا الخان إلى الغرب من "قلعة حلب" عند المدخل الجنوبي لسوق القطن، ويبعد عن القلعة حوالي 300 متر، يعود تاريخ بنائه إلى العهد العثماني ويقدر عمره بـ 450 عاماً، يتألف هذا الخان كما كل الخانات من قبو وطابق أرضي وطابق علوي، وتتوسطه ساحة كبيرة مستطيلة الشكل، استخدم هذا الخان لفترة من الزمن كمكان لتصنيع
الصوف والجلود ثم أهمل لفترة من الزمن ثم تم ترميمه وإعادة إحيائه من جديد حيث انتهت أعمال الترميم عام /1997م/ وتحول إلى مكان رائع لبيع الشرقيات الجميلة المصنوعة أغلبها بطريقة يدوية، كما يضم عددا من مكاتب شركات تجارة وتصنيع الخيوط.
القبو في خان صالحة بعد الترميم
ينما تحول القبو إلى متحف مدهش يجمع بين جدرانه شرقيات أخاذة تدهش العين بمجرد مشاهدتها.
يقصد هذا الخان زوار وسياح من مختلف الدول العربية والغربية لا من أجل التسوق فقط بل من أجل التمتع بمشاهدة العمارة القديمة للخان والتي تدل على التطور العمراني والقوة الهندسية التي كانت سائدة في بلادنا منذ فترة طويلة.
في هذا الخان التقى eAleppo "مازن صالحة" وذلك بتاريخ(30/7/2008)، وهو صاحب محل لبيع الشرقيات في هذا الخان، فحدثنا عن إقبال السياح على هذا الخان فقال: «يأتينا إلى هنا سياح
مازن صالحة صاحب محل لبيع الشرقيات
الحركة السياحية تكون أكبر في فصل الصيف منها في باقي الفصول، حيث يعجب السياح جدا بالشرقيات المعروضة في هذا الخان، فيشترون شالات الحرير ووجوه الطاولات والصابون و الأواني النحاسية والمزهريات، وإضافة إلى كل ذلك فإن السياح يعجبون جداً ببناء الخان والتصميم المعماري البديع بالإضافة إلى البحرة والنافورة الجميلة الموجودة في وسط ساحة الخان».
وعن أسعار الشرقيات التي تباع في الخان قال "مازن": «الأسعار هنا تكون مناسبة للسائح العربي والأجنبي، قد تكون مرتفعة قليلا لكنها بشكل عام صناعة يدوية تمتاز بدقة التصنيع والجودة، مما يجعل أسعارها تكون مرتفعة قليلا، ونحن نحاول أن نقدم للسائح ما يذكره بسورية ويدعوه إلى العودة إليها في المستقبل».
كما التقينا في هذا الخان السائحة "ناتالي" التي جاءت من الولايات الأمفقالت: «أشعر بسعادة غامرة ريكية المتحدة لتزور سورية وتطلع على أوابدها وعمارتها القديمة
ساحة الخان
زيارتي الأولى لسورية، سورية جميلة أكثر مما كنت أتوقع أعجبت جدا بشعبها وعمارتها القديمة، فالشعب هنا مضياف جدا ويحب الزوار، أعجبت أيضا هنا في "حلب" بالأسواق القديمة المسقوفة التي يندر وجودها في العالم بالإضافة إلى القلعة الصامدة عبر سنوات وقرون طويلة، المباني القديمة هنا في "حلب" رائعة أستطيع من خلالها أن أكتشف كم كان سكانها مهرة في البناء وتصميم المباني، خاصة هذه الخانات التي استعيض عنها الآن بالفنادق، وهي تدل على المكانة العظيمة والحركة التجارية التي تتمتع بها مدينة "حلب"، أتمنى أن تتاح لي الفرصة في المستقبل وأزور سورية مرة أخرى لأنها جذابة بكل ما تحويه».
وقد أكد لنا أحد أصحاب الخانات أن هذه الخانات استخدمت لفترة من الزمن بشكل مجاني، حيث كانت تستقبل المسافرين وتؤمن لهم الإقامة والطعام مجاناً.