مدينة اللاذقية "لاذقية العرب" ووصفوها بعروس السّاحل..
صورة نادرة
في العهد الفينيقي الذي يعود إلى القرن الثاني عشر ق.م أُطلِقَ على مدينة اللاّذقية إسم "أمانثا"؛ وقيل إنّها "راماثا" و"راميتا" أي "المُرتفعة". فكلمة اللاذقية بالذّال المُعجمة مكسورة، وقاف مكسورة وياء مشدودة ثم هاء في الآخر معناها مدينة عتيقة جدًا. وأطلق عليها "فيلون" إسم "راماواثوس" ومعناها "الإله السّامي". وجاءت تسميتها بـ"الشاطئ الأبيض"، وسمّاها القائد اليوناني "سلوقس نيكاتور"، مُجدّد بنائها، "لاوذيقيا" أو "لاوذيسيا" نسبةً إلى والدته، علمًا أنّ مُدُنًا كثيرةً أخذت هذا الإسم.
وتمييزًا لها عن بقيّة المُُدُن، سُمّيَت بـ"لاذقية البحر" أو "لاذقية الشّام". وشرّفها يوليوس قيصر بإسم "جوليا"، ودعاها الإمبراطور الرّوماني "سبتيموس ساديروس" سيبتيما السّافرية، وأطلق عليها العرب إسم "لاذقية العرب" ووصفوها بعروس السّاحل.
ذكر ان شبه الجزيرة التي تقع فيها مدينة اللاذقية كانت مأهولة منذ زمن بعيد. فلقد شيد الفينيقيين مدينة راميتا، أما بالنسبة للإغريق فكانت تسمى"leuke akte" أي"الرأس الأبيض". و من ثم فلقد أعيد بناؤها من قبل سلوقس نيكاتور و سماهاLaodicea" - لاوديسيا على اسم والدته .
كانت اللاذقية او لاوديسيا واحدة من المدن الساحلية السورية الشهيرة. وقد زودت المدينة بقنوات مائية بواسطة هيرود العظيم، لا زالت رؤية أجزاءهذه القنوات وأثارها باقية حتى اليوم. يذكر سترابو بأن وصول دولابيلا إلى لاوديسيا (اللاذقية) قبل كاسيوس قد وضعها في محنة كبيرة, حيث استمر في حصار المدينة طمعآ في السيطرة عليها وبقي حتى مماته, ولقد قام بتدمير أجزاء عديدة من المدينة.
هناك قوس النصر في حي الصليبة في اللاذقية يعود إلى عهد سيبتيميوس سيفيروس مازال قائمآ بحالة جيدة إلى يومنا هذا. على مايبدو فلقد ضمت اللاذقية جالية يهودية ضخمة في القرن الأول. رجل الدين المهرطق أبوليناريوس كان مطرانا للاذقية في القرن الرابع. يذكر بأن المدينة قد صكت عملة نقود خاصة بها منذ عهود مبكرة.
خربت الزلازل المدمرة اجزاء من المدينة في العامين 494 و 555، وقد نجح العرب المسلمون بالسيطرة على المدينة في العام638 ، ثم تمكن البيزنطيون في استعادة المدينة في العام 969 و من ثم انتزعها السلاجقة في العام 1084. في العام 1097 استولى الصليبيون على المدينة و ألحقوها بولاية إنطاكيا. و من ثم نجح صلاح الدين الأيوبي في الاستيلاء على المدينة في العام 1188.كما استطاع الصليبيون ان يستولوا على المدينة في العام 1260 و استولى عليها قلاوون في العام 1287. ابتداء من القرن السادس عشر و إلى الحرب العالمية الأولى كانت اللاذقية جزء من الامبراطورية العثمانية.
بعد انتهاء حكم الملك فيصل في سوريا، منحت فرنسا منطقة اللاذقية حكما ذاتيا,في العام 1936 دعت المعاهدة الفرنسية السورية لضم كلا من دولتي العلويين (دولة اللاذقية) و الدروز إلى الدولة السورية, وفي العام 1943 أصبحت جزء من الجمهورية السورية .
الفتح الإسلامي لمدينة اللاذقية
مما ورد في فتح اللاذقية في كتاب فتح البلدان للبلاذري :
" استخلف أبو عبيدة عبادة بن الصامت الأنصاري على حمص. فأتى اللاذقية فقاتله أهلها. فكان بها باب عظيم لا يفتحه إلا جماعة من الناس، فلما رأى صعوبة مرامها عسكر على بعد من المدينة، ثم أمر أن تحفر حفائر كالأسراب يستتر الرجل وفرسه في الواحدة منها، فاجتهد المسلمون في حفرها حتى فرغوا منها، ثم إنهم أظهروا القفول إلى حمص، فلما جنَّ عليهم الليل عادوا إلى معسكرهم وحفائرهم، وأهل اللاذقية غارون يرون أنهم قد انصرفوا عنهم، فلما أصبحوا فتحوا بابهم وأخرجوا سرحهمن فلم يرعهم إلا تصبيح المسلمين إياهم، ودخولهم من باب المدينة، ففتحت عنوة ودخل عبادة الحصن، ثم علا حائطه فكبَّر عليه، وهرب قوم من نصارى اللاذقية إلى( اليسيد ) عند الروم ، ثم طلبوا الأمان من عبادة على أن يتراجعوا إلى أرضهم، فقوطعوا على خراج يؤدونه قلوا أو كثروا، وتركت لهم كنيستهم، وبنى المسلمون باللاذقية مسجداً جامعا بأمر عبادة، ثم إنه وُسِّع فيما بعد. "
ومما يذكر البلاذري فعل الروم باللاذقية زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز : " وكانت الروم أغارت في البحر على ساحل اللاذقية فهدموا مدينتها وسبوا أهلها، وذلك في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة مئة، فأمر عمر ببنائها وتحصينها. ووجه إلى الطاغية في فداء من أسر من المسلمين، فلم يتم ذلك، حتى توفى عمر في سنة إحدى ومئه، فأتم المدينة وشحنها يزيد بن عبد الملك " . ويقول : " وحدثني رجل من أهل اللاذقية قال: لم يمت عمر بن عبد العزيز حتى حرز مدينة اللاذقية وفرغ منها، والذى أحدث يزيد بن عبد الملك فيها مرمة وزيادة في الشحنة " .
قسمت اللاذقية تبعاً لوثائق استند عليها ترجع إلى ماقبل سنة 1795 إلى أكثر من /17/ محلة أو حارة وهي: محلة الشيخضاهر ومحلة العوينة ومحلة القلعة ومحلة الصليبة ومحلة خان الصباغين ومحلة حارة المسطاح ومحلة الشحادين ومحلة حارة العشر ومحلة باب هود ومحلة بستان الجرادين (طريق الميناء) ومحلة زاروب بيت الداية ومحلة أبي بكر البطرني ومحلة زاروب السيد أحمد ومحلة سوق الدلالين ومحلة قسطل سندلكس ومحلة سوق البازار ومحلة جامع الجديد ومحلة الأسكله (الميناء) .
وكان ثمة تقارب واتصال عمراني بين بعض المحلات علماً بأن اللاذقية كانت تشكل وحدة عمرانية تبعد عن الميناء حوالي نصف ساعة وتتخللها البساتين ولم يكن لكل حارة بوابات تغلق ولكن كانت المدينة عدة بوابات في أطرافها مختلفة لعل من أشهرها بوابة الشيخضاهر وأقدم باب هو الذي كان موقعه في شارع عمر بن الخطاب الحالي وقامت كلية محلة عرفت به.
أسماء المحلات التي أوجدت فهي:
محلة الشيخ ضاهر: ولقد وجدت ذكراً لهذه المحلة في وثيقة تعود لسنة /1116هـ ـ 1704م/ وهذه المحلة تنسب إلى الشيخ ضاهر المدفون في صحن الجامع الذي يحمل اسمه وأنشأه مصطفى فرحات سنة /1210هـ ـ 1795م/ ويقع في ساحة المدينة الرئيسية عند نقطة تعرف بالبوابة حيث كانت بوابة المدينة في العهد العثماني.
محلة العوينة: اسمها مأخوذ من تصغير عين التي تجمع على أعيان، وكان يقطنها أعيان البلد وبها شارع قديم كان يطلق عليه اسم شارع القصور، يزدان بشرفات خشبية ومشربيات وفي بعض العواصم العربية محلة بهذا الاسم وثمة تفسير تقليدي لاسم هذه المحلة يذهب إلى نساء هذا الحي قديماً كنّ يغطين وجوههن ولا يظهرن إلا عيناً واحدة ـ عوينة.
محلــــة القلعـــة: نسبة إلى القلعة التاريخية التي كانت تعلو الهضبة المشرفة على ربض البلد وقد هدمت هذه القلعة منذ العهد الأيوبي.
محلة الصباغين: وهي تنسب إلى أعمال الصباغة التي كانت منتشرة فيها وهذا يشير إلى أن هذه المهنة كانت مزدهرة في تلك الأيام حيث كان الثياب وخيوط الحياكة تصبغ بدكاكين معدة لهذا الغرض.
محلـــة الشحادين: واسمها اليوم الأشرفية نسبة إلى الملك الأشرف ابن النصر قاتيباي الذي زار اللاذقية في أيام سلطنته.
محلـــة الصليبة: وكان الصليبيون يحتلون مساكنها قبل أن يحرر صلاح الدين الأيوبي اللاذقية فلذلك عرفت بهذا الاسم وفي سنة 1866م أوفدت حكومة ولاية طرابلس موظفين إلى اللاذقية لإجراء احصاء رسمي كانت غايته ترتيب رسم التمتع على الأهالي، وقد ظهر بنتيجة الإحصاء أن عدد سكان أحياء المدينة بلغ 11200 نسمة وأنه فيها 1363 دار للسكن و828 مخزناً وحانوتاً وأحد عشر جامعاً وتسع عشر مسجداً وثمانية خانات، وسنة حمامات ومولو بخانية درويشية واحدة وأربع تكايا وزوايا وسبع عشر طاحونة تديرها البغال، وسبعة عشر فرناً وسبع معاصر للسمسم وخمس مصابن ومعملان بخاريان لحلج القطن وثلاث مكابس للكبسة وأربع مدارس خاصة ومكتب رشدي حكومي ومدرسة اعدادية وخمس كنائس أما أبنية أحياء اللاذقية فقد كانت ذات طراز خاص مميز يتلائم مع طبيعة المدينة الساحلية المعتدلة وقد استدعى هذا الطراز انتباه الرحالة عبد الغني النابلسي الذي زار اللاذقية سنة 1693م عندما كانت تتوئب لتجديد عمرانها والصحو من كبوتها لتصبح إحدى أكثر المدن الساحلية ازدهاراً فقال:… وعمارتها كلها من الأحجار، وأغرب ما رأيناه فيها أنهم يبنون الجدار في عرض حجر واحد ويستقيم البنيان بذلك طراز البناء.
![مدينة اللاذقية "لاذقية العرب" ووصفوها بعروس السّاحل.. 1-4dd2126807de1](https://2img.net/h/www.alazmenah.com/photo//108/1-4dd2126807de1.jpg)
قوس النصر المعروف وهو من القرن الثاني للميلاد، بناه الإمبراطور الروماني (سيبتموس ستيروس) تكريماً للاذقية التي وقفت إلى جانبه في صراعه مع الأباطرة الرومان،
![مدينة اللاذقية "لاذقية العرب" ووصفوها بعروس السّاحل.. 569](https://2img.net/h/www.kobani.org/kobani_img/2013/08/569.jpg)
وفي سنة 1866م أوفدت حكومة ولاية طرابلس موظفين إلى اللاذقية لإجراء احصاء رسمي كانت غايته ترتيب رسم التمتع على الأهالي، وقد ظهر بنتيجة الإحصاء :::
أن عدد سكان أحياء المدينة بلغ 11200 نسمة وأنه فيها 1363 دار للسكن و828 مخزناً وحانوتاً وأحد عشر جامعاً وتسع عشر مسجداً وثمانية خانات، وستة حمامات ومولو بخانية درويشية واحدة وأربع تكايا وزوايا وسبع عشر طاحونة تديرها البغال، وسبعة عشر فرناً وسبع معاصر للسمسم وخمس مصابن ومعملان بخاريان لحلج القطن وثلاث مكابس للكبسة وأربع مدارس خاصة ومكتب رشدي حكومي ومدرسة اعدادية وخمس كنائس ...
أما أبنية أحياء اللاذقية فقد كانت ذات طراز خاص مميز يتلائم مع طبيعة المدينة الساحلية المعتدلة وقد استدعى هذا الطراز انتباه الرحالة عبد الغني النابلسي الذي زار اللاذقية سنة 1693م عندما كانت تتوئب لتجديد عمرانها والصحو من كبوتها لتصبح إحدى أكثر المدن الساحلية ازدهاراً فقال:… وعمارتها كلها من الأحجار، وأغرب ما رأيناه فيها أنهم يبنون الجدار في عرض حجر واحد ويستقيم البنيان بذلك طراز البناء.