بين جورج جرداق وعاصي الرحباني
بدأ الحرب الأستاذ جورج جرداق بقوله:
هنا قصدي في بني الرحباني أهل الذكا ومشايخ الزعران
اهديه للأخوين في مصروفي لبنان و البحر و السودان
لا ننكر الفن الرفيع وأنتما بالفن في بحره نابغتان
ينصب ساحره وآسره على قلم بكفكما له راسان
أنشأتما للشعر صرحا شامخا وصروح بلور من الألحان
لكن متى انتفع الزمان بنابغ يروغ بثوبه لصان
وينهي جورج جرداق القصيدة بالأبيات الثلاثة التالية:
إن كنت ياعاصي أخا منصور في هجوي أنا فاصمد لهجو ثاني
إن كنت صوانا فكم شهد الورى تحت الحديد تفتت الصوان
ماحيلة الفدان بالصخر الذي بريت عليه قوائم الفدان
ومباشرة رد عاصي الرحباني قاءلا:
أدجاجة الأحلام قاقي قاقي بيضي على جرجي بني جرداق
بيضي انقديه جرجي جريه الى قن الغرام وعنبر العشاق
قد قام يهجونا ببعض قصيدة من صوت زرزور وبحة قاق
شرشوحة الأبيات لم كلامها من ألف زاروب وألف زقاق
ياجورج يادب الغرام ونمسه ياشاعرا بطناجر ووجاق
ياضفدع الآداب ياصوص الرؤى قرقدون الكتب والاوراق
الفيل منصور اذا خرطومه جاء الطعام يطيح بالأطباق
والسبع فيلحون يلوح بذيله حلقت شواربه بلا حلاق
ويحاول جورج جرداق ان يرد عليه بضربات صاعقة قائلا:
انني حلفت بمهرتي وحصاني ومهندي وشوارب النسوان
اني سأبطح بالفلاة عصابة مشهورة بعصابة الرحباني
في رأسها عاصي الذي في رأسه قبوعة كمداس يوستينان
أغراه شيطان الهجاء بوقعة ملعونة لما انبرى وهجاني
لا لن تنال السبع وهو بغابه فركوحة مربوطة في الخان
إن كنت ترجوا بالهجاء وسيفه نصرا علي مغضغض الأردان
فاطلب إلي بأن أعنك ساعة أهجو بها نفسي بلساني
وثارت ثائرة عاصي الرحباني عبر قصيدة هجائية يقول فيها:
ياقاصدا أرض النهيف ميمما شطر المضارب في ربى البدوان
بلغ بني الجرداق أن خيامهم طارت وراء جوانح العقبان
ياكشكش الأدب الرفيع وكشكشا شكوه تحت كشكاش الفستان
الناس والنسناس والكناس قد باضوا عليه بآخر الأزمان
ياطلطميس الفكر سلم قبلما تهوى عليك شباشب النسوان
فتعال قزقز واطلب الصفح الذي تهفوا إليه مشاعر الصبيان
أولا فأنت وكل شعر بضته في الدهر شرشوحان مرتحلان
وعلى الفور هبت شاعرية الجرداق الفكاهية الماهرة بقصيدة يقول فيه: قصرلسانك حيث طال لساني ولجم بيانك حيث طاف بياني
شعري بساتين الربيع وشعركم شجر بلا أوراق ولا أغصان
أما الفساتين التي هجتها ضدي فتحت حريرها عنواني
تلك الشباشب والقباقب التي كدستها لترد عنك طعاني
ضعها على الميوان لاتقبل بها إلا اذا وزنتك بالميزان
إنني بطحتك بالفلاة مجندا رح يا.....وابعث أخاك الثاني
وقامت في عاصي مغامرات أبيه (القبضاني)واستفاقت العنتريات وكانت القصيدة التي يقول فيها :
شيش ونربيش وسطل قناني قاق وجرداق وطنجرتان
جلسوا على كيس بليل اغبر يتصارعون تصايح الطرشان
ياجورج ياضريب أكل قابعا في الليل بين مطابخ وصواني
نازلت جاط الرز ثم صرعته ثم افترست نقابة الأفران
قن الدجاج حلشته وملشته سفقت صاعورا جليل الشان
وتقول ان عليك هيئة شاعر يابالع الأمواج والحيتان
ياقاق ياجرداق ياطفل الوغى يكفي زعيقا ليس بالحسبان
أنت انهزمت ولم تعد بحسابنا فابعث ياجورج جورج الثاني
وكان عاصي يقصد بجورج الثاني الاستاذ جورج ابراهيم الخوري الذي كان يقف على الحياد تماما (كالأميرالة )السيدة فيروز على حد تعبير جرداق الذي رد بقصيدة محفورة من الصخرومنها:
يكفيك مايكفي من الهذيان ياأيها المتآمر الطليان
أحببت تقويم اعوجاج فيكم فجزيتم باساءة إحساني
من يبتغي نصرا علي بشعره فكأنه يمشي بلا سيقان
فاذا فعلتم يابني الرحباني بمحاسن الزملاء والخلان
فتركتم (الباشا ) بلا شنب بلا ذنب بلا أسنان
ومشى وليد وراح للماما بلا ذقن ولا أنف ولاآذان
ونساء لجة بعلبك وكم شكت للبحر بما يفعل الاخوان
وشيئا فشيئا راحت المعركة الشعرية تظهر جوانب الود في علاقة الرحباني بصديقه جورج فاذا بعاصي يكتب قصيدة من الحنا هذا مطلعها:
لملم جلااحك فالجراح أغاني ياقلب واستعيني إلى نسيان
كل الذين تباعدوا عنا لهم في البال متسع ورحب مكان
ياجورج إني تارك لك ملعبا فامرح به واقفز على الحيطان
برطع ولبط كرا وعبر واركض وراء الشوك والبلان
ياقلب لملم عن السطور كلامنا واجمع بقايا العطر والألوان
عشنا على الورق والمحابر ساعة مرت مرور الطير في الوديان
فتعال نسكن في الكآبة كلنا ونصير زهر الشوك والأحزان
وتوقفت المناورة الهجائية وعاد عاصي وجورج الى صحبتهما الفريدة وهي صحبة لم تنقطع كما تبادر للذهن خلال القصائد والردود .صحبة كانت هي الدافع إلى تحريك الواقع الثقافي والفني (بحرب)ضروس سلاحها القلوب والمحبة والعقول الطيبة والشعر المسر.