الشاعرهشام علي محمود ـ العراق - بجماله جَمُل الوجود.
بجماله جَمُل الوجود
( أسَمِعْتَ نشـيدَ الكائنات )
كم قلتُ أصغ وكم أبى أن يسمعا ونصحتُ غِرّاً ماستجاب ولا وعى
ضحكتْ له الأيامُ ضِحْكة َخادع ٍ فاغترَّ منخدعاً بهـا ! مُسـتمتعـــا !
حتى إذا..دَهَـمَ المشـيبُ فِنـاءَه واهتـزّ رُكـنُ بنـاءِه .. فتصدّعــــا
وتضَعْضَعَتْ عَزَماته إذ خالهـا سـتظلُّ ماضيـة ً ولـن تتضعضعـا
فتيقـّنَ القلبُ المكابـرُ حينهـا أن الشـبابَ يُعــارُ كـَي يُسـترْجَعـا
لمّا أتاه الشـيبُ يضحك نازعـاً عنــه ثيابــا – ظنّهــا لـن تُنزَعــــا
فأصاخ حينئذٍ، وأطرقَ هامساً قد كان نصحُك صائباً ؛ لو أسْمَعا
كم كـان غِـرّا ذلك الرجُـلُ الذي ظـنّ الحيــاةَ تظلُّ رَبْعـاً مُمْـرِعــا
لكنّهــا الدنيـا كـذلك؛ شأنـهـا ما تسـتقـرُّ ، وشـأنـُنا أن نخضعـا
شُدَّتْ إلى خيل الفـَناءِ،ورَكبُها يمضي بنا رُغما .. حثيثاً مُسرعا
أعمـارُنا عنــد الزمـان ودائع لابـُـدّ مِـن يـوم ٍ لهـا .. أنْ تُرْجَعـا
فتبارك الجبّارُ فـي مَلـََكوتِه كـم يسـتعـيدُ بقــدرةٍ ، مـا أودعــا
*
*
فتفكـّرُ الإنسـان ِ خيـرُ عِـبــادَة ٍ وضلالةُ الغاوين سـاءت مَرجعـا
والجأ إلى الرحمن واترك فانياً عجـِزتْ يـداهُ أن تضُرَّ وتنفعـــــا
أيُرامُ مخلوقٌ ! ويُنسى خالقٌ ! سَــفـَهٌ لعَمـري في العقولِ تربّعــا
وانظـُرْ إلـى آلائــهِ وصفــاتهِ في كلّ ما خلَقَ الإلهُ وأبدعــــــــا
أنصتْ لهمْسِ الكون سبّحَ باسمه صُبحا وليـلاً .. مُسـتكينـاً طيِّعــــا
تـرَ كـلَّ شـيءٍ ناطقـاً بوجــوده حتـى لكــادَ بصوتـه أنْ يَصْدعــا
أسمعْـتَ مثلي أم فؤادُك غافــلٌ فأصِخْ له مـُتـَنـََصِّتـاً ، مـُُتـَسَـمِّعـا
تسمعْه إنْ سكَنَ الدجى بسكونه تسـمعْه في رعـْدٍ صَخوبٍ قعْقعا
في لحن عصفورٍ شَـدا مُتـَرنِّماً وهديــرِ بركــان أخافَ وأفزعــا
أنصتْ لهــــذا كلـِّهِ أنصـتْ لــهُ أنصت وحسـبُ ترَ النشـيدَ الأروعا
الكلُّ يصدحُ مُنشِداً لبيك ربـّــــــــــــــــــــــي .. طـائعـا مُتـَعـَبّــِداً مُتضـرّعــا
فاسمع نشيدَ الأقحوان على الرُبا إنْ مـَسّــهُ نفـَـسُ الربيــــع فأينعـــا
ومضى شـتاءٌ مُسْـتـَرَدٌّ راغمـــاً وأتــــى ربيـــعٌ مُـسـتجَـدٌّ طيِّعـــا
فاسـتيقـظ البَيْبـــونُ يفتـحُ أعْيُنـاً وتضاحـك الصفصافُ يفتح أذرُعا
وعلا صدى الحسّون في تلك الرُبا فــوق المـــروج مُـرَدِّداً ومُـرَجِّعـا
(البيبون صنف من الأقحوان)