عبارة ( الديانات السماوية ) خطأ، والصواب ( الشرائع السماوية ).
قال تعالى ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ )الحج 78
عبارة ( الديانات السماوية ) خطأ، والصواب ( الشرائع السماوية )،لأن الله يقول {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ } وقد صرح القرآن بأن دين هؤلاء الأنبياء جميعاً هو الإسلام، قال الله تعالى عن نوحٍ عليه السلام: فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس:72].
وقال عن إبراهيم عليه السلام: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ [الحج:78].
وقال عن موسى عليه السلام: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ [يونس:84].
ومثل هذا عن يعقوب ويوسف عليهما السلام.
والخلاف الواقع بين الأنبياء إنما هو في تفاصيل الشرائع، ففي شريعة موسى عليه السلام ما هو محرم قد أبيح في شريعة عيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم، ونحو هذا، كما قال سبحانه: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً [المائدة:48]..
ملة أبينا إبراهيم عليه السلام قبل اليهود والنصارى وواضح نفي الديانتين عن إبراهيم في القرآن بل وعن إسحاق وإسماعيل ويعقوب والأسباط عليهم السلام وفي سورة البقرة يرفع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام قائلين:
( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة 128
كما قال تعالى في حق إبراهيم عليه السلام
(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران 67
(إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) البقرة 131
ثم يقول تعالى عن آل لوط عليه السلام
(فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ *فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ) الذاريات 35- 36
ويقول تعالى يعقوب لما حضرته الوفاة
(أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة 133
وكذلك يوسف دعا ربه قائلا
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) يوسف 101
وحين نأتي لموسى فهو يقول لبني إسرائيل
قال تعالى ( وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ) يونس 84
وكذلك يمدح الله سحرة فرعون لما ثبتوا على الإيمان
(وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) الأعراف 126
وكذلك فرعون لما أدركه الغرق لم يسعه إلا القول
(وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يونس 90
أما سليمان النبي الملك فهو يرسل لسبأ برسالة مختصرة
(... بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) النمل 30-31
أما المسيح عيسى بن مريم فلما آمن به الحواريون ماذا قالوا
(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) آل عمران 52
وبعامة فقد ذكر الله عز وجل عمن آمن من أهل الكتاب ما يلي
(وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) القصص53
أما الآية التي أعتبرها واضحة كل الوضوح فهي تشمل أنبياء بني إسرائيل كلهم عليهم السلام . قال تعالى
(إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)المائدة 44
فالتوراة كتاب إسلام والإنجيل كتاب إسلام والزبور كتاب إسلام ولم ينزل غير الإسلام من السماء.
فما جاءت عبارة الأديان السماوية إلا عن فهم أخطأ صاحبه حيث ربط بين الكتاب السماوي وبين دين من اتبعه فاليهودية صنعها البشر وإليهم تنسب والنصرانية صنعها البشر ونسبت إليهم ثم غيروها إلى المسيحية وكأن هذا يغني شيئا.