ذكريات الشاعر نجيب الريس في سجن أرواد.
الشاعر نجيب الريس في سجن أرواد.
ذكريات شاعر في سجن أرواد
حسْبُ الصّبـاح وحسْبـي مـا أعـانـيــــــــه * يـا لـيلُ مـنك، متى تـنأى وتدنـيــــــه؟
مـا فـي أديـمك إلا صـفحةٌ غَشِيــــــــــت * بـهـا الغـيـومُ فلا نجـمٌ أراعـيــــــــه
أرخـيـتَ فـوقـي سدولاً كـنـت أدفعهــــــا * بـالنـوم عـنـي فلا نـوم أرجّيــــــــــه
وكـنـت بـالـدمع أحـيـانًا أبـدّدهـــــــا * والـدمع قـد جفَّ مـنـي فـي مآقـيــــــــه
خسـرت نـومـي ودمعـي بـل فقـدتهـمــــــا * فـي كفّ أرواد لا شِيْدتْ مبـانـيـــــــــه!
أرواد! يـا معقـلَ الأحـرار كـــــــم رجلٍ * مشى إلـيـه مشـاة الـبأس والـتـيـــــــه
فلا الـحـراب ولا نقـل الـبنـادق فـــــي * أيـدي الجنـود ولا الأغلال تؤذيــــــــه
ولا السفـيـنةُ والـمـجذافُ يـدفعهـــــــا * والـمـوج يغري بـهـا حـيـنًا وتغريــــــه
ولا الـمظالـم والسجّان يـنفِذُهــــــــــا * تقـوى عـلى الـحُرّ نَيْلاً مـن مبـاديــــــه
أختَ الخضمّ وكـم بـالشـام مـــــــــن شَفَةٍ * هتّافةٍ بـاسم شـاطـيك ومـن فـيــــــــــه
مـا زلـتِ مـنفى شبـاب العُرْب مـن قـــــدمٍ * يأتـيك كل فتى جلّت أمـانـيـــــــــــــه
يـا صـاحـبَ السّجن مـا للشمس تـمـنعهــــا * عـنـا ومـا للهـواء الطلق تغلـيـــــــه؟
خـفّفْ بربك عـنـا مـا نكـابــــــــــــده * من وحشة السّجن لا كـانـت لـيـالـيـــــه
فهـي الـتعـالـيـم جـاءتـنـــــــا مدوّنة * وفـي الـتعـالـيـم أقسـى مـا نقـاسـيـــه
لا أكذبُ اللهَ إنـي قـد بـلـوتهـــــــــمُ * وذقت مـن ظلـمهـمْ أدهى دواهـيــــــــــه
دخلـتُ سجنَهـمُ مـثنى فكـنـت بـــــــــــه * مـن أكثر النـاس عـلـمًا فـي معـانـيـــه!
والـيـوم عـدتُ إلـيـه صــــــــابرًا جَلِدًا * مستعذبًا كل مكروه ألاقـيـــــــــــــــه
ففـي سبـيلك يـا شبـه الجزيرة مــــــــا * ببتـابنـي مـن عذاب لا أسمّيــــــــــه
وفـيك يـا وطن الأحـرار مـــــــا اختلقت * فـيـنـا السـيـاسة مـن كذب وتشـويــــــه
وفـي سبـيلك يـا عـرشَ الـولـيــــــد فتًى * يلقى الـمـصـائب يـزجـيـهـا وتزجـيـــــه
فتى الجزيرة لا تـيأسْ فأنـت لهـــــــــا * إن يعـظـمِ الخطب أو تعـدو عـواديـــــــه
فرّجْ عـن الـوطن الـمحــــــــــزون كربته * فأنـت عُدّته الكبرى وحـامـيـــــــــــــه
قـلْ للشّبـاب ومـا فـيـهـم أخـــــــو خَوَرٍ * والربع ربعهـمُ عزّت مغانـيــــــــــــــه
مدّوا أيـاديكـمُ للـحقّ خـــــــــــــالصةً * عزَّ الشّبـاب ولا خـابت مسـاعـيــــــــــه