كفكف دموعك ليس ينفعك البكاء ولا العويل ... إبراهيم طوقانالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هي قصيدة للشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان رحمه الله... وهي في الواقع قصيدة جميلة معبرة تدعو إلى التفاؤل وإلى العمل بدلا من التشاؤم والتخاذل... كم تحوي الكثير من الحكم..
كفكفْ دموعَكَ، ليس يَنْــفَعُكَ البكاءُ ولا العويلُ
وانهضْ ولا تشكُ الزَّمانَ، فما شكا إلا الكسولُ
واسلكْ بهمّتكَ السَّبِيــلَ، ولا تقلْ كيف السبيلُ
ما ضلّ ذو أملٍ سعى يوماً وحكمتُه الدليلُ
كلاَّ، ولا خاب امرؤٌ يوماً ومَقصدُه نبيلُ
أفنيتَ يا مسكينُ عُمْــرَكَ بالتأوُّه والحَزَنْ
وقعدتَ مكتوفَ اليَدَيْــنِ، تقولُ: حاربني الزمنْ
ما لم تقم بالعبء أَنْــتَ، فمن يقوم به إذن ؟
****
كم قلتَ: «أمراضُ البلادِ»؛ وأنتَ من أمراضها
والشؤمُ عِلّتُها: فهلْ فتّشتَ عن أعراضها ؟
يا مَن حملتَ الفأسَ تَهْــدِمُها على أنقاضها
اقعدْ فما أنتَ الذي يسعى إلى إنهاضها
وانظرْ بعينيكَ الذّئابَ تعبّ في أحواضها
وطنٌ يُبـاع ويُشتــرى وتصيحُ : «فَلْيحا الوطنْ»
لو كنتَ تبغي خيرَهُ لبذلتَ من دمكَ الثمنْ
ولقمتَ تضمد جرحَــهُ لو كنـتَ مـن أهل الفِطَنْ
****
أضحى التشاؤمُ في حَدِيْــثِكَ بالغريزة والسليقَةْ
مثلَ الغُرابِ، نعى الديارَ وأسمعَ الدنيا نعيقَه
تلك الحقيقةُ، والمريــضُ القلبِ تجرحُه الحقيقةْ
أملٌ يلوحُ بريقُهُ فاستهدِ يا هذا بريقهْ
ما ضاق عيشُـكَ لو سعَيْــتَ له، ولوْ لم تشكُ ضِيقهْ
لكنْ توهّمتَ السَّقامَ، فأسقمَ الوهمُ البدنْ
وظننتَ أنّكَ قد وهَنْــتَ، فدبّ في العظم الوَهَنْ
والمرءُ يُرهبه الردى ما دام ينظرُ للكفن
لا تعبأوا بمشاغبيــنَ، تَرَوْنَ أوجهَهم صِفاقا
لا بدَّ من فئةٍ - أُجِلْـ ـلُكُمُ - تَلَذّ لها الفِتَنْ
تلك النفوسُ من الطُّفُولةِ، أُرضِعتْ ذاك اللبن
نشأتْ على حُبِّ الخِصامِ، وبات يرعاها الضَّغَن
****
لا تحفِلوا بالمرجفيــنَ، فإنَّ مطلبهم حقيرُ
حبُّ الظهورِ على ظُهورِ الناسِ منشأه الغرورْ
ما لم يكنْ فضلٌ يَزيــنُكَ، فالظهورُ هو الفجورْ
سِيروا بعون اللهِ؛ أَنْــتُمْ ذلك الأملُ الكبيرْ
سيروا فقد صفتِ الصُّدورُ؛ تباركتْ تلك الصدورْ
سِيروا فسنّتُـكم لخَيْــرِ بلادكم خيرُ السُّنَنْ
شُدّوا المودّةَ والتَّآلُفَ والتفاؤلَ في قَرَن
لا خوفَ إن قام البِناءُ على الفضيلةِ وارتكن
****
حَيِّ الشبابَ وقلْ سَلاماً إنكم أملُ الغدِ
صحَّتْ عزائمكم على دفعِ الأثيم المعتدي
واللهُ مدَّ لكم يداً تعلو على أقوى يدِ
وطني أزفُّ لكَ الشبا بَ، كأنه الزَّهرُ الندي
لا بد َّمن ثمرٍ لَه ُ يوماً وإنْ لم يَعْقِدِ
ريحانُه العِلمُ الصَّحِيــحُ، وروحُه الخُلُقُ الحَسَنْ
وطني، وإنَّ القلب يا وطني بحبّكَ مُرتَهنْ
لا يطمئنُّ، فإنْ ظفرتَ بما يريد لكَ اطمأن
---------------------------------------------
الاسم: إبراهيم عبد الفتاح طوقان
الجنسية : فلسطيني
مكان وتاريخ الميلاد: نابلس، فلسطين 1905
مكان وتاريخ الوفاة : فلسطين 1941
هو الأخ الشقيق لفدوى طوقان الملقبة بشاعرة فلسطين، ولأحمد طوقان رئيس وزراء الأردن في بداية السبعينيات.