تأثير افلام الرسوم المتحركة على اطفالنا.
تأثير افلام الرسوم المتحركة على اطفالنا
سيف ذو حدين !!
كثيرون الذين كتبوا بإخلاص ووعي عن سلبيات وإيجابيات برامج الطفولة التي تبثها بعض قنوات التلفاز العربية والأجنبية المتخصصة، وكان الهدف وما يزال: حماية عقول أطفالنا وسلوكهم وقيمهم، وتنمية مواهبهم، وصقل قدراتهم... أليست الطفولة هي صانعة المستقبل، والاستثمار في مجال تربية الأطفال وتنشئتهم، هو أفضل وأهم الاستثمارات؟.
فأفلام الرسوم المتحركة تنتقل بالصوت والصورة والحركة واللون الجذاب، كل ما يوجه أنظار أطفالنا إلى معرفة أشياء طريفة، وأمور متنوعة، ما كان لأطفالنا أن يعرفوها، دون مشاهدة تلك الأفلام والمسلسلات، سواء أكانوا في مرحلة الروضة أم في المرحلة الإلزامية.
والتلفاز كوسيلة إعلامية ترفيهية، قد يلهي أطفالنا وتلاميذنا عن واجباتهم المدرسية، مالم تنظم ساعات المشاهدة تحت إشراف الوالدين، ويغرس اهتمامات جديدة لدى الأطفال، بعيدة التأثير في سلوكياتهم وتكوين عاداتهم وقيمهم، وإكسابهم الخبرات والمعارف، لما يتمتع به من عناصر التشويق والإثارة والجاذبية.
وأفلام الرسوم المتحركة المسلية لأطفالنا، فيها إثارة ومغامرات تحتوي على حواديت وحكايات، وفيها صور ورسوم وعرائس تهتم بالأطفال، ورغم تلك الجاذبية في أفلام الرسوم المتحركة ومسلسلاتها، فالطفل لا يستقر في إنفعالاته على لون واحد، فهو سرعان ما يضحك، ثم ما يفتأ أن يبكي، فهو لذلك متقلب في انفعالاته... وهذه الأفلام تؤدي دوراً مهماً في تحقيق الاستقرار الإنفعالي للطفل، شريطة أن تتفق مع خصائص النمو الانفعالي للطفل، وتوجه هذه الانفعالات الوجهة المرغوبة، وتخلّص الطفل من أنواع الخوف والقلق والغضب...الخ.
ومن خلال أفلام الرسوم المتحركة ومسلسلات الأطفال، يمكن مساعدة الطفل على تفهم طبيعة العلاقات الاجتماعية، وإكسابه الخبرات المتنوعة، مثل النظافة الشخصية، وآداب المرور وأداب الحديث، ثم التعاون مع الآخرين وغيرها من الصفات التي تساعد في تربية الطفل وتعليمه.
وأفلام الرسوم المتحركة ومسلسلات الأطفال، إذا أعدت بشكل إيجابي، من شأنها أن تغرس التفكير العلمي في أذهان الأطفال، وتساعدهم في حل مشكلاتهم، فأبطال تلك الأفلام المحببين للأطفال، تساعد على التعليم، لا سيما في القصص الخيالية العلمية، مثل مختبر نينا التي تبثها قناة «براعم» وكثيراً ما تساعد على استخدام الأجهزة العلمية الحديثة والتدريب عليها، وتشجيعهم على الاهتمام بالتكنولوجيا التي غدت سمة هذا العصر.
والسؤال:
هل تؤدي أفلام الرسوم المتحركة ومسلسلات الأطفال تلك الأدوار الايجابية في تربية الطفل وتنشئته الاجتماعية؟
والإجابة:
يمكن أن تكون بنعم، إذا استطاع أحد الآباء استغلال ما يقدم في بعض تلك الأفلام، خاصة المنتجة عربياً، فالأطفال يميلون إلى تصديق المرئيات أكثر من اللفظيات، التي تكون في الأغلب جافة ومنفردة. لا سيما في سنواتهم الأولى، لأن نموهم العقلي لم يصل بعد إلى إدراك المجردات اللفظية التي يسمعونها، لذلك فالمرئيات الجميلة باللون والصورة، هي الأكثر أثراً في معارفهم وخبراتهم، وبالتالي في تعديل اتجاهاتهم وسلوكياتهم وقيمهم.
ومما يذكر، أن معظم الأفلام التي يشاهدها أطفالنا اليوم، هي من انتاج «والت ديزني» الامريكية، وهي غريبة الصنع والهوية على عقول أطفالنا، لأنها صممت لغير أطفالنا وبعقلية غير عقليتنا وثقافتنا، فهي تشجع عادات وأخلاقاً لا نقر الكثير منها. مثل: «توم وجيري» أو «مدينة الألعاب» و «القطارات السريعة» أو الحيوانات الآلية «وأخيراً مسلسل «بارني الشهير»، وغيرها.
ولو أخذنا «توم وجيري» على سبيل المثال، نجده يجسد صراعات بين قط وفأر، يدبر كل منهما المقالب للآخر، وهكذا يدور الصراع بينهما دون هدف أو مغزى، ثم يكون النصر في النهاية حليف أحدهما الذي يكون أكثر مقدرة على الخداع... الخ. أما بقية تلك الأفلام، فكثيراً ما تعتمد على الحظ، ويكون الفوز فيها دائماً للأقوى على حساب مصلحة الآخرين من الضعفاء.
بعض القنوات الفضائية العربية أمثال: MBC وقناة الجزيرة أطفال وقناة «البراعم» وقناة «الكراميش» وغيرها، تقوم بانتاج مسلسلات الأطفال بطريقة، يتضح فيها شيء من التقصير الشديد في عدم الاهتمام بالناحية التربوية، وتركز على الجوانب الترفيهية أو الحركية، وإن كانت أحياناً تتناسب وطبيعة المجتمع العربي، وتراعي خصائص مراحل النمو المختلفة.
إلا أنها لا تتمشى مع عقيدة الاطفال الدينية وتقاليدهم وقيمهم، مما يؤثر سلباً في تشكيل سلوكيات الأطفال، سواء إيجاباً أم سلباً.
ومع هذا، تظل هذه الأفلام المنتجة عربياً ، أفضل من تلك الأفلام والمسلسلات الأجنبية التي يشاهدها أطفالنا، وما بها من سموم توجه لعقولهم ونفوسهم، وتخرب عقائدهم، وتنحرف بهم عن الطريق السوي.
وفي هذا السياق، يرى بعض الباحثين الاجتماعيين، أن التلفاز يغرس السلبية في نفوس الأطفال والتلاميذ، ويغري بعضهم بالإطارات الجذابة كاللون والصورة التي يعرض فيها رواياته وبرامجه، التي تتضمن العنف والاجرام أحياناً، مما يؤثر على بعض الصغار، فيدفعهم إلى تقليد الصور المتحركة أو الخيالية، مما قد يعرضهم للخطر احيانا.
إضعاف انتماء الطفل لبيئته ووطنه، لأن أغلب ما يشاهده ويتربى عليه في الرسوم المتحركة من بيئة وأشخاص مجتمع لا ينتميان لمجتمعنا.
كما تدل الشواهد اليومية، أن أطفال ما قبل المدرسة، هم من أكبر مشاهدي التلفاز في مجتمعنا، فهم يقضون ساعات بأكملها منذ يقظتهم، وإن مجموعة العمر (2-5 سنوات) من الأطفال يقضون أمام التلفاز نحو (28) ساعة كل أسبوع، والبعض يصل إلى (54) ساعة.