وندمـانِ صدقٍ بل يزيد فكاهـة ً على الصّدقِ، لم يخلِطْ مُواتاتَهُ محْكَا
حَمُولٍ لما حمّلْتَهُ، غيْرِ ضَيّقٍ ذراعاً بما ضاقَ الكرامُ به مَسْكا
دعاني، وأعْطاني منِ ابْنَة ِ نفْسِهِ، مودّتَهُ المثْلَى ، وفي ماله الشِّرْكَا
فقلتُ له: لا يشهدُ الصُّبْحُ صَحْوَة ً فديتُـكَ ، منّي يا نـديمُ ولا منكــا
وبادِرْ بقايا الليْلِ يبلُغْكَ سُكرُهُ يُحدِّثُ من لاقَى الصّباحَ به عنْكا
فأتْحَفَنَا الخمّارُ حين طُرُوقنا براقـودِ خمـرٍ شكّ في جنبـهِ شَـكّــا
ذخيرَة ُ نوحٍ في الزّمان الذي اجْتَنى فأدخلها في الفلكِ إذ ركِبَ الفُلْكَـا
فلمّا عمدْناها لنسْفِكَ، بادَرَتْ تباشيـرُ رِيّـاها ونكهتِها السفْـكَـا
كأنّ أكفّ القوْمِ والآلة َ التي يُـديرُونَ فيها أمـرَها ضُـمِّـخَـتْ مِسْـكَـا
فما لاحَ ضَوْءُ الشمس حتى رأيْتُنَا نقـولُ لوقْعِ السكرِ في هَامِـنَـاقَـدْكَا
تـرى عنـدنا ما يُسخِطُ اللهَ كلّهُ من العمل المرْدي الفتى ما خلا الشِّرْكا
" أبو النواس "146 - 198 هـ / 763 - 813 م
الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء.
شاعر العراق في عصره. ولد في الأهواز من بلاد خوزستان ونشأ بالبصرة، ورحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس، ومدح بعضهم، وخرج إلى دمشق، ومنها إلى مصر، فمدح أميرها ، وعاد إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفي فيها.
كان جده مولى للجراح بن عبد الله الحكمي، أمير خراسان، فنسب إليه، وفي تاريخ ابن عساكر أن أباه من أهل دمشق، وفي تاريخ بغداد أنه من طيء من بني سعد العشيرة.
هو أول من نهج للشعر طريقته الحضرية وأخرجه من اللهجة البدوية، وقد نظم في جميع أنواع الشعر، وأجود شعره خمرياته