التأديب هو تعويد الطفل على السير في الطريق الصحيح
لا يجب أن يحدث العقاب الجسدي مرارا ، ويجدر أن يتاح وقت ملائم للطفل كي يجلس على كرسي ويفكر في السلوك السيئ الذي ارتكبه ، أو أن يحرم من امتياز عظيم، كأن يقاد إلى غرفته محروما من اللعب . ومن الأساليب الأخرى أن يطلب منه عمل معين على حين كان يرغب في اللعب ..
و هو يعني التدريب القائم على أساس المحبة، بحيث يتم تدريب الطفل على السير في الطريق التي يجب أن يسلكها في حياته.لا يعني التأديب أن نقود الطفل إلى الطريق التي نريد منه أن يسلكها. فقد تحدثنا أنفا عن أنماط التربية والأمومة، ولذا فنحن نعلم أن بعض الأمهات تميل إلى إخضاع الطفل لإرادة الكبار فتكون مستبدة لا تسمح لطفلها بالمناقشة، والبعض الآخر متساهلة في التعامل مع أطفالها. أن أسلوب التحكم في الطفل من أجل التأديب ليس هو الأسلوب الصحيح بالرغم من أنه قد يبدو هو الأسلوب الناجح .
إذا كيف نبدأ؟
ولنحاول الإجابة على السؤال التالي:
كيف أقنع يسوع الناس كي يستمعوا إليه ويتبعوه وأن يتعلموا منه وأن يغيروا حياتهم بعد ذلك؟
لقد اقتنع اللذين تبعوا يسوع بكلامه وتعاليمه لأنه قدم لهم شيئا مميزا. وبعد أن شاهدوه وراقبوه أيقنوا أن هذه هي الحياة والقيم والمعايير التي يريدون أن يحيوا وفقها.
لكن السبب الأساسي والأول أن الذين تبعوه كانوا يحتاجون إلى حاجة عاطفية استطاع هو وحده أن يلبيها لهم. لقد ملأ وعاء – تنك – وقودهم العاطفي. لقد قبلهم الرب يسوع بأخطائهم وطباعهم. وثم منهم من أخذ خطوات أشد جدية في تغيير حياتهم من أجل من أحبهم ، وهؤلاء هم تلاميذ يسوع المسيح . فعندما نقرأ رسالة يوحنا الأولى 4 :19 ”فنحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا ” ندرك قوة وفاعلية هذه الأداة القوية ، أداة المحبة . وهي نفس الأداة التي نستطيع أن نستخدمها نحن نحو من نحبهم. ولا شك في أن المحبة والإعجاب هما دافعان قويان لتبني قيم الآخرين وتعاليمهم.
إذا لك المفتاح الأول: قدمي لطفلك قبولا ومحبة غير مشروطة مهما كان صعبا وذو طباع سلبية.
لكن المحبة والقبول لوحدهما لا يكفيان ، إذ ينبغي أن يكون هناك سند لأن طبيعة الإنسان الخاطئة تتغلب أحيانا ويصدر عنها العصيان وابتعاد أولادنا عن احترامنا . فما العمل إذن ؟ هنا تبدأ الحاجة الى التأديب ، فورا عندما نبدأ ملاحظة العصيان والتمرد من قبل الطفل ، وقد يكون فقط ثمانية أشهر عندها .
لكن قبل أن نتطرق إلى التأديب يجدر أن نراجع هذه القائمة:
1. هل منحت طفلك محبة غير مشروطة؟
2. هل قامت له تعليمات ومطالب واضحة؟
3. هل وضعت حدودا واضحة؟
وعندما نتحدث عن الحدود فمعناه أن نضع ضوابط أخلاقية. ولابد للأم والأب أن يضعا الحدود معا مع طفلهما بالحوار والمناقشة .
فالأطفال لا يعلمون ماذا يتوقع منهم فعله أو عدم فعله . هم يحتاجون إلى المرشد في بداية عمرهم . كما أن الحدود حين نضعها يجب أن تنقذ بوضوح وبطريقة بسيطة ومفهومة . وعندما نفعل ذلك يجب أن نستمر في تطبيقها . فإذا وضحنا للطفل أن عليه أن لا يقفز على الأريكة ، يجب أن يعلم أنه في كل الحالات لا يسمح له بالقفز على الأريكة . إذ ترتكب بعض الأمهات أخطاء عند وضعهن الحدود إذ يسمحن للطفل بالقفز في أيام ثم لا يسمحن في أيام أخرى. فان عدم المثابرة والنظام في تطبيق القواعد يخلق عند الطفل مشاعر البلبلة والتشويش . ومن نتاج هذا الأسلوب مشاعر لارتباك مما يجعله يرفض الطاعة ويسيء التصرف .
وللمزيد من التوضيح سأمثل الحدود على شكل خارطة نرسمها لأطفالنا كي ترشدهم في طريق السلوك السوي . وتشير هذه الخارطة إلى ممرات آمنة قصيرة وأخرى آمنة ولكنها أطول والى ممرات طويلة وقصيرة خطرة . ومن واجب الأم أن تمضي وقتا في تفسير وشرح وتوضيح الخارطة ( أي المعايير الأخلاقية ) . فإن الطفل سيرى أن من اليسير إتباعها ، ولكن عندما لا يستطيع تتبعها أو عندما يختار بإرادته الحرة أن يسير في الممرات الخطرة فعليه أن يدرك النتائج التي تترتب على هذا السلوك . وهنا أيضا توجب عليك كأم توضيح نتائج عدم الطاعة والعصيان . وهذا ينقلنا إلى موضوعنا التالي .
ماذا ستكون النتائج؟
حين لا يحرص الطفل على الطاعة أو يسيء السلوك فإن التأديب لا بد من أن يعقبهما . وأنا أحترم جدا وجهة نظره الدكتور دبسون ووجهة نظر الدكتور كامبل حول التأديب . وآخذ بهما في حياتي كأم إذ أرى التأديب أداة مهمة في حياة الأمومة ، ولا شك أن إيماني الشخصي أن لا ضرر في الضرب ، ولا أعني هنا ضربا بل ضربة واحدة على الخلفية أو على أعلى فخذي الرجل تكفي . فالضرب لا يقتل الأطفال ، إنما العصيان والتمرد حتما سوف يقتل . فان العصيان الذي يبدأ في الأسرة ضد الأهل سوف يؤثر في حياة الأطفال مستقبلا . إذ أؤمن أنه مرض متفشي ، يبدأ ضد الأهل لينتشر إلى مختلف أشكال السلطات والى الله بالنهاية . غير أنني أؤكد ثانية أن المحبة غير المشروطة هي الأساس في أي نوع من التأديب ، وهي محبة لا يشك فيها أبناؤنا حتى ونحن نضربهم أو نعاقبهم بأي أسلوب كان . فالطفل الواثق من محبة الوالدين يتقبل التأديب ويقتنع به خاصة عندما يأتي مرفقا بالشرح والتوضيح . بينما استخدام أسلوبا خاطئا لتقويم سلوك الطفل سيجعله يشعر أنه غير محبوب و مقبول وغير آمن .
متى يبدأ التأديب؟
بدأ التأديب منذ أن نبدأ في ملاحظة عصيان أو تمرد في سلوك الطفل ، فقد يكون الطفل ثمانية شهور فقط . وذلك وفق خطة تهدف أن تنقل رسالة واضحة إلى الطفل (( أحبك كثيرا ولهذا أريد تأديبك )) ، مما يعني أني سأفعل كل ما يجدر لتهذيبك . وثمة نماذج عدة تقدم صورة كاملة للعقاب. أحدهما العقاب البدني الذي يستخدمه معظم الناس ويسيئون استخدامه، إذ يضربون الطفل دون سابق إنذار وتحذير ، أو كأن يضربونه على سلوكيات طفولية غير مقصودة مثل كسر تحفة أو دلق العصير على الأرض . وهناك أيضا العقاب اللفظي المتمثل بالشتم ونعت الطفل بصفات سلبية ، أو استخدام الصراخ والتهديدات التي لا تجدي نفعا . إلى جانب أساليب كثيرة خاطئة ، لأننا حين نعاقبهم نفعل ذلك لسبب وهو التنفيس عن غضبنا دون أن نحرص على التأديب ، إذ يستطيع كل امرئ أن يضرب طفله في لحظة غضب غير أنه ليس كل امرئ، قادر أن يهذب طفله في لحظة غضب .
كيف نبدأ؟
1. ضعي الحدود والقواعد مسبقا.
2. حافظي على هدوئك ولكن كوني حازمة عندما تواجهين عصيان طفلك وموقفه السلبي.
3. اسألي نفسك سؤالا حول السبب قبل المباشرة في معاقبة طفلك وهو ” لماذا يتصرف طفلي على هذا النحو ، هل هو متعب أو جائع أو هل يشعر بألم لست أعلم به أم ثمة أمر آخر يزعجه على أن أتحقق منه؟ ” فإذا كان هذا السلوك بسبب طبيعة الطفل الخاطئة فيجب أن نأخذ إجراءات لتأديب الطفل ، لكن على أن يتم بالأسلوب الصحيح كما ذكرت .
4. مارسي التأديب ولكن على انفراد .
من المحتمل أن تسألي: كيف وما هي الطرق العملية الصحيحة؟
لا يجب أن يحدث العقاب الجسدي مرارا ، ويجدر أن يتاح وقت ملائم للطفل كي يجلس على كرسي ويفكر في السلوك السيئ الذي ارتكبه ، أو أن يحرم من امتياز عظيم، كأن يقاد إلى غرفته محروما من اللعب . ومن الأساليب الأخرى أن يطلب منه عمل معين على حين كان يرغب في اللعب . وبكلمات أخرى يجب أن تنوعي في ردود فعلك نحو السلوك السيئ. ويجدر أن تيسري خطوة تتقدم على طفلك ، وما أعنيه أن الأم التي تعرف طفلها خير المعرفة تستطيع أن تتنبأ ردود فعله وبالتالي عليها أن تستبق الأحداث وتمنع حدوث تحدي أن أمكن . لأن هدفك أن تتعاملى دائما مع طفلك بما فيه مصلحته فلا بديل عن الحكمة وحسن التصرف كي تؤدي دورك كأم على خير وجه .
بقلم مدلين سارة
السيدة مدلين سارة، أخصائية تربية وحاصلة على شهادة الماجستير في الإرشاد والمشورة المسيحية في جامعة ليبرتي في ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة