ليلة القدر .. منحه إلهية .. وعطية ربانية .. ادخرها الله تعالى لعباده الصائمين في نهاية صومهم ..
وهل ترجو أخي من صيامك إلا غفران الذنوب .. والسعادة في الدنيا والآخرة ؟!
فإذا فاتتك ليلة القدر! فأي فائدة استفدتها من صومك ؟!
إنها أمل المؤمنين .. وغاية الصالحين .. فلتكن من الحريصين على خيرها فكم في هذه الليلة المباركة من الخيرات والنفحات !!
وعن ليلة القدر روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - دعا أصحابه فسألهم عنها فأجمعوا أنها في العشر الأواخر من رمضان ، فقال ابن عباس لعمر: إني لأعلم أي ليلة هي ، فقال عمر : وأي ليلة هي ؟ فقال: سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر، فقال عمر: من أين علمت ذلك ؟ قال ابن عباس: خلق الله سبع سموات وسبع أرضين وسبعة أيام ، وإن الشهر يدور على سبع ، وخلق الإنسان من سبع ، ويأكل من سبع ، ويسجد على سبع ، والطواف بالبيت سبع ،ورمي الجمار سبع ، فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له ..
وسميت ليلة القدر بهذا الاسم لأن الله تعالى يقدر فيها الأرزاق والأعمار وكل شيء في العالم ، قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) ، وسميت كذلك لعظم قدرها وشرفها، ولأنها تكسب من أحياها قدرًا عظيمًا لم يكن له قبل ذلك وتزيده شرفًا عند الله تعالى ، ولأن العمل في هذه الليلة له قدر عظيم .
وقد خص الله - سبحانه وتعالى- أمة الإسلام بهذه الليلة المباركة ، وأخفاها عنهم رحمة بهم ، حتى يزيدوا في طاعته بانتظارهم لها وترقبها في العشر الأواخر من رمضان..
وليلة القدر لها علامات تعرف بها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة ، وكأن فيها قمرًا ساطعًا ، ساكنة ساجية ، لا برد فيها ولا حر، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ" رواه النسائي
وفي هذه الليلة يكثر نزول الملائكة إلى الأرض ، ويكثر فيها نزول الرحمات والعمل فيها خير من عمل ألف شهر، وصيامها وقيامها خير من عبادة ألف شهر،قال الضحّاك ( رحمه الله): ( لا يقدّر الله في تلك الليلة إلا السلامة ، وفي سائر الليالي يقضي بالبلايا والسلامة )
وقال الحسن البصري ( رحمه الله )
إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر )
إنها ليلة نزول الملائكة .. ليلة الخيرات .. ليلة النفحات ..ليلة العتق من النار .. ليلة الرحمة ..من فاتته هذه الليلة فهو المحروم حقًا ! قال صلى الله عليه وسلم : ( من حرمها فقد حرم الخير كله ! ولا يحرم خيرها إلا محروم ) رواه ابن ماجه ..
ولعظمة هذه الليلة كان الصالحون يتهيأون لها ويستقبلونها كما يستقبلون الأعياد .. كان لتميم الداري ( رضي الله عنه ) حلة اشتراها بألف درهم يلبسها في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر .. وكان ثابت البناني وحميد الطويل ( رحمهما الله ) يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيبان ، ويطيبون المسجد بأنواع الطيب في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر..أخي : ألا تحب أن تكون من المغفور لهم ؟! ألا تحب أن تنال خيري الدنيا والآخرة ؟!
إن ليلة القدر ليلة الدعاء .. ليلة طلب الحاجات من ملك الملوك ..الغني .. من بيده خزائن السموات والأرض .. فاجعل طلب الغفران والعفو في تلك الليلة في مقدمة دعائك .. وسل الله تعالى المعافاة في الدنيا والآخرة .. ولا تدخرن دعاء فيه صلاحك من خير الدنيا والآخرة .. ليلة القدر .. فرصة غالية في عمرك .. فلا تمرن عليك وأنت غافل !!
جعلني الله وإياك من المقبولين في شهر الصيام .. ومن المحظوظين بليلة القدر ومن الهانئين في الدارين على الدوام ..
مما قرأت من نفحات الشهر
وأتمنى الخير لنا جميعًا